أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

سيناريوهات استشرافية:

مستقبل التنافس الجيوسياسي في عالم ما بعد كورونا

06 أغسطس، 2020


عرض: د. إسراء إسماعيل - خبير في الشئون السياسية والأمنية

ألقت أزمة كورونا الضوء على مدى أهمية التفكير في المستقبل، في ظل بيئة عالمية تتسم بالتغيير السريع، والتعقيد المتزايد، وعدم اليقين، خاصة بعد نقاط الضعف التي كشفت عنها الأزمة في اقتصادات الدول المتقدمة وأنظمتها الصحية. وفي هذا الإطار، يأتي التقرير الصادر عن القوات الجوية الأمريكية، بهدف مراجعة تصورات مستقبل الأمن القومي في عالم ما بعد كورونا، وتسليط الضوء على السيناريوهات المتوقّعة، والمرتبطة بالصراعات المستقبلية، والتي وضعها مجموعة من الخبراء الاستشرافيين.

يُلقي التقرير الذي حمل عنوان " تقرير المستقبل العالمي: مستقبل بديل للمنافسة الجيوسياسية في عالم ما بعد كوفيد –19"، الضوء على العديد من مجالات الاهتمام الرئيسية لوزارة الدفاع والقوات الجوية، من أبرزها: سيناريوهات عالم ما بعد كورونا، والتنافس المستقبلي في الفضاء، وعلاقة سلاسل الإمداد بالأمن القومي، وتأثير الحملات الإعلامية المضللة، ومستقبل مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، والتحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ومستقبل العلاقات عبر الأطلنطي.

سيناريوهات عالم ما بعد كورونا

قدم التقرير أربعة سيناريوهات عالمية، تنسج في مجملها المستقبل المحتمل لعالم ما بعد كورونا:

أولًا- التحول من الهيمنة الحيوية Bio-hegemony إلى الريادة الحيوية Bio Supremacy: يُشير التقرير إلى أن "القوى العظمى" الجديدة في عام 2035 ستكون الدول التي حققت مستويات فائقة من المرونة الحيوية bio-resiliency مقارنة بمنافسيها، وهي الدول التي تمتلك مخزونًا وافيًا من البيانات البيولوجية، إلى جانب امتلاكها مزيجًا من القدرات المتطورة في مجال الذكاء الاصطناعي، والصور المستندة إلى الأقمار الصناعية، إلى جانب القدرة على توفير وإتاحة المعلومات بشكل سريع لكافة أجهزتها الأمنية، مما يرفع من درجة تفوقها العسكري، وتتنافس القوى العظمى الجديدة مع بعضها بعضًا من أجل تحقيق الهيمنة الحيوية bio-hegemony، وصولًا إلى مرحلة الريادة الحيوية bio-supremacy.

وقد مثلت أزمة كورونا تحديًا حقيقيًّا لدول العالم، وكشفت عن نقاط ضعف غير متوقعة، من أبرزها:

1- أصبحت البيانات التي تغذي هذه الأنظمة البيولوجية المتطورة سلعة مالية ومصدرًا للاستغلال.

2- أصبحت عمليات التمثيل الغذائي والمناعي قابلة للاختراق، مما يشكل تحديًا للبحث العلمي الدولي.

3- تواتر الشائعات حول تنافس الدول لابتكار مزيد من أشكال التخريب المميتة. فعلى الرغم من أن علم الجينوم يتم توظيفه لعلاج الأمراض والوقاية منها؛ إلا أنه يمكن أيضًا أن يتم توجيهه بشكل عكسي، بحيث يستخدم في نشر الأمراض وقتل البشر.

4- رفض بعض المجتمعات أن تكون جزءًا من عملية تطوير الأمن البيولوجي البشري لأسباب دينية أو أيديولوجية.

