أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

علاقة طردية:

كيف تؤثر الضرائب على الاستقرار في الدول العربية؟

28 مارس، 2017


تصاعد اتجاه الحكومات أو التيارات السياسية أو النقابات العمالية أو الميلشيات المسلحة أو التنظيمات الإرهابية نحو فرض أو تعليق فرض ضرائب وتطبيق رسوم على السلع والخدمات والقيمة المضافة في الدول العربية، خلال الأشهر الماضية، بشكل ترك تأثيرات على التحولات الداخلية في بعض هذه الدول، وخاصة فيما يتعلق بمتغير الاستقرار، ومنها تفاقم الصدام بين الحكومة والمجلس النيابي، وتزايد احتجاجات بعض الفئات الاجتماعية، واستمرار تنظيم الإضرابات العمالية، وانتشار ظاهرة مقاطعة بعض السلع والخدمات. 

لكن ذلك لا ينفي في الوقت ذاته أن بعض الدول اتجهت إلى تبني بعض تلك الآليات من أجل الحفاظ على استقرارها الاقتصادي، وذلك من خلال العمل على مواجهة انخفاض أسعار النفط، وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد، فيما استندت إليها دول أخرى بهدف مكافحة التهرب الضريبي في مختلف مجالات القطاع الخاص، وتقليص ممارسات الفساد في التحصيل الضريبي، ومواجهة أعباء اقتصاديات الحرب.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن ثمة مجموعة من العوامل تفسر لجوء الحكومات العربية إلى بدء تطبيق رفع قيمة أو تعليق زيادة الضرائب، خلال الآونة الأخيرة، وذلك على النحو التالي:

استقرار مؤسساتي:

1- تفادي الصدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية: صادق البرلمان التونسي في 10 ديسمبر 2016 على ميزانية عام 2017 بعد موافقة 122 نائبًا من مجموع 217 نائبًا، بعد حذف مقترحين للحكومة يتعلقان بفرض ضرائب تخص المحامين (أقر البند 29 من مشروع قانون المالية لعام 2017 فرض رسم جبائي على كل أعمال المحامين من قضايا وعقود يحررونها، يقدر بـ60 دينارًا، أي حوالي 27 دولارًا، وهو ما لاقى اعتراض المحامين)، وزيادة الرسوم على أصحاب الصيدليات، وقد سعت الحكومة إلى تفادي الصدام مع المجلس النيابي، لا سيما بعد تنامي المعارضة من النقابات، خاصة الاتحاد التونسي للشغل.

تقليص العجز:

2- إصلاح عجز الموازنة العامة: أعلنت الحكومة الأردنية في 9 فبراير 2017 عن زيادة جديدة في الضرائب والرسوم المفروضة على سلع وخدمات بنسب متفاوتة من أجل تقليص عجز الموازنة بعد تجاوز الدين العام 35 مليار دولار. فقد قررت الحكومة زيادة ضريبة المبيعات المفروضة على خدمات الإنترنت من 8 في المئة إلى 16 في المئة، أي بمعدل 50 في المئة. كما زادت الضريبة الخاصة على السجائر ما بين 0,67 دولار و1,7 دولار، وكذلك زادت الضريبة الخاصة على المشروبات الغازية بنسبة 10 في المئة. 

فضلا عن ذلك، رفعت الحكومة أسعار المشتقات النفطية خلال الأشهر الثلاث الماضية. وتسعى الحكومة من خلال تلك الإجراءات إلى تحصيل ما يقارب 653 مليون دولار لخفض عجز الموازنة في عام 2017 (أقرها البرلمان الأردني في يناير الماضي وبلغت نحو 12,6 مليار دولار) والذي من المتوقع أن يصل إلى 1,1 مليار دولار.

صدمات النفط:

3- مواجهة انخفاض أسعار النفط: تضطر الحكومة الجزائرية لمراجعة سياستها الضريبية بعد تراجع أسعار النفط بنسبة تجاوزت 60% مقارنة بما كانت عليه في منتصف عام 2014. وفي هذا السياق، أقرت الحكومة قانون الموازنة لعام 2017، وتضمن ضرائب ورسومًا جديدة، وتقليص المخصصات المالية الموجهة لدعم الصحة والإسكان والمواد الاستهلاكية الأساسية (البنزين، الدقيق، الزيوت الغذائية) بما يقلل عجز الموازنة، وهو ما أشارت إليه تصريحات رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال في سبتمبر الماضي التي قال فيها: "إن قانون الموازنة العامة سيتضمن تعديلات على نظام الضرائب والرسوم، لكنها لن تمس القدرة الشرائية للمواطن".

