أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

الأمن البيئي:

تأثيرات إعصاري هيلين وميلتون في الانتخابات الأمريكية 2024

22 أكتوبر، 2024


مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر 2024، يأمل السياسيون الأمريكيون والمرشحون الرئاسيون في توفير مناخ أكثر استقراراً في الداخل الأمريكي؛ لضمان إجراء عملية انتخابية ديمقراطية دون أي معوقات، وخاصة أن الشهر الأخير يكون التوقيت الحاسم والنهائي لتحديد الأولويات وبلورة مواقف الناخبين؛ ومن ثم فإنه من غير المفضل على الإطلاق حدوث تهديدات تعصف باستقرار الاستحقاق الانتخابي، أو على أقل تقدير تهدد عملية التصويت أو تغير أولويات الناخبين. 

وفي الحقيقة أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد ضرب إعصار هيلين سواحل الجنوب الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، مخلفاً على الأقل نحو 230 قتيلاً، إضافة إلى المئات في عداد المفقودين في ولايات فلوريدا وجورجيا وكارولينا الجنوبية وكارولينا الشمالية وتينيسي وفيرجينيا. وبينما كانت تلك الولايات تحصي خسائرها وتحاول التعافي، ضرب إعصار ميلتون ولاية فلوريدا الأمريكية، مخلفاً على الأقل 16 قتيلاً، مع تقديرات تفيد بأن تلك الكارثة في مجملها هي ثالث أعنف عاصفة في القرن الحادي والعشرين، بعد إعصاري كاترينا في عام 2005، وماريا في عام 2017. 

الأمن وتغير الأولوية: 

إن إعصاري هيلين وميلتون يهددان حياة ملايين الأمريكيين؛ ومن ثم فقد أصبح الحديث عن الأمن أولوية للعمل على التحرر من هذا التهديد، بما يضمن بقاء الأمريكيين سالمين، إلا أن الأمن بمفهومه التقليدي (العسكري والقومي) لا يُعد مناسباً للتعامل مع تلك الأزمة الوجودية، التي تتطلب حلولاً سريعة واستثنائية داخل المجتمع الأمريكي.

والحقيقة أن مدرسة كوبنهاغن للدراسات الأمنية قدمت إطاراً نموذجياً لفهم التهديدات الأمنية الجديدة التي تطرأ على المجتمعات، فمن ناحية، نجحت في توسيع مفهوم الأمن ليشمل "الأمن البيئي"، والذي يمكن أن يكون المفسر لكيفية التعامل مع البيئة والكوارث الطبيعية والممارسات البشرية المتسببة في العديد من ظواهر التدهور الإيكولوجي كالاحتباس الحراري والفيضانات وغيرها. ومن ناحية أخرى، اعتبرت الأمن فعلاً خطابياً يصور التهديد على أنه وجودي؛ مما يتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية عاجلة لتشريع الأفعال خارج العملية السياسية المعتادة؛ وهو ما يُعرف بعملية الأمننة. 

وهكذا، باتت الولايات المتحدة الأمريكية بين عشية وضحاها أمام معركة خطابية استثنائية للتعامل مع أزمة إعصاري هيلين وميلتون، ووجدت إدارة بايدن نفسها أمام ضرورة قصوى لإضفاء الطابع الأمني على مشاهد الإعصار لتبرير الاستجابات الفدرالية الاستثنائية، بما في ذلك دعوة السكان إلى الفرار أو الإخلاء إلى جانب إعلان حالة الطوارئ، وبالتوازي مع ذلك، وضع الدمار الذي أحدثه إعصار هيلين قضية تغير المناخ في صدارة أجندة أولويات حملتي ترامب وهاريس الانتخابيتين، بعد أن ظلت تلك القضية على الهامش وكان الحديث عنها مقتضباً في المناظرتين الرئاسيتين هذا العام؛ إذ كان التركيز منصباً على الاقتصاد والهجرة ومسألة الحق في الإجهاض.

واللافت للانتباه أن ملف تغير المناخ لم يكن يحظى بأولوية الناخب الأمريكي خلال العام الانتخابي الجاري، فقد كشف مركز بيو للأبحاث في 9 سبتمبر 2024 عن أن قضية تغير المناخ تأتي في المرتبة العاشرة من اهتمامات الناخب الأمريكي، كما يعتبر 3 من كل 10 أمريكيين تغير المناخ ملفاً مصيرياً لتحديد اتجاهات تصويتهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

لقد أعاد إعصار هيلين إلى الأذهان أهمية أمننة التغيرات المناخية ومسألة الاستجابة للكوارث الطبيعية لرفع مستوى التعامل مع هذا النوع من التهديدات من نطاق السياسات العادية (Low Politics) إلى نطاق السياسات العليا (High politics)؛ مما يعني تكون سرد خطابي نخبوي عاجل، سواء من قبل إدارة بايدن لتسليط الضوء جهود الاستجابة الفدرالية للولايات المتضررة أم من قبل المرشحين في السباق الانتخابي الجاري؛ بحيث أصبح لا مفر أمام ترامب وهاريس من توضيح رؤيتهما بشأن كيفية التعامل مع انعدام الأمن المناخي وكيفية الاستجابة للكوارث الطبيعية. 

كارثة مدمرة وخسائر طائلة:  

أشار المركز الوطني للأعاصير إلى أن الإعصارين هيلين في 26 سبتمبر وميلتون في 9 أكتوبر يندرجان على أنهما "أعاصير كبرى وفي غاية الخطورة"؛ وهو ما انعكس في حجم الخسائر التي طالت ولايات الجنوب الشرقي الأمريكي، والتي جاءت على النحو التالي:

1- أسوأ كارثة طبيعية منذ قرن: ألقى إعصار هيلين الكارثي 40 تريليون غالون من مياه الأمطار، أو ما يكفي من مياه الأمطار لملء 60 مليون حمام سباحة أولمبي؛ مما أدى إلى غمر ولايات الجنوب الشرقي، والحقيقة أن الإعصار لم يضر المناطق الساحلية فحسب؛ بل امتد لأكثر من 500 ميل داخل البلاد من ساحل فلوريدا، وفي الوقت الذي تبحث فيه الولايات المتحدة عن ضحايا إعصار هيلين، ضرب إعصار ميلتون ولاية فلوريدا يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024 برياح بلغت سرعتها نحو 160 كيلومتراً في الساعة؛ الأمر الذي ضغط بشدة على الحكومة الفدرالية؛ لدرجة أن الرئيس الأمريكي وصف إعصار ميلتون عند اجتياحه بأنه "عاصفة القرن، إنها حرفياً مسألة حياة أو موت"، وهي إشارة واضحة لأمننة تلك الكارثة الطبيعية.

2- خسائر مادية بالمليارات: قدر الرئيس الأمريكي جو بايدن، خسائر إعصار ميلتون بفلوريدا بنحو 50 مليار دولار أمريكي، فيما أفادت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" بأن الخسائر المقدرة بقطاع التأمين الخاص في الولايات الست المتضررة جراء إعصار هيلين تتراوح ما بين 8 مليارات دولار و14 مليار دولار. 

3- تدمير البنى التحتية: تعرضت البنى التحتية لأضرار كبيرة على مستوى شبكات المياه والكهرباء والاتصالات والطرقات، فمن ناحية، ألحقت العواصف أضراراً بالغة بأنظمة الصرف الصحي ومحطات معالجة المياه والسدود والخزانات التي توفر مياه الشرب للمقيمين في كارولينا الشمالية وفلوريدا وجورجيا وتينيسي وفيرجينيا، ومن ناحية أخرى، تسببت العواصف في تدمير أبراج الهواتف المحمولة؛ ومن ثم انقطعت شبكات الهاتف المحمول، كما انقطع التيار الكهربائي في 10 ولايات على الأقل، مع تقديرات تفيد بأن إعصار ميلتون وحده ترك أكثر من 3 ملايين شخص من دون كهرباء في ولاية فلوريدا. وبالتوازي مع ذلك، دُمرت الطرق والجسور وجُرفت المنازل، وأغُلقت خطوط السكك الحديدية في الولايات المتضررة؛ بسبب سقوط الأشجار والحطام على طول خطوط السكك الحديدية. 

4- أعباء مالية ضخمة على الطوارئ الفدرالية: أفادت إدارة الطوارئ الفدرالية (FEMA) أن استجابتها للأزمة كانت مزدوجة مع تزايد قوة إعصار ميلتون وتحركه نحو فلوريدا، وقالت في 7 أكتوبر 2024 إنها قدمت أكثر من 210 ملايين دولار كمساعدات طارئة للمناطق المتضررة في ولايات الجنوب الشرقي.

5- انتشار الشائعات وغياب حالة اليقين: تسبب الإعصاران في حالة من الهلع غير مسبوقة لمواطني الولايات، وقد صاحب ذلك غياب اليقين والثقة في جهود الحكومة الفدرالية ومسؤولي الولايات المحليين؛ لدرجة أنه انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم كاذبة تشير إلى أن إعصار ميلتون كان "مُدبراً" وأن الطقس في فلوريدا تم "التلاعب به"، وشوهدت منشورات لملايين المرات على منصتي أكس وتيك توك تزعم أن الحكومة الأمريكية تتحكم سراً في الطقس عبر تقنيات التلاعب بالطقس مثل استمطار السحب، وهي مزاعم وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها "أكثر من سخيفة". وإلى جانب ذلك، انتشرت شائعات مثل الإدعاء بأن وكالة إدارة الطوارئ الفدرالية ستقدم فقط 750 دولاراً فقط لضحايا الكوارث لدعم تعافيهم، كما أنها تحاصر السكان في ولاية فلوريدا وتمنعهم من الإجلاء، أو أنها بصدد مصادرة ممتلكات الناجين من إعصار هيلين.

جهود استثنائية: 

اعتمدت إدارة بايدن على عملية الأمننة عبر توجيه خطاب يربط الكارثة بقطاعات الأمن، بما في ذلك الأمن القومي والاقتصادي والشخصي والمجتمعي والبيئي والمناخي؛ وذلك لتسهيل اتخاذ إجراءات استثنائية للتعامل مع الأزمة التي تُشكل تهديداً وجودياً للأمريكيين، ويمكن رصد بعض الملامح التي تعكس اتجاه البيت الأبيض لأمننة الكارثة التي حلت بالبلاد: 

1- خطاب أمني يعبر عن تهديد وجودي: حذر بايدن من أن "إعصار ميلتون مسألة حياة أوموت"،  في حين قال رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا إنّ "شبه جزيرة فلوريدا بأكملها تخضع لشكل من أشكال المراقبة أو الإنذار" قبل بداية اجتياح إعصار ميلتون.

2- اجتماع قيادات وزارة الدفاع الأمريكية: لم تتوان وزارة الدفاع عن تحمل مسؤوليتها تجاه حماية الأمن القومي الأمريكي في تلك الكارثة، وخاصة أن تأثير الإعصارين أكد أن تغير المناخ يشكل تهديداً أكبر بكثير من تهديدات الإرهاب أو الدول الاستبدادية؛ لأنه يلحق أضراراً أكبر بحياة الأمريكيين، وعلى هذا النحو، عقد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في 9 أكتوبر 2024 اجتماعاً مع كبار القادة العسكريين لمناقشة جهود الاستجابة للإعصارين، وضمان التنسيق بين الوزارة والوكالات الحكومية الأخرى للحد من الخسائر. 

3- تأجيل الجولة الخارجية لرئيس البلاد: صاحب رفع حالة الطوارئ في ولاية فلوريدا، إعلان البيت الأبيض تأجيل جولة الرئيس جو بايدن الخارجية إلى وألمانيا وأنغولا؛ وذلك للإشراف على الاستعدادات لمواجهة إعصار ميلتون وجهود الإغاثة بعد الإعصار هيلين.

