أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

مصالحة القرن الأفريقي برعاية إماراتية

29 يوليو، 2018


الأمن الاستراتيجي لدول الخليج العربي يتحرك على قدمٍ وساقٍ منذ عدة سنواتٍ بشكلٍ مختلفٍ عما سبق، وبات يتسم بالفاعلية والمبادرة والشمول، تقوده السعودية والإمارات، ومن أهم أبعاده مواجهة النفوذ الإيراني وحلفائه في المنطقة والعالم، وفي أفريقيا وفي القرن الأفريقي تحديداً، وآخر النتائج التي برزت مؤخراً المصالحة التاريخية التي رعاها ولي عهد أبوظبي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بين إثيوبيا وإريتريا.

بتنسيقٍ سعوديٍ إماراتيٍ كاملٍ، تتم تطورات كبرى عربياً وإقليمياً ودولياً، على كافة المستويات، والنتائج تتراكم والنجاحات تبنى والانتصارات تتوالى، فنجاحات اليوم هي نتيجة قرارات الأمس، والظفر الحاضر هو نتيجة استراتيجيات الماضي، وقل مثل هذا في المستقبل، فما يعد له اليوم من قراراتٍ واستراتيجيات ستتضح نتائجها في الغد القريب والبعيد. بعيداً عن استحضار التاريخ القديم للنزاع بين البلدين إثيوبيا وإريتريا في ستينيات القرن الماضي، والحرب الطاحنة ما بين عام 1998 وعام 2000 والذي فتح مجالاً رحباً للتأثير على صراع البلدين من الدول المحيطة في السودان الأصولية آنذاك والصومال المترعة بالإرهاب في حينه، فإن النتيجة اليوم مبهرة وهي مصالحة تاريخية بين البلدين، تتجاوز الماضي وصراعاته وتتجه لبناء مستقبلٍ أفضل يوقف نزف الخسائر ويدعم استقرار المنطقة الممتلئة بالصراعات والنزاعات، حتى لا تهوي الدولتان فيما هوت في الصومال من استحكام التطرف والإرهاب.

"استقرار الدول" ودعمه ونشره وتثبيته هو مبدأ كبير يقود كل الاستراتيجية المعلنة للإمارات والسعودية، والرفض الكامل لـ "استقرار الفوضى" الذي تقوده إيران وتركيا وقطر هو أحد أعمدة هذه الاستراتيجية السعودية الإماراتية، وفي القرن الأفريقي وبعد تقسيم السودان ومشاركته في عاصفة الحزم وهو موقف متقدم لولا بعض القرارات غير المريحة تجاه توازنات القوى في المنطقة، ومحاولات الاختراق التركية في السودان والصومال.

الإثخان في النظام الإيراني والإثخان فيما يظنه سبل النجاة والإثخان في خطابه وإيديولوجيته والإثخان في مستقبله، هي أحد أهم سبل مواجهته بكل الجدية اللازمة والفاعلية المستحقة، والدور الإماراتي الذي تعزز وتصاعد في السنوات الأخيرة هو مؤشر مهم على ما تستطيع الدول تحقيقه بالقيادة الفاعلة والتحالفات الناجحة والرؤى المتقدمة. هذا التحالف السعودي- الإماراتي أنقذ العالم العربي من مآس وويلات "الربيع" الأصولي الإرهابي الذي كان البعض يسميه "الربيع العربي، فأنقذ البحرين وأنقذ مصر بشكلٍ حاسمٍ، وأنقذ غيرها من الدول العربية عبر الدعم السخي والرؤية الواضحة والاستراتيجية المحكمة، وعدد من الدول العربية لم تزل ممتنةً للإمارات والسعودية ولما جرى في تلك السنوات العجاف في الماضي القريب.

الدور الكبير الذي تلعبه الإمارات في ليبيا لإصلاح ذات البين ودعم الشعب الليبي والدولة الليبية دورٌ مشهود ومعروف، وهو دعم لاستقرار الدولة الليبية والإصلاح بين الفرقاء الليبيين بعيداً عن كل القوى الأصولية والإرهابية المدعومة من محاور معادية في المنطقة ترى في ليبيا مجالاً للتوسع في دعم التطرف والإرهاب وضرب استقرار مصر وتونس وغيرهما من الدول العربية فيما لو تحقق ما يبتغون من الاستحواذ على ليبيا بشكل كاملٍ.

مثل هذه الأدوار السياسية والاقتصادية والاستراتيجية لا تتخذ بين عشية وضحاها، ولكنها تبنى بالحكمة والهدوء وبعد النظر، وتؤتي أكلها بشكل بطيء، ولكن أكيد المفعول كما يقول المثل الإنجليزي المشهور.

اختلاط الدم الإماراتي والسعودي في اليمن هو أبرز الأمثلة على التحالف المظفر الذي يقوده البلدان، والنجاحات المظفرة هنا خير دليل على أن قوة الإرادة السياسية والقرار السياسي قادران على تغيير المعادلات الدولية والإقليمية بشكل بيّنٍ وفاعلٍ، ويكفي للمقارنة تذكر كيف كان الوضع قبل سنواتٍ ثلاثٍ وكيف هو اليوم. أخيراً، الإمارات داعمةٌ لاستقرار الدول في المنطقة ووعيها المتقدم قائد ورائد في كافة ملفاتها وأزماتها، ورعاية المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإرتيريا خير مثال.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد