أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

الخطة البديلة؟:

رؤى غربية لعملية عاصفة الحزم وما بعدها

29 مارس، 2015


يمثل التدخل العسكري العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران في اليمن حدثاً هاماً وملفتاً، سواء من حيث حجم التحالف نفسه والذي يضم تسع دول هي (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت، وقطر، ومصر، والأردن، والمغرب، والسودان)، علاوة على باكستان، أو من حيث السرعة التي تمَّت بها "عاصفة الحزم"، في إطار مساعي إعادة الشرعية المتمثلة في سلطة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

ونظراً للأهمية الاستراتيجية لليمن ليس فقط على مستوى منطقة الشرق الأوسط، بل على مستوى دول العالم، فقد أبدت مراكز الفكر الغربية اهتماماً ملحوظاً من خلال العديد من الكتابات والتقارير التي تطرقت إلى عملية "عاصفة الحزم"، وذلك بدءاً من تحليل الأزمة نفسها، مروراً بتقييم قوى التحالف وطبيعة العملية العسكرية الجارية، إلى جانب التطرق إلى الموقف الأمريكي منها، وانتهاءً بتحليل مسارات الأزمة اليمنية والحلول المقترحة لما بعد العملية العسكرية، لضمان أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.

عاصفة الحزم.. الشرعية والتداعيات

يشير "إبراهيم شرقية"، الزميل في مركز سياسات الشرق الأوسط ونائب مدير معهد بروكينجز بالدوحة، في مقالته المنشورة على موقع المعهد، إلى أن العملية العسكرية التي قامت بها دول التحالف العربي استمدت شرعيتها من عدة عناصر؛ أولها: تأييد أهم منظمتين إقليميتين في المنطقة، وهما جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، للتدخل العسكري العربي في اليمن.

وثانيها: الطلب العلني من الرئيس اليمني المنتخب عبدربه منصور هادي بالتدخل لإعادة الأمن والاستقرار في اليمن. وثالث العناصر يتمثل في تأييد غالبية الشعب اليمني في مدن عدن ومأرب وتعز وإب وحُديدة للتدخل العربي.

ويؤكد الكاتب أن التدخل العربي كان لابد منه في ظل رفض الحوثيين كل مطالبات وقف التمرد وكذلك التفاوض من جانب الرياض، أو دعوات مباحثات السلام في الدوحة من جانب الأمم المتحدة، بالإضافة إلى سيطرتهم على العديد من المدن والمناطق الهامة في اليمن بالقوة العسكرية، وهو ما يهدد الأمن الإقليمي، فضلا عن إجبار الرئيس المنتخب على مغادرة البلاد، إضافة إلى نفورهم من جميع الأحزاب والتحالفات السياسية داخل اليمن من الإسلاميين وحتى الاشتراكيين، باستثناء "تحالف غريب" مع الرئيس السابق على عبدالله صالح.

ولذا، فشلت كل فرص الدبلوماسية في الوصول لحل سلمي في ضوء هذا التعنت الحوثي، وأصبح التدخل العسكري حتمياً لاستعادة الأمن والاستقرار المفقود في اليمن.

ويشير "شرقية" إلى أن عملية عاصفة الحزم بقيادة سعودية تفرض عدداً من التداعيات؛ أولها أن ظهور تحالفات من داخل الإقليم من شأنها أن تحقق نتائج ملموسة أكثر من التدخلات الخارجية. وثانيها أن بناء تحالف إقليمي يكشف حدود التدخل الإيراني في الدول العربية، أو كما يصفه القادة الإيرانيون "السيطرة على العواصم الأربعة" وهي دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء. لذا يمكن القول إن طهران ستقدم الدعم السياسي والدبلوماسي غير المحدود للحوثيين، وكذلك الدعم العسكري إلى حدِ معين، لكنها لن تخاطر بخوض الحرب نيابة عنهم.

أما ثالث التداعيات، فمن الواضح أن الدعم القوي من جانب بعض الفاعلين الإقليميين الأساسيين مثل مصر وباكستان وتركيا قد أرسل رسالة قوية إلى إيران لتحديد إلى أي مدى يمكنها دعم حلفائها. وقد دفع هذا التحالف بعض المحللين في المنطقة إلى الحديث عن تحالف شبيه بقيادة تركيا لإنهاء الصراع المستمر في سوريا بعيداً عن التدخلات الدولية.

طبيعة العملية العسكرية

في إطار اهتمام الدوائر الأكاديمية الغربية بطبيعة العملية العسكرية "عاصفة الحزم" وحدود ما يمكن أن تنجزه، فقد أشار الكاتب "مايكل نايتس"، زميل في برنامج الزمالة "ليفر إنترناشيونال" في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ومتخصص في شؤون الخليج، إلى أنه على الرغم من أن شكل "عملية عاصفة الحزم" ومدتها غير معروفين بعد، فإن التحالف يستعد لاتخاذ خطوات في المسارح التقليدية الثلاثة للحروب الحديثة (الجو والبحر والبر) كالآتي:

1- الضربات الجوية: إذ تم تخصيص حوالى 170 طائرة مقاتلة حديثة لهذه العمليات، بما فيها 100 من المملكة العربية السعودية (ومعظمها من طراز "F-15S" وطائرات " تورنادو IDS")، و30 من الإمارات العربية المتحدة ("F-16S" و "ميراج 2000")، والعديد من طائرات "F-16S" من البحرين (15)، والأردن (6)، والمغرب (6). وإذا لزم الأمر، تستطيع الرياض بسهولة أن تخصص أعداداً أكبر بكثير من تلك التي خصصتها بالفعل؛ ويمكن أن تساهم مصر وباكستان بطائرات إضافية أيضاً.

2- العمليات البحرية: سبق أن خصصت القاهرة والرياض قوات من الحرس البحري وخفر السواحل للعملية، كما تقوم المراكب المصرية بدوريات في مضيق باب المندب، وتُوسع السفن السعودية نطاق دورياتها الساحلية الحالية قبالة سواحل اليمن لتشمل موانئ البحر الأحمر التي يستخدمها الحوثيون لإعادة التموين العسكري. وقد تُؤمن باكستان هي الأخرى أصولاً بحرية، وتتمتع مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضاً بالقدرة على القيام بعمليات برمائية على طول الساحل اليمني، مما يهدد الجهة الغربية من التقدم الحوثي.

3- العمليات البرية: تقوم السعودية بحشد القوات البرية على طول حدودها الجنوبية مع اليمن، أي الموقع الجغرافي نفسه الذي حاربت فيه الحوثيين في العامين 2009 و2010. ويبدو أيضاً، طبقاً للكاتب، أن الرياض والقاهرة وباكستان يقومون بالتحضير لخيار إسقاط مجموعات صغيرة من قوات التدخل السريع.

الموقف الأمريكي وحدود الدور

ركزت معظم الكتابات في المؤسسات البحثية الغربية في إطار تحليلها لتطورات الصراع في اليمن، على الموقف الأمريكي في إطار الأهمية الاستراتيجية لليمن من ناحية، وفعالية الشراكة السعودية - الأمريكية من ناحية أخرى.

في هذا الصدد، يوضح الكاتب "أنتوني كوردسمان"، أحد أهم المحللين الاستراتيجيين بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن حالة اليمن تثبت أهمية الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، خاصةً فيما يتعلق بمجال النفط، والذي تعتمد عليه الأخيرة بشكل أساسي من دول مجلس التعاون الخليجي عن طريق مضيق هرمز، مشيراً إلى أن صادرات البترول من دول الخليج تلعب دوراً محورياً في إمداد العديد من دول الغرب بالطاقة، مما يستدعي الحفاظ على العلاقات مع دول الخليج، بل وتحمل أعباء وواجبات الشراكة، لا محاولة تجنبها.

ويشير "كوردسمان" إلى أنه رغم تأكيد واشنطن تقديمها للدعم اللوجيستي والاستخباراتي للتحالف العربي في اليمن، بيد أن الأوضاع هناك قد تتطلب ما هو أكثر من ذلك مثل الدعم داخل المعركة نفسها، إلى جانب ممارسة الضغوط الدبلوماسية على إيران.

في ذات السياق، يشير "مايكل نايتس" بمعهد واشنطن إلى أن الولايات المتحدة عضو غير مُعلن في هذا التحالف، ولها "خلية تخطيط مشتركة مع السعودية" تنسق الدعم العسكري والمخابراتي الأمريكي (المحرر: لم تصدر أية تصريحات ولو ضمنياً من جانب السعودية تشير إلى هذا الأمر). ويؤكد "نايتس" أن واشنطن بحاجة إلى أن توازن بدقة تعقيدات الوضع الراهن، وتضع شروطاً لمزيد من التدخل الأمريكي في قضايا معينة.

وعلى سبيل المثال، من المرجح أن يستخدم تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" الصراع اليمني للتغلغل بصورة أكثر في الشرعية السياسية والعسكرية، بقدر ما فعلت بعض الجماعات المسلحة في سوريا منذ بدء الانتفاضة ضد بشار الأسد. كما يحاول تنظيم "داعش" أيضاً أن ينمو في الفوضى والفراغ الناتجين عن تعثر سلطة الدولة. لذا ينبغي على إدارة "أوباما" تعزيز الحذر العربي تجاه هذه الجماعات ومقاومة اندماجها في أي تحالف ميداني ضد الحوثيين في اليمن، والحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستمرارية في مهمة مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة.

ماذا بعد "عاصفة الحزم"؟

أبدت الآراء الغربية اهتماماً بالغاً بمرحلة  ما بعد "عاصفة الحزم"، خاصة في ظل افتقاد المملكة العربية السعودية لحليف قوي على الأرض في اليمن بعد انحسار أدوار حلفائها، سواء من الجماعات السلفية المختلفة أو حكومة الرئيس هادي في مواجهة الحوثيين.

ويمكن القول إن معظم الكتابات الغربية اتفقت على التخوف من تداعيات تلك العملية العسكرية على مستقبل اليمن بشكل عام إذا لم تكن هناك سياسة بديلة لمرحلة ما بعد تلك العملية؛ فالكاتب "فريدريك ويهري"، مشارك أول في برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي للسلام، يبدي تخوفه من أن تعطي تلك العملية دعماً شعبياً للحوثيين بصفتهم المدافعين عن السيادة اليمنية، أو أن تخلق فرصاً أكثر لازدهار تنظيم "القاعدة" أو "داعش". ويؤكد ويهري كذلك أن الضربات الجوية وحدها لا تكفي لتحقيق الهدف المطلوب، وأن وجود قوات برية سيساهم في إنجاز المهمة بشكل أسرع وضروري.

في نفس الصدد، يرى "سايمون هندرسون"، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن عملية "عاصفة الحزم" سوف تحمل "مخاطر كبرى" إذا لم يكن هناك "خطة بديلة" من دول التحالف في حال لم تتمكن العملية العسكرية من إعادة الرئيس هادي إلى منصبه في قصره الرئاسي، إذ سوف يعد هذا الأمر الأخير محرجاً للسعودية ولدول التحالف.

وقد طرح بعض الكتاب، ومنهم "إبراهيم شرقية" من معهد بروكينجز و"فريدريك ويهري" من مركز كارنيجي، حلولاً لما بعد العملية العسكرية الحالية في اليمن، وتتمثل هذه الحلول فيما يلي:

1 ـ ضرورة الحديث مع إيران، حتى وإن بدا هذا الأمر غير مقبولاً، لضمان استدامة أي حل يتم الوصول إليه.

2 ـ تعزيز آلية الحوار والتفاوض بين الأحزاب والقوى اليمنية وبعضها البعض بما فيها الحوثيين، خاصة وأن الأحزاب الآن تقف على قدم المساواة مع الحوثيين بعد العملية العسكرية الأخيرة، بحيث تشمل عملية إعادة بناء اليمن جميع الأحزاب والقوى الفاعلة دون إقصاء.

3 ـ الحرص على عدم تدمير مؤسسات الدولة في إطار إقصاء الحوثيين من السلطة، لضمان الاستقرار داخل تلك المؤسسات ولتجنب السيناريو الليبي.

4 ـ أهمية التواصل مع الألوية العاملة في الجيش اليمني، والتي مازالت تدين بالولاء للرئيس السابق على عبدالله صالح، ومحاولة تصحيح خطأ المبادرة الخليجية في 2011 التي أبقت على صالح كأحد اللاعبين في الساحة اليمنية، والعمل على إبعاده الآن.

5 ـ ضرورة مراعاة حساسية اليمنيين للتدخلات الخارجية في شؤونهم، فضلاً عن علاقات السعودية مع عدد من اللاعبين المختلفين على الساحة اليمنية، وهو ما يجب على الرياض تأكيده بأن تدخلها ليس لإحلال الوصاية السعودية محل السيطرة الحوثية.

6 ـ إمكانية إعادة النظر في علاقة الرياض بتيارات الإسلام السياسي، ومنها "حزب الإصلاح" التابع لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، بهدف دعم النفوذ على الأراضي اليمنية وخلق قوة مواجهة للقوات الحوثية.

المصادر:

- Ibrahim Sharqieh, Will Saudi Arabia's 'Operation Decisive Storm

restore order in Yemen? (Washington, Brookings Institution, 27 march 2015).

- Michael Knights, Assisting the Arab Military Intervention in Yemen (Washington, The Washington Institute for Near East Policy, 27 march 2015).

- Anthony H. Cordesman, America, Saudi Arabia, and the Strategic Importance of Yemen (Washington, The Center for Strategic and International Studies "CSIS", 26 march 2015).

- Frederic Wehrey, Into the Maelstrom: The Saudi-Led Misadventure in Yemen (Washington, Carnegie Endowment for International peace, 26 March 2015).

- Simon Henderson, Saudi Arabia's Big Gamble (Washington, The Washington Institute for Near East Policy, 26 march 2015).