أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

التآزر الخطر:

تأثير التعاون الصيني الروسي في التنافس الرقمي العالمي

03 يونيو، 2020


عرض: سارة عبد العزيز – باحثة في العلوم السياسية

يبدو أن تأثيرات فيروس كورونا المستجد على الساحة العالمية لا تنتهي؛ فارتباطًا بالتأثيرات المباشرة على العولمة، أدت المنافسة على قيادة الاستجابة العالمية في مواجهة الفيروس إلى اشتعال حرب التضليل المعلوماتي المتبادلة بين كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية حول أصل الفيروس. 

وفي خضم ذلك التوتر الذي أخذ أبعادًا عدة، يأتي التقرير الصادر في 7 مايو 2020 عن مركز الأمن الأمريكي الجديد بعنوان "التآزر الخطير.. مكافحة عمليات التأثير الرقمي الصينية والروسية" ليؤكد حقيقة مفادها أن تصاعد التوتر بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين، غالبًا ما يدفع نحو مزيد من التعاون والتعاضد بين بكين وموسكو؛ علمًا بأن هذا التعاون يأخذ العديد من الأشكال؛ فقد دفع التقرير بسردية أن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لعام 2016 لم يكن عملاً روسيًّا منفردًا، وإنما تم بمساعدة صينية من خلال تبادل المعلومات والأدوات المشتركة.

يهدف التقرير إلى تناول الأنماط المختلفة لذلك التآزر الرقمي وأهدافه وأدواته، كما يحاول التنبؤ بأهم الأنماط المستقبلية للتأثير والتدخل الرقمي التي من المتوقع أن تشنها الدولتان. وأخيرًا يختتم التقرير بتقديم مجموعة من التوصيات التي يمكن أخذها في الاعتبار من جانب الدول الديمقراطية لمواجهة التآزر الرقمي بين كل من الصين وروسيا.

أهداف مشتركة للتأثير الرقمي

أبرز التقرير أن السياسة الخارجية لكل من الصين وروسيا قد وجدت في الفضاء السيبراني ضالتها لتشكيل ملامح التنافس بين العالم الغربي بتوجهاته الديمقراطية وعالم الشرق بصيغة حكمه الاستبدادية. وعلى الرغم من عدم وجود دليل ملموس يشير إلى أن بكين وموسكو تنسقان عملياتهما الإعلامية والمعلوماتية بشكل صريح، فإن وحدة الأهداف والمصالح حول القضايا وفي المناطق الاستراتيجية المشتركة لا بد أن تدفعهما إلى إحداث ذلك التنسيق المشترك؛ حيث تتمثل أهم تلك الأهداف في تقويض المعايير والمؤسسات الديمقراطية الليبرالية، وإضعاف التماسك بين الحلفاء والشركاء الديمقراطيين.

كما يأتي التأثير الرقمي للصين وروسيا، مدفوعًا برغبة مشتركة في تقويض النفوذ العالمي للولايات المتحدة الأمريكية. ومحاولة إبراز ودعم المواقف الروسية والصينية، من خلال استغلال منصات التواصل الاجتماعي لحشد دعم المستخدمين لمواقفهما، وتشكيل بيئة المعلومات المواتية لهما، وكذلك تشويه سمعة المنتقدين، وتعميق النفوذ من خلال الوكلاء.

أدوات التأثير الرقمي

ركَّز التقرير على تناول منهجيات وأدوات التأثير الرقمي الصيني والروسي المشترك؛ حيث أشار إلى أن الدولتين قد اتخذتا مسارات مختلفة لإحداث التأثير والتدخل الرقمي على مدى السنوات العديدة الماضية. ورغم ذلك فإن وحدة الأهداف تدفع كلاًّ منهما بشكل أو بآخر إلى التعلم من الآليات والأدوات التي يستخدمها الطرف الآخر، بل وتعزيز التنسيق بينهما؛ ما يؤدي إلى تقارب متزايد في جهود التأثير الرقمي.

وبوجه عام، تستخدم كل من الصين وروسيا في إحداث التدخل والتأثير الرقمي مجموعة من الأدوات التي تشمل ما يلي:

1. الإعلان المباشر، وهو ناقل مهم لحملات التضليل المعلوماتي؛ حيث يتم استخدام الاستراتيجيات الإعلانية من جانب كل من الصين وروسيا لزيادة انتشار وتأثير حملات التضليل في الخارج، وكذلك في التأثير على السرديات المنتشرة داخل مجتمعات الشتات المنتمية إليهما، وخاصةً الموجودة في الدول الديمقراطية.

