على الرغم من الهجمات الأمريكية على معاقل حركة الشباب في الصومال، بالإضافة إلى وجود قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم)؛ فإن الأيديولوجيا الجهادية العنيفة لا تزال باقية وتتمدد في شرق إفريقيا. في شهر مارس الماضي، قام الجناح السياسي للشباب المجاهدين بعقد اجتماع تشاوري حول قضايا الجهاد في شرق إفريقيا استمر لمدة خمسة أيام في مكان غير معلوم جنوب الصومال. واللافت للانتباه أن الأذرع الإعلامية التابعة للحركة روجت لهذا المؤتمر الذي حضره قادة الشباب وزعماء العشائر وعدد من كبار المثقفين. ولعل عنوان المؤتمر يُعيد الاعتبار لأنصار مدرسة العوامل الخارجية التي تعطي الأولوية للتوجهات والتأثيرات الجهادية العالمية في تشكيل وعي وحركة الجماعات الجهادية العنيفة.
ومن الغريب أن استراتيجية مواجهة فيروس كورونا التي تتبعها الدول على نطاق واسع وتتمثل في "تتبع المخالطين للمرضى المصابين"، تصلح تمامًا لتتبع المخالطين لعدوى فيروس الإرهاب العالمي. لعل الدرس المستفاد المرتبط بطبيعة الفيروس العنيف، ويمكن أن يوجه الاستراتيجيات الحكومية المرتبطة بمواجهة الجماعات الجهادية العنيفة لاحقًا للحد من انتشار أفكارها وحركتها؛ يرتبط بأمرين على درجة كبيرة من الأهمية: الأول هو أن الفيروس مستورد نشأ خارج الدولة الإفريقية، وثانيًا أنه ينتقل عن طريق الاتصال الجسدي والمخالطة لشخص مصاب أو أشياء أخرى ملوثة. وعليه يجب على خبراء الإرهاب وصانعي السياسات في إفريقيا النظر والاستفادة من الاستراتيجيات المستخدمة لمكافحة فيروس (كوفيد-19)؛ حيث قد يصبح "تتبع المخالطين" نهجًا مهمًّا عندما يتعلق الأمر برسم خرائط تطور وانتشار التنظيمات الجهادية العنيفة في إفريقيا. المفارقة هي أن "فيروس الجهاد" في إفريقيا قد ظل في تشخيصه موضوع جدل شديد بين أنصار العوامل المحلية والعوامل الخارجية، وهو ما انعكس يقينًا على طبيعة الفهم، وإمكانية تفكيك العقل الإرهابي في إفريقيا.
استراتيجية التتبع:
يتجه بعض خبراء الإرهاب والراديكالية العنيفة إلى القول بأن الأصول الواقعية للحركة الجهادية العالمية بدأت مع الحرب الأفغانية السوفيتية عام 1979، ووجود الشيخ "عبدالله عزام" كمصدر إلهام للمجاهدين في أفغانستان. منذ ذلك الحين، أضحت منطقة الشرق الأوسط مركزًا للنشاط الجهادي العنيف، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر والربيع العربي. لذا فإن استراتيجية "تتبع المخالطين" للمصابين بالفيروس الإرهابي تفترض أن أي شخص له صلات بأشخاص لهم علاقة بدرجة أو بأخرى بالمسرح الجهادي في مناطق مثل أفغانستان أو العراق أو سوريا أو باكستان من الممكن أن يتبنى توجهات راديكالية، ويكون على استعداد لشن عمليات جهادية عنيفة بموجب تعليمات هذه المنظمات الإرهابية. لذلك، يمكن أن تكون استراتيجية مواجهة جائحة كورونا مفيدة في فهم والتصدي لتهديد الجماعات الجهادية العنيفة الإفريقية.
