أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

شاهدٌ من أهلها

01 أغسطس، 2017


حيرتنا السياسة الأميركية تجاه الأزمة مع النظام القطري بسبب مواقفها المتناقضة. صحيح أن هذا التناقض لم يكن من نصيب هذه الأزمة وحدها لأسباب لا مجال في هذا السياق للبحث فيها، ولكنه زاد عن الحد في حالتنا من رئيس يدين بعبارات واضحة مسلك النظام القطري إلى وزيرين مسؤولين، هما وزيرا الدفاع والخارجية يدليان بتصريحات مائعة حول الأزمة لا تحمل شبهة إدانة للنظام القطري، ويقوم ثانيهما بتوقيع مذكرة «تفاهم» مع هذا النظام لا ندري محتواها وآليات تنفيذها، ولكنها في كل الأحوال تُظهر النظام القطري بمظهر النظام المؤهل لثقة قوة عالمية كالولايات المتحدة طالما أنها تثق في صدقيته للاتفاق معها على قضية بأهمية مكافحة الإرهاب التي جعلها الرئيس الأميركي أولويته الأولى. وللأسف فإن هذا الموقف الأميركي الملتبس تكرر على صعيد دول أوروبية مهمة اكتوت بنار الإرهاب ومع ذلك استخدمت الكلمات الخشبية نفسها عن ضرورة حل الأزمة بالحوار والحفاظ على وحدة الخليج واستقراره، وكأنها لا تعلم أن أصل الأزمة هو أن النظام القطري يعبث عامداً بتلك الوحدة وهذا الاستقرار. ولم يخرج تفسير هذه المواقف الملتوية عن أمرين، أولهما لغة المصالح، والثاني شراء الأصوات الإعلامية بالمال كما يتضح على سبيل المثال من تمثيلية اتهام بعض الدول بالوقوف وراء عملية القرصنة المدعاة التي تعرض لها موقع إخباري رسمي قطري استناداً إلى تقرير صحفي يعتمد بدوره على تصريحات منسوبة لمسؤولين أميركيين لم يُحَدد من بينهم اسم واحد يمكننا الرجوع إليه في التثبت من صحة هذه المزاعم، ثم تقوم قناة «الجزيرة» بعد ذلك «بغسيل» هذه المعلومات باعتبارها معلومات موثوقاً بها نقلاً عن مصادر «رسمية» أميركية في تكرار مفضوح لأساليب هذه القناة! وقد بلغ هذا الزيف مبلغه حتى تشكك البعض ممن ليست لهم دراية كافية بالنظام القطري وممارساته في صدق الاتهامات الموجهة إليه.

غير أن الرياح أتت مؤخراً بما لا تشتهي سفن النظام القطري فقبل أيام عقدت اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس النواب الأميركي جلسة استماع للبحث في الأزمة القطرية، وقالت رئيسة اللجنة، وهي تنتمي للحزب الجمهوري إن «بيئة قطر متساهلة مع تمويل الإرهاب وتأوي قيادات حماس وطالبان وأفراداً يخضعون لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية ولم تتم ملاحقتهم بعد» وأضافت «على الأقل كان هناك مسؤول قطري رفيع المستوى قدم الدعم للعقل المدبر لاعتداءات 11 سبتمبر الإرهابية ضد بلادنا خالد شيخ محمد». كما تحدثت عن ثلاثة أنواع لتمويل قطر للإرهاب، أولها تمويل مباشر من الحكومة، والثاني تمويل عبر الدوحة من غير علم الحكومة بالضرورة، والثالث تمويل أفراد بمعرفتها من دون أن تفعل شيئاً. وهددت رئيسة اللجنة بأن «تصرف الدوحة وهذا الواقع يجب أن يتغير وإلا ستجازف قطر بخسارة تعاوننا». وفي الجلسة نفسها أجاب نائب مدير الدراسات في «معهد الدفاع عن الديموقراطيات» على أسئلة للنواب بقوله «من الجنون أن تكون هناك قاعدة جوية تحارب الإرهاب وعلى بعد أميال منها إرهابيون من طالبان وحماس يسرحون ويمرحون في الدوحة»، واقترح النائب نقلاً جزئياً للقاعدة إذا لم تتعاون قطر في ملف الإرهاب. وأضاف أحد النواب «لا مكان للرمادية في هذه المسائل وقطر إما معنا أو ضدنا» وتساءل عن علاقة قطر بكل من إيران وتركيا وطالبها بتوضيح موقفها. وهكذا كنا نتطلع إلى اعتراف أميركي بأن ممارسات النظام القطري في منطقتنا إرهابية فإذا بنا نخلص بتأكيدات لضلوعه في أحداث سبتمبر ذاتها، وحمداً لله أنه ما زال هناك من رجال السياسة والعلم من لم يتم شراؤهم بالمال. ومن المهم في هذا السياق أن مسؤولين أميركيين وأوروبيين سابقين تحرروا من ربقة السياسات المصلحية سبق لهم أن قطعوا بتورط النظام القطري في دعم الإرهاب وتمويله. وقد سبق لي على سبيل المثال أن استشهدت بأقوال مدير المخابرات الألماني السابق (1998-2005) الذي قطع بأن قطر مولت مساجد المتطرفين في أوروبا، خصوصاً في ألمانيا، وجندت هذه المساجد عشرات الشبان للانضمام إلى تنظيم «داعش» منهم من سافر للقتال في العراق وسوريا، ومنهم من نفذ هجمات في أوروبا، فأين حمرة الخجل؟

*نقلا عن صحيفة الاتحاد