أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

إيران وسورية مولدتا الإرهاب

18 أكتوبر، 2017


عدد كبير من الناس في الغرب مقتنع بأن التهديد الأساسي الآتي من سورية ومنطقة الشرق الأوسط هو من «داعش». لكن قناعات هذه الغالبية تنبع من لا مبالاة أو عدم اهتمام بالتطورات وبما يحصل في الشرق الأوسط بسبب هيمنة «الحرس الثوري» الإيراني ووحشية نظام بشار الأسد التي أدت إلى إنشاء «داعش». الغريب أنك عندما تتحدث مع الرجل العادي في أوروبا تجد أن هناك نوعاً من خلط التراث الثقافي الإيراني الفارسي القديم بالنظام الكارثي الحالي مع خامنئي وجنراله الشهير قاسم سليماني الذي يتجول بين سورية والعراق ولبنان كأنه في بلده لإعطاء التوجيهات العسكرية والمكافآت عند اللزوم.

استطاع بشار الأسد أن يقنع بعض السذج في الغرب بأنه المدافع عن مسيحيي الشرق، إذ إنه يحميهم وأن لا علاقة له بظهور «داعش»، وأن حليفته إيران هي دولة ذات نفوذ واسع وذات تاريخ وثقافة عريقة كأن خامنئي و «حرسه الثوري» لا علاقة لهما بثقافة حافظ وبالشاهنامة. فهذه الصورة المشوهة في الغرب مردها إلى عدم اهتمام الخارج في الغرب بما كان وما زال يحدث في البلد ذاته منذ قرون وعائلة الأسد الأب والابن تحكم سورية. فالمجازر والقتل والتعذيب التي كان يتعرض لها أي مواطن سوري يعارض النظام كانت نموذجاً عن نهج «داعش» الذي هو نسخة عن مخابرات النظام التي يعرفها لبنان واللبنانيون المستقلون والوطنيون الأحرار. فقبل القتل الذي تعرض له الشعب السوري منذ بدأت التظاهرات في درعا، كان لبنان الاختبار الأول للأسد الأب ثم الابن حيث كانت تصفية المعارضين أو خطفهم وتعذيبهم الطريقة السهلة للهيمنة والبقاء بالتخويف. أما إيران التي أصبحت الآن تسيطر في العراق عبر الميليشيات الشيعية وفي سورية بفضل قواتها العسكرية ووكيلها «حزب الله»، فهي أيضاً أصبحت في نظر الرأي العام الغربي الدولة الكبرى التي لها تاريخ عريق مستقر، وأن لا علاقة لها بوحشية «داعش». فهذه التقويمات المغلوطة سببها عدم اهتمام المواطن العادي في الغرب بما يحدث في البلدين من انتهاكات واعتقالات وتعذيب وجرائم. فصحيح أن إيران سوق كبيرة تهم أوروبا التي لم تحصل إلا على القليل من دول الخليج، ولكن هل نسيت أوروبا وبالتحديد باريس العمليات الإرهابية التي استهدفت قواتها في لبنان ومن كان وراءها؟ إن ما يحصل حالياً في العراق ومساعدة إيران في طرد مقاتلي «البيشميركة من كركوك هدفهما الاستقواء على نظام العبادي الضعيف الذي أضعفته خطوة بارزاني بتنظيم الاستفتاء. وبارزاني كان حذّر الرئيس السابق هولاند من خطوات تعتزم إيران أن تقوم بها في العراق لإنشاء طريق يربط بغداد ودمشق وبيروت كي لا يكون أي عائق لتمرير كل الأسلحة وما يحتاجه «حزب الله» على الأرض في لبنان وسورية. فهذه الأنظمة الديكتاتورية نجحت في فرض فكرة أنها ضامنة الأمن والاستقرار، في حين أنها ضامنة الكوارث والخراب. ومنذ جاء الخميني إلى الحكم في إيران عام ١٩٧٩، زادت الطائفية والتشنج وعدم الاستقرار في المنطقة. ولا شك في أن بارزاني أخطأ التقدير في تنظيم الاستفتاء، لكنه على حق في أن إيران تريد تأمين الطريق من العراق إلى دمشق ولبنان.

ومع كل المآخذ على شخصية ترامب وكل ما يصدر عنه من تصريحات غريبة، فهو على حق بالنسبة إلى كل ما تقوم به إيران والملف النووي ليس وحده الأهم، بل إن سياسة إيران في المنطقة هي أيضاً على المحك والكل مستعجل للعمل مع بلد غني ومسايرة إيران التي ليست بعيدة من «داعش» وممارسته في العراق ولا في سورية ولا في لبنان. فالمطلوب تصويب الصورة لأن تاريخ إيران وسورية وثقافتاهما لا علاقة لهما بالأنظمة الحاكمة فيهما اليوم.

*نقلا عن صحيفة الحياة