وفي حين، تستخدم الصين الإعلانات لنشر المعلومات المضللة لأكبر مجموعة ممكنة حتى يتم تثبيت سردياتها؛ فإن استراتيجية الإعلان الروسية غالبًا ما تستهدف قطاعات محددة للغاية من المجتمع. وترتبط حملات الإعلانات الرقمية الصينية في الأغلب ارتباطًا مباشرًا بقضية تشارك فيها بكين، أما في الحملات الروسية، فغالبًا ما تكون موسكو بعيدة عن الأضواء. 

2. استغلال المنابر الموثوقة: حيث يتم استغلال مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من قبل كل من روسيا والصين، لمحاولة الالتفاف على المعايير والقواعد الدولية من أجل خلق بيئات أكثر تقبلاً لتكتيكاتهما. وفي الوقت ذاته، يتم استغلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الحسابات الآلية والمتصيدين. وفي حين تركز الصين على استغلال تلك الأدوات في الداخل؛ حيث يتم الترويج لصورة بكين باعتبارها قوة عظمى، فإن روسيا تركز على الخارج بقدر أكبر، بهدف تزييف بيئة المعلومات العالمية والخلط بين الحقائق والأكاذيب، وهو ما يخلق حالة من عدم الاستقرار في المجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطية.

3. نشر البنية التحتية وأدوات التأثير: تعمل كل من روسيا والصين على تسهيل عمليات التراجع الديمقراطي عن طريق تصدير الأدوات القمعية والبرامج التي طوَّراها للتأثير الرقمي، سواء داخليًّا أو خارجيًّا. وكذلك التدريب المباشر وتقديم المشورة للجهات الحكومية الأجنبية لتعزيز سيطرتها من خلال حملات التأثير الرقمي الفعالة، وهو الأمر الذي يزيد إمكانية وصول الحكومات وغيرها من الجهات الفاعلة في جميع أنحاء العالم إلى النماذج والأدوات والخبرات التي تساعد على إجراء حملات التأثير الرقمي الخاصة بها محليًّا، وهو ما يزيد حالة التشوش في الفضاء الرقمي، ويجعل جهود الصين وروسيا أكثر فاعليةً.

4. فرض الرقابة على شركات مواقع التواصل الاجتماعي: إن الحكومات الاستبدادية، خاصةً الصين، قادرة على الاستفادة من إمكانات السوق في بلدانها والتشابك الاقتصادي مع الديمقراطيات لتشكيل تفضيلات وسلوك شركات مواقع التواصل الاجتماعي. وعادةً ما يتم استخدام القانون كأداة شرعية لحظر شركات التواصل الاجتماعي الأمريكية مؤقتًا من العمل في مساحاتها المحلية عبر الإنترنت، ثم الضغط على تلك الشركات لإزالة المحتوى الذي يدعم النشطاء والحركات السياسية أو الاجتماعية داخل حدودها، فتستخدم موسكو أداة الرقابة على الشركات لإدارة السرديات التي يتم نشرها داخل حدودها، بينما يحاول الحزب الشيوعي الصيني الاستفادة من الرقابة لتشكيل صورته الدولية على نطاق أوسع.

منهجيات التآزر الخطر

على الرغم من الاختلافات المهمة بين كل من الصين وروسيا في أساليب وأدوات ومجموعة الجهات الفاعلة والمؤسسات الشريكة في أنشطة التأثير والتدخل الرقمي، فإن من المرجح أن تكون جهود التأثير الرقمي التي تقوم بها كلتا الدولتين يعزز بعضها بعضًا؛ وذلك على النحو التالي:

1. تعظيم الأثر من خلال النهج التكاملي: على الرغم من أن نهج الصين وروسيا يبدو أن كلا منها مختلف عن الآخر وأنهما غير منسقين، فإن تكاملهما معًا يعطي تأثيرًا أكبر على الدول الديمقراطية مما قد يكون عليه الأمر لو كانا بمفردهما بل إن الأمر يبدو كأن هناك تقسيمًا تكتيكيًّا للعمل بينهما؛ حيث تسعى روسيا من حملات التضليل المعلوماتي إلى تقويض ثقة المواطنين بالمؤسسات والحكومات المنتخبة، وخلق بيئة لا يستطيع فيها المواطنون التمييز بين ما هو حقيقي وما هو زائف. وهنا يأتي دور بكين التي تعمل على ترسيخ البدائل الإيجابية من خلال ترسانة من الرسائل حول أولوية التكنولوجيا الصينية، وقدرة الصين على قيادة الاستجابة العالمية.

