أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

قانون التوازن:

سياسات تخفيض الخسائر الاقتصادية لأزمة كورونا

27 أبريل، 2020


عرض: محمد محمود السيد - باحث في العلوم السياسية

إن الجدل الرئيسي الذي يدور حاليًّا داخل أروقة المجتمع الدولي ومنظماته حول مكافحة فيروس كورونا المُستجد (كوفيد-١٩) ليس جدلًا طبيًّا أو علميًّا فقط، وإنما جدل اقتصادي حول حجم الفاتورة التي يدفعها الاقتصاد الدولي يوميًّا، ولأجل غير مُحدد، رجاء انتشار الفيروس عالميًّا.

لذلك تخرج بعض الدعوات التي يراها البعض متطرفة، لعودة الحياة الاقتصادية بشكل طبيعي وبأسرع وقت، بينما يحاول البعض الآخر تخفيف سياسات العزل بما يسمح بعودة جزئية للنشاط الاقتصادي، وكل هذا في سبيل وضع الخسائر الاقتصادية المحتملة في حدها الأدنى.

وفي هذا الشأن، قام مجموعة من الباحثين الصينيين المتخصصين في الاقتصاد والسياسات العامة بنشر ورقة بحثية في مارس 2020، بمجلة "الحوكمة الصينية" تحت عنوان: "قانون التوازن: تخفيض الخسائر الاقتصادية في ظل السيطرة على فيروس كورونا المُستجد".

تستعرض هذه الورقة الأثر الاقتصادي للأوبئة على المستوى الجزئي والقطاعي والكلي، ثم تتناول أساليب التقييم المختلفة لسياسات مكافحة الأوبئة والسيطرة عليها، في ضوء الخبرات الدولية المُكتسبة خلال فترات انتشار فيروسات: سارس، وأنفلونزا الخنازير، والإيبولا. وأخيرًا يقدم الباحثون مجموعة من التوصيات التي تحقق التوازن المرجوّ بين مكافحة الأوبئة وجعل الخسائر الاقتصادية في حدها الأدنى.

نماذج حساب الخسائر الاقتصادية

إن الأوبئة غالبًا ما تكون السبب في تدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية بالدول النامية، لما لها من تأثير يعوق تراكم رأس المال البشري والنمو الاقتصادي. فوفقًا لدراسة أجرتها "الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم"، تتجاوز خسائر العالم الاقتصادية المباشرة بسبب الأوبئة حوالي 60 مليار دولار سنويًّا. وغالبًا ما تمثل الأنفلونزا بأنواعها المختلفة المصدر الرئيسي لتلك الأوبئة، وذلك بسبب قدرة تلك الفيروسات على التحور السريع والانتقال بشكل أسرع بين البشر.

وقد شهد العالم ظهور الأنفلونزا الإسبانية عام 1918، لتصيب 500 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وتقتل ما بين 50-100 مليون شخص في الفترة من 1918 إلى 1920، مما أدى إلى خسائر اقتصادية زادت على 3 تريليونات دولار، أي حوالي 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في ذلك الوقت.

ورغم التحسن العام في مستوى الطب والرعاية الصحية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن بداية القرن الحادي والعشرين شهدت ظهور أوبئة جديدة وخطيرة، مثل: السارس، وأنفلونزا الخنازير، والإيبولا، وفيروس زيكا، وغيرها من الأوبئة الناشئة. 

واستنادًا إلى نماذج المحاكاة لحساب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن انتشار الأوبئة، فقد قدّر أحد تلك النماذج أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي الناتجة عن وباء عالمي تتجاوز في الأغلب 3.5 تريليونات دولار. بينما قدّر نموذج آخر أن الخسائر الاقتصادية السنوية التي تسببها الأوبئة تصل إلى 570 مليار دولار، أي ما يمثل 0.7% من إجمالي الدخل العالمي.

وتُعد تلك النماذج التي تُقدِّر الخسائر الاقتصادية المحتملة للأوبئة ذات أهمية كبيرة، وذلك بسبب تأثير نتائجها على سياسات الوقاية والسيطرة التي تضعها الحكومات والمنظمات الدولية. فهناك أنواع مختلفة من تلك النماذج الحسابية، ويرجع اختلاف تقديراتها إلى اختلاف المؤشرات المُستخدمة في حسابها، حيث يُقسِّم البنك الدولي عوامل الخسائر الاقتصادية في فترات الأوبئة إلى أربع فئات: انخفاض القوة العاملة بسبب الوفاة؛ الغياب وانخفاض إنتاجية العمل بسبب الأوبئة؛ تخصيص الموارد لمكافحة الأوبئة ومعالجتها؛ وأخيرًا سياسات حماية الأفراد وسياسات الوقاية والسيطرة العامة. وربما يحدث تفاوت كبير في توقعات الخبراء حول الخسائر، حينما يتم الاعتماد على عامل واحد فقط مما سبق مع إهمال الباقي.

الخسائر الاقتصادية على المستوى الجزئي

يمكن تقسيم التأثير الاقتصادي للأوبئة -بشكل عام- إلى تأثيرات مباشرة وغير مباشرة. يشمل التأثير المباشر الموارد المُستثمَرة في علاج الأوبئة، مثل التكاليف الطبية للمصابين، وتطوير اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات. بينما يكمن التأثير غير المباشر في التغيب عن العمل وانخفاض الإنتاجية. وتشير الإحصاءات إلى أن 60% من الخسائر الاقتصادية التي نتجت عن وباء الأنفلونزا الإسبانية (والمُقدرة بـ3 تريليونات دولار) كانت خسائر غير مباشرة ناجمة عن تدابير الوقاية والسيطرة.

ويمكن تقسيم الآثار الاقتصادية للأوبئة على المستوى الجزئي إلى قسمين:

أولًا- على مستوى الأفراد: فعلى المدى القصير، يعاني الأفراد من تحمل تكاليف مالية باهظة لإجراء الفحوصات الطبية والحصول على الرعاية اللازمة. وفي المقابل، ينخفض الدخل بسبب التغيب عن العمل. وعلى المدى الطويل، قد يؤدي الفيروس إلى تدهور الحالة الصحية وانخفاض المستوى التعليمي للسكان في سن المدراس، ويؤثر على تراكم رأس المال البشري الفردي، وبالتالي يؤثر على أداء سوق العمل، وارتفاع مستويات الفقر.

وتأتي التأثيرات غير المباشرة بشكل رئيسي من التغير المحتمل في السلوك الاستهلاكي للأفراد، حيث التقليل من سلع الرفاهية، والبحث عن تأمين مصادر الرعاية الصحية بدرجة أكبر، وهو ما سينعكس في النهاية على الصناعات المختلفة والاقتصاد بأكمله.

ثانيًا- على مستوى الشركات: يؤثر الوباء على الشركات من جانبين. من ناحية الإنتاج، فإن الإصابة بالفيروس أو الغياب الوقائي للموظفين سيُقلل من القوة العاملة، وبالتالي تدهور إنتاجية العمل، والتأثير على ربحية الشركات، وخاصة الشركات كثيفة العمالة.

أمّا من ناحية الاستثمار، فإن تفشي الوباء يؤدي إلى ركود عام في الأسواق، مما يعيق معظم الأنشطة الاستثمارية المحتملة. وهو ما حدث مع دول غرب إفريقيا حين تفشى الإيبولا عام 2014، حيث سحبت معظم الشركات الأجنبية استثماراتها من هذه المنطقة.

الخسائر الاقتصادية على مستوى القطاعات الإنتاجية

يؤثر انتشار الأوبئة على قطاع الزراعة بشكل أساسي، فمن ناحية يحدث نقص في القوى العاملة وعوامل الإنتاج الأخرى، مما يؤدي إلى تأخير الزراعة وتقليل الإنتاجية في نهاية المطاف. على سبيل المثال، أدى انخفاض مدخلات العمالة في المراحل المبكرة من تفشي فيروس إيبولا عام 2014، إلى انخفاض إنتاج الأرز بنسبة 20% وانخفاض إنتاج القهوة بنسبة 50% في غانا مقارنة بعام 2013.

