أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ترامب وأوبك

18 أكتوبر، 2018


بين الفينة والأخرى، يوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادات حادة لمنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك»، وبالأخص دول الخليج العربي، إذا لم تعمد إلى خفض أسعار النفط، وكأن «أوبك» تملك عصى سحرية لتقول لسوق النفط كن فيكون! غريب أن يصدر ذلك عن رجل أعمال خبِر أحوال الأسواق، وبالأخص قانون العرض والطلب، ودور المضاربين وبقية العوامل الأخرى التي تؤثر في مسار الأسواق، وبالأخص سوق النفط العالمي الحساس جداً للعوامل الجيوسياسية والبيئية، ناهيك عن عوامل السوق ذاتها.

منظمة «أوبك» يشهد لها تاريخها، منذ تأسيسها وحتى الآن، أنها لعبت دوراً محورياً في توازن السوق، حرصاً منها على استقرار الاقتصاد العالمي، وعدم تعرضه لأية هزات قد تؤثر على الدول الأعضاء في المنظمة، اللهم في بعض الحالات التي خرج فيها السوق عن السيطرة تحت تأثير عوامل سياسية وأمنية حادة، كتلك التي حدثت أثناء حرب أكتوبر بين العرب والإسرائيليين عام 1973 أو خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، أو الغزو العراقي للكويت عام 1990.

فيما عدا ذلك كان لأوبك دور إيجابي كبير في استقرار الإنتاج والأسعار على حد سواء. وفي سبيل ذلك قامت بدور المنتج المرن الذي يزيد الإنتاج أو يخفضه وفقاً لمتطلبات السوق والاقتصاد العالمي بشكل عام، حيث لا زالت المنظمة تقوم بهذا الدور المرن والحيوي، فبعد تراجع صادرات النفط الإيرانية في الأشهر الماضية بسبب وقفها أو تخفيضها للعديد من البلدان التزاماً بالعقوبات الأميركية، والتي ستدخل حيز التنفيذ بداية شهر نوفمبر القادم، قامت بعض بلدان أوبك، وبالأخص السعودية والإمارات والكويت والعراق (إلى جانب روسيا المتعاونة معها)، بزيادة إنتاجها، متجاوزةً سقف إنتاج المنظمة المحدد بـ30 مليون برميل يومياً، ليرتفع الرقم إلى 32 مليون برميل، في الوقت الذي زاد الإنتاج الروسي بنحو نصف مليون برميل يومياً، وهو ما يغطي إجمالي صادرات النفط الإيرانية المقدرة بـ2.5 مليون برميل يومياً، علماً بأن هذه الصادرات لم تتوقف بصورة كاملة حتى الآن.

ومع ذلك، فقد ارتفعت الأسعار لتصل إلى 85 دولاراً للبرميل، في أعلى معدل لها منذ عام 2014، إذ جاء هذا الارتفاع نتيجة لعوامل فنية بصورة أساسية، حيث تراجع إنتاج فنزويلا من النفط، إضافة إلى الأعاصير والعواصف التي أثّرت في بعض مناطق الإنتاج، وهي عوامل مؤقتة. كما لا يمكن استبعاد المضاربات، والتي يعرفها الرئيس ترامب بحكم كونه رجل أعمال، بدليل انخفاض الأسعار إلى 80 دولاراً للبرميل بداية الأسبوع الجاري.

وحتى في مثل هذه الحالات تحاول بلدان أوبك، بالتعاون مع روسيا، كبح جماح الأسعار، حيث أعلنت كل من الإمارات والسعودية والكويت وروسيا زيادة إنتاجها من الآن وحتى نهاية العام الحالي، ليتجاوز إنتاج كل من السعودية وروسيا 10 ملايين برميل، وكل من الإمارات والكويت 3.5 مليون برميل يومياً، ما يؤكد حرص هذه الدول على استقرار الأسعار، وبالتالي على استقرار الاقتصاد العالمي، إذ سيؤدي ذلك إلى تعويض توقف صادرات النفط الإيرانية، وكذلك النقص الناجم عن تراجع الإنتاج الفنزويلي.

ماذا يريد الرئيس ترامب أكثر من ذلك؟ الكل يعلم أن بلدان أوبك، وبالأخص الخليجية منها، هي الأكثر حرصاً على استقرار الأسعار والأسواق، وذلك بسبب اعتماد اقتصاداتها على صادراتها النفطية، وأن أي خلل أو تحول عنيف يصيب الأسواق سيؤثر عليها مباشرة.

لتلك الأسباب، على الرئيس الأميركي أن يشكر أوبك بدلاً من إلقاء اللوم عليها، وذلك لتعاونها المستمر من أجل ضمان استقرار الاقتصاد العالمي، خصوصاً وأن الأعضاء في المنظمة يأخذون بعين الاعتبار مصالح المستهلكين، إلى جانب مصالحهم، كمنتجين للنفط.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد