أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ترتيبات تدريجية:

التأثيرات السياسية لإقالة "تبون" في الداخل الجزائري

24 أغسطس، 2017


أقال الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة" رئيس الوزراء "عبدالمجيد تبون" الذي شغل هذا المنصب منذ أقل من ثلاثة أشهر (تم تعيينه في شهر مايو الماضي)، وذلك بعد إلقاء بوتفليقة خطابًا شديد اللهجة لرئيس الوزراء "تبون" بسبب إخفاقه في إدارة الحكومة الحالية، حيث طالبه بتغيير السياسات الحالية في ظل ما تشهده البلاد من أزمة اقتصادية حادة، ومع تعثره جاء قرار إقالته.

وتم تعيين "أحمد أويحيى" (رئيس ديوان رئيس الجمهورية) رئيسًا جديدًا للحكومة الحالية، ويرى مراقبون أن اختيار "أويحيى" يهدف إلى دعم الاستقرار، في وقت تحاول فيه الجزائر مواجهة آثار انخفاض أسعار البترول مما أثر سلبًا على الدخل القومي للبلاد.

دوافع الإقالة:

ويُمكن تفسير توقيت إصدار قرار إقالة "تبون" بما يلي:

1- تأثير جماعات المصالح الاقتصادية: رغم أن بيان رئاسة الجمهورية لم يُشرْ إلى أسباب إقالة "عبدالمجيد تبون" الذي زكى البرلمان برنامج مخطط حكومته المستمد من برنامج الرئيس بوتفليقة؛ إلا أن القراءات السياسية في الجزائر أجمعت على أن الكارتل المالي الذي يقوده رئيس منتدى المؤسسات "علي حداد" كان وراء هذه الإقالة.

فضلًا عن تصاعد الخلافات بين "تبون" و"حداد" التي كان آخرها توجيه "حداد" انتقادات لاذعة لقرارات "تبون" التي دعا فيها إلى إبعاد المال عن السياسة، وباشر إجراءات تحد من هامش التحرك الذي صار يحظى به "علي حداد" في السنوات الأخيرة.

كما سارع "تبون" منذ تعيينه رئيسًا للوزراء إلى محاولة تنظيم النشاط الاقتصادي، بانتقاده نشاط وكلاء السيارات المستفيدين من مشاريع إنشاء مصانع تركيب السيارات، واعتبر الصناعة الميكانيكية الحالية في الجزائر صناعة غير حقيقية، لكن هذه السياسة لم تُرضِ تكتل رجال الأعمال، وفي مقدمتهم "علي حداد" الذي كان قد أبدى انزعاجه مما أسماه حملة تشهير تستهدف مجمعه الاقتصادي المختص بالأشغال العمومية.

 فضلًا عن اتخاذ "تبون" قرارات تتعلق بتنظيم الاستيراد، ومنح رخص محددة للمستوردين، كما أعلن عن مراجعة سياسة الدعم التي تسوّي في الاستفادة بين الغني والمحتاج، ودعا إلى حوار وطني مع أحزاب المعارضة.

2- تزايد حدة الأزمة الاقتصادية: نظرًا لعدم قدرة حكومة "تبون" على طرح سياسات فعالة للحد من التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية الحالية، ومن مؤشراتها ما يلي:

أ- انخفاض احتياطي الصرف إلى 34.81 مليار دولار بين عامي 2014 و2015 .

ب- تقلص صندوق ضبط الإيرادات بحوالي 2335 في نفس الفترة، ووصوله إلى الحد الأدنى القانوني في هذه السنة، أي بقيمة 740 مليار دينار.

ج- سجل الميزان التجاري للمرة الأولى منذ عام 1995 عجزًا يُقدر بـ16.6 مليار دولار.

د- سجلت الأرصدة الأساسية لميزان المدفوعات في نهاية ديسمبر 2015 عجزًا بحوالي سالب 27.48 مليار دولار بالنسبة للحساب الجاري، وسالب 27.54 مليار دولار بالنسبة للرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات.

ه- انخفاض قيمة الدينار بسالب 19.81% في مقابل الدولار، وارتفاعًا في نسبة التضخم بحوالي + 4.78 % وبلغ عجز الميزانية - 3172.3 مليار دينار.

و- ارتفاع المديونية الداخلية في نهاية ديسمبر 2015 إلى 141.8 مليار دينار في نهاية 2015 لتصل إلى 1380.8 مليار دينار.

وتراجع حجم الناتج المحلي الخام خارج المحروقات إلى 5% في 2015، مقابل 5.7% في نهاية 2014 و7.3% نهاية 2013 بسبب تراجع نشاطات القطاع الزراعي والغابات والصيد البحري والبناء والأشغال العمومية والخدمات التجارية.

3- التوجهات الاقتصادية الليبرالية لأويحيى: شكل قرار إعادة "أحمد أويحيى" إلى قيادة الجهاز التنفيذي والطريقة التي تمت بها إقالة "عبدالمجيد تبون"، مخاوف لدى الرأي العام الجزائري، خاصة بالنظر إلى التوجهات الليبرالية المتشددة التي عُرف بها "أويحيى"، ليكون بذلك أكثر المسئولين توليًا لمنصب الوزارة الأولى. 

ويتذكر الجزائريون خطط "أويحيى" الاقتصادية التي أدت إلى خصخصة المؤسسات العمومية للأجانب والخواص بالدينار الرمزي، وتسببت في تسريح آلاف العمال، وكذا خطابه الرافض لأي زيادة في أجور عمال القطاع الحكومي.

مناوأة المعارضة:

رأت الأحزاب ذات التوجه الإسلامي أن تعيين "أويحيى" وإقالة "عبدالمجيد تبون" يؤشر إلى وجود أزمة حقيقية، وافتقاد السلطة الحالية لأهم مكسب حققته الجزائر خلال العشرين عامًا الماضية، ممثلًا في الاستقرار المؤسساتي والسياسي، مما يُنذر بفقدان المصداقية داخليًّا وخارجيًّا، كما أن تعيين "أحمد أويحيى" على رأس الوزارة الأولى يفرض أيضًا أن تكون الحكومة التي سيترأسها سياسية بامتياز، وإن لم تحقق هذه الصفة فإن مآلها الفشل كسابقاتها.

من جانبه، رأى "حزب طلائع الحريات" المعارض الذي امتنع عن المشاركة في الانتخابات التشريعية الماضية، أن ما يحدث أكبر دليل على عدم القدرة على محاربة الفساد.

ترتيبات سياسية:

تشير الإقالة المفاجئة لرئيس الوزراء "تبون" وتعيين "أويحيى"، إلى وجود ترتيبات سياسية تدفع في اتجاه تعزيز السيطرة والهيمنة على السلطة، ويرى مراقبون أن تعيين "أويحيى" يصب في اتجاه ترشحه كرئيس خلفاً للرئيس بوتفليقة، ومن جهة أخرى انتصار لجماعات المال والمصالح في مواجهة "تبون" الذي حاول الحد من نفوذهم وتأثيرهم على السلطة، وأن أويحيى يعد رجل المرحلة لما له من إمكانات وخبرة سياسية بما يؤهله لتجسيد برنامج رئيس الجمهورية، وإيجاد الحلول اللازمة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية في البلاد.

غير أن الأزمة الاقتصادية ستظل من أبرز التحديات التي ستواجهها حكومة أويحيى، والتي يصفها المراقبون بأنها ستكون حكومة تصريف أعمال، خاصة فيما يتعلق بالمساس بميزانية الدعم الاجتماعي المقدرة سنويًّا بـ17 مليار دولار.

رجل المرحلة:

من المرجح أن تحظى حكومة أويحيى بثقة القوى والأحزاب السياسية المختلفة في ظل تأييد أحزاب الموالاة لتعيينه بدلًا من تبون، حيث يصفون أويحيى بأنه رجل المرحلة بسبب خبرته السياسية، بما يؤهله ل