أخبار المركز
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)
  • د. أحمد قنديل يكتب: (أزمات "يون سوك يول": منعطف جديد أمام التحالف الاستراتيجي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة)
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)

حظوظ متقاربة:

توقعات السياسة الأمريكية.. "تقليدية" هاريس أم "انعزالية" ترامب؟

17 سبتمبر، 2024

حظوظ متقاربة:

استضاف مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" معالي نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، في حلقة نقاشية، يوم 16 سبتمبر 2024، بحضور خبراء وباحثي المركز، تناولت آخر مُستجدات الانتخابات الأمريكية المُقرر عقدها في 5 نوفمبر المقبل، وتوجهات المرشحين الرئيسيين سواء مرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس، أم مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، والمواقف المُحتملة لكل منهما وتحديداً إزاء قضايا منطقة الشرق الأوسط؛ حال وصول أي منهما إلى البيت الأبيض.

المشهد الانتخابي:

أشار فهمي إلى ملامح المشهد الانتخابي الأمريكي الراهن في الاتجاهات الرئيسية التالية:

1- صعوبة التنبؤ بالمرشح الفائز: من الصعب للغاية القطع بمن يمكن أن يكسب الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة. ففي ظل حالة الاستقطاب الحالية، فإن الفارق في استطلاعات الرأي لا يتجاوز 3%؛ ومن ثم فإن أي حدث قادر على ترجيح كفة أحد المرشحين، ناهيك عن الـ3% قد تكون ضمن هامش الخطأ الخاص باستطلاعات الرأي.

2- التصويت العقابي: تقوم الانتخابات القادمة على الموقف السلبي للناخبين الأمريكيين من أحد المرشحين؛ أي أن التصويت بالأساس هو تصويت عقابي ضد مرشح، أكثر منه تصويت لصالح آخر، وهي سمة مميزة للأجنحة المتطرفة للحزبين الرئيسيين، إذ تدور المنافسة الآن بين أقصى اليمين في الحزب الجمهوري وأقصى اليسار في الحزب الديمقراطي.

3- مكاسب متبادلة: هناك عدد من العوامل التي ساعدت ترامب مؤخراً على تدعيم شعبيته، أهمها محاولتا الاغتيال اللتين تعرض لهما وكانت آخرهما يوم 15 سبتمبر الجاري، ثم خطابه الذي نجح فيه في تخويف الأمريكيين من تدفق المهاجرين من الحدود الجنوبية الغربية. على الجانب الآخر، تمكنت هاريس من تحقيق نجاح ملموس في المناظرة الأولى التي جرت مع ترامب يوم 10 سبتمبر الجاري.

4- تدني مستوى الخطاب: هذا ما يتضح بشكل جلي في العديد من التصريحات الصادرة عن ترامب، ومنها التي ذكر فيها أن المهاجرين يأكلون لحوم الكلاب والقطط.

5- تأثير المال أكبر من المؤسسات: ترتبط غالبية المؤسسات الأمريكية بالنخبة، وغالبية هذه النخبة تميل بشكل أكبر إلى الديمقراطيين، ولاسيما في الآونة الأخيرة. ومع ذلك، فإن تأثير هذه المؤسسات في الانتخابات قد لا يكون كبيراً؛ نظراً لعدم وجود إجماع بين بعضها بعضاً؛ إذ أصابها ما أصاب المجتمع الأمريكي من انشقاق. ويظهر التأثير الكبير للمال في الانتخابات الأمريكية؛ ومن ثم فإن تأثير التبرعات الممنوحة من المؤسسات المالية والشركات الكبرى قد يفوق أي تأثير لمؤسسات أمريكية أخرى.

6- البحث عن الذات: لا تزال الولايات المتحدة في مرحلة البحث عن الذات، إذ إن حالة التذبذب الشديدة في اختيار الرئيس الأمريكي خلال السنوات الماضية بدايةً من جورج بوش الابن، ثم باراك أوباما، ومن بعده ترامب؛ تشير إلى حالة من الحيرة المجتمعية؛ ومن ثم فإن الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل لن تحسم هذا الأمر، حتى لو جاءت هاريس كأول أمرأه تشغل منصب الرئيس الأمريكي.

الإدارة القادمة:

توقع فهمي ملامح الإدارة الأمريكية القادمة وسياستها المُحتملة، سواء الداخلية أم الخارجية، واختلاف ذلك في حال فوز هاريس أو ترامب، كالتالي:

1- حال فوز هاريس:

أ- تشكيل الإدارة الأمريكية: من المُتوقع أن تكون غالبية الخيارات من داخل المؤسسات الأمريكية؛ إذ تميل إلى النهج التقليدي في اختيار معاونيها.

ب- السياسة المُتوقعة:

- الاعتماد على سياسة "الخطوة خطوة": وذلك نظراً لأن هاريس ليس لديها خبرة خارجية كبيرة، كما أن مواقفها الخاصة بالسياسة الخارجية ما زالت غير واضحة، ومن ثم فلن تلجأ لأي خطوات أو مبادرات كبرى أو مفاجئة.

- الاهتمام بالداخل الأمريكي: يُعد مشروع هاريس داخلياً بامتياز، ومن المُتوقع أن ينصب جل اهتمامها على الداخل الأمريكي، ولاسيما الاقتصاد والقضايا الاجتماعية.

- الواقعية تجاه المنطقة: على الرغم من عدم وجود رؤية واضحة لهاريس تجاه قضايا الشرق الأوسط؛ فإنه من المُتوقع أن تنتهج سياسة واقعية تجاه المنطقة، والتركيز على سياسة "الخطوة خطوة".

- التفاوض مع إيران: قد تلجأ هاريس إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، مع الأخذ في الاعتبار وجود تيار كبير داخل الحزب الديمقراطي مؤيد لهذا الموقف. أما طهران فسوف تقبل ذلك بشكل أكبر إذا ما كان الكونغرس أيضاً ذا أغلبية ديمقراطية؛ بحيث تضمن تنفيذ الاتفاق.

- توقعات ومخاوف محدودة: ليس من المنطقي أن يخشى أحد من هاريس، كما أن التوقعات إزاءها يجب أن تكون محدودة؛ إذ ستكون تحركاتها على الأرجح تقليدية وعبر المؤسسات الأمريكية وبشكل تدريجي.

2- حال فوز ترامب:

أ- تشكيل الإدارة: من المُتوقع أن يستمر ترامب في نهجه القديم الخاص باختيار شخصيات جدلية، لكنها تتمتع بالقدرة على الحسم، وقد تكون هذه الشخصيات من خارج المؤسسات الأمريكية؛ أي من دوائر المال والأعمال أو من دوائره الشخصية؛ خصوصاً في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا.

ب- السياسة المُتوقعة:

- الاستمرار في الانعزالية: ليس مرجحاً أن يلجأ ترامب إلى استخدام القوة العسكرية بشكل واسع النطاق خارجياً سواء في المنطقة أم غيرها؛ إذ يعتقد أن ذلك يمثل تكلفة بلا عائد حقيقي، كما أنه سبق وعبّر عن معارضته لغزو العراق؛ ومن ثم فإن توجهه بشكل أساسي سيكون تقليل الوجود الأمريكي الخارجي المباشر. 

- طرح مبادرات مفاجئة: من المُتوقع أن يستمر سلوك ترامب الخاص بالقيام بمبادرات فردية مفاجئة، ولعل أبرز مبادراته من هذا النوع إبان توليه منصب الرئيس كانت لقاءه مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ، في عام 2019، والذي فاجأ حينها حتى الداخل الأمريكي.

- زيادة العقوبات على إيران: سيعني انتخاب ترامب بالضرورة استبعاد خيار العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، مع تكثيف مُتوقع للعقوبات المفروضة عليها.

- الانحياز لإسرائيل: من المُتوقع أن يستمر ترامب في نهجه الخاص بعقد "صفقات". وفي حالة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ فإن أي صفقة أمريكية لترامب هنا ستميل كفتها بشكل واضح لصالح تل أبيب.

- الحمائية الاقتصادية: من المُتوقع أن يستمر ترامب في فرض قيود كبيرة على الواردات القادمة من الخارج إلى الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت تسهيل حركة المنتجات وتقديم تسهيلات للشركات الأمريكية داخلياً.

في الختام، خلصت حلقة النقاش إلى أنه من الصعب الآن تحديد من الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024؛ نظراً لتقارب هاريس وترامب في استطلاعات الرأي. وفي حال فوز هاريس، فمن المُتوقع أن تُشكل إدارة أمريكية تقليدية تعتمد على فكرة المؤسسات بشكل رئيسي، وكذلك الأشخاص القادمين من مؤسسات. ولكن في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، فمن المُتوقع أن يُشكل إدارة تعتمد على شخصيات من خارج الصندوق؛ خاصةً فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية والتكنولوجية.