أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

سوريا بعيون أميركية

06 أبريل، 2017


يمكن وصف التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، في العاصمة التركية أنقرة، منذ أسبوع، والذي قال فيه إن «الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل رأس النظام بشار الأسد»، بأنه بعيد عن الواقع، إذ كيف يقرّر هذا الشعب وهو بين قتيل ومهجر هذا الأمر؟! وتصريح تيلرسون ينسجم مع جزء من الموقف الملتبس الذي عبرت عنه المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة نيكي هيلي، التي قالت إن «أولويات بلادها لم تعد التركيز على إسقاط نظام بشار الأسد»، لكنها قامت بعد 48 ساعة بتوضيح موقفها، حيث اعتبرت في حديث لإحدى قنوات التلفزة الأميركية أن «واشنطن تعمل على محاسبة الأسد على جرائمه، ولا مكان له في مستقبل سوريا».

والمفارقة أن توضيح السفيرة هيلي لموقف واشنطن من الأسد جاء بعد تبني البيت الأبيض لمواقف تيلرسون وهيلي السابقة، حيث أيد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ما جاء في تعليقاتهما حول سوريا، ما يعكس حالة عدم الانسجام في المواقف بين إدارات الدولة الأميركية (الدفاع، والكونغرس، والأمن القومي، والمخابرات).

وباستثناء ما قاله في أنقرة، يستمر غياب اسم تيلرسون، القادم من عالم المال والأعمال، عن التداول في عواصم المنطقة. فمنذ توليه حقيبة الخارجية، لم يدلِ بتصريح يوضح فيه الأولويات السياسية والاستراتيجية للإدارة الأميركية الجديدة في نزاعات الشرق الأوسط، خصوصاً الأزمة السورية؛ حيث من المفترض أن حضور دولة بحجم الولايات المتحدة يتطلب وجود فريق من الخبراء والدبلوماسيين يأخذ على عاتقه إعادة وصل ما انقطع في زمن باراك أوباما الذي شهد انكفاءً أميركياً عن الساحة الدولية،.

فعلى ما يبدو أن السياسة الخارجية الأميركية في عهد دونالد ترمب تخضع مباشرة لإدارة البيت الأبيض، حيث اختار فريق عمل الرئيس الانقلاب على الأعراف والتقاليد التي مارستها الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ قرن تقريباً، حيث نُقل قرار صناعة الدبلوماسية الأميركية من وزارة الخارجية إلى البيت الأبيض، ووضع تحت سيطرة الثلاثي الذي يؤثر على قرارات ترمب، وهم (جاريد كوشنير، وستيف بانون، وراينس بريبوس).

مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة إذا لم تمسك بزمام الدور القوي والفعال للدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط، فإن هذا يفسح المجال مجدداً أمام موسكو للاستمرار في فرضها للحلول التي تراها مناسبة لكثير من القضايا الخلافية مع واشنطن، وفي مقدمتها سوريا وأوكرانيا وإيران، فمن الواضح أننا لم نر حتى الآن التزامات أميركية تجاه الشعبين السوري والأوكراني، بل إنه لم يعد مستبعداً أن يصدر قرار ضمني لدى ترمب ومساعديه، خصوصاً كبير استراتيجيي البيت الأبيض ستيف بانون، بتبني وجهة النظر الروسية تجاه كثير من الأزمات، الأمر الذي يمكن وضعه ضمن الحالة الأميركية الشاذة في التعاطي مع موسكو، حيث يقدم البيت الأبيض خدمات سياسية للكرملين، على الأرجح هي بمثابة رد للجميل على ما تشتبه به أجهزة الدولة الأميركية من ادعاء قيام أجهزة رسمية روسية بتقديم خدمات انتخابية لترمب أثناء حملته الرئاسية، إذ باتت هذه الشكوك تثير قلق قيادات أميركية كبيرة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خصوصاً بعد محاولات البيت الأبيض الاستئثار بالقرارات العسكرية والأمنية أيضاً، ما جعل احتمال المواجهة قريباً، حيث بات الجميع بانتظار الشهادة التي سيدلي بها أول المقالين من إدارة ترمب بسبب العلاقات مع الروس، مستشار الأمن القومي السابق الجنرال مايك فلين.

*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط