أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

التحول المأمول:

تقييم محاور وأهداف رؤية السعودية 2030

12 مايو، 2016


خطت المملكة العربية السعودية خطوة تاريخية نحو تطوير اقتصادها وزيادة تنويعه، وذلك بإطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد، في شهر أبريل الماضي، "رؤية المملكة العربية السعودية 2030". وهذه الرؤية، التي ارتكزت على ثلاثة مرتكزات أساسية هي: العمق العربي والإسلامي للمملكة، والقدرات الاستثمارية الضخمة التي تتمتع بها، وموقعها الجغرافي المتميز، ستعمل على إحداث نقلة نوعية في اقتصاد المملكة من خلال عدد من الإصلاحات التي تهدف إلى زيادة الكفاءة والتوظف والترابط مع الاقتصاد العالمي.

وفي هذا الصدد، ستعمل المملكة على زيادة دور القطاع الخاص من خلال تفعيل الخصخصة، وزيادة كفاءة القطاع الحكومي بإعلاء مبادئ الشفافية والحوكمة ومكافحة الفساد، وتكثيف إصلاحات العملية التعليمية لتتناسب مخرجاتها مع احتياجات سوق العمل، ودعم الثقافة والمشاركة المجتمعية، والاهتمام بالعناية الصحية، وتوفير الدعم لمستحقيه، وإصلاح المالية العامة دون المساس بمبادئ أساسية مثل عدم فرض الضرائب على الدخول والثروات والسلع الأساسية.

عناصر "رؤية المملكة 2030"

اعتمدت "رؤية المملكة 2030" على عناصر أساسية تعكس التوجهات سابقة الذكر، والتي شملت جوانب اتسمت بالجراءة والقناعة بضرورة تحديث الفكر الاقتصادي، حيث تضمنت ما يلي:

  • تحويل "أرامكو"، عملاق النفط السعودي، من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي يعمل في أنحاء العالم.
  • تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى أكبر صندوق سيادي في العالم.
  • تحفيز الشركات السعودية لتكون عابرة للحدود ولاعباً أساسياً في أسواق العالم.
  • تصنيع نصف الاحتياجات العسكرية على الأقل محلياً.
  • تخفيف الإجراءات البيروقراطية الطويلة، وتوسيع دائرة الخدمات الإلكترونية، واعتماد الشفافية والمحاسبة الفورية، وإنشاء مركز يقيس أداء الجهات الحكومية ويساعد في مساءلتها عن أي تقصير.

وقد تحددت ثلاثة محاور أساسية للرؤية، هي: 1- المجتمع الحيوي، الذي يعتبر أساساً لتحقيق الرؤية وتأسيس قاعدة صلبة للازدهار الاقتصادي. 2- الاقتصاد المزدهر، بالتركيز على توفير الفرص للجميع عبر بناء منظومة تعليمية مرتبطة بالاحتياجات المستقبلية لسوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من روّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى. 3- الوطن الطموح، بتهيئة البيئة اللازمة للمواطنين وقطاع الأعمال والقطاع غير الربحي لتحمل مسؤولياتهم وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديّات واقتناص الفرص.

أهداف الرؤية

حدَّدت الرؤية مجموعة من الأهداف الرئيسية التي غطّت الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والتي تميزت بالطموح والنظرة الاستراتيجية بعيدة المدى، حيث تضمنت ما يلي:

1- على مستوى التنويع الاقتصادي والتنمية:

  • ارتفاع حجم اقتصاد المملكة العربية السعودية وانتقاله من المرتبة 19 إلى المراتب الـ15 الأولى على مستوى العالم.
  • خفض معدل البطالة من 11.6% إلى 7%.
  • الانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسيّة العالمي إلى أحد المراكز العشر الأولى.
  • رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7%.
  • الوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40% إلى 65%.
  • رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75%.
  • رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على سبعة تريليونات ريال سعودي.
  • تقدم ترتيب المملكة العربية السعودية في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 49 إلى 25 عالمياً، والأولى إقليمياً.
  • رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي.
  • ارتفاع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20% إلى 35%.
  • رفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالي دخلها من 6% إلى 10%.

2- على مستوى الإصلاح الحكومي:

  • زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار إلى واحد تريليون ريال سنوياً.
  • الصعود من المركز 80 إلى المركز 20 في مؤشر فاعلية الحكومة.
  • الوصول من المركز 36 إلى المراكز الخمسة الأولى في مؤشر الحكومات الإلكترونية.

3- بالنسبة للجوانب الدينية والثقافية والاجتماعية:

  • زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين من ثمانية ملايين إلى 30 مليون معتمر سنوياً.
  • رفع عدد المواقع الأثرية المسجّلة في اليونسكو إلى الضعف على الأقل.
  • أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل 200 جامعة دولية.
  • تصنيف ثلاث مدن سعودية بين أفضل 100 مدينة في العالم.
  • ارتفاع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة من 2.9% إلى 6%.
  • ارتفاع نسبة ممارسي الرياضة مرة على الأقل أسبوعياً من 13% إلى 40%.
  • الارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي من المرتبة 26 إلى المرتبة العاشرة.
  • زيادة متوسط العمر المتوقع من 74 إلى 80 عاماً.
  • رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30%.
  • رفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل من 1% إلى 5%.
  • الوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي سنوياً مقابل 11 ألف شخص الآن.