4- زيارة الرئيس ونائبته للمناطق المنكوبة: زار الرئيس بايدن في 2 أكتوبر ولاية كارولينا الشمالية، وحلقت طائرته فوق مدينة آشفيل التي غمرتها الفيضانات، فيما توجهت هاريس إلى ولاية جورجيا. ولم يتوان الرئيس الأمريكي أيضاً عن متابعة ولاية فلوريدا في أعقاب إعصار ميلتون؛ إذ زار الولاية في 13 أكتوبر وتفقد آثار الدمار التي لحقت بها.

5- نشر أفراد الحرس الوطني: وفقاً للتقديرات تمت الاستعانة بنحو 6700 من أفراد الحرس الوطني من 16 ولاية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة لتقديم المساعدة، كجزء من اتفاقيات مساعدة إدارة الطوارئ، وذلك في الولايات الأكثر تضرراً بالإعصار؛ حيث يشارك هؤلاء الأفراد في عمليات البحث والإنقاذ، وإزالة الحطام، ونقل وتوزيع إمدادات الإغاثة.

معركة انتخابية:

لقد اقتحم هيلين وميلتون غير المرغوب فيهما جدول أعمال المرشحين الرئاسيين: هاريس وترامب، إلا أن كلاً منهما حاول استغلال تلك الأزمة لصالحه؛ وهو ما حول تلك الكارثة الطبيعية إلى معركة سياسية، تمثلت أبرز ملامحها فيما يلي: 

1- تصاعد الحرب الكلامية بين المرشحين: استغل الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، الدمار الهائل الذي لحق بولايات الجنوب الشرقي ليتهم بايدن وهاريس بالبطء وعدم الفاعلية في توجيه جهود الحكومة للتعامل مع العاصفة، وقال: "إنها أسوأ استجابة للإعصار منذ كاترينا"، وأثناء فعالية انتخابية في ولاية ميتشيغان، أدعى أن وكالة إدارة الطوارئ الفدرالية حوّلت الأموال المخصصة للإغاثة من الكوارث وأنفقتها على المهاجرين غير المسجلين في الولايات المتحدة. في المقابل، وصفت كامالا هاريس منافسها الجمهوري بأنه "طائش بشكل لا يصدق"، متهمة إياه بنشر أكاذيب بشأن تعامل السلطات الفدرالية مع كارثة الإعصار هيلين، وقالت: "هناك كثير من المعلومات المضللة التي يبثها الرئيس السابق بشأن ما تم توفيره للناجين من هيلين".

2- رفض ترامب المتاجرة بالملف المناخي: رفض المرشح الجمهوري ترامب إبداء أي مرونة تجاه ملف تغير المناخ بعد إعصار هيلين، واصفاً تغير المناخ بأنه "أحد أكبر عمليات الاحتيال"؛ إذ لفت انتباه مؤيديه في أحد التجمعات الانتخابية إلى أنه لم يتم الحديث عن البيئة وتغير المناخ من قبل الديمقراطيين إلا بعد فشل إدارتهم الحالية في جهود الاستجابة العاجلة للتعامل مع الأزمة، موضحاً أن الخطاب المناخي ما هو إلا ستار لإخفاء فشلهم.

3- فرصة هاريس لإظهار القيادة: وجدت المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس نفسها فجأة جزءاً رئيسياً من الاستجابة للإعصارين، وهو الدور الذي لم يشارك فيه نواب الرئيس في الإدارات السابقة تقليدياً، فمن الواضح أنها تحاول توظيف تلك الأزمة لإظهار قدرتها على القيادة؛ إذ تظهر إلى جانب الرئيس جو بايدن في الإحاطات وتدعو إلى التعاون الحزبي، وقد شاركت افتراضياً في إحاطة غرفة العمليات أثناء وجودها في ولاية نيفادا لمتابعة أنشطة الحملة، وزارت ولاية جورجيا لتفقد المناطق المنكوبة جراء إعصار هيلين، وشوهدت وهي تقوم بالمساعدة في تعبئة صناديق المساعدات المقدمة إلى متضرري ولاية كارولينا الشمالية. وتجدر الإشارة إلى أن هاريس تدرك جيداً أن بعض الولايات المنكوبة حاسمة على الصعيد الانتخابي؛ أي إنها ولايات ساحة المعركة (ولايات متأرجحة)، تحتاج إلى مزيد من الجهود للفوز بأصواتها، وبصفة خاصة، بعدما أعطى ترامب بعداً سياسياً لتلك الأزمة عبر انتقاده إدارة بايدن لطريقة تعاطيها مع الكارثة.

4- إظهار التعاطف مع المنكوبين: زار ترامب ولاية جورجيا ليتفقد الأضرار الناجمة عن إعصار هيلين، محاولاً إظهار نفسه رئيساً يعمل على توحيد الأمريكيين في وقت الأزمات؛ وقد قال: "إنه لا مكان للحملات الانتخابية وقت الأزمات، فعندما تضرب أزمة، ويطلب مواطنونا المساعدة، لا يهم أي من ذلك.. نحن لا نتحدث عن السياسة الآن". وتابع: "علينا جميعاً أن نتكاتف ونتجاوز هذه الأزمة"، وذكر أنه جاء محملاً بـ"شاحنات مليئة بالأشياء لمساعدة المتضررين". وبالتوازي مع ذلك، أطلق ترامب حملة GoFundMe لضحايا إعصار هيلين في جورجيا، وقد نجحت في جمع أكثر من 7 ملايين دولار حتى يوم 10 أكتوبر 2024، إلى جانب تأكيد نجله في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، أن العائلة فتحت أحد فنادقها في فلوريدا لإيواء أكثر من 200 شخص ممن يقدمون المساعدة في أعقاب عاصفة ميلتون. 

5- مخاوف حول سلامة العملية الانتخابية: يخشى المراقبون من أن تلك الكارثة الطبيعية قد تقلل من إقبال الناخبين، أو تعطل تسليم بطاقات الاقتراع، مع احتمالية إعاقة الاقتراع الدقيق في ولايات ساحة المعركة مثل: ولايتي جورجيا وكارولينا الشمالية. لقد أثر هيلين وميلتون في الحياة اليومية في ولايات الجنوب الشرقي؛ حيث دمرت بعض مراكز الاقتراع أو ربما تكون المواقع غير قابلة للوصول؛ بسبب البنية التحتية التالفة، مع ترك بعض المناطق من دون كهرباء، ومياه، وإنترنت، وخدمات هاتفية. وفي هذا الصدد، يواجه مسؤولو الانتخابات أعباءً إضافية لتغيير القواعد ووضع الخطط على أمل أن يتمكن جميع المقيمين المؤهلين من التصويت، إما عن طريق البريد أو شخصياً. 

هكذا، يتضح أن ترامب وهاريس حاولا الاعتماد على الخطاب والصورة العاطفية لانتزاع فرص سياسية من خلال تلك الأزمة، وخاصة أن الإعصارين فرضا أسئلة أساسية حول من سيكون أفضل استجابةً كرئيس عند التعامل مع الكوارث الطبيعية، وهي قضية تم التغاضي عنها في السباق الانتخابي لعام 2024. 

وختاماً، يمكن القول إنه في ظل مناخ سياسي شديد الاستقطاب، لم تأت الكوارث الطبيعية لتوحد النخبة السياسية الأمريكية؛ بل على العكس، زاد هيلين وميلتون من الشعور بالاستقطاب بعد إضفاء الطابع الأمني الاستثنائي على موضوع تغير المناخ ومسألة الاستجابة للكوارث الطبيعية، وخاصة أن تلك الأزمة المزدوجة كشفت عن حقيقة مفادها أن تغير المناخ والكوارث الطبيعية تحديات تواجه الأمن القومي الأمريكي، وتتطلب مزيداً من التمويل والإسراع والمرونة لحماية المنكوبين؛ ومن ثم، لا شك في أنها ستؤثر وإن كان تأثيراً غير مباشر في ملامح الانتخابات الأمريكية لعام 2024.