أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

الشعبوية:

"سياسات الحشد الجماهيري" في العدد الخامس من "دراسات المستقبل"

28 فبراير، 2019


أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة العدد الخامس من سلسلة "دراسات المستقبل" عن شهر فبراير 2019، حيث يتناول هذا العدد موضوع "صعود موجة جديدة من الشعبوية في العالم"، حيث تتناول الدراسة الأبعاد النظرية لمفهوم الشعبوية وخريطة تصنيفات وأنماط الشعبوية والأطر النظرية المفسرة لسياسات الحشد الجماهيري، بالإضافة لتحليل مؤشرات الموجة الصاعدة من الشعبوية وخصائص هذه الموجة الجديدة، والعوامل المفسرة لصعودها، وتداعيات وتأثيرات المد الشعبوي.

اتجاهات "الاستقطاب المجتمعي":

أعدت هذه الدراسة د.رغدة البهي، مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والحاصلة على درجة الدكتوراه في موضوع "تطور نظرية الردع في العلاقات الدولية: دراسة في النظرية والأنماط"، كما تناولت في رسالتها للماجستير موضوع "الحرب من منظورات العلاقات الدولية: بالتطبيق على الحروب الروسية في القوقاز"، ولها العديد من الدارسات المنشورة في دوريات علمية مُحكمة باللغتين العربية والإنجليزية عن الإرهاب في دول آسيا الوسطى، وردع الفاعل الجماعي، والتحالفات الدولية وأزمة الليبرالية والدين والقوة الناعمة الروسية والشرعية الأخلاقية للقوة العسكرية والاقتصاد السياسي الدولي للبيئة.

ويقصد بالشعبوية "مجموعة من الأفكار التي تتأسس على التمييز الأخلاقي بين "الشع في مقابل "النخبة" أو بمعنى آخر فإن الشعبوية هي "فلسفة سياسية متكاملة تقوم على الإعلاء من شأن الجماهير وتوجهاتهم في مواجهة النخب السياسية".

وتتشكل الشعبوية – وفقاً للدراسة - من عدة أركان رئيسية؛ يتمثل أولها في الانفصال بين مجموعتين متجانستين، وهما "الشعب" من جانب و"النخبة" من جانب آخر، ويرتبط ثانيها بمعاداة النخب السياسية، ويتصل ثالثها بالاعتقاد في أفضلية الشعب في مقابل دونية النخب، ويرتبط رابعها باعتبار إرادة الشعب المصدر النهائي للشرعية.

وترى الباحثة أن الأركان الأساسية لأطروحات التيارات الشعبوية تتمثل في تعزيز الانفصال بين الشعب والنخب السياسية ورفض المؤسسات التمثيلية والوسيطة، مثل الأحزاب والمجالس التشريعية وتفكيك المؤسسات الدولية وإضعاف دورها بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، وتبني السياسات التجارية الحمائية لمواجهة التدهور الاقتصادي وإنعاش أسواق العمل الراكدة، بجانب السعي لفرض ضوابط صارمة على الهجرة لحماية الهوية الوطنية.

التأثيرات الممتدة للشعبوية:

أشارت الدراسة إلى أن تصدر التيارات الشعبوية للمشهد السياسي في الدول الغربية في فترة معينة لا يعني بالضرورة أنها ستواصل الصعود بصورة حتمية، إذ قد تتراجع شعبية هذه التيارات في مرحلة لاحقة في حالة تغير طبيعة السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مثل حدوث انخفاض في تدفقات اللاجئين وتراجع عجز الموازنة العامة، كما تتأثر شعبية هذه التيارات بإمكانية إخفاقها في طرح سياسات فعالة تسهم في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مطالب الناخبين، فضلاً عن احتمالات تفجر الانقسامات داخل هذه التيارات أو تسببها في تفجر صراعات سياسية وحالة من الاضطراب وعدم الاستقرار داخل الدولة مما يؤدي لتراجع التأييد الشعبي لها.

ولا يقتصر صعود الشعبوية على الولايات المتحدة والدول الأوروبية وإنما يمتد ليشمل أمريكا اللاتينية وآسيا والدول الأفريقية أيضاً نظراً للطابع العالمي للظاهرة، إذ تتمكن التيارات الشعبوية من اكتساب قوة دافعة في بعض الدول نتيجة لاستمرار تراجع فاعلية الأحزاب السياسية ونخبوية الممارسة السياسية بصفة عامة والانفصال بين السياسيين والجماهير، وتراجع مستويات الاستجابة للمطالب الشعبية في بعض الدول وعدم التصدي للتداعيات الاقتصادية لسياسات الإصلاح الاقتصادي الليبرالية والتي تتسبب في بعض الحالات في تزايد الفقر والبطالة، وهو ما يؤدي لاستمرار الطلب المتزايد على الشعبوية.

ختاماً، لا يعني تراجع تأييد بعض التيارات والأحزاب الشعبوية بسبب إخفاقها في التعامل مع تعقيدات المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، انحسار الشعبوية بصورة كاملة كنمط خطاب سياسي وأسلوب لحشد الجماهير، بحيث تظهر تيارات شعبوية جديدة على امتداد المشهد الانتخابي بطرفي اليمين واليسار لتحل محل التيارات التي انحسرت شعبيتها وتعيد طرح الخطاب العاطفي المبسط الذي يقوم على الاستجابة الكاملة لمطالب الجماهير وحشد تأييد في مواجهة النخب السياسية.