أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

تدعيم "المكانة":

دلالات صفقة الأسلحة القطرية

07 أبريل، 2014


يكشف إعلان قطر في 27 مارس 2014، وهو اليوم الختامي لمعرض ومؤتمر الدوحة الرابع للدفاع البحري (ديمدكس)، عن إبرامها صفقة أسلحة متنوعة بقيمة 23 مليار دولار من عدة دول، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا والصين، عن اتجاه قطري جديد يسعى إلى مزيد من توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة التي حظيت شركاتها بالجانب الأكبر من عقود تلك الصفقة، وذلك من خلال الاعتماد في تسليحها على الأسلحة الأمريكية بدلاً من الأسلحة الفرنسية التي تقدر بنسبة 80% من مخزون قطر الحالي من الأسلحة.

توطيد العلاقات مع واشنطن

ومع أن قطر كانت تتفاوض على شراء بعض هذه الأسلحة من الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، وأن الإعلان عن الصفقة ليس مفاجئاً بشكل مطلق، إلا أن توقيت إعلان هذه الصفقة التسليحية الضخمة التي تأتي في وقت يغلب فيه التوتر في علاقات قطر بدول الخليج يشير إلى أن الهدف الأساسي ربما يكمن في محاولة استجلاب مزيد من التعاون مع الولايات المتحدة من أجل ضمان تعزيز دعمها لقطر، ولمشروعها الإقليمي القائم على دعم الإخوان المسلمين في المنطقة، ولضمان توفير الحماية لقطر في مواجهة خصومها، لاسيما في ظل احتدام الخلافات بينها وبين كل من السعودية والإمارات والبحرين.

ولعل هذا ما يفسر حصول الولايات المتحدة على النصيب الأكبر من هذه الصفقة، حيث تضمنت عقوداً مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية بقيمة 7.55 مليار دولار، ومع شركة رايثيون للحصول على منظومة باتريوت للدفاع الجوي بقيمة 9.9 مليار دولار، وكذلك تضمنت صواريخ باك – 3 (التي تستخدم في هذه المنظومة)، والتي تصنعها شركة لوكهيد الأمريكية، فضلاً عن أجهزة استشعار متقدمة تقنياً، وأجهزة رادار لطائرات الهليكوبتر أباتشي.

وشملت الصفقة، إلى جانب ذلك، صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات، والتي يتم إنتاجها بالمشاركة بين شركتي لوكهيد ورايثيون، وذلك بقيمة 150 مليون دولار أمريكي، و24 طائرة هليكوبتر أباتشي من طراز (AH – 64E) بقيمة 8.9 مليار ريال قطري، وقيام شركة لوكهيد مارتن ببناء أكاديمية تدريب للقوات الجوية بحوالي 410 ملايين دولار.

ويمكن القول إن كلاً من قيمة الصفقة وأنواع الأسلحة التي تتضمنها كبيرتان جداً بالنسبة للقدرة الاستيعابية لدولة قطر، لاسيما لدى مقارنة القيمة بحجم الإنفاق العسكري القطري في السنوات السابقة، حيث بلغ الإنفاق العسكري القطري في عام 2012 على سبيل المثال حوالي 3.64 مليار دولار فقط.

ومن جانب آخر لا تمتلك قطر الإمكانيات البشرية اللازمة لاستخدام بعض منظومات هذه الأسلحة، إذ يبلغ حجم القوات المسلحة القطرية حوالي 11.800 جندي فقط (القوات البرية: 8.500 – القوات البحرية: 1.800 – القوات الجوية: 1.500) وفقاً لتقرير التوازن العسكري الصادر في 2014 عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، وهو حجم يبقى محدوداً على الرغم من مصادقة الحكومة القطرية في أوائل مارس 2013 على قانون جديد للتجنيد الإجباري، يتطلب من الرجال القطريين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و35 سنة قضاء حوالي 3 إلى 4 أشهر في القوات المسلحة القطرية، وهو ما قد يؤشر إلى وجود اتجاه لبناء قوة مسلحة قطرية.

تعزيز المكانة الإقليمية

لا ينفصل المسعى القطري لتعزيز العلاقات مع واشنطن من خلال إعلان هذه الصفقة التسليحية عن وجود محفزات ذاتية ترتبط برغبة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في بناء قوة مسلحة قطرية تدعم سياسته الإقليمية، خصوصاً أنه كان المسؤول عن صفقات شراء الأسلحة قبل توليه الحكم في منتصف عام 2013، إذ يمكن القول إنه ليس من قبيل المصادفة أن تسعى قطر إلى هذا التسلح الكبير في وقت تدل فيه العديد من المؤشرات خلال السنوات الأخيرة على السعي لتحولها إلى قوة إقليمية مؤثرة.

ويعد من مقتضيات هذا التحول في الدور عدم الاكتفاء فقط بالوسائل المالية والإعلامية أو الدعم المقدم للتيارات الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، بل التوجه صوب الحصول على قوة صلبة ربما تدعم، ولو بشكل معنوي، المشروع الإقليمي لقطر.

وفي المقابل، هناك توجه خليجي لعزل قطر، قد لا يقف عند سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين منها، بل قد يمتد إلى العقوبات اقتصادية، حيث لا تزال السعودية، على سبيل المثال، تمتلك العديد من الأدوات الاقتصادية للضغط على قطر؛ فالواردات إلى قطر براً من السعودية تقدر بحوالي 5.6 مليار دولار في عام 2013، وهو ما يمثل حوالي 23% من إجمالي قيمة الواردات القطرية، كما أن قطر تحصل على 80% من وارداتها من الألبان وكذلك 69% من الخضراوات من خلال السعودية. وينطبق الأمر نفسه على مواد البناء، فحوالي 30% من واردات قطر من الأسمنت والحجر، و27% من الحديد والصلب، و92% من الألومنيوم، تعتمد على التجارة البرية من خلال السعودية، وبالتالي فإن قراراً سعودياً بإغلاق الحدود مع قطر سوف يترتب عليه رفع مستوى التضخم بدرجة كبيرة.

وقد تلجأ السعودية إلى وقف استخدام بطاقات الهوية القطرية كوثائق للسفر داخل مجلس التعاون الخليجي، كما أنه قد تلجأ السعودية والإمارات إلى إغلاق مجالهما الجوي في مواجهة الخطوط الجوية القطرية، وهو ما سيؤثر على كل خطوط الطيران القطرية إلى أوروبا وأفريقيا، ويدفعها لاتخاذ ممرات بديلة، الأمر الذي سيزيد التكلفة ويطيل مدة السفر ويقلل من جاذبية خطوطها الجوية وتنافسيتها.

وتبدو محصلة ما سبق أن شراء قطر لهذه الأسلحة دون أن تترتب عليها زيادة مماثلة في حجم قواتها المسلحة وقدراتها على التعامل مع هذه الأسلحة سوف يبطل معه أي تأثير إيجابي لهذه الصفقة، كما أن صفقة الأسلحة القطرية واستمرار السياسة القطرية الإقليمية على ما هي عليه من شأنه أن يزيد من حدة التوتر بينها ودول الخليج الأخرى، لاسيما السعودية.