أخبار المركز
  • مركز المستقبل يصدر دراسة جديدة بعنوان: (كل شيء صنع في الصين: كيف تستطيع الدول النامية توظيف طاقاتها الإنتاجية المعطلة؟)
  • رانيا مكرم تكتب: (تحالفات مناوئة: رسائل توقيت الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران إلى ترامب)
  • صفاء مطعيش تكتب: (آلات وراثية: كيف يمكن للبيولوجيا التركيبية أن تغير عالمنا؟)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (الدور الإنساني للإمارات.. قوة ناعمة عالمية)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (فرصة ترامب لتحديد مستقبل الشرق الأوسط)

آلات وراثية:

كيف يمكن للبيولوجيا التركيبية أن تغير عالمنا؟

14 يناير، 2025


سيناريو: تخيل مدينة جديدة

لقد حقق دمج الأنظمة البيولوجية المنتجة صناعياً نجاحاً باهراً إلى درجة بات من الصعب الآن تخيل بيئتنا من دونها.

عند التجول في المدينة، يصبح وجود هذه الابتكارات واضحاً بشكل جلي للعيان: فنجد الكائنات الحية الدقيقة المضمنة في جدران المباني تعمل على تنقية الهواء ومراقبة جودته بشكل فعال، بينما تضيء النباتات الحيوية الشوارع ليلاً.

لقد شهد قطاع الرعاية الصحية تحولاً كبيراً، حيث باتت كل مدينة تضم الآن منطقة رعاية صحية خاصة بها، ويتم التركيز بشكل أساسي على الاستشفاء. تطورت المستشفيات التقليدية لتصبح مراكز للابتكار، حيث تتقاطع البيولوجيا التركيبية مع التقنيات الطبية المتطورة لمكافحة الأمراض وإطالة العمر. لقد أحدث التبني الواسع النطاق للأجسام العضوية -وهي نسخ طبق الأصل مصغرة من الأعضاء البشرية- ثورة في فهم الأمراض وعلاجها، ويسهم في ذلك الذكاء الاصطناعي الذي يوفر محاكاة دقيقة، بالإضافة إلى أجهزة الاستشعار الحيوية القابلة للارتداء، والتي تتيح حلول رعاية صحية مخصصة لكل فرد. أصبحت الوقاية والتحليل التنبؤي الركيزة الجديدة للرعاية الصحية، مع التركيز على تكامل العناصر الغذائية الشخصية بناءً على الاحتياجات الفردية.

كما يشهد مجال إنتاج واستهلاك الغذاء تحولاً جذرياً كذلك: فلم يعد الاعتماد على الإنتاج التقليدي ضرورة ملحة؛ إذ إن معظم احتياجاتنا الغذائية تُلبى من خلال إنتاج يتم في مفاعلات حيوية منتشرة في كل حي. هذه المفاعلات تنتج الغذاء الضروري مع تقليل ملحوظ للنفايات. كما طرأ تحول أيضاً على خصائص هذه المنتجات الغذائية الجديدة. فهي تتميز بجودة عالية جداً، بالإضافة إلى كونها مصنعة بطريقة تضمن سلامة المستهلكين عن طريق الحد من الأمراض المزمنة المرتبطة بالغذاء. بناءً على ذلك، لم تعد هناك حاجة إلى المتاجر الضخمة التي كانت تعرض كميات هائلة من المنتجات المختلفة. والآن أصبحت أماكن التجمع قائمة على الأنشطة والاهتمامات المشتركة بين الناس.

النتيجة الأخرى لهذا التغيير هي إعادة تخصيص المناطق الزراعية ومناطق الثروة الحيوانية السابقة إلى محميات طبيعية مخصصة للحفاظ على التنوع البيولوجي، مع لوائح صارمة تحظر إدخال الكائنات المحورة وراثياً. وتتولى إدارة هذه المحميات كيانات المراقبة والمجموعات الخاصة التي تراقب الآثار الأخلاقية والبيئية للتطورات التكنولوجية المتسارعة.

لقد تكيف النظام التعليمي أيضاً لإعطاء الأولوية للمهارات الاجتماعية وتلبية المصالح الفردية، والاستفادة من التقدم التكنولوجي لفصل الربح عن قيد الوقت. يتمتع كل فرد بفرصة تحقيق الدخل من خلال تقديم الخدمات للمجتمع: في هذا المشهد؛ المعرفة ليست مجرد سلعة ولكنها حافز للتغيير.

لقد شهد المجتمع نفسه عملية إعادة هيكلة كبيرة؛ إذ اختفت الطبقة الوسطى وانقسم السكان الآن إلى فئتين: الأولى، ذوو الموارد المحدودة، والثانية هي النخبة فاحشة الثراء التي تقود الابتكار والتي تستخدم مواردها، من بين أمور أخرى، للخضوع لعمليات جراحة جينية تتيح لها التكيف مع أنشطة مثل استكشاف الفضاء. ومع ذلك، تظل شريحة من السكان مرتبطة بالعالم ما قبل الاصطناعي، حيث تدير سوقاً سوداء تقدم المنتجات الجينية غير المعدلة وتسعى جاهدة للحفاظ على نمط حياة خالٍ من تدخلات البيولوجيا التركيبية.