تنعكس الأزمة بين الصين وتايوان على الوضع الداخلي في أوروبا وكذلك على العلاقات الاقتصادية بين الدول الأوروبية وكل من تايبيه وبكين وسط تصاعد الدعوات لعدم السماح بتكرار تجربة أوكرانيا والبحث عن حلول سلمية للأزمة.
بروكسل - تسبب تصاعد الأزمة بين تايوان والصين في مأزق للقوى الأوروبية التي ترتبط بعلاقات ومصالح اقتصادية مع بكين وتايبيه. وقد تابعت القوى الأوروبية زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان في بداية شهر أغسطس 2022 بالكثير من الترقب الحذر والغموض الاستراتيجي.
ويقول الكاتب نوار الصمد، وهو باحث لبناني متخصص في العلاقات الدولية والدبلوماسية بالجامعة اللبنانية في مقال لموقع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، إنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها مسؤولون أميركيون تايوان منذ قطع العلاقات معها في عام 1979 والاعتراف بالصين الشعبية، ولكنها المرة الأولى التي تحدث على هذا المستوى الرفيع، حيث تعتبر بيلوسي ثالث أهم شخصية سياسية في الولايات المتحدة.
ويضيف نوار الصمد أنه قبل يوم واحد من وصول بيلوسي إلى تايوان، اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أنه لا يمكن قبول انتهاك قواعد القانون الدولي “بأن يغزو جار أكبر جاره الأصغر بما يشمل ذلك الصين أيضاً”. وفي اليوم التالي، تم استدعاء السفيرة الألمانية لدى بكين، باتريشيا فلور، إلى وزارة الخارجية الصينية.
ويتابع “من ناحية أخرى، أدانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إطلاق الصين للصواريخ وتوغلاتها في المياه الإقليمية والمجال الجوي لتايوان عقب زيارة بيلوسي، وقالت في بيان “إن المملكة المتحدة وشركاءها يدينون بأشد العبارات تصعيد الصين في المنطقة المحيطة بتايوان”، وقامت بتوجيه المسؤولين في الخارجية البريطانية من أجل استدعاء السفير الصيني لشرح تصرفات بلاده.
واستنتج الصمد أن رغبة الحكومة البريطانية في استئناف حوارات اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة مع الصين، بعد توقفها بسبب حملة بكين “القمعية” تجاه المتظاهرين السلميين في هونغ كونغ؛ قد تأثرت بالتطورات اللاحقة على زيارة بيلوسي إلى تايوان، مما جعلها في حكم المؤجلة.
وأشارت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، خلال مقابلة مع صحيفة “ليبراسيون”، إلى أن موقف باريس تجاه بكين لم يتغير منذ اعترافها بجمهورية الصين الشعبية في عام 1964، وبالتالي تتمسك بسياسة “الصين الواحدة”، مؤكدةً في الوقت نفسه أنه لا ينبغي أن تُستخدم زيارة بيلوسي كذريعة من جانب الصين لتصعيد التدابير التي من شأنها زيادة التوتر.
إشكاليات عديدة
ويستعرض الصمد أبرز المآزق التي قد تواجهها القوى الأوروبية جراء تصاعد الأزمة الحالية في تايوان. ويتحدث عن مسالة أولى هي إثارة التجاذبات الداخلية في أوروبا قائلا “إنه رداً على تصريح وزيرة الخارجية البريطانية، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بين، أن المملكة المتحدة أخطأت في وصف الحقائق، مُقحماً مسألة استقلال أسكتلندا في التجاذب الدائر، ومُتسائلاً عن رد فعل بريطانيا في حال تواطأت أسكتلندا مع قوى خارجية للانفصال عنها، فهل ستبقى هادئة وتلتزم بضبط النفس وتجلس وتراقب الوضع يتدهور؟”.
ويشير إلى أن الأزمة الناجمة عن زيارة بيلوسي إلى تايوان، تتزامن مع رحيل بوريس جونسون الوشيك عن رئاسة الحكومة البريطانية، مما أدى إلى تبني المرشحين لخلافته خطاباً متشدداً بشأن الصين، بما في ذلك وزيرة الخارجية ليز تروس، والنائب توم توغندهات، حيث تعالت الدعوات إلى ضرورة تعلم الدروس من التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، والتأكّد من أن تايوان لديها القدرة على الدفاع عن نفسها، والمطالبة بإلغاء الحوار التجاري والاقتصادي مع الصين وليس فقط تأجيله، لأنه “لا ينبغي مكافأة السلوك السيء”.
ويقول الكاتب إن مثل هذه الدعوات تقلق الشركات البريطانية التي تتطلع إلى حجز حصتها من السوق الصينية المرشحة للوصول إلى مرتبة السوق الاستهلاكية الأولى في العالم، وتركز هذه الشركات على فكرة أن الصادرات البريطانية إلى الصين تؤمن أكثر من 100 ألف وظيفة في كامل أنحاء المملكة المتحدة، وهي مرشحة للازدياد في حال معاودة التفاوض مع الصين.
وعلى الجانب الآخر، يتحمس لهذه الدعوات ناشطو حقوق الإنسان الذين يأملون في أن يبقى المتنافسون على منصب رئاسة الحكومة البريطانية متوافقين حول هذه النقطة، كما تتحمس لها شريحة واسعة من ناخبي حزب المحافظين الذين يعتبرون أن التشدد بشأن بكين هو نوع من أنواع اختبار الالتزام الأيديولوجي لمرشحيهم.
ويضيف الصمد "كان لافتاً في ألمانيا تجنب المستشار أولاف شولتس الرد على سؤال طُرح عليه بشأن ما إذا كانت برلين ستدعم العقوبات في حال غزو الصين لتايوان، وذلك في سياق حديثه عن العناصر الضرورية للأمن القومي الألماني، والتي شدد فيها على ضرورة الاعتماد على توسيع الخيارات فيما يخص سلاسل التوريد "وعدم وضع البيض كله في سلة واحدة".
ويتابع الصمد “لقد أثار تصريح جان لوك ميلينشون، رئيس حركة ‘فرنسا غير الخاضعة’، الكثير من الجدل الداخلي في فرنسا، والذي اعتبر فيه أن زيارة بيلوسي إلى تايوان ‘استفزاز أميركي’، مؤكداً أنه لا توجد إلا ‘صين واحدة’ فقط من وجهة النظر الرسمية الفرنسية”. واستدعى ذلك ردود فعل قوية حتى من داخل تحالف اليسار نفسه عبر عدة شركاء لميلينشون، مثل الرد الصادر عن رئيس حزب الخضر يانيك جادو الذي اعتبر أن المقصود بمبدأ “الصين الواحدة” هو “الدكتاتورية الواحدة”، وتبرير اللجوء إلى العنف تحت غطاء القومية الصينية.
ويشير الكاتب إلى مسألة ثانية وهي مسألة توضيح التفسير الأوروبي لسياسة “الصين الواحدة” مضيفا “نشرت السفيرة الألمانية في بكين باتريشيا فلور تغريدة على حسابها على موقع تويتر، بعد الاجتماع الذي جمعها مع نائب وزير الخارجية الصيني دينغ لي، أوضحت فيها أنها أكدت في هذا اللقاء أن ألمانيا تقف إلى جانب سياسة “الصين الواحدة”، وبأن التبادلات مع السلطات التايوانية هي جزء من هذه السياسة.
ولكن على الرغم من عدم اعتراف ألمانيا بتايوان كدولة مستقلة، توجد علاقات وثيقة تربط الطرفين، فبرلين لديها معهد في تايبيه، كما أن البيان المشترك للحكومة الائتلافية الحالية التي يترأسها شولتس ينص على أن تغيير الوضع الراهن في مضيق تايوان لا يمكن أن يتم إلا بطريقة سلمية.