2. تضخيم السردية: هناك عدد متزايد من الحالات التي تتداخل فيها الروايات الصينية والروسية؛ ما يزيد تأثير هذه الرسائل؛ حيث يعمل الكرملين على تضخيم الرسائل المرغوبة في بكين، بما يساعد الحزب الشيوعي الصيني على طمس الخطوط الفاصلة بين الأخبار والدعاية الحكومية، ويقوم الدبلوماسيون الصينيون بدورهم بالترويج لهذا المحتوى على صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. كما أنه توجد العديد من الدلائل على أن وسائل الإعلام والمؤسسات الدبلوماسية الصينية والروسية قد أقامت علاقات تكاملية لدعم إنشاء نظام معلوماتي بديل تمامًا لذلك الذي تسيطر عليه الدول الغربية بحيث يتم من خلاله التشكيك في كافة الحقائق.

3. إضفاء الشرعية على عملية تغيير المعايير: يتم استغلال المحافل والمؤتمرات المتعددة الأطراف، لتقوم كل من الصين وروسيا بشكل مشترك بمحاولة تغيير القواعد والمعايير التي تحكم التدفق الحر للمعلومات. ومن ثم، فإنهم يستهدفون معًا محاولة تغيير بنية المعلومات العالمية لصالحهم من خلال إضفاء الشرعية على عمليات قمع حريات الإنترنت في الداخل، مع الاستمرار في استغلال الانفتاح النسبي للبيئة الرقمية في الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى.

أنماط التآزر المستقبلي

توقع التقرير أن ثمة دلائلَ قويةً للتنبؤ باتجاه العلاقات بين كل من الصين وروسيا في المجال المعلوماتي نحو مزيد من التنسيق والتعاون؛ الأمر الذي يعني انعكاس ذلك على تعميق محاولات التأثير والتدخل الرقمي، وبما يزيد من التحديات التي ستواجهها كل من الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية في البيئة المعلوماتية.

وقد طرح التقرير ستة أنماط متوقعة لذلك التآزر المستقبلي بين الصين وروسيا، يمكن استعراضها على النحو التالي:

1. تعميق التنسيق: انطلاقًا من رؤيتهما المشتركة للتهديدات والمصالح المتبادلة في المجال المعلوماتي، فقد اتجهت كل من الصين وروسيا إلى عقد عدد من الاتفاقات والمبادرات لتحقيق الأمن المعلوماتي، وبما يتوافق مع رؤيتهما، ومنها الاتفاقية التي تم توقيعها في عام 2015 لضمان أمن المعلومات الدولي؛ حيث تم بموجبها تبادل التقنيات والعمليات للتحكم في الإنترنت. وقد تكرر الأمر في عدد من المجالات الأخرى، ومنها البث الإعلامي ووسائل الإعلام عبر الإنترنت؛ حيث تم إنشاء المنتدى الإعلامي بين بكين وموسكو في عام 2019.

وبوجه عام، يمكن للصين وروسيا الاستفادة من نقاط القوة النسبية التي تمتلكها كل منهما لتشكيل بيئة المعلومات العالمية من خلق منصات معلوماتية بديلة، يتم استخدامها في نشر المعلومات من قبلهم في مواجهة المنصات التي تسيطر عليها الدول الغربية.

2. اتباع الاستراتيجيات المختلفة: تركز الاستراتيجية الروسية على إضعاف وتقسيم المجتمعات الديمقراطية في أوروبا والولايات المتحدة، في حين أن الصين تنشر حملات التأثير عبر الإنترنت في البلدان النامية ذات الموقع الاستراتيجي مثل جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. ومن ثم، فإن تكامل تلك الاستراتيجيات المختلفة مع استمرارهم في العمل نحو تحقيق الأهداف المشتركة؛ قد يؤدي إلى نجاحهم في هزيمة الدول الديمقراطية إعلاميًّا ومعلوماتيًّا.

3. الاستفادة المتبادلة من المنصات لتوسيع نطاق الوصول: فانتشار تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي الشهيرة التي يتم تصميمها وتسويقها في الصين، مثل تطبيق (WeChat)، له القدرة على إنشاء أنظمة معلومات بديلة تمامًا، يمكن للصين وروسيا الاستفادة منها بشكل مشترك. وهو الأمر الذي يحدث بالفعل في وسائل الإعلام التقليدية؛ حيث تم عقد الشراكة في عام 2017 بين صحيفة جلوبال تايمز الصينية مع وكالة أنباء سبوتنيك الروسية. وبموجب هذه الشراكة، يتم التعزيز المتبادل للأجندة الإعلامية بما يخدم أهداف الدولتين.

4. تسخير التطور التكنولوجي بشكل مشترك: حققت كل من الصين وروسيا خطوات ملموسة في مجال استخدام التطبيقات "الفيروسية" لجمع وتحليل بل وتزييف بيانات المستخدمين في الدول الديمقراطية. وبناءً عليه، سيشمل مجال التركيز الرئيسي لاستثماراتهما في المرحلة التالية من إمكانات التدخل الرقمي، كيفية التحكم في المنصات والبرامج وطرق إجراء الأنشطة عبر الإنترنت؛ من أجل إحداث المزيد من التأثير وتشكيل تفضيلات المستخدمين لخدمة مصالحهم.

5. التنسيق في الإكراه والرقابة: من المتوقع أن تتعاون كل من الصين وروسيا من خلال الاستفادة من التكنولوجيا والتطبيقات الخاصة بكل منهما لإسكات أي أصوات معارضة في المجال السيبراني وحجبها عن الوصول إلى العالم الخارجي، وخاصةً تلك التي تظهر في الدول التي تقع في النطاق الجيوسياسي الخاص بهما. وتم الاستشهاد بدلائل تؤكد انخراط الصين في عمليات تأثير رقمي لتغيير مسار الاحتجاجات في هونج كونج. ومن ثم، فإن المجتمعات التي تعتمد على التطبيقات الصينية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو منصات الدفع الإلكترونية التي تديرها شركة Tencent، يمكن للجهات الحكومية الاستفادة من تلك البيانات في صياغة وتشكيل سلوك المستخدمين بطرق تتوافق مع مصالح كلتا الدولتين.

6. طرح المزاعم والرسائل الموجهة بشكل مشترك: من خلال خلق حلقات بديلة للبنية التحتية المعلوماتية؛ حيث إن الصين وروسيا في وضع يسمح لهما بالاشتراك في صياغة العالم الرقمي، وفقًا لرؤيتهما المشتركة، الذي تشكله تفضيلات الدول الاستبدادية.

مسارات المواجهة

خلص التقرير إلى أنه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الديمقراطيين تبني نهج شامل لمواجهة حملات التدخل الرقمي التي تقوم بها الصين وروسيا، خاصةً في ضوء التآزر المتزايد بين هاتين القوتين، على أن يستند ذلك النهج إلى أربعة محاور أساسية:

المحور الأول– تعزيز المواجهة الذاتية لحملات التأثير والتدخل الرقمي؛ وذلك من خلال ما يلي:

• التمويل الموجه للأبحاث المفتوحة المصدر؛ وذلك لمعالجة الفجوة المعرفية، فيمكن أن تكثف مؤسسة العلوم الوطنية التمويل اللازم لإجراء التحليل الدقيق لكيفية تشكيل التدخل الرقمي من قبل الصين وروسيا لتصورات المواطنين في الدول الديمقراطية.

• توسيع عمليات محو الأمية الرقمية للبالغين، من خلال الشراكة بين وزارة التعليم الأمريكية مع إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات الرائدة لتصميم دورة المواطنة الرقمية للكبار، مع تحفيز المشاركة من خلال إتاحة خصومات ضريبية محدودة.

• تنظيم المشهد الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال سَن الكونجرس –على سبيل المثال– تشريعًا يفرض على تلك الشركات تسمية المحتوى المنشور من قبل الجهات الممولة من الدولة.

المحور الثاني– التنسيق المشترك بين الدول الديمقراطية لتحقيق ما يلي:

• تشكيل فريق لمتابعة التآزر بين الصين وروسيا، على أن يشمل ذلك اجتماع المسؤولين والتقنيين من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان وتايوان وأستراليا لاستكشاف عمليات تنسيق التأثير الرقمي المستقبلي بين هاتين القوتين الاستبداديتين على العالم.

• إجراء اختبارات المحاكاة لهياكل التنسيق القائمة؛ حيث يجب أن تُجري آلية الاستجابة السريعة لمجموعة السبعة (G7) تمرينًا لتبادل المعلومات الاستخبارية؛ وذلك لتحديد التحديات التي يمكن أن تواجه نشر المعلومات السرية المتعلقة بحملات التأثير الصينية والروسية.

• الاستفادة من مجتمع الديمقراطيات (CoD): وهو تحالف حكومي دولي بعضوية تشمل الدول الديمقراطية في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا. ومن ثم، يمكن استغلاله في تمكين الدول النامية من مكافحة التدخل الرقمي الاستبدادي. وبناءً عليه، يمكن للولايات المتحدة أن تقترح آلية تنسيق جديدة داخل المجموعة، التي لديها عضوية أكثر تنوعًا من مجموعة السبع.

العمل بالتنسيق مع الديمقراطيات الأخرى في المنظمات الدولية: فيجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع حلفائها الديمقراطيين وشركائها للمضي قدمًا بجدول أعمال في المنتديات المتعددة الأطراف بما يقلل شرعية حملات التأثير والتدخل الرقمي من قبل الصين وروسيا، ويخفف تأثيرها المحتمل.

المحور الثالث- بناء واستدامة البيئة السليمة لنظم المعلومات؛ وذلك لتحقيق ما يلي:

• دعم وسائل الإعلام المستقلة في الخارج، من خلال الشراكة بين وزارة الخارجية ومنظمة غير حكومية ذات مصداقية عالية لاجتذاب الصحفيين العاملين باللغتين الصينية والروسية، ورجال الأعمال من الإعلاميين، بما يعطي مصداقية لوجهات نظر مخالِفة لحملات التأثير الرقمي التي تقودها الصين وروسيا.

• دعم المحتوى القائم على الحقائق في المناطق ذات الأهمية؛ فيمكن أن تقدم مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية قروضًا، وغيرها من أشكال الدعم لشركات الإعلام الأمريكية التي تتطلع إلى زيادة حضورها في الأسواق النامية.

• تحفيز الحلول التكنولوجية المبتكرة؛ حيث تنظم وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية (DARPA) مشروع "النزاهة الديمقراطية" لتطوير منتجات لحماية منصات التواصل الاجتماعي ضد حملات التأثير الرقمي الصينية والروسية.

المحور الرابع- تعزيز الجهود التكاملية لردع الصين وروسيا من خلال ما يلي:

• تطوير قائمة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الديمقراطيين بأشكال التدخل والتأثير الرقمي المتوقعة، وفرض التكاليف المرتبطة بها، بهدف ردع الصين وروسيا، على أن تتراوح هذه الخيارات بين إظهار القدرة على تعريض البيانات الشخصية للنخب الاستبدادية للخطر، وضخ المعلومات المستندة إلى الحقائق التي تكشف فساد نظم بيئة المعلومات الرقمية في الصين أو روسيا.

• وضع سياسة معلنة: يجب على الولايات المتحدة أن تبلغ الصين وروسيا علانية أنها مستعدة وقادرة على فرض العقوبات المباشرة، خاصةً فيما يتعلق بالتدخل الرقمي للمساس بنزاهة الانتخابات.

وختامًا، يمكن القول إن الصين وروسيا قد حققتا تقدمًا ملموسًا في امتلاك أدوات تشكيل بيئة المعلومات الرقمية والتأثير عليها، والنظر إليها باعتبارها من أهم مجالات المنافسة السياسية والأيديولوجية والاستراتيجية مع كل من الولايات المتحدة والدول الديمقراطية. ومع تعدد الأهداف التي سعت إليها كلتا الدولتين من خلال زيادة مواردهما التكنولوجية والإعلامية لتقليل التأثير العالمي للولايات المتحدة، وتعزيز أهدافهما الجيوسياسية، فإن من المتوقع أن يزداد التعاون بينهما، وأن يتم تكثيف جهودهما الدفاعية في المستقبل القريب. وهو الأمر الذي ارتأى التقرير أهمية الاستعداد له من خلال استراتيجيات المواجهة الشاملة بشكل تكاملي بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والشركاء الديمقراطيين. 

وحقيقة الأمر أن البيئة العالمية الحالية لا تحفز على وجود مثل هذا التعاون؛ حيث أدى تخلي الولايات المتحدة عن قيادة الاستجابة العالمية لمواجهة جائحة كوفيد–19، في مقابل صعود صيني لافت لمؤازرة دول العالم كافةً بما فيها تلك الدول الديمقراطية الغربية؛ إلى صعوبة وقوف تلك الدول بجانب واشنطن في وجه بكين، على الأقل في المدى القصير. 

المصدر: 

 Daniel Kliman, Andrea Kendall-Taylor, Kristine Lee, Joshua Fitt and Carisa Nietsche, "Dangerous Synergies: Countering Chinese and Russian Digital Influence Operations", Center for A New American Security, May 7, 2020.