ولأول مرة منذ سنوات تتجاوز نسبة الضرائب في قانون الموازنة الجزائرية، الجباية النفطية التي ظلت لعقود المساهم الرئيسي في الموازنة العامة للدولة. ووفق الإحصاءات الرسمية لقانون الموازنة الجزائرية لعام 2017، بلغت 50,49 بالمئة من الإيرادات، بما يعادل نحو 25,8 مليار دولار، في حين كانت نسبة الجباية النفطية 39,04 بالمئة من التعديلات بما يعادل قرابة 19,8 مليار دولار. فالحكومة تبحث عن موارد مالية جديدة لمواجهة عجز الموازنة، ورفضت فرض الضرائب المباشرة مع الاتجاه لزيادة الضرائب غير المباشرة، مثل الرسم على القيمة المضافة والمنتجات البترولية، وكل ما يتعلق بالكحول والتبغ.

وينطبق ذلك على دول مجلس التعاون الخليجي التي تخطط لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة في مطلع العام المقبل، وتستهدف تطبيق ضريبة السلع الانتقائية مثل المشروبات الغازية ومكونات الطاقة والتبغ خلال العام الجاري. وقد دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد في تصريحات صحفية في 22 فبراير 2016 دول المجلس إلى فرض ضريبة على القيمة المضافة لمواجهة انخفاض أسعار النفط التي ستبقى على الأرجح على ما هي عليه "فترة طويلة"، وهو ما يتطلب في رؤيتها "تقوية إطاراتها المالية، وإعادة هندسة أنظمتها الضريبية عبر خفض اعتمادها الكبير على عائدات النفط، وتعزيز مصادر الدخل غير النفطي".

4- زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد: على نحو يجنب بعض الدول مثل الإمارات تقلبات العرض والطلب الخاصة بأسعار النفط في الأسواق العالمية، لا سيما وأن إمارة دبى لديها تجربة رائدة في تنويع مصادر الدخل، وهو ما يتماشى مع فكرة الاستقرار الاقتصادي الذي تنعم به الإمارات على مدى عقود.

وفي هذا السياق، أقر المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي في 15 مارس 2017، مشروع قانون اتحادي بشأن الإجراءات الضريبية. وتهدف الحكومة الإماراتية من القانون الجديد إلى زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد، بحيث تصل إلى 80 بالمئة حتى عام 2021، في ظل تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية. ووفقًا لتصريحات وزير الدولة للشئون المالية عبيد حميد الطاير، يهدف المشروع إلى إنشاء هيئة اتحادية للضرائب تتمثل اختصاصاتها الرئيسية في إدارة وتحصيل الضرائب الاتحادية، وتنظيم الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الهيئة ودافع الضرائب.

تصحيح رواتب:

5- رفع أجور العاملين بالقطاع الحكومي: كانت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري تسعى إلى زيادة الضرائب في عدد من القطاعات تمهيدًا لإقرار زيادة أجور ورواتب القطاع العام، أو ما بات يُعرف بـ"سلسلة الرتب والرواتب"، وهو ما يأتي في سياق جهود رئيس الوزراء لإقرار أول موازنة رسمية للدولة في 12 عامًا حينما طالب بوقف الهدر والفساد المستشري في الدولة، الذي أقر به، واعدًا بمحاربته. كما أقرت اللجان النيابية اللبنانية المكلفة بدراسة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب تمويل السلسلة من خلال فرض عدد من الضرائب الجديدة، ومنها رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المئة إلى 11 في المئة، لكن المجلس النيابي اللبناني أقر قسمًا منها في جلسة مخصصة لهذا الشأن في 16 مارس 2017، ورفعت الجلسة قبل الانتهاء منها كاملة بسبب خلاف في وجهات النظر بين النواب حول بنود تمويل السلسلة.

تقليص الفساد:

6- مكافحة التهرب الضريبي في مختلف مجالات القطاع الخاص: وهو ما ينطبق على تحرك الحكومة التونسية في إقرارها لمشروع قانون المالية لعام 2017 إزاء رجال الأعمال، وهم أكثر الفئات التي يعتقد أنها تتهرب من دفع الضرائب أو أنهم لا يكشفون بشفافية عن دخولهم. وهنا يسود اتجاه داخل الرأي العام التونسي يرى أنه من الإجحاف فرض نسبة ضرائب تقدر بحوالي 30 في المئة من الأجور على موظفي الدولة، في وقت يرفض فيه أصحاب المهن الحرة دفع الضرائب على الرغم من دخولهم المرتفعة. وفي هذا السياق، تشير إحدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولي إلى أن التهرب الضريبي قبل "ثورة الياسمين" في عام 2011 كلف الدولة على الأقل 1,2 مليار دولار. وهو ما ينطبق على دول عربية أخرى. فقد يكون الفساد في تحصيل الضرائب ذا تأثير تنازلي، إذ أن شرائح الدخل العليا هي الأكثر استفادة من تقدير الضرائب بأقل من الواقع أو التهرب من الضرائب، كما أنها تتمتع بمراكز السلطة والنفوذ. وعلى النقيض من ذلك، فإن الشرائح الأكثر فقرًا لديها فرص أقل للتهرب من الضرائب، وقد تتعرض في بعض الأحيان، وفقًا لاتجاهات عديدة، للابتزاز المحتمل من جانب محصلي الضرائب.

7- تقليص ممارسات الفساد في تحصيل الضرائب: طبقت الحكومة السودانية نظامًا جديدًا للتحصيل الإلكتروني لإيرادات الدولة، لا سيما بعد أن أثار تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية بإيصالات ورقية غير قانونية جدلا في أوساط دافعي الضرائب. وهنا يُمثِّل اعتماد نظام إلكتروني موحد خيارًا مريحًا للحكومة ودافعي الضرائب معًا، وإن واجه مقاومة حادة من أصحاب المصالح.

ضريبة الاستقطاع:

8- حماية المنتجات والصناعة الوطنية: قررت وزارة الزراعة العراقية في 1 مارس 2017 فرض ضريبة على الواردات من المنتجات الزراعية القادمة عبر المنافذ الحدودية، في إطار خطتها لحماية المنتج المحلي، وفقًا للمادة (24) من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017. بعبارة أخرى، تسعى الحكومة إلى حماية الزراعة بفرض ضرائب على المنتجات المستوردة. ووفقًا لما أشار إليه الناطق باسم وزارة الزراعة حميد النايف فإن "ضريبة الاستقطاع تشمل كل المحاصيل المستوردة من كل الدول، كما أن المبالغ المحصلة من هذه الضريبة ستستخدم لدعم المشاريع الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، بما يُساهم في تعزيز الخطط المنفذة لتنمية القطاع المصرفي".

9- مواجهة أعباء "اقتصاديات الحرب": أمر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 29 ديسمبر 2016 بمنع الإعفاءات الضريبية والاستثناءات الجمركية خلال اجتماعه بعدد من المحافظين، كما أكد على ضرورة الحفاظ على الموارد وتنميتها بهدف تعزيز إيرادات الدولة التي تُعاني عجزًا ماليًّا بسبب تداعيات الانخراط في حرب مع الحوثيين والقوات الداعمة للرئيس السابق علي عبدالله صالح على مدى عامين، مع الأخذ في الاعتبار أن إيرادات الضرائب والجمارك تعد من بين أهم مصادر تمويل الموازنة العامة للدولة اليمنية بعد النفط.

ضرائب مضاعفة:

كما يسعى نظام الأسد إلى تحصيل أكبر قدر من الضرائب من شرائح التجار في مناطق سيطرته في سوريا، إذ تشير بعض التقديرات إلى أن نسبة الضرائب تتراوح ما بين ستة أضعاف إلى اثني عشر ضعف ما كان عليه الحال في السنوات السابقة، بما يتيح له التحكم في السيولة النقدية المحلية، والحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة. فالاعتراض سيؤدي إلى رفع مبلغ الضريبة، خاصة في ظل تعقيدات الصراع الداخلي المسلح الذي تجاوزت مدته ست سنوات، ونجح خلالها نظام الأسد في الحفاظ على بقائه بدعم شبكات التحالف الداخلية ومساندة القوى الإقليمية (إيران ووكلاؤها) والدولية (روسيا والصين). 

ضريبة الانقسام:

10- تراجع العائدات المالية للفواعل المسلحة: اتجهت حركة "حماس" إلى فرض المزيد من الضرائب على قاطني قطاع غزة، في مطلع عام 2016، خاصة على بعض المواد المستوردة كالفواكه والخضروات وقطاع المواشي، والتي يتم استيرادها عبر معبر كرم أبوسالم. كما فرضت ضرائب جديدة على المحلات التجارية والمطاعم والمخابز. ويعود السبب وراء ذلك إلى تأزم أوضاع "حماس" المالية في القطاع، وإغلاق الأنفاق الحدودية منذ سقوط حكم الإخوان في مصر.

وقد يكون السبب الدافع لقيادات "حماس" من تطبيق تلك الضرائب ترسيخ حكم الحركة في القطاع، وصرف أموال الضرائب على موظفيها دون وجود مسوغات قانونية. وهنا يشير أحد التقديرات إلى أن جباية الضرائب في غزة زادت بين عامي 2015-2016 بنسبة 600 في المئة، وتستخدم لتغطية رواتب موظفي غزة الذين تم تعيينهم بعد الانقسام، وترفض السلطة الوطنية الاعتراف بهم.

دخول "الزكاة":

وينطبق ذلك على التنظيمات الإرهابية كتنظيم "داعش"، حيث تشكل الضرائب جزءًا رئيسيًّا من إيرادات "داعش"، إذ يقوم بجباية الضرائب في مختلف مجالات العمل والخدمات. ومع تراجع العائدات المالية الناتجة عن فقدانه مساحات جغرافية وعائدات نفطية كبيرة، يزيد كوادره وقياداته من الضرائب والغرامات المفروضة على السكان في مناطق سيطرته في سوريا والعراق للحصول على موارد إضافية، وهو ما يدرجها تحت مسمى "الزكاة" لتدبير استلاب أموال الأشخاص تحت غطاء شرعي.

وقد نتج عن فرض أو تعليق تطبيق الضرائب أو الرسوم في عدد من الدول العربية مجموعة من التداعيات على النحو التالي:

توسيع الاحتجاج:

1- تنظيم تظاهرات احتجاجية: شهدت بيروت تظاهرات شعبية في 19 مارس 2017 دعا إليها المجتمع المدني والأحزاب المعارضة، وعلى رأسها "حزب الكتائب" و"الأحرار" و"التقدم الاشتراكي" وحركة "التمدد الديمقراطي"، على إثر التخطيط الحكومي لفرض ضرائب، وهي المظاهرات الأولى من نوعها بعد انتخاب الرئيس ميشال عون. كما تعرض رئيس الحكومة سعد الحريري للرشق بزجاجات المياه الفارغة في ساحة رياض الصلح، ورفع المتظاهرون شعار "لن ندفع"، وردت مجموعة "طلعت ريحتكم" على دعوته بتشكيل لجنة لرفع مطالبهم للمناقشة بالرفض قبل إلغاء الضرائب الجديدة، وحمل المتظاهرون لافتات تطالب بتمويل رفع الرواتب من "جيوب حيتان المال" وأبرزها "نريد الضرائب على المصارف العصية وليس على الفئات الشعبية، ثورة الجوع آتية".

وقد نجحت الحكومة اللبنانية في استيعاب احتجاجات الشارع؛ إذ ألمح وزير المال علي حسن خليل في 20 مارس 2017 إلى إمكانية تخلي الحكومة عن زيادة ضريبة القيمة المضافة، قائلا: "إن التحفظ على ضريبة القيمة المضافة ربما يكون تحفظًا مشروعًا إذا ما استطعنا أن نؤمن واردات من مكان ضريبي آخر، وسنؤمن واردات من أماكن ضريبية أخرى". وأضاف: "التحركات ضد الضرائب مشروعة وهو أمر صحي إذا ما كان في نصابه الصحيح، وإذا ما وُجِّهت السهام فيه بشكل دقيق إلى مكامن الخلل حتى يعالج. لكن التحرك يصبح مضرًّا عندما نستخدم شعارات غير واقعية وغير مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمشكل".

كما قاد المحامون التونسيون مسيرات احتجاجية في العاصمة تونس في 9 ديسمبر 2016 تعبيرًا عن رفضهم للإجراءات الضريبية في مشروع موازنة الدولة لعام 2017 التي تنص على فرض ضريبة على كل المحامين عن كل قضية يكلف بها المحامي، وهو ما اعتبره البعض قانونًا انتقائيًّا وموجهًا ضد كل المحامين لإبرازهم كمتهربين، في الوقت الذي استعمل فيه النظام السابق برئاسة زين العابدين بن علي الجباية لمعاقبة بعض المحامين المستقلين والمعارضين لحكمه.

ضرائب انتقائية:

2- تنفيذ الإضرابات العامة: وهو ما قام به المحامون التونسيون حضوريًّا، أي الحضور بالمحاكم مع غلق المكاتب لمدة ثلاثة أيام، حيث سعت الحكومة، في إطار سياسة التقشف، لفرض زيادات ضريبية على المهن الحرة ومنها الطب والمحاماة، وقطاعات أخرى، بهدف دعم الموارد المالية للدولة، وهو ما رفضته النخبة القانونية من المجتمع، إذ شدد عامر المحرزي عميد المحامين التونسيين في تصريحات مختلفة، على أن "المحامين يرفضون أي مقترح يميزهم عن غيرهم من المواطنين"، وهو ما يشكل خرقًا لمبدأ المساواة والعدالة الجبائية.

سلاح المقاطعة:

3- مقاطعة السلع والخدمات ذات الضريبة العالية: دشن نشطاء لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملات مقاطعة لشركات الاتصالات اعتراضًا على زيادة ضرائب بطاقات الشحن ليوم واحد، فضلا عن تبلور مقاطعة لعدد من السلع والخدمات التي تنوي الحكومة رفع أسعارها أو رفع الدعم عنها أو رفع الضريبة عليها. وقد جاءت تلك الحملة التي حملت شعار "سكر خطك" بعد نجاح حملتي مقاطعة البيض والبطاطا التي أطلقها المواطنون بعد غلاء أسعارهما، الأمر الذي دفع التجار إلى خفضها تجنبًا للخسائر التي قد تحدث جراء المقاطعة، لا سيما أن حملة المقاطعة هذه نجحت في لبنان، وخسرت شركات الاتصالات ثلاثة مليارات ليرة في يوم واحد وفقًا لأحد التقديرات.

أولويات متغيرة:

4- إعادة النظر في الأولويات الحكومية: قررت معظم الكتل النيابية داخل البرلمان اللبناني إعادة النظر في الضرائب المتعلقة بالقيمة المضافة، رغم أنه ظهرت تحليلات توقعت موافقة البرلمان خلال الأسابيع المقبلة على زيادة عدد من الضرائب الإضافية، قبل أن ترفع إلى رئيس الجمهورية لتوقيع المرسوم، قبل نشره في الجريدة الرسمية وبدء العمل به، وسوف تعطي الأولوية في المرحلة الحالية لموضوع قانون الانتخابات النيابية، قبل ثلاثة أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي المجدد لنفسه مرتين.

شعبية متراجعة:

5- فقدان شعبية الحكومات أو الحركات في السلطة: يتحمل مواطنو غزة "فاتورة" سد النقص المتزايد في الموارد المالية لـ"حماس" بعد فرض الضرائب على الأفراد والشركات لدفع رواتب الموظفين، وهو ما أفقدها "بقايا الشعبية" التي كانت تحظى بها منذ تعزيز الانقسام في عام 2007. وينطبق ذلك على الحوثيين في اليمن الذين فرضوا ضرائب مزدوجة على رجال الأعمال الذين يزاولون الأنشطة التجارية في المناطق الخاضعة لسلطتهم، على نحو دفع أعضاء الغرفة التجارية الصناعية في العاصمة صنعاء إلى التلويح بورقة الرحيل إلى مناطق أخرى تتوافر فيها الاستثمارات الآمنة، أي عدن. 

النزاهة الضريبية:

خلاصة القول، يرتبط التوظيف السياسي لمسألة فرض الضرائب في المنطقة العربية، في بعض الأحيان، بعدم الثقة في الدولة، وضعف أداء الحكومات، وتراجع القدرات الإدارية التي تحول دون التحقق من الدخل، وتشابكات المصالح الخاصة طويلة الأمد، وانعدام الشفافية في تخطيط الموازنة العامة للدولة، وغياب الثقافة الواسعة التي يمكن الاستعانة بها في فترة لاحقة لتوسيع نطاق النظم الضريبية بما يجعل الإصلاح الضريبي أكثر قبولا للجمهور. فالضرائب تحدد حجم إيرادات الدولة، وبالتالي قدرتها على الإنفاق على المجالات الحيوية التي تحدد كفاءة الدول وشرعيتها وقدرتها على الإنجاز. فالعلاقة بين الضرائب والاستقرار ذات منحى طردي في الدول العربية، خاصة خلال المرحلة المقبلة.