حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 32 مقعداً ليأتي في المرتبة الرابعة من بين الكتل السياسية الأكبر في البرلمان العراقي القادم، بينما حاز الاتحاد الوطني الكردستاني على 18 مقعداً، كما حصلت حركة الجيل الجديد بقيادة شاسوار عبدالواحد، والتي تتخذ من محافظة السليمانية مقراً لها على 9 مقاعد، في حين أنها كانت تملك فقط 4 مقاعد في البرلمان السابق، في حين فشلت حركة جوران في الحصول على أي مقاعد، بعدما كانت تملك 5 مقاعد خلال الدورة البرلمانية السابقة.
أما على صعيد الأحزاب الكردستانية الإسلامية، فحصلت الجماعة الإسلامية على مقعد واحد، بعد أن كانت تملك مقعدين، في حين حصل الاتحاد الإسلامي على 3 مقاعد، في حين كان يملك مقعدين فقط سابقاً.
قراءة في نتائج الأحزاب الكردية
أكدت الانتخابات البرلمانية الأخيرة على نجاح الحزب الديمقراطي الكردستاني في تحقيق مكانة متقدمة على حساب الأحزاب الكردية الأخرى، في حين حافظ الاتحاد الوطني على عدد مقاعده نفسه في البرلمان السابق، على الرغم من أنه كان يسعى لزيادته، ويمكن تفصيل ذلك على النحو التالي:
1- زيادة تمثيل الأكراد على حساب السنة: حصلت الأحزاب السياسية الكردية في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة على عدد من المقاعد يفوق انتخابات 2018، فقد تمكنت مجتمعة من الحصول على 63 مقعداً، وذلك بعد أن كانت قد تمكنت من الحصول على 56 مقعداً فقط في انتخابات 2018، وهو ما جاء على حساب العرب السنة.
وكان من المفترض أن يمنح النظام الانتخابي الجديد العرب السنة مزيداً من المقاعد، حتى أن الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني اعترضا على قانون 2019، والذي أجريت الانتخابات الأخيرة على أساسه، والذي يتبنى الانتخاب الفردي المباشر والدوائر المتعددة، نظراً لأنه سوف يقلل من حجم المقاعد المخصصة لهم، وهو ما لم يحدث. فقد حافظ الاتحاد الوطني الكردستاني على عدد المقاعد نفسه بواقع 18 مقعداً، في حين أن الحزب الديمقراطي الكردستاني تمكن من زيادة عدد مقاعده من 25 مقعداً إلى 32 مقعداً.
2- استمرار الانقسام في السليمانية: حافظ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على عدد المقاعد التي حققها في الانتخابات السابقة، وذلك بحصوله على 18 مقعداً، غير أن هذا التطور لم يكن إيجابياً بالنسبة للحزب، فقد كان يأمل في الحصول على عدد أكبر من المقاعد عبر التحالف مع حركة جوران (التغيير) الكردية، غير أن الأخيرة لم تنجح في الحصول على أي مقاعد في هذه الانتخابات بعد أن حصلت على خمسة مقاعد في انتخابات 2018.
ومن الواضح أن حركة التغيير قد خسرت كل مقاعدها لصالح الجيل الجديد، والتي تمكنت من زيادة عدد مقاعدها من حوالي 4 مقاعد فقط إلى 9 مقاعد في الانتخابات الأخيرة. وتجدر الإشارة إلى أن كلاً من جوران والجيل الجديد يتخذان من محافظة السليمانية مقراً لهما.
وكان الاتحاد الوطني الكردستاني يأمل في أن ينجح في الحصول على أغلب مقاعد السليمانية، بحيث يتمكن من رفع وزنه إلى 27 مقعداً، وبالتالي يحقق توازناً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي حصل في الانتخابات السابقة على 25 مقعداً، ويتمركز نفوذه بشكل أساسي في أربيل ودهوك، غير أن الاتحاد أخفق في تحقيق ذلك، بل أن الحزب الديمقراطي الكردستاني زاد عدد مقاعده لحوالي 32 مقعداً.
3- تراجع حركة جوران: أخفقت حركة جوران في الحصول على أي مقعد في هذه الانتخابات، وهو ما يكشف عن أن تحالفها مع الاتحاد الوطني قد أضر بها، فقد نشبت انقسامات داخلية حادة داخل الحركة في عام 2019 بعد أن انسحبت قوى شبابية وقيادات منها إثر إصرار بعض قيادات الحركة على المشاركة في حكومة إقليم كردستان العراق، رغم رفض القاعدة الشعبية للحزب تلك المشاركة، وتفضيلها البقاء في المعارضة. ويبدو أن بقاء حراك الجيل الجديد في المعارضة ساهم في نجاحها في الحصول على الأصوات التي كانت مخصصة لحركة جوران.
4- استمرار الانقسامات الكردية: تعددت المشاكل بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي في إقليم كردستان العراق، خاصة بعد انسحاب قوات الاتحاد الوطني الكردستاني من محافظة كركوك في 2017 أمام القوات العراقية، وتخليها عن قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، مما عرضها لهزيمة واضطرت في النهاية للانسحاب من المناطق المتنازع عليها.
ومن جهة ثانية، فإن الاتحاد الوطني يسعى إلى وقف هيمنة الديمقراطي الكردستاني على السلطة في إقليم كردستان العراق، عبر طرح الاتحاد خيار اللامركزية لضمان سيطرة الاتحاد على معاقله الرئيسية في محافظة السليمانية.
5- تقدم الديمقراطي الكردستاني في المناطق المتنازع عليها: تمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني من مضاعفة عدد مقاعده في نينوى (الموصل) والحصول على تسعة مقاعد وفق النتائج الأولية، وتمكن بحسب النتائج الأولية الكاملة للانتخابات الأخيرة من ضمان الحصول على جميع المقاعد الثلاثة المخصصة للقضاء، وفاز على مرشحي الاتحاد الوطني الكردستاني.
كما تمكن الديمقراطي الكردستاني من الحصول على مقعدين في كركوك التي لم يكن له فيها أي تمثيل في الانتخابات السابقة، أما الاتحاد الوطني الكردستاني فقد خسر نصف عدد مقاعده في كركوك التي لطالما كانت تعد معقله الثاني بعد السليمانية، حيث تشير النتائج الأولية إلى حصوله على ثلاثة مقاعد، فيما حصلت حركة الجيل الجديد على مقعد في كركوك لأول مرة.
6- تدني نسبة المشاركة في الإقليم: تدنت نسبة المشاركة في عموم مناطق إقليم كردستان، حيث بلغت نسب المشاركة في التصويت من قبل الناخبين 46% في أربيل، و37% في السليمانية، و44% في كركوك، وهو ما يشير إلى أن نسبه كبيره من الناخبين الكرد غير راضين على أداء الأحزاب السياسية التقليدية في الإقليم وفضلوا العزوف عن المشاركة.
تجاوز الانقسامات البينية
زار وفد من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني مدينة السليمانية، للقاء عدد من قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني، بهدف تشكيل كتلة كردستانية موحدة في البرلمان العراقي القادم. وعلى الرغم من الخلافات البينية، فإن هناك الكثير من الأمور المشتركة التي قد توحدهم في البرلمان القادم، وهو ما يمكن توضيحه في التالي:
1- الموقف من المناطق المتنازع عليها: تتمثل إحدى القضايا الخلافية مع الحكومة المركزية في مصير المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة 140 من الدستور. كما تثار خلافات أخرى بين أربيل وبغداد تتمثل في حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية وقانون النفط والغاز.
2- الحفاظ على منصب رئيس الجمهورية: كان منصب رئيس الجمهورية على مدى 4 دورات برلمانية من نصيب الاتحاد الوطني الكردستاني. وظهرت مطالبات بأن يكون منصب رئاسة الجمهورية من حصة الحزب الأكبر كردياً، أي من نصيب الحزب الديموقراطي الكردستاني، وهو ما قد يفتح الباب أمام تعزيز الانقسامات الداخلية بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني.
وفي حالة عدم توصل الحزبين الرئيسيين لتفاهمات بشأن المنصب فسيكون من الصعب اتحاد الحزبين في كتلة سياسية واحدة للتفاوض مع الأطراف العراقية الأخرى لتشكيل الحكومة القادمة، كما أن هذا الانقسام سيعزز من مطالبة بعض القوى السنية بالحصول على المنصب.
وفي الختام، تمكنت الأحزاب السياسية الكردية، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني، من الحصول على عدد كبير من المقاعد، بما يجعلها أحد أهم الأطراف المؤثرة في تفاهمات تشكيل الحكومة العراقية القادمة، لذلك من المتوقع أن يعمل المكون الكردي على ترتيب البيت السياسي الداخلي الكردي، بما يؤهلهم للعب دور مؤثر في الحكومة القادمة، إذ إن دخول الأحزاب الكردية منفردة داخل البرلمان سيفقدها العديد من مصالحها الاستراتيجية.