أخبار المركز
  • إصدارات جديدة لمركز "المستقبل" في معرض الشارقة الدولي للكتاب خلال الفترة من 6-17 نوفمبر 2024
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

صراع الهوية والدولة:

المفاتيح الثلاثة لفهم تراجعات الإسلام السياسي المغاربي

05 أكتوبر، 2021

صراع الهوية والدولة:

مع الاتجاه المتزايد لتراجع حركات الإسلام السياسي في منطقة المغرب العربي، استضاف مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" الكاتب الجزائري خالد عمر بن ققه، لمناقشة أبعاد هذا الاتجاه وما أنتجه من تحولات في المنطقة، خاصة بعد تعرض حزب العدالة والتنمية المغربي لانتكاسة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فيما واجهت حركة النهضة التونسية تعثراً على مستوى الشارع والسلطة، بينما يعاني إسلاميو ليبيا انقسامات داخلية، بل ويسعوا إلى عرقلة الانتخابات المقبلة، خشية مواجهة الاستحقاق السياسي المزمع في ديسمبر 2021.

وفي هذا الإطار، طرح بن ققه ثلاثة مفاتيح أساسية لفهم ما يجري في المغرب العربي، إذ ليس بالإمكان تفسير تراجعات حركات الإسلام السياسي بمعزل عنها، وهي ما يلي:

1- انهيار الجبهات الداخلية: أكد الكاتب الجزائري حدوث تغيرات في شمال أفريقيا، بفعل انهيار الجبهات الداخلية في دول المنطقة وتراجع مستوى التنمية، فضلاً عما يفرزه ذلك من أزمات تابعة، مثل ارتفاع البطالة، وظهور حركات اجتماعية، ناهيك عن الضغوط التي تسببت فيها جائحة كورونا. ولا شك أن مستوى انهيار الجبهات الداخلية متفاوت من دولة لأخرى؛ فبينما تواجه ليبيا انهياراً كليا، فثمة انهيارات أخرى جزئية في كل من الجزائر والمغرب وموريتانيا. 

ويعزو بن ققه تلك الانهيارات متباينة الحدة إلى الصراع بين الدولة الوطنية وتيارات الإسلام السياسي، ففي كثير من الأحيان يكون ذلك الصراع بالأساس على السلطة من دون وجود مشروع حقيقي للحكم، فامتلاك السلطة يجب أن يكون مرهوناً بامتلاك المشروع. وهنا يدلل الكاتب على تلك الثنائية بحالة الجزائر، فبعد تجربة "العشرية السوداء"، أصبح الإسلاميون في هذا البلد يشتركون في السلطة حسب حصة "كوتة" معينة، لكنهم يشاركون بأشخاص لا يمارسون السلطة نهائياً أي أنهم رجال حزب وليسوا دولة. 

فالمشكلة في حكم الإسلاميين، بحسب بن ققه، أنهم دائماً معارضون للدولة ذاتها، وليس نظام الحكم، ولعل ما حدث في ليبيا يوضح ذلك عندما غيروا النشيد الوطني للدولة، وكذلك في سوريا حاولوا تغيير العلم، الرمز القومي للدولة. فمنظورهم الديني للخلافة لا يؤمن بالحدود الوطنية للدولة. ويترتب على مفهوم الإسلام السياسي للسلطة خلاف جوهري حول تحديد مصير الدولة الوطنية، وما هو محلي وما هو عالمي. وبالتالي فإن تلاشي الفكرة الوطنية والحدود الجغرافية، جعل انتماء الفرد للتنظيم سابق على انتمائه للوطن أو حتى الدين. أي التنظيم يأتي أولاً عن الدين، ومثل هذه النظرة الضيقة للرؤية تؤدي إلى مخاطر عدم استقرار دائم. 

2- الإسلام السياسي وصراع الهوية: تعاني تيارات الإسلام السياسي في داخلها أزمة هوية، حيث يدخلون سباقاً فيما بينهم يفزر عادة تفككاً وظهوراً لجماعات أخرى. فعلى سبيل المثال، خرج من رحم الإسلاميين في الجزائر منذ التسعينيات ثمانية أحزاب إسلامية. أي أننا، بحسب بن ققه، أمام إسلام سياسي لديه صراعات على الهوية والسياسة وبالتالي لا يمكن السيطرة على الحكم. ومع ذلك، يظل تيار الإسلام السياسي موجوداً في منطقة المغرب العربي لأسباب تتعلق بحقبة الاستعمار؛ ذلك أن الإرث الاستعماري والثوري جعل الإسلام متقدماً على الوطن، فمن قادوا الثورات والعمل الفدائي ضد المستعمر كانت لديهم الصبغة الإسلامية.

ومن هنا يرى بن ققه أن الإسلام في دول المغرب العربي يمثل جزءاً من الهوية الوطنية، والرباط الذي جمع بين المكونات الشعبية، والأطراف المختلفة على عكس دول أخرى بالمنطقة. لهذا، من وجهة نظر بن ققه، ربما تتمتع التيارات الإسلامية بشعبية ما في دول المغرب العربي، وبالتالي يصعب الاستغناء عن مكون الإسلام السياسي، لكن يمكن تجريم أفعاله أو ممارساته. يُضاف إلى ذلك، أن هناك استفادة من الإبقاء على المعارضة لتحميلها بعض الأخطاء السياسية في بعض الأوقات.

3- التوترات البينية المغاربية: أشار بن ققه إلى أن الأزمة البينية بين المغرب والجزائر تدخل ضمن السياق العام للمنطقة، فهي أزمة تتعلق بالتاريخ وليس الجغرافيا، أي أن الدولتين تتصارعان على الماضي وليس الحاضر، فهما لا يزالان يتصارعان على "حرب الرمال" ومشكلة الصحراء من منطلقات تاريخية، غير أن حل الصراع بين الدولتين يأتي من أسس جغرافيا الجوار. ومع ذلك، لا يبدو أن هناك حل لهذه الأزمة في المستقبل المنظور، مع اعتبار أن ثمة نضجاً لها على المستوى الشعبي أكثر من الرسمي. 

ونوه الكاتب الجزائري أيضاً بأن هذه ليست المرة الأولى لقطع العلاقات بين الدولتين، فالمغرب كانت قد قاطعت من قبل الجزائر لمدة 16 عاماً تقريباً، ثم عادت العلاقات على أساس اتفاق تم بينهما برعاية سعودية في عام 1988، وتضمن الاتفاق حينها 4 بنود أساسية؛ من بينها عدم إقامة أي مشاريع عدائية بالمنطقة أحادية الجانب، والعمل على تعزيز التقارب قدر المستطاع، وترك قضية الصحراء للأمم المتحدة حتى تقدم فيها حلاً.