ثانيًا- الدول المتحاربة الجديدة: يصف العلماء مرحلة 2030 بأنها فترة "الدول المتحاربة" الجديدة، وتعد أزمة الشرعية التي أحدثتها أزمة كورونا العامل الأكثر إسهامًا في عدم الاستقرار العالمي، حيث لم تعد الحكومات قادرة على أداء وظيفتها الأساسية كضامن للأمن، وبالإضافة إلى ذلك، ظهرت أزمة تتعلق بمصداقية الحكومات فيما يتعلق بالبيانات والحقائق الخاصة بالأزمة، مما ساهم في تفاقم أزمة الشرعية، وأصبح يُنظر إلى مجال العلوم والدواء، على نطاق واسع الآن، على أنهما أداتان للتلاعب المجتمعي.

يُشير التقرير إلى أن الصين كانت أول قوة عالمية فشلت في تلبية التوقعات المحلية للصحة العامة وإدارة الموارد وتحسين نوعية حياة مواطنيها؛ حيث عجزت عن سد الانقسامات المجتمعية الحادة؛ كما تحول "الحلم الصيني" 2020 إلى كابوس عالمي؛ فمحور الصين الاستراتيجي الذي يتمثل في مبادرة "الحزام والطريق" (BRI) موجود الآن بالاسم فقط، وذلك بدلًا من امتداد الطريق إلى أوروبا كما كان متصورًا في الأصل، إذ لا يستطيع حتى ربط بكين بشنغهاي، وتوقفت مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تدعمها الشركات الصينية المملوكة للدولة في أكثر من 90 دولة، مما ساهم في تفاقم حالة الركود الاقتصادي.

ومن ناحية أخرى، بدأت الجهات الفاعلة من غير الدول وأشباه الدول في تطوير التكنولوجيا العسكرية، من خلال الاستخدام الواسع لـ"إنترنت الأشياء"، جنبًا إلى جنب مع ثورة الطائرات بدون طيار، مما مكّن هذه الجهات من امتلاك الأسلحة الذكية، وأدوات الإرهاب السيبراني.

ثالثًا- تنامي الاتجاهات غير ‏الديمقراطية: دفعت الضغوط الناجمة عن أزمة كورونا كلًّا من الأنظمة الليبرالية والسلطوية -على حدٍّ سواء- نحو تطبيق إجراءات شديدة المركزية والتقييد من خلال فرض أنظمة المراقبة. ولكن مع انتقال الفيروس بشكل كامل إلى الهواء، لم تتمكن جهود تتبُّع الاتصال من مواكبة المعدل الكبير لتفشي الوباء. وأدى عدم تعاون بعض الأفراد إلى اعتماد تدابير استبدادية متزايدة، وغالبًا ما تحل الجيوش الوطنية في أوقات الأزمات محل سلاسل الإمداد التجارية، وحتى الإشراف على الإنتاج والتوزيع المحلي للسلع، لمنع أعمال الشغب والاحتجاج.

رابعًا- ارتباك المشهد العالمي: أكّد التقرير أن الدول التي لديها القدرة على امتلاك البيانات الشخصية لمواطنيها ومواطني الدول المنافسة لها، بإمكانها أن تتوقع درجة حدة أي مرض جديد، والتسلسل الزمني لانتشاره، وقد أدت هذه القدرة إلى ما يمكن أن يطلق عليه الهيمنة العشوائية stochastic hegemony، وقد تسبب ذلك في خلق حالة من عدم الاستقرار العالمي. 

كما لفت التقرير إلى أن من أسباب الارتباك العالمي تقليل جيش الولايات المتحدة بشكل كبير من وجوده في جميع أنحاء العالم، بسبب المخاوف من العدوى عقب تفشي جائحة كورونا. ومن ناحية أخرى، أشار التقرير إلى تراجع دور كل من حلف الناتو وكذلك المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة بشكلٍ متزايد، موضحًا أنه غالبًا ما أصبحت تُعقد الاجتماعات والقمم بشكل افتراضي. 

سلاسل الإمداد والأمن القومي

تتسم سلاسل الإمداد في الولايات المتحدة بالضعف، فضلًا عن طول المسافة الجغرافية بين الشركاء التجاريين، والتي تتسبب في تأخير طلب السلع واستلامها، وكان هذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة للأجهزة الطبية ومعدات الوقاية الشخصية خلال أزمة كورونا، وبالتالي أصبحت المخاطر التجارية قضية أمن قومي. بالإضافة للمخاطر التي يتعرض لها الأمن القومي الأمريكي من التهديدات الصينية للملكية الفكرية الأمريكية.

وفيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين سلاسل الإمداد والأمن القومي، طرح التقرير أربعة سيناريوهات:

أولًا- تراجع المنافسة الدولية بين الولايات المتحدة والصين، بما يفسح المجال للسلام والتعاون الدوليين على مستويات متعددة، بما في ذلك البحث العلمي، وسلاسل الإمداد، وتطوير اللقاحات، وتلاشي المخاوف بشأن شفافية المعلومات الخاصة بجائحة كورونا، وتراجع التوجهات الصينية نحو فرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية على آسيا.

ثانيًا- انفراج الحرب التجارية: في أعقاب جائحة كوفيد-19 تنامت الآمال بإنهاء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي كانت قد زادت حدتها في نهاية عام 2019، وإذا تم فرض قيود تجارية مستقبلية إضافية، فقد تكون محدودة للغاية.

ثالثًا- تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين: تدخل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مرحلة متسارعة، حيث يتم زيادة القيود التجارية التي تفرضها واشنطن من خلال تعريفات إضافية على الأجهزة والمواد الطبية، وقد تتجلى المنافسة أيضًا في مزيد من القيود على سلاسل الإمداد.

رابعًا- الاتجاه لحرب بالوكالة: وفقًا لهذا السيناريو فقد تؤدي تداعيات أزمة كورونا إلى صراع مباشر بين الولايات المتحدة والصين، وقد تدفع تحقيقات الكونجرس فيما يتعلق بمشاركة الصين للمعلومات حول الفيروس، وكذلك سلاسل الإمداد الخاصة بالأجهزة الطبية؛ إلى قيود تجارية كبيرة، ورد فعل جيوسياسي ضد ‏بكين، وقد تنجرّ المنظمات الدولية مثل حلف الناتو ومنظمة الأمم المتحدة إلى الصراع، وتشعر الحكومة الصينية بالتهديد، مما يدفعها لتعزيز نفوذها في البلدان التي تعاني من الأزمة لدعم أهدافها الاستراتيجية، مع تسارع حملات التضليل الإعلامي الصينية، والدبلوماسية الناعمة، وهنا تصبح الحرب بالوكالة بينهما شبه حتمية.

تداعيات متعددة

أشار التقرير إلى عدد من التأثيرات المحتملة لجائحة كوفيد-19 على مستقبل التنافس الدولي، والتي يتمثل أبرزها فيما يلي:

أولًا- التنافس في الفضاء: يشير التقرير إلى أن الفضاء أصبح مجالًا لا غنى عنه بشكل متزايد؛ حيث يؤثر على التجارة والدفاع والحياة اليومية. وقبل أزمة كورونا كان مشروع الفضاء الأمريكي يتقدم بثبات، مع استمرار تدفق الاستثمارات، بما يعكس مساعي الجيش الأمريكي للتكيف مع البيئة الأمنية المتغيرة، وكان برنامج Artemis يتقدم أيضًا نحو تمكين الهبوط على سطح القمر في عام 2024، لكن الآن تواجه جميع هذه الأنشطة تحديات كبيرة بسبب جائحة كورونا.

ثانيًا- مستقبل أنظمة الحكم: في مواجهة أزمة كورونا، تستخدم الصين طائرات بدون طيار وتقنيات تكنولوجية متقدمة لمواصلة مكافحة تفشي الوباء ومراقبة انتشاره، ويبدو المجتمع الصيني مرتاحًا مع هذا المستوى من الرقابة والرصد باسم الصحة العامة، ويُظهر مستويات ثقة عالية في الأجهزة الحكومية. ولكن بالنسبة للولايات المتحدة فمن غير المحتمل أن يحذو المواطنون الأمريكيون حذو الشعب الصيني، ولكن قد تتسبب أزمة كورونا في تغيير ذلك الوضع، وبالتالي فإن القدرة على إعادة تشكيل المعايير المجتمعية وتحقيق النمو الاقتصادي بسرعة بعد هذه الأزمة، قد تتسبب في قبول المزيد من المراقبة، وتعمل على تأكيد الثقة في النظام الحاكم.

ثالثًا- مستقبل حملات التأثير المضللة: أشار التقرير إلى أنه في السنوات العشرين الماضية، توسّعت بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية في استخدام مختلف وسائل التأثير؛ لزعزعة ثقة الشعوب في الحكومات الديمقراطية. وفي هذا الإطار، تشن روسيا حملة متعددة الأوجه للتضليل والتأثير على الشعوب في مناطق مستهدفة من العالم، كما تركز الصين على الدعاية الموجهة لحكومتها، سواء إلى مواطنيها، أو للعالم الخارجي، بهدف توسيع نطاق نفوذها والترويج لنظامها في ظل بيئة التنافس الجغرافي الاستراتيجي. وذلك كله إضافة إلى العناصر الهامشية في المجتمع، مثل المتعصبين البيض، الذين يعملون على نشر نظريات المؤامرة من أجل التحريض على الكراهية والعنف.

مبادرة "الحزام والطريق"

افترض التقرير أربعة سيناريوهات فيما يتعلق بمستقبل مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تتمثل فيما يلي:

أولًا- مواصلة الصين تنفيذ المبادرة: مما يزيد من الاعتماد على ديون الدول المشاركة فيها للصين، بهدف التأثير عليها لتحقيق المصالح الصينية، ومع ذلك فإن التدقيق في عالم ما بعد كورونا يوضح احتمالية فقدان الحزب الشيوعي الصيني السيطرة على سرعة وخطوات تنفيذ المبادرة.

ثانيًا- انتعاش الصين من جراء أزمة كورونا، بما يُعزز من مكاسبها والإسراع في تنفيذ المبادرة، وانتشار قوات جيش التحرير الشعبي الصيني على طول شبكة "الحزام والطريق"، أخذًا في الاعتبار أن الدول المشاركة في المبادرة التي لديها احتياطيات مالية أقل وخيارات محدودة، هي الأكثر تضررًا وتعرضًا للهيمنة الصينية.

ثالثًا- انهيار منهجي: تزايد الضغوط الدولية على الصين لالتزام الشفافية فيما يتعلق بجائحة كوفيد-١٩، واحتمال فقدان الحزب الشيوعي السيطرة على المعلومات، وانخفاض التأثير المباشر على الدول الأعضاء في مبادرة "الحزام والطريق"، مع محاولة الصين تلبية توقعات جودة التصنيع المرتبطة بالمعايير الجديدة في التجارة العالمية. وهنا تبدأ الصين في النظر إلى الخارج من أجل تصدير مشاكلها المحلية، وبعد أن قامت بالفعل بتحييد المقاومة في هونج كونج، فإن تايوان هي المعركة التالية، حيث ستحاول بكين السيطرة عليها.

رابعًا- تقنين التنافس: يعمل الحزب الشيوعي الصيني على تقليص الاستثمار العالمي، وزيادة النفوذ الذي تمارسه البنوك الصينية على الدول المشاركة في مبادرة "الحزام والطريق"، وتستغل بكين التقنيات الناشئة المنتشرة في العالم النامي لتنمية فرصها التجارية، ومن ناحيتها تنتعش الولايات المتحدة ببطء بعد أزمة كورونا، مما يشجع على بناء علاقة ثنائية طويلة الأمد بين البلدين، تقوم على الاحترام والمنفعة المتبادلة، بحيث يفوز كلا الجانبين على أساس التعاون في إطار متفق عليه.