ويضيف "على الرغم من تبني فرنسا الرسمي لسياسة 'الصين الواحدة'، فإن أوساطا دبلوماسية بدأت تشير إلى أن هذا لا يعني أن باريس تقول إن تايوان هي جزء من جمهورية الصين الشعبية، كما تبين في حوار وزيرة الخارجية الفرنسية مع صحيفة "ليبراسيون"، أنها لم تشر إلى أيّ تبنٍّ فرنسي لانتماء الأرخبيل التايواني إلى الصين".
واعتبر رئيس الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور مقولة ميلينشون بأنه “يجب ترك مسألة حسم مشكلة السيادة على تايوان للصينين فيما بينهم”، لأنها بمنزلة “ترك الباب مفتوحاً أمام ضم صيني للجزيرة". ويقول الكاتب "البعض ذكّر بموقف صادر عن ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، في سبتمبر 2021، خلال لقائه وزير الخارجية الصيني وانغ يي، حيث أكد بوريل أنه بينما يستمر الاتحاد الأوروبي في الالتزام بسياسة ‘صين واحدة’، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد مهتمة أيضاً بتعزيز تعاونها مع تايوان كشريك اقتصادي يشترك في القيم نفسها مع الاتحاد". واعتبر بوريل أن سياسة "الصين الواحدة" التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي تختلف عن مبدأ "الصين الواحدة" الذي تدعو إليه بكين.
ويطرح الكاتب مسألة ثالثة وهي موازنة المصالح الاقتصادية مع قيم السياسة الخارجية قائلا “تحاول حسابات الخارجية الألمانية، على سبيل المثال، الموازنة بين حجم التداعيات الاقتصادية في حال قررت برلين اتخاذ مواقف متشددة إزاء أيّ محاولة صينية لاستعادة تايوان بالقوة، وتكاليف غض النظر عن السلوك الصيني وتأثيراته على مصداقية سياسة ألمانيا الخارجية التي تؤكد أنها قائمة على مجموعة من القيم.
وعلى الرغم من أن ألمانيا تُعتبر أكبر شريك تجاري لتايوان في أوروبا، حيث وصلت قيمة التبادلات التجارية بينهما إلى 22 مليار يورو في عام 2021، فإن هذا الرقم أقل بمقدار 12 ضعفاً من حجم تبادلات ألمانيا مع الصين التي تعتبر الشريك الاقتصادي الأكثر أهمية بالنسبة إلى برلين”.
ويشير الكاتب إلى مسألة رابعة وهي مسألة “ضرب سلاسل توريد الرقائق الإلكترونية إلى أوروبا” قائلا إنه يعترف بأن تحركات الجيش الصيني أجبرت حركة المرور الجوية والبحرية على تجنب المرور في منطقة مضيق تايوان، لكن التخوف الأكبر من وصول مدى الانتقام الصيني إلى حد فرض حصار صارم على تايوان أو غزوها؛ مما قد يؤدي إلى انقطاع مفاجئ لإمدادات الرقائق الإلكترونية الصغيرة عن دول الاتحاد الأوروبي، والتي تنتجها أكبر شركة لأشباه الموصلات في العالم وهي شركة “ت. س. م. س” التايوانية.
وتابع “زاد اعتماد أوروبا على الرقائق التايوانية في السنوات الأخيرة، نظراً لافتقارها إلى الخبرة في هذا المجال، وأيضاً للخصائص الفريدة التي توفرها شركة ‘ت. س. م. س’ في رقائقها؛ فهي تجمع بين التطور وصغر الحجم، بحيث لا يتخطى 5 نانوميتر. وتعتبر شركتا ‘ت. س. م. س’ التايوانية و’سامسونغ’ الكورية الجنوبية الوحيدتان في العالم حالياً اللتان تمتلكان تقنية تصنيع رقائق بهذا الحجم.
وتتعالى أصوات داخل الصين للسيطرة على هذه الشركة؛ نظراً لأهميتها، إلا أن رئيس ‘ت. س. م. س’ صرح مؤخراً بأن شركته ستكون غير قادرة على العمل في حال قامت الصين بغزو تايوان، مما يعني أيضاً أن الاقتصاد الصيني سيتضرر كثيراً، حيث إن تايوان تغطي 70 في المئة من حاجة الصين من أشباه الموصلات. ومنذ نهاية العام 2019 أصبحت شركة 'هواوي' الصينية تحتل مرتبة العميل الأول لدى شركة 'ت. س. م. س'،".
خيارات مُحتملة
ويوضح الكاتب أهم الخيارات التي تلوح أمام القوى الأوروبية في التعامل مع تصاعد الأزمة بين الصين وتايوان، والتي قد تطورها إلى سياسات مستقبلية حسب الحاجة والمصلحة. ويقول إن الخيار الأول هو تدعيم العلاقات مع تايوان موضحا أنه “على الرغم من أن المملكة المتحدة تتبنى علانية موقفاً يؤكد ضرورة حل الأزمة في تايوان عبر الوسائل السلمية، فإنه في أبريل 2022 نُسب موقف إلى وزيرة الخارجية تروس تدعو فيه إلى العمل على ما يضمن أن ديمقراطيات مثل تايوان قادرة على الدفاع عن نفسها. وبالإضافة إلى البُعد الديمقراطي، فإن ثمة بُعداً اقتصادياً للعلاقات بين المملكة المتحدة وتايوان، حيث إن تايبيه تُشكل سوقاً مهمة لصادرات الأسلحة البريطانية التي بلغ حجمها منذ عام 2017 إلى الآن حوالي 338 مليون جنيه إسترليني. كما أن أحد أهم أهداف إنشاء تحالف “أوكوس” الذي تشارك فيه المملكة المتحدة، هو ردع الصين والتصدي لها في حال قررت مهاجمة تايوان”.
ويضيف الصمد أن البعض داخل بريطانيا يطالب بقيام وفد وزاري بزيارة رسمية إلى تايوان وتعزيز العلاقات معها في العديد من المجالات، من دون أن يصل ذلك إلى حد الاعتراف الرسمي بها كدولة مستقلة؛ بهدف إرسال إشارة واضحة مفادها أن تايوان صديقة للندن، وأن الأخيرة ستقف إلى جانبها. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تأييد ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة فكرة انضمام تايوان إلى المنظمات الدولية كعضو مراقب.
ويشير الكاتب إلى الخيار الثاني وهو ممارسة أسلوب الردع مع الصين مضيفا “تطرح بعض الأوساط الأوروبية تساؤلاً بشأن كيفية تمكُّن أوروبا من منع تايوان من أن تصبح أوكرانيا القادمة، لاسيما أن الاتحاد الأوروبي يضع من ضمن أهدافه حماية القيم الديمقراطية في العالم، لذلك يتعين عليه مد يد العون لتايوان كنموذج للديمقراطية في منطقتها”.
ويتابع “استباقاً لأيّ دور ثانوي ستلعبه أوروبا في حال تم اللجوء إلى سيناريو المواجهة العسكرية، لعدم جاذبية خيار استخدام القوة والعنف لدى الرأي العام الأوروبي، بالإضافة إلى عدم الاستعداد الكافي أوروبياً للانخراط في مثل هذا الخيار؛ فإن أوروبا تستطيع أن تلعب دوراً أساسياً في ردع الصين قبل الشروع في مغامرة عسكرية عبر التهديد بسحب الشركات الأوروبية من الصين، ولكن اللجوء إلى مثل هذه الخطوة يجب أن يسبقه حوار صريح مع مجتمع الأعمال الأوروبي.
وإن كان هذا الانسحاب سيؤدي إلى انعكاسات اقتصادية هائلة على الغرب، فإن هذه الانعكاسات ستكون أكبر على الاقتصاد الصيني، حيث إنه مع إضافة الولايات المتحدة الأميركية واليابان وكوريا الجنوبية إلى الدول الأوروبية، فإن هذه الدول تمثل نسبة 53 في المئة من الحجم الإجمالي للتجارة الصينية، ومن الممكن أن يشكل هذا التهديد رسالة ردع للقادة الصينيين تجعلهم يفكرون كثيراً في عواقب أيّ عمل عسكري قبل الشروع به”.