على الرغم من أهمية السياق المحلي والمظالم التاريخية للجماعات المهمشة والأقليات الإثنية في فهم ظهور وتطور الحركات الجهادية العنيفة في إفريقيا؛ إلا أن ذلك لم يمنع قط من محاولة فهم حركة الجهاد المعولم وأهمية المؤثرات الخارجية. على مدى سنوات عديدة تتبعنا مسيرة الخطاب الإسلامي وتحولاته من نمط التيارات الصوفية المهادنة حتى سلفية بوكوحرام الجهادية العنيفة. ما الذي حدث خطأ إذن؟ هل الجهادية العنيفة في إفريقيا جنوب الصحراء شأنها شأن فيروس كورونا منتج أجنبي تم تصنيعه خارج إفريقيا ثم نُقل عبر آليات عصر العولمة عن طريق الاحتكاك والاتصال المباشر؟
في كتاب حديث صادر هذا العام بعنوان "إماطة اللثام عن بوكو حرام: استكشاف الجهاد العالمي في نيجيريا"، يؤكد المؤلف "يعقوب زين" أهمية المتغيرات الخارجية المرتبطة بحركة الجهاد العالمي العنيف، وارتباطها بظهور وتطور جماعة بوكو حرام الجهادية العنيفة في نيجيريا. يوضح هذا الكتاب أن جماعة بوكو حرام متجذرة في بنية المجتمع الجهادي النيجيري، ولا سيما في ولاية بورنو، وقد أمضى قادته وقتًا خارج نيجيريا ولا سيما بعد عام 1994. استطاع الجهاديون النيجيريون بعد أحداث 11 سبتمبر تجنيد العديد من الأعضاء والمؤيدين. وفي وقت لاحق، اندمج هذا المجتمع الجهادي المستورد -إن صح التعبير- في إطار الحركة السلفية النيجيرية، التي ظهرت في مخيم كاناما في عام 2003. وكما هو معروف، يسعى السلفيون إلى التقيد الحرفي بممارسات تُعلي من مبدأ إقامة السنة ومحاربة البدعة. إنهم يسعون جاهدين، على سبيل المثال، لمحاكاة الأجيال الثلاثة الأولى من حياة السلف الصالح، وإعلان الولاء للمسلمين والبراء من غير المسلمين.
وتنطلق دراسة "يعقوب زين" من مدرسة عولمة بوكوحرام التي تم تجاهلها سابقًا، وهو يقدم أدلة جديدة فيما يتعلق بالجهاديين النيجيريين الذين أسسوا بوكو حرام، وشكلوا معسكر كاناما، مع احتفاظهم بروابط تنظيمية مع الجماعات السلفية السابقة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وكذلك وجود خطوط اتصال مع مركز "القاعدة في باكستان". ثمة عوامل ثلاثة أسهمت في تأسيس بوكو حرام عام 2002، وإن استفادت بشكل أقل من الديناميكيات المحلية الخاصة بإقليم شمال شرق نيجيريا، هي: (1) دعوة تنظيم القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر للجهاد العالمي. (2) الصراع الإسلامي المسيحي في نيجيريا، والادعاء بأن المسيحيين يتحالفون مع القوى الغربية لتقويض الإسلام في نيجيريا. وقد روجت الحركات الجهادية أن المسلمين النيجيريين يتعرضون للتهديد مثل إخوانهم المسلمين الأفغان والعراقيين. (3) فشل عملية تطبيق الشريعة في تلبية توقعات السلفيين النيجيريين، وهو ما أعطى زخمًا للهوس بالمفهوم المحوري في فكر القاعدة المتعلق بإقامة دولة الخلافة الإسلامية.
من جهة أخرى، تظهر المصادر العربية والهوساوية -التي لم يتم الاعتماد عليها سابقًا إلا نادرًا- إمكانية تقويم والوقوف على حقيقة علاقات بوكو حرام مع داعش والقاعدة. ويشمل ذلك المراسلات بين بوكو حرام وقادة القاعدة في المغرب الإسلامي التي تناقش موضوع الجهاد في نيجيريا، وقد تم العثور عليها في مجمع "أسامة بن لادن" السكني في أبوت أباد الباكستانية في عام 2011.
وقد وردت تلك المراسلات في إصدار وكالة المخابرات المركزية النهائي في نوفمبر 2017 لجميع وثائق المجمع. ثمة مصادر أخرى تشمل مذكرات شخصية باللغة العربية لمسؤولي "القاعدة في المغرب الإسلامي" تشير إلى توسع الجهاديين في نيجيريا عام 1994، وتقارير باللغة الفرنسية في منتصف العقد الأول من القرن الحالي عن وجود تعاون بين الجهاديين النيجيريين والجهاديين في شمال إفريقيا خلال الفترة من 1994 إلى 2004. كما تشير مراسلات الحكومة النيجيرية مع الأمم المتحدة إلى حقيقة العلاقات المالية بين السلفيين النيجيريين، والحركة السلفية الجهادية في بلاد المغرب. علاوة على ذلك، تمت مراجعة حسابات وسائط التواصل الاجتماعي المؤرشفة التي يرجع تاريخها إلى عام 2013، أي قبل عام من إعلان خلافة "أبي بكر البغدادي"، إلى عام 2015، عندما تعهد "أبو بكر شيكاو" زعيم بوكو حرام بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية. لقد كانت هذه المراجعة حاسمة كذلك لفهم خطوط الاتصال التي أقامها الجهاديون النيجيريون مع تنظيم داعش في العراق وسوريا وليبيا والسودان. كما تم تقييم تسجيلات صوتية بلغة الكانوري والهوسا، خاصة بمجلس شورى ولاية غرب إفريقيا التابعة لداعش، ومراسلات باللغة العربية من القاعدة في تونس إلى قادة بوكو حرام قبل إعلانها عام 2015 البيعة لداعش.
وفي المقابل، كان لتنظيم القاعدة حضور واضح في شرق إفريقيا، حيث قام بأولى عملياته عام 1998 من خلال تدمير مبنى السفارة الأمريكية في كل من نيروبي ودار السلام، فضلًا عن استضافة نظام "البشير" المخلوع في السودان لزعيم القاعدة "أسامة بن لادن". وعليه، لم تكن علاقات تنظيم الشباب المجاهدين بتنظيم القاعدة غير خافية. على الرغم من صعوبة تتبع عدد الصوماليين الذين سافروا للمشاركة في الحرب الأفغانية السوفيتية وعدد المجاهدين العائدين؛ إلا أن هناك أربعة أعضاء بارزين كان لهم أبلغ الأثر في تأسيس هذه الحركة الجهادية التي انبثقت عن حركة المحاكم الإسلامية في الصومال. الشخصية الأولى "إبراهيم حاج جامع" (المكنى بالأفغاني)، الذي قام بدور محوري في تنظيم الشباب في سنواته الأولى. أما الشخصية الثانية فهي "عدن حاشي عيرو"، أحد الأعضاء المؤسسين لحركة الشباب. وثالثًا الشيخ "حسن ضاهر عويس"، رئيس مجلس شورى اتحاد المحاكم الإسلامية الذي ساعد في تسهيل بعض العمليات المبكرة للقاعدة في مقديشو. وأخيرًا زعيم حركة الشباب السابق "أحمد عابدي جودان".
أضف إلى ذلك، فإن نائب "أسامة بن لادن"، "علي أمين الرشيدي"، أو كما يعرف بـ"أبي عبيدة البنشيري"، الذي رأس عمليات القاعدة في شرق إفريقيا؛ كان له دور فعال في إنشاء فرع القاعدة في شرق إفريقيا من خلال تمويل وتدريب المقاتلين الصوماليين ضد الولايات المتحدة والحكومة الصومالية وداعميها. لم تكن هذه المجموعة من الأفراد فقط مفتاح إنشاء علاقة بين حركة الشباب وتنظيم القاعدة، ولكنها نقلت تجارب قتالية وعملياتية حقيقية. ولعل ذلك يؤكد على نهج استراتيجية "تتبع المخالطين"، لأن التعرض للفكر الجهادي والروابط مع النشطاء الأجانب يحدد القدرات الأيديولوجية والاستراتيجية والعملياتية للتنظيمات الجهادية العنيفة في إفريقيا.