مستقبل الاتحاد الأوروبي والعلاقات عبر الأطلسي

أشار التقرير إلى أربعة سيناريوهات لمستقبل الاتحاد الأوروبي والعلاقات عبر الأطلنطي، وهي على النحو التالي:

أولًا- استمرار الوضع الراهن: تؤدي إعادة الافتتاح الجزئي للاقتصادات الأوروبية لاستيعاب الموسم السياحي الصيفي إلى عودة انتشار فيروس كورونا المستجد عبر القارة، ويستمر الفيروس في العودة الموسمية، مما يفرض استمرار إجراءات التباعد الاجتماعي، ويساهم في تراجع اقتصادي كبير للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتواجه دول جنوب أوروبا -على وجه الخصوص- ارتفاع معدلات البطالة بشكل هائل. وتحاول بروكسل تقديم الحوافز الاقتصادية، ولكن في نطاق أضيق. ومن المرجّح أن تصبح إسبانيا والبرتغال عضوين في مبادرة "الحزام والطريق"، في مقابل توسُّع شركة هواوي في العديد من الدول الأوروبية الكبرى. ويزداد النفوذ الروسي في البلقان، مما يعقد المزيد من جهود التكامل الإقليمي.

ثانيًا- التقشف: يستمر الارتفاع في البطالة عبر القارة، ويتسبب الفشل في تبني أفضل الممارسات لمكافحة جائحة كورونا في انتشار العدوى بأعداد متفاوتة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتقوم مفوضية الاتحاد، بتشجيع من ألمانيا والنمسا وهولندا والدنمارك، بتطبيق إجراءات تقشف شديدة تهدف إلى تقليل عجز الميزانية المتضخم.

ثالثًا- انهيار الاتحاد: تتسبب الموجات المتكررة لانتشار فيروس كورونا المستجد والمصحوبة بكساد اقتصادي عالمي في شل قدرة الاتحاد الأوروبي على إدارة الأزمات. كما أنه خلال الولاية الثانية لإدارة الرئيس "دونالد ترامب" -بافتراض فوزه في الانتخابات- قد تخرج واشنطن من حلف الناتو، وفي غياب الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا يتوقف حلف الناتو عن عملياته الخارجية، وفي المقابل تتزايد عمليات التوغل العسكرية الروسية.

ويلفت التقرير إلى أن الافتقار إلى ردود منسقة للأزمة من قِبل فرنسا وألمانيا يؤجج أزمة الشرعية في هيكل الاتحاد الأوروبي نفسه، وهو ما قد يدفع لانسحاب عدة دول منه، وما قد يتبقى من الاتحاد هو مجموعة من بلدان شمال أوروبا الصغيرة غير القادرة على ممارسة السيطرة أو التأثير على المسرح الدولي.

رابعًا- تحول إيجابي: قد تخلق الموجة الثالثة من انتشار جائحة كورونا في عام 2029 فرصة للتعاون غير المسبوق عبر الأطلسي، وتشرع الإدارة الأمريكية الجديدة في إعادة بناء العلاقات الأمريكية الأوروبية. ويتسبب اكتشاف برامج التجسس والمراقبة الصينية في العديد من شبكات اتصالات الجيل الخامس في سحق أي ثقة متبقية لدى الجهات الأوروبية للتعاون مع الصين. وفي هذه الحالة تضع الولايات المتحدة بروتوكولًا لمشاركة البيانات الحيوية مع الاتحاد الأوروبي، مما يؤدي إلى إنشاء مكتب صحي مشترك تابع للولايات المتحدة الأمريكية، يدير ويخزن البيانات الحيوية للمواطنين.

ويتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في التقليل بشدة من دور لندن كوسيط دولي، وفي المقابل تبني واشنطن على الدور القيادي لألمانيا في الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هزيمة حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي "أردوغان" خلال السنوات القادمة تُرافق "تجديدًا علمانيًّا" في أنقرة يشهد وصول حكومات ذات توجه غربي إلى السلطة، وقد يؤدي حل النزاعات في بحر إيجه وشرق المتوسط، إلى جانب الاستثمارات الغربية في الاقتصاد التركي، إلى انضمام تركيا كعضو في الاتحاد الأوروبي في أوائل عام 2030.

المصدر: 

Global Futures Report: Alternative Futures of Geopolitical Competition in A Post-Covid-19 World, Air Force Warfighting Integration Capability (AFWIC), June 2020.