أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

لبنان بعد الانتخابات: أخطار الحرب!

13 مايو، 2018


ما كاد لبنان ينتهي من الانتخابات ونتائجها حتى هبّت عليه عاصفتان: عاصفة اجتياح آلاف المسلحين من «حزب الله» وحركة «أمل» لشوارع بيروت بحجة الاحتفال بالنصر الذي حقّقه الثنائي الشيعي، وعاصفة انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران. في العاصفة الأولى تأكد أنّ «حزب الله» وسلاحه هما المنتصر الأكبر في المعركة. فقد نجح ستة وعشرون شيعياً من 27 على لوائح الحزب والحركة، إضافة لـ15 من الحلفاء، بينهم سبعة من السنّة! وبذلك تحقق ما توقعتُهُ مراراً منذ 2017 من أنّ التسوية التي جاءت برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إنما سرّعت في إدخال لبنان في ركاب الحزب، ليس من أمنياً وعسكرياً فقط، ولكن سياسياً كذلك. يصر كلٌّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على أنه بدون التسوية ما كان الاستقرار ليتحقق، ولا كان يمكن للمؤسسات الدستورية والإدارية أن تستعيد عملها. ويردُّ المعارضون للتسوية بأنّ ما تحقق ضئيل جداً بالمنظور الوطني، وإذا لم يكن أحدٌ قادراً على رفض الاستقرار، فإنّ أحداً من المسلمين ما كان موافقاً على قانون الانتخابات. ورفض القانون ما كان ليهدّد الاستقرار، فضلاً عن أنّ الرئيس الحريري نفسه كان يعرف تماماً أنه الخاسر الأكبر من وراء إقرار القانون، وقد ضيّع بالفعل ثلث كتلته، والذين فازوا ما هم بأفضل المرشحين!

وبالنسبة للعاصفة الثانية، قال ترامب إنه انسحب من الاتفاق لأنه اتفاق سيء جداً بميزان مصلحة أميركا، ولأنّ إيران تهدد العالم بالصواريخ البالستية، وتنشر الإرهاب في العالم. وستكون هناك مفاوضات صعبة أو لنقل مماحكات، لأن الصينيين والروس ضد خطوة ترامب، وكذلك الأوروبيون. لكن هناك أطراف متربصون في طليعتهم إسرائيل، التي تُغير من سنواتٍ على سوريا، بحجة مكافحة التدخلات الإيرانية. لقد كان الرهان أن تمنع أميركا إسرائيل، وتمنع روسيا إيران، حتى لا يتطور الأمر إلى حرب شاملة. إنما هناك الآن عاملان جديدان، الأول أنّ ترامب ذكر نشر الإرهاب بين أسباب النزاع مع إيران، وأنّ إسرائيل ترى أنه وسط انكشاف إيران في سوريا بالذات، فالفرصة سانحة لتدمير الوجود الإيراني هناك. ولا أحد يعلم يقيناً هل يسمح بوتين، أو ما هو الرأي الحقيقي للعسكريين الأميركيين!

لبنان في 2006، عندما نشبت الحرب بين الحزب والصهاينة، كان في وضعٍ أفضل بكثير. كانت حكومته ذات شعبية زاخرة، وتدعمها جبهة سياسية قوية هي جبهة 14 آذار. وبذل العرب والأميركيون ما بوسعهم لإنقاذ بنيته وجيشه. أما اليوم، فلبنان واقعٌ تحت سيطرة «حزب الله»، وهو في نظر الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والعرب تنظيمٌ إرهابي. ولذا لن يجد لبنان أنصاراً إذا اندفع الحزب باتجاه التورط في الحرب الإسرائيلية الإيرانية المحتملة.

القرار الدولي رقم 1701 ينص على أن الجيش اللبناني والقوات الدولية هما المخولان بالتواجد في الجنوب. لكن رئيس الجمهورية قال إن الجيش ضعيف، وإنه بحاجةٍ لدعم مليشيا «حزب الله» لردع إسرائيل، وبأن للحزب مهمة أُخرى هي مكافحة الإرهاب! وبذلك تصدعت المناعة التي كان يؤمنها القرار الدولي والحكومة.

قانون الانتخابات بموادّه العجيبة زعزع الطائف والدستور، لأنه استخفّ بالعيش المشترك عندما عمد لفصل المسيحيين عن المسلمين في معظم الدوائر. ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة استخفّا بالـ1701 وما يهبه من حصانةٍ للبنان، عندما اعتبرا الحزب بديلاً عن الجيش وعن القوات الدولية!

بعد الانتخابات دعا رئيس الجمهورية إلى حوارٍ لتطبيق الطائف، ولصياغة الاستراتيجية الدفاعية. إنّ تطبيق الطائف يقتضي العودة لمبدأ العيش المشترك ونقض قانون الانتخابات التمييزي. أما الاستراتيجية الدفاعية فلا معنى لها غير القرار رقم 1701 وقبله القرار 1559، واللذين يعنيان سحب سلاح المليشيات كلها وعلى رأسها «حزب الله»، فلا يبقى سلاحٌ إلا بيد الجيش والقوى الأمنية. هل يستطيع الرئيس ذلك، أو يستطيعه رئيس الحكومة ولو بالقول؟ لا أحسب ذلك ممكناً، وإلاّ فما معنى «التسوية» التي جاءت بهما للسلطة بشروط الحزب المسلَّح والمتأيرن!

على المعارضين للتسوية الاستمرار من أجل صون لبنان وأمنه ودولته عبر الإصرار على: الطائف والدستور والقرار 1701 والقرارات الأخرى ذات الصلة. ويبقى لبنان تحت وطأة أخطار الحرب التي إن لم تحدث اليوم، فقد تحدث غداً!

*نقلا عن صحيفة الاتحاد