أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ضغوط موازية:

تداعيات تصاعد الضربات العسكرية ضد التنظيمات "الداعشية"

09 يناير، 2018


تعرضت بعض فروع تنظيم "داعش" لضربات عسكرية مكثفة خلال الفترة الأخيرة، والتي استهدفت معاقلها الرئيسية فضلاًَ عن قادتها وكوادرها المؤثرين، خاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، التي تبدي اهتمامًا خاصًا بمواجهة فروع التنظيم، لا سيما القوية منها، خاصة بعد تراجع التنظيم في كل من العراق وسوريا، بشكل دفعه إلى التعويل على فروعه في التواجد على الساحة والمحافظة على بنيانه التنظيمي والفكري.

ضربات مؤثرة:

شنت الولايات المتحدة الأمريكية والقوات الحكومية في بعض الدول عمليات عسكرية ضد بعض فروع تنظيم "داعش" في المرحلة الماضية، وكان لافتًا أنها لم تقتصر على منطقة جغرافية محددة، فضلاً عن أنها ركزت على الفروع الأكثر خطورة.

ويعد تنظيم "ولاية خراسان" في أفغانستان، التي وُضِعت على قائمة الدول التي قد ينتقل إليها التنظيم الرئيسي بعد الهزائم التي منى بها في العراق وسوريا، أحد أكثر الفروع الإرهابية التي تعرضت لضربات قوية من قبل واشنطن، بداية من استخدام ما يسمى بـ"أم القنابل" في الهجوم على معاقله في إبريل 2017، وانتهاءً بالهجمات التي شنتها الطائرات بدون طيار ضد بعض عناصره في ديسمبر الفائت، وهو ما أدى إلى مقتل العشرات منهم وتدمير مستودعين للذخيرة.

كما تعرض فرع تنظيم "داعش" في الصومال أيضًا لضربات أمريكية خلال الفترة الأخيرة، مثل الهجوم الذي شنته القوات الأمريكية في 21 نوفمبر 2017، وأسفر عن مقتل أكثر من 100 إرهابي، ينتمون لتنظيم "داعش" وحركة "شباب المجاهدين".

فضلاً عن ذلك، تم توجيه ضربات عسكرية ضد فرع تنظيم "داعش" في اليمن، على غرار ما حدث في 21 ديسمبر 2017. وتعرض فرعه في ليبيا أيضًا لهجمات مماثلة في سبتمبر 2017، وذلك بعد أن أشارت تقارير عديدة إلى أنه يقوم بعملية إعادة انتشار في الجنوب بعد خروجه من مدينة سرت.

وبالتوازي مع ذلك، صعّدت القوات الحكومية في بعض الدول من مواجهاتها مع فروع التنظيم، مثل القوات النيجيرية التي قامت بشن هجوم ضد حركة "بوكو حرام"، في 27 ديسمبر 2017، بالقرب من مدينة مايدوغوري في شمال شرقي البلاد، وهو ما أسفر عن مقتل 10 من عناصرها، وذلك بعد أن تمكنت تلك القوات من شن هجوم على نقطة عسكرية تابعة للأخيرة في المدينة.

تأثيرات محتملة:

تفرض الضربات المتصاعدة والمتنوعة التي تتعرض لها بعض فروع تنظيم "داعش"، لا سيما القوية منها، تداعيات عديدة يمكن تناولها على النحو التالي:

1- تعميق الانحسار: سوف يؤدي اتساع نطاق استهداف فروع تنظيم "داعش"، التي يسعى من خلالها إلى الحفاظ على موقعه داخل خريطة التنظيمات الإرهابية، إلى تعميق حالة الانحسار التي يواجهها التنظيم في المرحلة الحالية، خاصة في ظل المنافسة القوية من جانب التنظيمات الإرهابية الأخرى، وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة" وفروعه المختلفة، والذي يعتمد بدوره على سياسة التمدد والانتشار ويحاول استغلال الضغوط التي يتعرض لها "داعش" من أجل تحقيق أهدافه.

2- تهديد القاعدة الأيديولوجية: والتي يعتمد عليها التنظيم في تعزيز نفوذه داخل بعض دول الأزمات، واستقطاب مزيد من العناصر المؤيدة لتوجهاته. ومن هنا، سعى التنظيم إلى دعم فروعه القوية، باعتبار أن المناطق التي تسيطر عليها تمثل خيارًا بديلاًَ له في حالة اتجاهه إلى نقل مقاره خارج مواقعه السابقة، بعد الهزائم الكبيرة التي تعرض لها.

3- ظهور فروع جديدة: كان تنظيم "داعش" حريصًا على تكوين نوعين من المجموعات الإرهابية في الخارج: الأولى، هى المجموعات التي قبل منها البيعة بشكل علني واعتبرها ضمن ولاياته الخارجية، وهى ما يطلق عليه الفروع.

والثانية، هى المجموعات التي لم يقبل منها البيعة بشكل علني، ولم يصنفها على أنها ضمن ولاياته الخارجية، ويطلق عليها "المجموعات الداعشية"، مثل تلك المجموعات الموجودة في الفلبين أو الصومال.

ومن هنا، فان تعرض فروع التنظيم لهذه الهجمات المتواصلة سوف يدفع الأخير، على الأرجح، إلى تفعيل دور "المجموعات الداعشية" من أجل تقليص حدة الضغوط التي تتعرض لها الفروع والعمل على فتح جبهات جديدة عبر قبول بيعتها بشكل علني، واعتبارها ولايات خارجية، وهو ما يزيد من احتمال ظهور فروع جديدة، وربما توسيع نطاق النشاط الذي تقوم به تلك المجموعات، من خلال شن هجمات إرهابية أكثر عنفًا خلال المرحلة القادمة.

4- تفاقم أزمة المقاتلين الأجانب: أدت الهزائم الكبيرة التي منى بها تنظيم "داعش" في كل من العراق وسوريا إلى تصاعد حدة أزمة المقاتلين الأجانب في صفوفه، باعتبار أن بقاءهم داخل مناطق سيطرته السابقة يواجه صعوبات عديدة، بشكل بات معه الانتقال إلى المناطق الأخرى التي تتواجد فيها فروعه هو الخيار الأكثر ترجيحًا، خاصة مع استعداد بعض تلك الفروع لاستقبال عدد كبير منهم، مثل فرع "ولاية خراسان" الذي كشفت بعض التقارير، في ديسمبر 2017، عن انتقال بعض المقاتلين الأجانب إلى صفوفه بالفعل وتأسيس معسكر جديد لهم في شمال أفغانستان. وبالتالي، فإن تصاعد الضربات التي تتعرض لها تلك الفروع سوف يفرض ضغوطًا علي هؤلاء المقاتلين، ويساهم في وضع حدود للخيارات المتاحة أمامهم للتعامل مع التداعيات التي تفرضها تلك التطورات.

5- تزايد الضغط القاعدي: سوف يتجه تنظيم "القاعدة" إلى استغلال الضربات التي تتعرض لها تلك التنظيمات في توسيع نطاق انتشاره في مناطقها، وفرض مزيد من الضغوط عليها من أجل إضعافها ودفع قادتها وكوادرها إلى الانشقاق عليها والانضمام إليه، رغم أنه يتعرض بدوره لضربات قوية من جانب بعض القوى الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة الإرهاب.

وعلى ضوء ما سبق، يمكن القول إن تصاعد استهداف الفروع الداعشية سوف يستمر خلال الفترة القادمة، خاصة في ظل الأهمية الخاصة التي يمنحها المجتمع الدولي لمواجهة التنظيم والقضاء عليه والحد من انتشاره، وهو ما سيفرض تداعيات سلبية على الأخير، وسيساهم في تفاقم الأزمات التي يتعرض لها خلال المرحلة القادمة.