أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

جهود استباقية:

كيف تتعامل الولايات المتحدة مع اضطرابات المناخ القادمة؟

10 فبراير، 2020


عرض: جيهان عصام رياض ذكي - باحثة في العلوم السياسية

في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للتغير المناخي، صدر عدد من الكتابات التي تناقش تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري على حاضر ومستقبل الولايات المتحدة، ولا سيما مع توقعات بتزايد حرائق الغابات في الغرب الأمريكي، والفيضانات التي ستعيق النشاط الزراعي في وسط الغرب، وازدياد الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة في الجنوب الغربي. ولم يعد هذا مجرد احتمالات نظرية يتوقع حدوثها في المستقبل البعيد، بل أضحت آثار تغير المناخ أمرًا متوقّعًا ومادة للأخبار اليومية في معظم وسائل الإعلام الأمريكية.

وفي هذا السياق، تناولت "أليس هيل" (زميلة سياسة تغير المناخ في مجلس العلاقات الخارجية)، و"ليوناردو مارتينيز-دياز" (مدير مركز التمويل المستدام بمعهد الموارد العالمية)، مؤلِّفا كتاب "بناء غد مرن: كيف نستعد لاضطرابات المناخ القادمة"، في مقال بعدد يناير - فبراير ٢٠٢٠ من مجلة "الشئون الخارجية" بعنوان "التكيف أو الهلاك: الاستعداد للآثار التي لا مفر منها لتغير المناخ"، مستقبل الولايات المتحدة في ظل التغيرات المناخية، وكيف لها أن تواجه المخاطر المترتبة عليها في ظل وجود عوائق عديدة تحد من القدرة الأمريكية على مواجهتها.

حجم الخطر

ينطلق الكاتبان من توضيح آثار التغيرات المناخية على حاضر ومستقبل الولايات المتحدة. وبعيدًا عن محاولات التهويل أو الميل للتقليل من خطورة تلك التغيرات، يؤكد المقال أن الاقتصاد والأمن القومي الأمريكي وصحة المواطن داخل الولايات المتحدة في خطر. ويرى الكاتبان أن تكاليف هذه الظاهرة ستزداد إذا تقاعس المسئولون عن مواجهتها. 

ويؤكد الكاتبان وجهة نظرهما بالإشارة إلى أن بعض التقديرات تتحدث عن خسارة الاقتصاد الأمريكي حوالي 1.2% من إجمالي الناتج المحلي سنويًّا لكل ارتفاع في درجات الحرارة بدرجة مئوية، مما يؤدي إلى خفض النمو السنوي في البلاد إلى النصف مع استمرار الاتجاهات الحالية من تدمير السواحل، وزيادة الإنفاق على الكهرباء، ونقص الإنتاجية نتيجة الأمراض المرتبطة بتغير المناخ.

وعلى المستوى الاجتماعي، تُهدد ظاهرة تغير المناخ بإضعاف النسيج الاجتماعي للولايات المتحدة. فمن المحتمل أن تعاني بعض أجزاء البلاد، وخاصة الجنوب والوسط الغربي، بشكل أكبر من هذه الظاهرة. وسيضطر مئات الآلاف من المواطنين لترك منازلهم بسبب الفيضانات الساحلية. وسيعاني الفقراء والضعفاء في جميع أنحاء الدولة لعجزهم عن المواجهة. ويضاف إلى ما سبق عدم المساواة الاقتصادية المرتفعة بالفعل، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات السياسية داخل الولايات المتحدة.

ويضيف المقال أن البنى التحتية المدنية والعسكرية والتجارية والسكنية داخل الولايات المتحدة تعاني من تهديدات خطيرة نتيجة التغيرات المناخية، لأن معايير البناء في الدولة معتمدة على فرضية خاطئة بأن المناخ ثابت ومستقر لا يتغير.

ويضرب الكاتبان مثالًا على الخطورة التي ستتعرض لها البنى العسكرية بتلك التي على جزيرة كواجالين أتول، وهي مجموعة من الجزر التي تعد موطنًا لنظام من أنظمة المراقبة الفضائية التابع للقوات الجوية الأمريكية بتكلفة تبلغ مليار دولار. وقبل البدء في إنشائه أجرت وزارة الدفاع تقييمًا للمخاطر استنادًا إلى بيانات تاريخية، واستبعدت أن تُشكِّل ظاهرة المد والجزر تهديدًا عليه. ولكن بعد مرور أربع سنوات وبمجرد بدء البناء بالفعل، طلب الجيش إجراء دراسة أخرى تتعلق بالتوقعات المستقبلية، التي أوضحت أنه بحلول عام 2055 ستُغمر أغلبية الجزر بالماء سنويًّا.

ويشير المقال إلى ما خلُص إليه تقرير لمكتب المحاسبة الحكومي (هيئة رقابة مستقلة تعمل لصالح الكونجرس) في عام 2019، من أن معظم المنشآت العسكرية الأمريكية فشلت في استخدام التوقعات المناخية في خططها الرئيسية.

ويضيف الكاتبان أنه على عكس عديد من الدول المتقدمة، فليس لدى الولايات المتحدة قانون بناء وطني موحد، حيث تقوم المؤسسات الخاصة، مثل مجلس القانون الدولي والرابطة الوطنية للحماية من الحرائق، بوضع معاييرها الخاصة، ثم تقرر حكومات الولايات والمجتمعات المحلية والجيش ما إذا كان سيتم تبني تلك اللوائح أم لا. ونتيجة لذلك، يوجد في بعض أجزاء الدولة أبنية قائمة على القوانين القديمة وأبنية أخرى غير قانونية، وحتى في المناطق ذات المعايير القانونية الصارمة فإن قوانين البناء لا تأخذ في الاعتبار المخاطر المستقبلية الناجمة عن تغير المناخ.

صعوبات الأزمة 

يستعرض المقال الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة عند التعامل مع أزمة تغير المناخ، والتي تتمثل في:

أولًا- ارتفاع التكلفة: أجرت الحكومة الفيدرالية مؤخرًا تجربتين لنقل مجتمعات بأكملها إلى أراضٍ أكثر أمانًا. ففي عام 2016، عملت على نقل حوالي 80 فردًا من سكان جزيرة دي جان تشارلز قبالة ساحل ولاية لويزيانا، والجزيرة تنزلق إلى البحر، وقد تكلفت هذه العملية حوالي 48 مليون دولار. وفي عام 2018، دفعت الحكومة لحوالي 350 شخصًا من سكان قرية نيوتوك بألاسكا حوالي 15 مليون دولار للانتقال إلى المناطق الداخلية الأكثر أمنًا. وهذا مجرد جزء بسيط من التكلفة الكاملة لعملية النقل التي تكون باهظة للغاية في حالة المجتمعات الأكبر بكثير.

ثانيًا- إدارة الهجرة الداخلية: واقعيًّا يمكن أن تصبح إدارة الهجرة الداخلية ذات الصلة بالتغيرات المناخية تحديًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا كبيرًا، لم تختبره الولايات المتحدة حتى الآن، إلا في صورة مصغرة. فحتى إذا تم نقل بعض المجتمعات بنجاح، وتراجعت معدلات البناء الجديد في المناطق الخطرة، فستظل الأحداث المناخية الشديدة تؤدي إلى نزوح مئات الآلاف من الأمريكيين. 

ففي عام 2005، حوّل إعصار كاترينا أكثر من مليون شخص إلى مهاجرين، وقد استقر ربع مليون منهم في مدينة هيوستن، مما زاد من إجمالي سكان المنطقة الحضرية بنحو 4%، وبعد كارثة كامب فاير في كاليفورنيا عام 2018، شهدت مدينة تشيكو تضخمًا في عدد سكانها بنسبة 20% في غضون ساعات.

ويرى المقال أنه في العقود المقبلة، قد يغادر مئات الآلاف من الناس المدن المعرضة للخطر مثل ميامي ونيو أورليانز. ومن المرجح أن تفرض مثل هذه التحركات الكبيرة والمفاجِئة للأشخاص ضغطًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا غير مسبوق على المجتمعات التي تستقبل المهاجرين.

ثالثًا- تضارب المعلومات: يشير الكاتبان إلى أن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة كبرى عند تعاملها مع أزمات ظاهرة تغير المناخ، والتي تتمثل في عشوائية المعلومات، وتعدد الجهات المسئولة عنها. فخلال إدارة الرئيس السابق "باراك أوباما"، عملت الحكومة الفيدرالية بجدية لجعل بيانات تغير المناخ متاحة على نطاق أوسع وأكثر تنظيمًا، لكن النتيجة كانت غير مرضية، حيث وُجد خليط من مراكز البيانات المتداخلة التي تديرها وكالات حكومية منفصلة، مثل: وزارة الداخلية، والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، ولذلك حذر مكتب المحاسبة الحكومي في عام 2015 من أن نظام بيانات المناخ للحكومة الفيدرالية غير عملي ومجزأ لدرجة أن صناع القرار يعانون. 

رابعًا- فقدان التواصل: تعاني التخصصات الأكاديمية والهيئات الحكومية في الولايات المتحدة من العزلة، حيث لا يجيد أي منهما العمل بشكل محدد مع القطاع الخاص، وسوف يتطلب بناء المرونة المناخية مستويات غير مسبوقة من التعاون بين أنواع مختلفة من الخبراء وعبر أنواع متنوعة من المنظمات. فعلى سبيل المثال، سيتعين على مسئولي الصحة العامة إقامة شراكة مع محللي الجغرافيا المكانية وعلماء الأحياء لتوقع كيف يمكن لتغير المناخ أن يغير الانتشار الجغرافي للأمراض، وينبغي على المخططين العسكريين أن يتعلموا من مصممي المناخ كيفية تأمين القواعد وسلاسل الإمداد. 

خامسًا- العجز عن الخيال: تتحدث المقالة عن أن هناك عقبة نفسية في العمل نحو بناء المرونة أشار إليها الاقتصاديون السلوكيون تسمى بـ"عقلية التحيز" تتعلق بالميل إلى التقليل من المخاطر، وعدم القدرة على تخيل حدوثها. ومثال على ذلك السبب الذي حددته اللجنة الحكومية المكلَّفة بالتحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والذي يتمثل في "فشل الخيال"، أي عدم قدرة تصور المسئولين على حدوث هذه الكارثة الأمنية، لذلك أوصت لجنة 11/9 بممارسة الخيال. ويمكن أن تساعد نفس الفكرة صانعي القرار للوصول إلى مرونة المناخ، فقد أوصت فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ جميع الشركات المدرجة في البورصة بأن تناقش بانتظام وتكشف عن السيناريوهات المحتملة المتعلقة بالمناخ لفهم كيف يمكن للتأثيرات المناخية المتسارعة أن تؤثر على أعمالها.

آليات المواجهة 

ذكر الكاتبان في مقالهما مجموعة من الآليات التي يمكن العمل عليها لمواجهة التغيرات المناخية، وتقليل الأضرار المتوقع حدوثها في المستقبل القريب والوقاية، ومنها:

1- تعد الطريقة الأسلم والأكثر وضوحًا هي خفض انبعاثات الغازات الدفيئة في محاولة لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة. وقد أسست اتفاقية باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ إطارًا عالميًا للحكومات لخفض الانبعاثات، لكن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في عام 2017 أعلن عن نيته خروج الولايات المتحدة من الاتفاق. وقد بدأ عملية الخروج الرسمية في عام 2019. لكن وفقًا للمقال ينبغي على واشنطن العودة إلى الاتفاقية، ومضاعفة جهودها لخفض انبعاثات الكربون.

2- ينبغي على الولايات المتحدة أن تُعِدَّ نفسها للآثار المستقبلية لتغير المناخ، وتحمل الظروف الجوية المتطرفة، لأن الظاهرة ستتجاوز الحدود التاريخية السابقة لها، مسجلة أرقامًا قياسية جديدة وتغيرات كبيرة. ولذا، يجب تحديث البنية التحتية الصناعية والتجارية والعسكرية وأنظمة البيانات والسياسات المالية حتى تتمكن البلاد من البقاء. 

3- يجب أن تعمل الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والمجتمعات المحلية معًا لتشجيع الناس على الخروج من أماكن لا يمكن إنقاذها، أو تكون حمايتها بتكلفة غير معقولة. وعادة ما تقوم الحكومة الفيدرالية بذلك عن طريق توفير الأموال للحكومات المحلية لشراء المنازل المعرضة للخطر. وفي السنوات الثلاثين الماضية، اشترت الولايات المتحدة أكثر من 40 ألف عقار معرض للفيضانات. ولكن نظرًا لأن برامج الترحيل هذه تظل طوعية، فإنها تؤدي غالبًا إلى تغيير جزئي. 

4- على الحكومة الفيدرالية التوقف عن ضخ أموال دافعي الضرائب في المناطق الخطرة. وهنا تكمن المشكلة في أن المناطق الأسرع نموًّا والأكثر ربحًا للمطورين غالبًا ما تكون أيضًا الأكثر عرضة للفيضانات، نظرًا لأن الأماكن المرغوبة للعيش فيها تقع عادة على طول الأنهار أو السواحل. ومن ثم على الحكومة الفيدرالية إلغاء دعم التأمين والرهون العقارية المدعومة فيدراليًّا والتي تدعم المجتمعات التي بُنيت عن عمد في المناطق المعرضة للخطر.

5- يتعين على الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات تخصيص أموال لمساعدة المجتمعات التي تستقبل أعدادًا كبيرة من المهاجرين، وتحديد الآليات التي من شأنها تسهيل مرور وإعادة توطين النازحين، وتقديم منح نقدية لتسهيل تحركاتهم الأولية، وتوفير التدريب على العمل والمساعدة في التوظيف. وكذلك تخفيف الضرائب، وتعزيز البنية التحتية في المدن التي من المحتمل أن تكون متلقية للهجرة الداخلية. وتضيف المقالة أن على القطاعين العام والخاص التعاون لإنشاء وحدات سكنية انتقالية، ورفع طاقة المدارس والمرافق الطبية، وتعزيز تقديم الخدمات الاجتماعية.

6- تنمية الوعي من خلال عمل الحكومة الفيدرالية لدمج النظام الحالي في شبكة من "مراكز المرونة" يخدم كل منها منطقة مختلفة. وستوفر هذه المراكز البيانات المحلية والمساعدة التقنية والإرشاد للحكومات المحلية والشركات الصغيرة والمجتمعات التي تسعى لبناء المرونة. ويجب أن تقوم المؤسسات الأكاديمية وغير الربحية بدورها من خلال تشجيع تطوير نماذج محاكاة للمناخ ومخاطر الكوارث مفتوحة المصدر التي يمكن للحكومات المحلية والشركات الصغيرة استخدامها للتنبؤ بالمخاطر وإدارتها.

التكلفة القَبْلية أم البعدية؟

يؤكد الكاتبان أنه لا يمكن لأحد إنكار التكلفة العالية التي تتكبدها الحكومات والمجتمعات للمواجهة الاستباقية لتأثيرات التغيرات المناخية، ولكن لا يمكن أبدًا أن تكون هذه التكلفة أعلى من تكلفة مواجهة وإصلاح الأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية بعد وقوعها. لذلك يجب على الحكومة الأمريكية أن تُعيد التفكير في الطريقة التي تمول بها التأهب للكوارث الناجمة عن المناخ والتعافي منها. فالمنهج السائد الآن هو قلة الاستثمار في الجهود الاستباقية، ولكن التركيز على التعامل الأضرار بعد حدوثها.

