أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)
  • إيمان الشعراوي تكتب: (الفجوة الرقمية: حدود استفادة إفريقيا من قمة فرنسا للذكاء الاصطناعي 2025)
  • حسين معلوم يكتب: (تفاؤل حذر: هل تشكل الانتخابات المحلية فرصة لحلحلة المسار الليبي؟)
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)

أسعار النفط لا تقبل المكابرة

11 مارس، 2020


إلى أي مدى ستتمكن دول «أوبك+» من تفادي أزمة في أسعار النفط مع استمرار تدني الأسعار المرافق لفشل اجتماع «أوبك+» من جهة وانتشار فيروس كورونا من جهة أخرى؟ تساؤل في غاية الأهمية وعلى الإجابة عنه ستتوقف طبيعة تعامل البلدان المنتجة للنفط مع هذه القضية الشائكة والمفاجئة والتي لم تدرج على جدول الأعمال الاقتصادي لعام 2020 في أي دولة.

في أواسط الأسبوع الماضي اتفق الأعضاء في أوبك بصورة أولية على القيام بتخفيض إضافي لإنتاج النفط بمقدار 1.5 مليون برميل، يضاف إلى التخفيضات السابقة التي تمت في نطاق «أوبك+»، والبالغ حجمها 2.1 مليون برميل، مما يعني أن إجمالي التخفيضات المقرحة سيصل إلى 3.6 مليون برميل يومياً، وهي كمية كبيرة يفترض أن تؤدي إلى استقرار أسعار النفط فوق 60 دولاراً للبرميل. إلا أن اعتراض روسيا القوي أدى إلى فشل التوصل إلى اتفاق نهائي، مما وضع دول «أوبك+» في مأزق حقيقي وساهم في انهيار سعر برميل برنت نهاية الأسبوع ليصل إلى 35 دولاراً للبرميل.

من الواضح أن هناك فوارق تقييمية بين كبار المنتجيين تداخلت لتعرقل التوصل إلى اتفاق وإلى عدم تجديد الاتفاق السابق الذي ينتهي بنهاية الشهر الجاري، مما يعني إمكانية استمرار تدهور الأسعار لتصل إلى القاع. ومع ذلك، فهناك بعض العوامل التي ستلعب دوراً في تحديد مسار الأسعار، فالعامل المهم يتعلق بالتوصل إلى اتفاق ضمن «أوبك+»، وبتوقف تفشي كورونا، ليرتفع الطلب على مصادر الطاقة، وفي مقدمتها النفط، بما في ذلك المصانع ووسائل النقل المختلفة. أما في حالة غياب الاتفاق واستمرار انتشار الفيروس، فإن أسعار النفط ستصل إلى مستويات متدنية جديدة لم تشهدها منذ عام 1998، مما سيتسبب في مزيد من الصعوبات الاقتصادية للبلدان المنتجة للنفط.

وفي هذه الحالة ربما يعيد المنتجون الكبار النظر في مواقفهما السابقة ليدعوا إلى اجتماع جديد للتوصل إلى اتفاق حول خفض الإنتاج، خصوصاً وأن مثل هذا الاتفاق، وبالأخص بين السعودية وروسيا، ساهم في الحفاظ على أسعار مرتفعة نسبياً فوق 60 دولاراً للبرميل طوال السنوات الأربع الماضية.

وإلى جانب ذلك سيؤدي انخفاض الأسعار لما دون 30 دولاراً للبرميل إلى توقف الكثير من حقول إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، والبالغ إنتاجها حالياً 6 ملايين برميل يومياً، وهو ما سيساهم في دعم استقرار الأسعار.

ومع عدم استبعاد المضاربات والتجاذبات السياسية، فإن كافة هذه السيناريوهات واردة تماماً، وبالأخص تلك المتعلقة بإعادة النظر في مواقف البلدان المنتجة الكبيرة، إذ على الرغم من أن بعض الوزراء صرّحوا بأن سعر النفط الحالي مناسب لأوضاع بلادهم الاقتصادية، فالحقيقة هي أن كافة البلدان المصدرة للنفط بحاجة ماسة للحفاظ على سعر للبرميل فوق 50 دولاراً، كحد أدنى لتفادي أزمات اقتصادية محتملة.

وفي هذه الحالة فقط يمكن لبعض المنتجين الانضمام إلى ضحايا كورونا المتزايدة أعدادهم حول العالم، فبالإضافة إلى الضحايا من البشر، فإن ضحايا الفيروس من الشركات والمؤسسات بدوره في تزايد مستمر. لذلك يتوقع أن يفرض منطق تغليب المصالح نفسه على دول «أوبك+» ويدعوها للتوصل إلى اتفاق يعبر عن مصالحها مجتمعةً، وإلا فإن الجميع دون استثناء سيتكبدون خسائر جسيمة، وهم دول لها مكانتها المهمة في المجتمع الدولي، مما يتطلب ترجيح مصالحها المشتركة.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد