ينطلق كتاب «الصراعات المستعصية، لماذا يتعثر السلام في الشرق الأوسط؟» الصادر عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي، من دراسة الصراعات التي حدثت في الشرق الأوسط في العقد الأخير، نموذج (سوريا وليبيا واليمن) والكتاب من تحرير ثلاثة باحثين: د. خالد حنفي علي، د. رانيا حسين خفاجة، ومحمد بسيوني عبدالحليم.
وهو يسلط الضوء على تفاعلات الداخل والخارج في هذه الصراعات، التي تشكل نمطاً جديداً تمتد تأثيراتها بفعل السياقات السياسية والمجتمعية والاقتصادية المتقاربة لتتلاقى مع أزمات وصراعات أخرى، كان بعضها قائماً بالفعل، وازداد تفاقماً مثل العراق والصومال، والآخر كان كامناً ثم تفجر أكثر، مثل مالي في الساحل الإفريقي بفعل الحراك الجغرافي لتفاعلات الشرق الأوسط نحو مناطق جغرافية مجاورة.
وقد اتخذت تلك الصراعات كما يؤكد الكتاب سمات أساسية أولها استعصاء التسويات السلمية، وثانيها إفراز تهديدات عابرة للحدود، والثالثة هي أن مناطق الصراع في الشرق الأوسط أضحت بمثابة ساحات جيوسياسية لتغيير موازين القوى الإقليمية والدولية.
إذ استعادت روسيا دورها الدولي بانخراطها في صراعات المنطقة، واستغلت الدول الإقليمية غير العربية هذه الصراعات لتحقيق مزيد من التغلغل في الدول العربية الهشّة المنكوبة بالصراعات مثل تركيا وإيران.
يسعى الكتاب لإبراز طبيعة وملامح هذه الصراعات في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، كما يطرح مقاربات نظرية وتطبيقية لحل وتسوية هذه الصراعات، سواء عبر المسارات التقليدية أو غير التقليدية.
جاء الكتاب في 8 فصول، وهو يخلص إلى نهاية مهمة مفادها أن السلام الحقيقي في الشرق الأوسط سوف يتحقق بتوافر شرطين أساسيين هما: أولاً استعادة الدولة مناعتها، على أسس جديدة من العدل، واستيعاب ما في المجتمع من تنوع وتحويل ذلك إلى مصدر قوة، بما يقلص انكشاف الدول داخلياً وخارجياً، والثاني أن تجد المجتمعات على الجانب الآخر بيئة مواتية لتلبية احتياجاتها من الأمن والمشاركة في السلطة والموارد والاعتراف بالهويات، دون الانتقاص من الانتماء الوطني، وهذا من وجهة نظر الكتاب يولد بيئة متعافية تخرج الشرق الأوسط من الدائرة المفرغة للصراعات.