ومثال على ذلك في عام 2017، وبعد حرائق الغابات والتدمير غير المسبوق لأعاصير هارفي وإيرما وماريا، خصص الكونجرس حوالي 140 مليار دولار كمساعدات طارئة، لكن معظم هذه الأموال تم اقتراضها، مما زاد من الدين الوطني المتزايد بالفعل. ومن ثم فهذه الطريقة ليست ذكية ولا مستدامة، ومع تزايد الكوارث الطبيعية، فإنها ستؤدي إلى إضعاف الوضع المالي المتدهور بالفعل.

ويتحدث الكاتبان عن أن الطريقة الأكثر ذكاءً وتوفيرًا هي الإنفاق قبل وقوع الكوارث. وفي هذا السياق، خلُصت مراجعة أجراها المعهد الوطني لعلوم البناء لعدة آلاف من المشروعات الممولة من الحكومة الفيدرالية على مدى 20 عامًا إلى أن كل دولار يتم إنفاقه على الاستعداد سيوفر على المجتمع بمعدل 4 إلى 6 دولارات. وبالمثل فإن اللجنة العالمية للتكيف، قد قدرت أن استثمار 1.8 تريليون دولار على التدابير الوقائية والحمائية على الصعيد العالمي يمكن أن يولد ما يصل إلى 7.1 تريليونات دولار فوائد.

ولكن حتى لو كان الاستثمار في الإجراءات الوقائية فعّالًا من حيث التكلفة، فإن هذه التدابير تتطلب أموالًا جديدة، ومن ثم فالاقتراض الحكيم والضرائب المرتفعة يمكن أن تسد فجوة التمويل، وستحتاج الحكومة إلى الجمع بين هذه الأدوات مع الأساليب الأخرى، مثل: عائدات ضرائب الكربون، وخطط الحد الأقصى، والتجارة المصممة لخفض الانبعاثات.

وفي هذا السياق، ينتقد الكاتبان سياسة الرئيس "ترامب" اللحظية (أي بعد وقوع الكارثة) في التعامل مع المشكلة، مؤكدين أنه لا يمكن مواجهة أزمات تغير المناخ بهذه الطريقة.

ويشير المقال إلى خطأ اعتقاد الرئيس "ترامب" أن التغير المناخي مبالغ فيه، لذا عملت إدارته على وضع حد لإصلاحات خلال إدارة أوباما المصممة لإدارة مخاطره، وتُرك للحكومات المحلية -إلى حد كبير- بناء القدرة على التكيف مع المناخ من تلقاء نفسها، بدعم غير كافٍ من الإدارة الفيدرالية التي قامت بمسح مصطلح "تغير المناخ" من وثائقها الاستراتيجية.

ختامًا، يؤكد الكاتبان أن جهود الحد من آثار تغير المناخ على الأرواح وسبل المعيشة تتوجب بذل جهد جماعي مستمر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وستحتاج كل من الحكومة والجهات الفاعلة إلى إعادة التفكير في أين وكيف يقومون ببناء البنية التحتية، والتعاون والإبداع فيما بينها. وسيتعين على السياسيين وقادة الأعمال والجمهور أن يتخيلوا كوكبًا مختلفًا عن الكوكب الذي عرفوه، ووضع أنظمة جديدة يمكنها ضمان البقاء والصحة والازدهار في عالم سيشهد ارتفاعات متوقعة في درجات الحرارة.

المصدر: 

Alice Hill and Leonardo Martinez-Diaz, “Adapt or Perish: Preparing for the Inescapable Effects of Climate Change”, Foreign Affairs, January/February 2020, pp. 107-117.