هشاشة السياقات المحلية:
لا يكفي مع ذلك القول بأن طبيعة الفيروس الخارجية، سواء في بُعده الوبائي أو الإرهابي، دليل على استبعاد السياقات المحلية وضعف البنى التحتية الإفريقية التي تساعد في نشر العدوى وانتقالها بسرعة كبيرة. هنا تأتي أهمية مقولات مدرسة العوامل المحلية التي تحاول تفسير الجماعات الجهادية العنيفة في إفريقيا (مثل: أنصار الإسلام في بوركينافاسو، وكتيبة ماسينا في مالي، وبوكو حرام في نيجيريا، والشباب في الصومال) عن الحركات الجهادية العالمية، والنظر إليها من خلال عدسة العوامل المحلية. إحدى مشاكل القارة الإفريقية الكبرى هي ضعف الدولة أو غيابها في بعض الأحيان. الدولة هي بيت الداء، وقليل من الدول الإفريقية ينجح في بسط سلطتها الشرعية على كافة الأقاليم. كثيرًا ما تحكم الدولة مناطق المحيط من خلال الممثلين كما هي حالة إثيوبيا، أو تسمح لبعض الوكلاء بإنشاء كيانات شبه حكومية صغيرة خاصة بهم مثل حالتي الصومال والسودان. في بعض البلدان التي ظهرت فيها المنظمات الجهادية العنيفة، لا تمتلك الدولة سوى القليل من الشرعية، مع فشل الحكومات في ضمان تحقيق الأمن أو تقديم الخدمات الاجتماعية. الثقة في أجهزة الدولة من قبل السكان تكاد تكون معدومة، بل إنهم -في الواقع- غالبًا ما ينظرون إليها كمصدر للتهديد. الدولة موجودة قبل كل شيء في العاصمة. حيث تتمركز النخبة السياسية في البلاد.
إن مثل هذا الفهم لأزمة الدولة وسياق العوامل المحلية لهو أمر حيوي لفهم الجهادية في إفريقيا، وكذلك لمعالجة المشاكل المتزايدة المرتبطة بها. عندما تثبت الدول أنها غير راغبة أو غير قادرة على ضمان الأمن، أو تطبيق القانون، أو توزيع المنافع العامة؛ غالبًا ما تقوم الكيانات الأصغر بهذه الأدوار، وعادة ما يقوم الجهاديون الأفارقة بسد هذا الفراغ. لم يكن مستغربًا أن تنظيمات: الشباب، وبوكو حرام، والقاعدة، في شمال مالي، على الأقل حتى التدخل الفرنسي في يناير 2013؛ قامت بالسيطرة على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، وأنشأت عليها هياكل بديلة للدولة.
وعلى الرغم من أهمية السياق المحلي، فإن عولمة الحركة الجهادية الإفريقية حاضرة، وتكتسب أهمية كبيرة في البحث والتحليل. على سبيل المثال، تُعد جماعة أنصار الإسلام، وهي جماعة جهادية عنيفة أسسها المعلم "إبراهيم ديكو" في عام 2016؛ أكبر تهديد داخلي لبوركينافاسو. تعد الحركة من حيث النشأة والتأسيس حركة بوركينابية محلية استغلت الاستياء المحلي بين السكان، ولكنها منذ تأسيسها كانت لها علاقات خارجية تتجاوز الحدود الوطنية. لقد سُجن "إبراهيم ديكو" في مالي المجاورة بعد اعتقاله من قبل فرنسا لمناهضته علنًا عملية سيرفال في 2013 وإعلانه الجهاد. كما قام الرجل ببناء علاقات وثيقة مع جبهة تحرير ماسينا المرتبطة بتنظيم القاعدة في الساحل.