ومن ناحية أخرى، وبما أن الأمراض المعدية المفاجئة تنتقل عادة إلى البشر عبر الحيوانات، فقد ينخفض الطلب على الحيوانات المرتبطة بأنشطة الزراعة. فعند انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير عام 2009، طوّر المستهلكون ارتباطًا سلبيًّا بين لحم الخنزير والفيروس، وأظهر مسح شمل على 1200 مستهلك صيني أجراه الاتحاد الأمريكي لتصدير اللحوم (USMEF) في أغسطس 2009 أن 64% من المستهلكين توقفوا عن شراء لحم الخنزير في المراحل الأولى من تفشي الفيروس، و20% من المستهلكين يعتقدون أنهم يمكن أن يُصابوا بالفيروس من أكل لحم الخنزير. وخلال أربعة أشهر فقط (من إبريل إلى سبتمبر 2009) خسر سوق الخنازير حوالي 200 مليون دولار، وتكبدت صناعة لحم الخنزير الأمريكية خسائر بلغت حوالي 270 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2009.

أمّا على مستوى قطاعات التصنيع، فيختلف تأثير الوباء وفقًا لطبيعة كل صناعة، وقد حاول الخبراء قياس هذا التأثير عبر مراقبة مؤشرات البورصة لعدة شركات، فخلال فترة انتشار مرض سارس، ارتفعت أسهم شركات التكنولوجيا الحيوية، بسبب زيادة الطلب على الأقنعة (مثل N95) والمنتجات المتعلقة بتقنية النانو والمحفزات الضوئية (مثل مصابيح الفلورسنت). وفي الوقت ذاته، انخفضت أسعار الأسهم في صناعة الفنادق بشكل ملحوظ، مما يعكس عدم التجانس في التأثير على القطاعات المختلفة.

أمّا القطاع الأكثر تأثرًا بانتشار الأوبئة فهو صناعة الخدمات، والذي يتأثر بكافة سياسات الوقاية والمكافحة والعزل التي تتخذها الدول، خاصة بالنسبة للسياحة والمطاعم وصناعة التجزئة. فقد تأثر استهلاك الترفيه والنقل والسياحة في بكين بشدة خلال وباء السارس، وتجاوزت الخسائر الاقتصادية لصناعة السياحة في بكين حوالي 1.4 مليار دولار، أي 300 ضعف التكلفة الطبية لحالات السارس في المدينة نفسها. ووفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) عام 2004، انخفض عدد السائحين الوافدين إلى هونغ كونغ بنسبة 10% في مارس و65% في إبريل و68% في مايو على التوالي في عام 2003، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2002. وانخفض حجم حركة الركاب في شركتي الطيران في هونج كونج بنحو 70% في إبريل وانخفض كذلك بنحو 80% في مايو خلال فترة السارس. كما تضررت الفنادق ومؤسسات البيع بالتجزئة والمطاعم بشدة، حيث انخفض إشغال غرف الفنادق إلى 22% في إبريل و18% في مايو، مقارنةً بأكثر من 80% في الظروف العادية. وفقدت تايوان -خلال الفترة نفسها- 35% من ناتجها المحلي الإجمالي بسبب تدهور السياحة.

الخسائر الاقتصادية على المستوى الكلي

أدت الأمراض والأوبئة في أوروبا بالعصور الوسطى إلى انخفاض حاد في عدد السكان في فترة قصيرة، مع تغيير الهيكل السكاني لأوروبا على المدى الطويل، والذي كان بمثابة عامل خارجي مهم لتعزيز الرأسمالية والتحضر هناك. ودرس الباحثون الآثار طويلة الأمد لوباء الكوليرا في لندن في خمسينيات القرن التاسع عشر، حيث تسبب في أكثر من 600 حالة وفاة على المدى القصير، مع معدل وفيات بنسبة 12.8% في المنطقة، في حين ظهر التأثير طويل المدى في التوزيع الحضري للفقر وتفاوت أسعار المساكن. وأظهرت الدراسات كذلك أن السكان المولودين في أوروبا أثناء فترة انتشار وباء الأنفلونزا الإسبانية عام 1918، كان لديهم مستوى دخل وتعليم ورعاية صحية أقل من الطبيعي، مما ترك تأثيرات سلبية بعيدة المدى.

ولكن يعتقد البعض حاليًّا، أنه في ظل التقدم التكنولوجي وقدرات البشر على الوقاية والسيطرة، فمن غير المحتمل أن تتسبب الأوبئة في تحول ديمغرافي رئيسي كما كان في السابق.

ومع ذلك، فإن حجم التأثير قصير المدى للأوبئة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالهيكل الصناعي الشامل والقدرات المحلية للوقاية من الأوبئة ومكافحتها. فمن منظور الهيكل الصناعي، قد يتسبب الوباء في إحداث تأثير أكبر -على المدى القصير- للبلدان والمناطق التي تهيمن عليها صناعات الخدمات. 

ومن منظور القدرة على الوقاية والسيطرة؛ نجد أنه بعد تفشي فيروس إيبولا لم تتمكن دول غرب إفريقيا من استعادة اقتصاداتها في فترة قصيرة، بسبب ضعف البنية التحتية الطبية والقدرات الحكومية المحدودة. فوفقًا لتقرير البنك الدولي، أدى تفشي الإيبولا عام 2014 إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لغينيا بنسبة 2.1% (من 4.5% إلى 2.4%)، وليبيا بنسبة 3.4% (من 5.9% إلى 2.5%)، وسيراليون بنسبة 3.3% (من 11.3% إلى 8%)، وبلغت الخسائر الإجمالية للناتج المحلي الإجمالي في دول غرب إفريقيا الثلاث حوالي 359 مليون دولار (بأسعار 2014).

ولا بد من تأكيد أن للأوبئة تأثيرًا خارجيًّا سلبيًّا على المستوى الإقليمي، حيث إن انتشار الوباء في دولة ما يؤثر بشكل كبير على إقليمها الجغرافي بشكل عام. فخلال فترة تفشي الإيبولا، عانت اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء ككل من ضعف ثقة المستهلكين والمستثمرين، وكذلك من تعطل السياحة والتجارة عبر الحدود. وأدى انتشار سارس عام 2003 إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي في شرق وجنوب شرق آسيا بنسبة 0.2% إلى 1.8%.

التقييم الاقتصادي لتدابير منع ومكافحة الأوبئة

أهم ما يشغل بال خبراء الاقتصاد هو وضع استراتيجيات فعّالة لمكافحة الوباء، والتي تُحقّق التوازن بين الحد من انتقال الفيروس والتكلفة الاقتصادية لذلك. وهو الأمر الذي يفرض -في المقام الأول- تقييم السياسات الدولية الحالية للسيطرة على الأوبئة، وهناك ثلاثة طرق للتقييم هي على النحو التالي:

الطريقة الأولى في تقييم سياسات مكافحة الأوبئة، هي تلك التي تقيس مدى نجاح السياسات في السيطرة على بقاع انتشار الوباء والسيطرة على أعداد المُصابين والمتوفين، دون النظر للتكلفة الاقتصادية. 

وتقوم هذه السياسات على خفض مستوى الاتصال البشري عن طريق العزل والكشف عن المصابين في الوقت المناسب وعلاجهم، مع إغلاق المدارس والتحكم في حركة الطيران، وذلك بشكل متزامن في جميع دول انتشار الوباء. وقد ساعدت هذه السياسات في السيطرة على فيروس سارس في السابق.

الطريقة الثانية تُركز على قياس التكلفة الاقتصادية لتدابير المنع والسيطرة على الأوبئة، حيث استخدم مجموعة من الباحثين "نموذج محاكاة مونت كارلو لتحليل تأثير المخاطر على التكلفة" لتقييم سياسات مكافحة فيروس إيبولا. وأظهرت النتائج أن تكلفة حالات الشفاء تراوحت بين 480 دولارًا إلى 912 دولارًا للفرد، في حين تراوحت تكلفة الحالات المتوفاة (بسبب الفيروس) بين 5929 دولارًا إلى 18929 دولارًا للفرد، حسب العمر والبلد. وتقاس تكلفة كل حالة وفاة بحساب الخسارة الناتجة عن نقص الإنتاجية وتعطلها. ويُقدر هذا النموذج أيضًا أن ليبيريا وحدها أنفقت ما بين 143-155 مليون دولار على تفشي المرض، أي أكثر من ثلاثة أضعاف إجمالي ميزانية الصحة السنوية للبلاد (والتي بلغت 49 مليون دولار عامي 2011 و2012).

الطريقة الثالثة تصب اهتمامها على طبيعة الاستجابة الفردية لسياسات مكافحة الأوبئة، حيث وُجد أن سلوكيات الأفراد وتفاعلهم مع تلك السياسات يؤثر على التكلفة الاقتصادية النهائية. فبعض السلوكيات قد تؤدي إلى الضغط على المستشفيات ومراكز الخدمة الصحية، وأحيانًا تندلع أعمال عنف، إضافة إلى قيام الأفراد -في كثير من الحالات- باكتناز السلع الاستهلاكية وتلك المرتبطة بالأوبئة (مثل الأقنعة والمطهرات)، مما يؤدي إلى سوء تخصيص وإهدار للموارد العامة، وقد يضع البلاد في أزمات اقتصادية حادة.

ملاحظات ختامية وتوصيات

يرى الباحثون أنه من الضروري وضع الطرق الثلاث السابقة في الاعتبار عند وضع خطة أو تقديم توصيات، للسيطرة على وباء فيروس كورونا، مع الوصول إلى الحد الأدنى من التكلفة الاقتصادية. وتتمثل تلك التوصيات في الآتي:

1- ضرورة التركيز على جمع المعلومات الوبائية في الوقت المناسب، لأن فعالية الوقاية من الأوبئة ومكافحتها يعتمد على فهم طبيعة الفيروس وقدراته وطرق انتقاله. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يقوم "النظام الوطني لمعلومات الصحة العامة" برصد شامل للأوبئة الناشئة، وهو ما يلعب دورًا هامًّا في جمع المعلومات والإنذار في الوقت المناسب. ومنذ تفشي فيروس سارس عام 2003، زادت الحكومة الصينية من استثماراتها طويلة الأجل في أنظمة مراقبة الأوبئة، وبناء نظام إبلاغ مباشر على المستوى الوطني وتحسين تكنولوجيا الأجهزة.

2- اتّباع نهج علمي شامل لمعالجة المعلومات الوبائية، وهو ما يساعد في اكتشاف مصدر الفيروس، وتطوير الأدوية واللقاحات المضادة له. فمنذ تفشي السارس عام 2003، أحرزت الأبحاث الطبية الحيوية في الصين تقدمًا كبيرًا. وبالمقارنة مع تحليل "التوصيف الفيروسي" الذي استغرق شهورًا خلال مرض السارس، فقد وصلت الفترة بين ظهور أول حالة مؤكدة وعزل فيروس كورونا المستجد إلى أقل من شهر. 

وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تنسيق السياسات بين الإدارات الحكومية والمحلية، بحيث تسير سياساتهما في الاتجاه نفسه، وبنفس ترتيب الأهداف وأولوياتها.

3- إن نشر المعلومات الدقيقة حول الأوبئة في الوقت المناسب هو عنصر مهم للوقاية والمكافحة الفعالة. فمن ناحية، قد يؤدي نقص المعلومات الحقيقية إلى تجاهل الجمهور للوباء، وبالتالي تسريع تفشي المرض على نطاق واسع وزيادة التكاليف اللاحقة. ومن ناحية أخرى، ومع تطور وسائل الإعلام، وعندما لا تستطيع الحكومة تقديم معلومات فعالة وحقيقية، يمكن توليد كمية كبيرة من المعلومات الكاذبة التي تثير الذعر بين الجمهور، مما يتسبب في خسائر اقتصادية أكثر خطورة من الضرر الناتج عن الفيروس ذاته.

المصدر:

Binlei Gong, Shurui Zhang, Lingran Yuan & Kevin Z. Chen, A balance act: minimizing economic loss while controlling novel coronavirus pneumonia, Journal of Chinese Governance, Published online: 23 Mar 2020.