أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

ضغوط متواصلة:

كيف يتعامل "داعش" مع جهود حصاره إعلامياً؟

18 يونيو، 2020


تسعى كثير من دول العالم إلى تبني آليات عديدة لمواجهة تنظيم "داعش"، حيث تبدي اهتماماً خاصاً باتخاذ إجراءات مستمرة لمحاصرته على الساحة الإعلامية، باعتبار أنها إحدى الساحات الرئيسية التي يلجأ إليها سواء لاستقطاب مزيد من العناصر الإرهابية، أو لبث خطاباته وبياناته، أو لمنح ضوء أخضر لبعض خلاياه "النائمة" من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في أنحاء مختلفة من العالم. 

وفي هذا السياق، تم غلق جميع القنوات المشفرة للتنظيم على تطبيق "تليجرام"، الذي يعتبر المنصة الرئيسية للأخير منذ ما يقرب من عامين لبث عملياته الإرهابية في مجمل دول العالم بجانب أنه المنفذ الأول والرئيسي لنشر خطاباته وبياناته والتواصل بين أعضاءه. 

ورغم أن التنظيم كان حريصاً على المسارعة في البحث عن بدائل لتجنب التداعيات التي يمكن أن تفرضها تلك الخطوة، فإن ذلك في مجمله يوحي بأن الضغوط تتضاعف عليه، بالتوازي مع الخسائر التي تعرض لها بفعل الهزائم العسكرية التي منى بها في المرحلة الماضية، فضلاً عن الضربات التي أفقدته عدداً ليس قليلاً من قياداته الرئيسية.

آلية أساسية:

سعى تنظيم "داعش"، منذ نشأته، إلى الاعتماد بشكل رئيسي على تطبيقات التواصل الاجتماعي في الدعاية والإعلان والحشد والتعبئة والتجنيد. وعلى الرغم من فاعلية تلك الآلية في تحقيق أهداف التنظيم، إلا أنها في الوقت نفسه تساعد الدول في عملية مطاردة العناصر الإرهابية والوصول إلى مواقعها. 

وللمرة الثانية في أقل من ثمانية أشهر، يتعرض "داعش" لضربة قوية على المستوى الإعلامي، عبر غلق أغلب قنواته المشفرة على برامج السوشيال ميديا وبشكل خاص على المنفذ الرئيسي له وهو تطبيق "تليجرام".

 إذ جاءت الضربة الأولى خلال الأسبوع الأخير من نوفمبر 2019، حيث تم غلق أغلب قنوات التنظيم (ما يقرب من 35 قناة مغلقة) كانت مسئولة عن بث أخباره سواء كانت تحت اسم "وكالة أعماق" أو "ناشر نيوز"، وذلك في أعقاب مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي والمتحدث الرسمي السابق أبو حسن المهاجر في أكتوبر 2019، وهو ما أدى إلى تراجع الأداء الإعلامي للتنظيم. 

فيما جاءت الضربة الثانية في 4 يونيو الجاري، عندما تم غلق قنوات التنظيم على "تليجرام"، في إطار مساعي تقييد تداول المحتوى الإعلامي التابع له على مواقع التواصل الاجتماعي. 

اعتباران رئيسيان:

يمكن تفسير هذا التطور الذي سيؤثر على نشاط التنظيم في ضوء اعتبارين رئيسيين هما:

1- ضغوط أوروبية: تتعرض الشركات المالكة لتطبيق "تليجرام" لضغوط أوروبية متواصلة، حيث تعتمد استراتيجيات المواجهة التي تتبناها الدول الأوروبية، في قسم منها، على وقف القنوات والمنصات الإعلامية والدعائية التابعة للتنظيم عبر تطبيقات السوشيال ميديا، وترى أن نجاحها يعتمد في الأساس على مستوى التعاون بين الدول والشركات المالكة لهذه المواقع.

ولا يبدو أن ذلك ينفصل عن العملية الأوروبية التي تم تنفيذها في 25 نوفمبر 2019، والتي أدت إلى تعطيل العديد من خوادم الإنترنت التي كان يستخدمها التنظيم، وإغلاق العديد من المواقع والحسابات التي تديرها ذراعه الإعلامي. 

وكانت وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" قد قالت أنها عملت مع 9 من أكبر منصات الإنترنت للتصدي لعمليات الدعاية للتنظيم، منها "جوجل" و"تويتر" و"إنستجرام" و"تليجرام"، وذكرت على موقعها الإلكتروني أنها "فحصت فيديوهات دعائية وإصدارات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم الإرهاب والتطرف العنيف".

2- ارتدادات أزمة "كورونا": أبدت معظم دول العالم مخاوف من إمكانية اتجاه "داعش" إلى استغلال التداعيات السلبية الخطيرة التي فرضها انتشار فيروس "كورونا" من أجل شن هجمات إرهابية جديدة، على نحو دفعها إلى العمل على إضعاف هذا الاحتمال عبر آليات عديدة كان من بينها العمل على إغلاق منصاته الإعلامية التي قد يستخدمها لمنح الضوء الأخضر لبعض الخلايا "النائمة" التابعة له من أجل تنفيذ مثل هذه الهجمات.

منصات بديلة:

مع غلق كافة قنوات "داعش" على تطبيق "تليجرام"، بدأ التنظيم في البحث عن حلول سريعة لاحتواء تداعيات فقدان المنصة الإعلامية الأكثر تأثيراً بالنسبة له، حيث اتجه إلى تبني آليتين رئيسيتين في هذا الصدد:

 تتمثل الأولى، في البحث عن تطبيقات جديدة آمنة، لتفادي تزايد قدرات أجهزة الأمن فيما يتعلق بعمليات التتبع والملاحقة لعناصر التنظيم عبر تطبيق "تليجرام"، فضلاً عن فرض العديد من الدول حظراً على التطبيق ذاته، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال اتجاه التنظيم إلى إنشاء قنوات مغلقة على تطبيق (Hoop messenger)، وهو تطبيق يتشابه، إلى حد ما، مع "تليجرام" من حيث مستوى الأمان والقدرة على إنشاء قنوات مشفرة.

وتنصرف الثانية، إلى الاستمرار في إنشاء قنوات مغلقة على تطبيق "تليجرام"، حيث تمكن التنظيم من تكوين ثلاث مجموعات خاصة على "تليجرام" مع التنبيه على المنضمين بعدم بث أو نقل روابط تلك القنوات لحين الانتهاء من تأمينها، وهو ما يعني وقف إرسال روابط عامة للاشتراك بالقنوات المغلقة، حيث تقتصر عملية الانضمام على روابط مغلقة تساعد الناشر والمتحكم في القناة الخاصة على رفض أو قبول المشتركين الجدد، مع وقف الروابط المرسلة بشكل سريع حتي لا يتم استغلالها في عملية الاختراق ومنع نشرها بشكل عشوائي.

وختاماً، لا يبدو أن المواجهة الإعلامية مع تنظيم "داعش" تقل في أهميتها عن المواجهات التي تجري على المستويات الأخرى، لاسيما في ظل اعتماده بشكل كبير على أذرعه الإعلامية في توسيع نطاق نشاطه وإصدار تعليمات بشن هجمات إرهابية جديدة في مناطق مختلفة من العالم.