تصاعد "العولمة المحلية":
ربما يكون الحل الأمثل هو الجمع بين المدرستين المحلية والعالمية من أجل فهم أفضل للحركة الجهادية العنيفة في إفريقيا. لقد تطورت الأيديولوجيا الجهادية العالمية التي تنادي بإقامة دولة الخلافة بمفهومها الطوباوي الموروث بكافة السبل المشروعة وغير المشروعة، وانتشرت جغرافيًّا بشكل ملحوظ منذ بداياتها المبكرد في أوائل القرن العشرين. كانت نقطة البداية هي سقوط الخلافة العثمانية وظهور حركة المد القومي في الوطن العربي، حيث تم تحديها بحركة الإسلام السياسي التي كانت تحاول إعادة أمجاد الخلافة الإسلامية. ومنذ ذلك الحين ظهر التناقض جليًّا بين سرديات الجامعة العربية التي رفعها القوميون العرب وسرديات الجامعة الإسلامية التي رفعها أنصار مشروع الإسلام السياسي. ظلت الأمور بين شد وجذب باتجاه كل من العروبة والإسلام السياسي، إلى أن تحوّلت الأفكار الجهادية العنيفة إلى شبكة عالمية واسعة النطاق -وإن كانت غير متصلة الحلقات- في فترة ما بعد أحداث سبتمبر 2001. اتسمت عولمة الجهاد العنيف -ولا سيما على أيدي تنظيم القاعدة- من الناحية الحركية بغياب السلطة المركزية الواضحة، حيث انصرف الجهاديون في المناطق الجغرافية المختلفة إلى إدارة شؤونهم الخاصة تحت راية القاعدة الأيديولوجية الفضفاضة. وفي المقابل، سعت المنظمة إلى تسخير قوة الجهاد المحلي في خدمة الجهاد العالمي، وتشجيع المجموعات المحلية على العمل بما يتماشى مع جدول أعمالها العالمي، وتقديم الدعم التقني والمادي، وكذلك أوراق الاعتماد الأيديولوجية.
أضحت القاعدة بمثابة فكرة وكلاشينكوف يمكن لأي جماعة جهادية تحت راية القاعدة أن تعلن الولاء للجهاد العالمي في الوقت الذي تحدد فيه أجندتها المحلية. في هذا السياق، طرح "رونالد روبرتسون" مصطلح Glocalisation المُركّب من العالمية والمحلية، حيث يمكن فهم المنظمات الجهادية "الإرهابية" التابعة في إفريقيا بأنها تفكر وتعمل بمنظور محلي وعالمي، سواء بسواء. ومن خلال هذا الفهم تصبح المظالم التاريخية المحلية والمخاوف ومظاهر الاستياء العالمية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، بحيث يمكن استغلال المشاكل المحلية كأدوات تجنيد وأسلحة دعائية لصالح الجهاد العالمي وأهدافه.
وأيًّا كان الأمر فإن الدراسة المتأنية للتنظيمات الجهادية الكبرى في إفريقيا (مثل: بوكو حرام، وتنظيم شباب المجاهدين) تظهر أهمية هذه الرؤية الشمولية التي تجمع بين المحلية والعالمية. ثمة مشابهة واضحة بين التمدد الجهادي العنيف في إفريقيا وجائحة كورونا، وهو ما يعني أن فهم طبيعة الحركة الجهادية العالمية والدور الرئيسي الذي تلعبه الروابط الإقليمية والدولية أمر ضروري ومفيد لتوجيه استراتيجيات مكافحة الإرهاب ومواجهة الجماعات الجهادية من حيث تحديد ووقف التدفق المستمر للأموال والأفكار التي تُسهم في بناء قدرات التنظيمات الجهادية الإفريقية. وفي الوقت نفسه، يتم العمل من أجل استرداد المناعة الذاتية للمجتمعات الإفريقية من خلال مواجهة الأسباب الهيكلية التي تدعو للتطرف، وهو ما يعني إفساح المجال للحلول السياسية والاجتماعية بما فيها الحوار مع الجهاديين أنفسهم.