أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

تحركات متوازية:

هل تتشكل جبهة موحدة للمعارضة في لبنان؟

28 يناير، 2021


مع استمرار تعقد المشهد الداخلي في لبنان، خاصة فيما يتعلق بعرقلة عملية تشكيل حكومة سعد الحريري، اتجهت قوى المعارضة التقليدية إلى محاولة تشكيل جبهة جديدة للمعارضة. إذ صدر بيان عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في 21 يناير الجاري، أكد فيه أن هناك اتصالات يجريها الحزب في الوقت الحاضر، تهدف إلى تكوين جبهة إنقاذ معارضة في أسرع وقت ممكن من أجل الدفع في اتجاه إجراء انتخابات نيابية مبكرة، تؤدي إلى وصول أكثرية نيابية مختلفة تعيد إنتاج السلطة كلها وفي طليعتها انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة إنقاذ. وأشار جعجع في مقابلة صحفية نُشرت في 25 يناير الجاري في جريدة "L'Orient Le Jour" (جريدة لبنانية ناطقة باللغة الفرنسية) إلى أن ذلك التحرك يواجه عقبات كبيرة.

فيما كشف النائب المستقيل إلياس حنكش في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن حزب الكتائب اللبنانية يعمل على بلورة ورقة سياسية تجمع القوى المعارضة والمدنية التي تلتقي معه على عدد من المفاهيم الإصلاحية والسيادية، ضمن جبهة معارضة جديدة تخوض الانتخابات النيابية المقبلة ضد قوى السلطة في ربيع 2022، لافتاً إلى أن الحزب يعمل منذ فترة على تكوين تلك الجبهة.

دوافع التحرك:

يمكن تفسير تلك التحركات السابقة من قبل حزبى القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية في ضوء أسباب عديدة، يتمثل أهمها في التالي:

1- استقطاب دعم دولي: خاصة من الإدارة الأمريكية الجديدة التي لم تتضح سياستها بعد تجاه لبنان، حيث تحاول تلك الأحزاب، حسب اتجاهات عديدة، تقديم أوراق اعتمادها لتلك الإدارة خاصة في ظل الجمود الذي تتسم به عملية تشكيل الحكومة في الوقت الحالي، كما أن ذلك التحرك يتماهى مع الدور الفرنسي الذي تراجع مؤخراً بسبب عدم تحقيق نتائج بارزة على صعيد تشكيل الحكومة، وبالتالي يأتي تحرك الكتائب والقوات لاستقطاب دعم باريس لتعزيز فرص الوصول إلى تسوية للأزمة ومن ثم دعم احتمالات تزايد دورهما في المشهد السياسي خلال المرحلة القادمة.

2- الاستفادة من التوجهات الجديدة: وذلك سواء على مستوى المواطنين أو النخبة السياسية، حيث أكد النائب المستقيل إلياس حنكش أن "هناك تطورات أثبتت أن مزاج الناخب اللبناني قد تغيّر ضد قوى السلطة والأحزاب"، مشيراً في هذا الصدد إلى نتائج الانتخابات النقابية ومجالس طلاب الجامعات الخاصة، كما لفت أيضاً إلى وجود قياديين سابقين في التيار الوطني الحر يسعون لتشكيل جبهة جديدة بعد فشل التيار في تحقيق تطلعات محازبيه، ويُشار أيضاً في هذا السياق إلى أن هناك تململاً داخلياً في بعض الأحزاب والتيارات السياسية المسيطرة على المشهد السياسي جراء النهج الحالي المتبع، والذي أسفر عن تراجع الاقتصاد وتدهور الحالة المعيشية للمواطنين، خاصة أن المجتمع الدولي يربط تقديم مساعدات بتشكيل الحكومة.

3- انكشاف الطبقة الحاكمة: بات من الواضح أن هناك تغليباً من قبل مكونات قوى 8 آذار لمصالحها الضيقة على حساب المصلحة العليا للدولة، وذلك في إطار الصراع على النفوذ السياسي الذي تجسد في عملية تشكيل الحكومة، إضافة إلى احتواء مطالب احتجاجات 17 أكتوبر 2019 بهدف الحفاظ على نفوذها، وذلك في الوقت الذي تقع فيه الدولة على مفترق طرق بين محاولات الحفاظ على سيادتها وسعى حزب الله بدعم من حلفاءه لترسيخ دور المحور الذي تقوده إيران، خاصة في ظل ترقب التغييرات المحتملة في السياسة الأمريكية تجاهها، الأمر الذي يعطي المبررات القوية للمعارضة لاستقطاب التيارات المدنية والشعبية الرافضة لذلك.

4- توحيد الجهود المتفرقة: لوحظ خلال السنوات الماضية، حتى قبل انطلاق احتجاجات 2019، تأسيس العديد من الحركات المدنية المستقلة التي تدعو إلى مواجهة النفوذ الإيراني في الداخل، منها "التجمع من أجل السيادة" وحزب "سبعة"، على نحو تحاول هذه الأحزاب استثماره لتعزيز دورها وتفعيل مبادراتها، لاسيما أن ذلك يتوافق مع توجهاتها.

5- تصاعد التنافس بين قوى المعارضة: يأتي تزامن تحركات حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية لتأسيس جبهة معارضة، في إطار المنافسة ومحاولات تقويض الخيارات المتاحة لكل منهما تجاه الآخر، مع استقطاب الشارع المسيحي الذي يشهد انقسامات حادة. ويُشار في هذا الصدد إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تلاسناً إعلامياً بين الحزبين بسبب تحميل حزب القوات مسئولية تدهور المشهد الحالي وتعزيز نفوذ حزب الله داخلياً، على خلفية أن حزب القوات كان جزءاً من التسوية الرئاسية 2016، وقام بالتصويت على الموازنات المتعاقبة وعلى القانون الانتخابي الحالي.

6- إضعاف جبهة المستقبل- الاشتراكي: يسعى حزبا القوات والكتائب إلى مواصلة شن حملة ضد تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وذلك لكونهما، بشكل أو بآخر، أقرب إلى النخبة الحاكمة، حيث يضطلع الجانبان بمحاولات للحفاظ على نفوذهما في المشهد السياسي عبر محاولة المشاركة في الحكومة المقبلة، وفي هذا السياق قلل رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط من مساعي الكتائب والقوات لتشكيل جبهة معارضة، حيث أكد أنه ليس هناك جبهة للمعارضة، كما دافع عن مشاركته في الحكم خلال الفترة الماضية (عبر تمثيل الحزب وزارياً)، الأمر الذي يكشف أن هناك توجساً من تشكيل جبهة معارضة جديدة تنزع من المستقبل والاشتراكي صفة المعارضة في الصفوف الأمامية.

تحديات عديدة:

بالرغم من جدية المساعي التي يبذلها حزبا الكتائب والقوات لتشكيل جبهة معارضة تكون ظهيراً لهما في مواجهة النخبة الحاكمة، وتتيح لهما أرضية للفوز بمقاعد نيابية في انتخابات مجلس النواب التي سوف تجري في عام 2022، إلا أنهما يواجهان العديد من التحديات التي تتمثل في تشرذم التيارات والأحزاب المستقلة، وضعف وجودها على الأرض، مع تباين أهدافها ومصالحها من جهة، واحتمالية تبدل مواقف أطرافها من جهة أخرى، وذلك في ظل عدم وجود قيادة موحدة ذات كاريزما تستطيع أن تجمع تلك القوى المشتتة.