ويطرح الكاتب الخيار الثالث وهو فك الارتباط الاقتصادي مع الصين قائلا “تعمل القوى الأوروبية على بناء إستراتيجيات جديدة للتعامل مع الصين. ففي عام 2020، تبنت الحكومة الألمانية السابقة التي كانت تترأسها أنجيلا ميركل مبادئ توجيهية جديدة، تم التركيز فيها على بناء شراكات إستراتيجية، في ضوء العداء المتزايد بين الولايات المتحدة والصين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد اعتبر في ورقة إستراتيجية صادرة في عام 2019، أن الصين شريك ومنافس وند في الوقت نفسه، وهناك نوع من التخوف الأوروبي من وصول رئيس أميركي متشدد مع الصين، كالرئيس السابق دونالد ترامب، في عام 2024 يجعلهم يعانون مرة أخرى من نتائج حرب اقتصادية أميركية على الصين يجدون أنفسهم مُجبرين على الانصياع لها من دون بدائل. وفي حال لم يتم أخذ ذلك في الحسبان من الآن والتهيؤ له، فإن الاقتصادات الأوروبية ستتضرر بشدة.
ويشير الكاتب إلى الخيار الرابع وهو عدم التشدد مع بكين مضيفا “ترى بعض وجهات النظر أنه حتى لو قامت الصين بغزو تايوان، فإن ألمانيا لن تتشدد معها، وأنه في حال فرضت الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين عقوبات اقتصادية على بكين، فإن برلين لن تكون من بينهم، وستكرر نهجها الذي اتبعته مع روسيا خلال الأزمة الأوكرانية والذي تم وصفه بأنه ‘خطوة إلى الأمام، وخطوتين إلى الوراء’ بطريقة أكثر سلبية؛ لأن الاقتصاد الألماني القائم على التصدير يعتمد على الصين أكثر من اعتماده على روسيا”، كما أن الصين احتلت مرتبة الشريك التجاري الأكبر لألمانيا في الفترة الأخيرة متجاوزة حتى الولايات المتحدة، حيث حازت على ما مقداره 10 في المئة من حجم التجارة الخارجية الألمانية.
فعلى سبيل المثال، تم إنتاج حوالي 4 ملايين سيارة ألمانية في مصانع ألمانية بالصين خلال عام 2021 وحده، كما يُقدر عدد الوظائف الألمانية المرتبطة بسوق الاستهلاك الصيني بمليون وظيفة. لذلك فإن السؤال المطروح حالياً هو إلى أيّ درجة سيسير الألمان في اتجاه قد يؤدي في نهايته إلى الانفصال الاقتصادي عن الصين في اللحظة التي ينظرون فيها إلى بكين على أنها المحرك الرئيسي لنموهم الاقتصادي؟
ويقول الصمد إن المخاوف تتصاعد من أن تشن الصين هجوماً عسكرياً على تايوان، وأصبحت هذه المخاوف قريبة جداً من التحقق على أرض الواقع في ظل الضغط العسكري المتزايد التي تمارسه بكين على تايوان وقطعها جميع قنوات الحوار معها، خصوصاً مع إعادة انتخاب الرئيسة التايوانية تساي إنغ وين، المؤيدة للاستقلال، لولاية ثانية. ويُضاف إلى ذلك السياسات الأميركية القائمة على استغلال موقع تايوان الجغرافي كقيمة إستراتيجية لاحتواء خصومها في تلك المنطقة وتطويقهم.
ويضيف أن بعض الدراسات تتوقع أن الحلم الصيني لاستعادة تايوان مازال أمامه بعض الوقت، والذي ربما يحين مع مرور مئة عام من تاريخ انتهاء الحرب العالمية الثانية كحد أقصى. وبانتظار حلول هذا التاريخ أمام أوروبا خيارات متعددة قد تساعدها، في حال تم تطبيقها، على مواجهة الآثار السلبية الناجمة عن الصراع الذي يمكن أن يندلع بين العملاقين الصيني والأميركي حول تايوان.