برامج تنفيذية متميزة

تجدر الإشارة إلى أن "رؤية المملكة العربية السعودية 2030" قد تضًّمنت أيضاً مجموعة محددة من البرامج الإصلاحية المتطورة للغاية، ومنها، على سبيل المثال، ما يلي:

  • إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم.
  • البرنامج الوطني "داعم" لتحسين جودة الأنشطة الرياضية والثقافية.
  • برنامج "ارتقاء"، الذي يعمل على تطبيق مجموعة من مؤشرات الأداء التي تقيس مدى إشراك المدارس لأولياء الأمور في عملية تعليم أبنائهم.
  • إطلاق البوابة الوطنية للعمل "طاقات"، لتعزيز جهود مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل.
  • برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية، والذي سيتم من خلاله تدريب أكثر من 500 ألف موظف حكومي عن بُعد، وتأهيلهم لتطبيق مبادئ إدارة الموارد البشرية في الأجهزة الحكومية.
  • برنامج "قوام" لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي، حيث سيتم من خلال البرنامج إجراء مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة واللوائح المالية في جميع الأجهزة الحكومية للتحول من التركيز على سلامة الإجراءات فحسب إلى مفهوم فاعلية الصرف وارتباطه بتحقيق أهداف محددة يمكن قياس فاعليتها بما يحفظ استدامة الموارد والأصول والموجودات.
  • برامج أخرى مرتبطة بالإصلاح المالي للحكومة، منها برنامج إعادة هيكلة الحكومة، وبرنامج الرؤى والتوجهات، وبرنامج تحقيق التوازن المالي، وبرنامج إدارة المشروعات، وبرنامج مراجعة الأنظمة، وبرنامج قياس الأداء.
  • مجموعة من البرامج التنفيذية، منها برنامج التحول الاستراتيجي لشركة "أرامكو" السعودية، وبرنامج إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج رأس المال البشري، وبرنامج التحول الوطني، وبرنامج الشراكات الاستراتيجية، وبرنامج التوسع في الخصخصة، وبرنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي.

تقييم عام للرؤية

ربطت الرؤية بين ثلاثة جوانب أساسية لإحداث التحول المأمول في الاقتصاد السعودي، وهي: الخصخصة، والتنويع الاقتصادي، وزيادة الانفتاح الاقتصادي والمالي على العالم. فقد تفهَّمت الرؤية ضرورة الاستمرار في خصخصة الأصول المملوكة للدولة من أجل تحقيق عوائد إضافية ومتنوعة للاقتصاد، وبما يتيح تنمية وتطوير الأدوات الاستثمارية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية. وأشارت الرؤية، في هذا الخصوص، إلى صندوق الاستثمارات العامة الذي يُستهدف أن يصبح أكبر صندوق سيادي استثماري في العالم بعد نقل ملكية شركة "أرامكو" إليه.

كذلك، شدّدت الرؤية على أن صندوق الاستثمارات العامة لن يكون منافساً للقطاع الخاص، بل سيكون مُحركاً فعالاً لإطلاق بعض القطاعات الاستراتيجية التي تتطلب رؤوس أموال ضخمة. وسيسهم ذلك في تنمية قطاعات جديدة وشركات وطنية رائدة.

وفي إطار زيادة الانفتاح الاقتصادي والمالي الخارجي، سعت الرؤية إلى الدخول في شراكات طويلة الأمد مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل التبادل التجاري ونقل المعرفة، مع مراعاة التكامل مع باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واستثمار قوة العلاقات السعودية – المصرية، في جعلها رابط بري مع القارة الأفريقية. وأيضاً العمل على بناء سوق مالية متقدمة ومنفتحة على العالم، بما يتيح فرص تمويل أكبر، ويُنشّط الدورة الاقتصادية والاستثمارية.

وبتقييم أهداف ومحاور وبرامج رؤية المملكة 2030 المذكورة أعلاه، فإن أكثر ما يلفت النظر فيها هو التحول الجذري الذي تعمل على تحقيقه في الاقتصاد السعودي، والجراءة التي تتم بها طرح الأفكار الجديدة البعيدة عن التقليدية. وهذا التحول المأمول يعكس قناعة من صانع القرار السعودي بأن الاقتصاد العالمي قد تغير بصورة ملحوظة خلال السنوات الماضية، لأسباب عديدة أهمها التقدم في تقنية المعلومات والاتصالات، والتطور التقني في مجالات التمويل والطاقة والبيئة، وأن الاقتصاد العالمي، بجوانبه التجارية والمالية والمرتبطة بعناصر الإنتاج مثل العمالة، أصبح متكاملاً بدرجة غير مسبوقة تاريخياً.

وهذا التغير يتطلّب من الدول أن تتواكب معه حتى لا تتراجع اقتصاداتها، وعليها العمل على رفع الكفاءة والتركيز على المزايا التنافسية التي تتوافر لديها، مع إعطاء الفرصة للقطاع الخاص وللشباب لأن يُبدع، حيث أنه الطريق الوحيد لتحسين مستويات المعيشة وزيادة الرفاهة. وبحكم أن الاقتصاد السعودي هو الأكبر عربياً، وأحد أكبر عشرين اقتصاد عالمياً، فإنه من المنتظر أن يكون لتطبيق هذه الرؤية مردوداً إيجابياً على المستويات الخليجية والعربية والعالمية، بما يجعله مأمولاً ومرحباً به بشدة.