أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

القمة العربية.. من «أنشاص» إلى الـ42

16 مارس، 2017


شهر مارس هو عادة موعد اجتماع القمة العربية في دورتها العادية، وبما أني لم أرَ ذكراً للموضوع في الإعلام العالمي ولا حتى العربي، اعتقدت أن الذاكرة خانتني، فسألت أحد طلابي النجباء الذي يتمتع بذاكرة حديدية، فأفادني أن المؤتمر سيعقد في الأردن، لكن ليس هناك أخبار مؤكدة عن تاريخ الانعقاد أو جدول الأعمال، وهذا ما أكده زميل من عتاة القومية العربية، وهو من القلة الثابتة على المبدأ، لكنه لم يستطع إعطاء مزيد من المعلومات.

تذكرت أياماً مضت كانت كبرى الصحف ووكالات الأنباء العالمية تبعث بأقوى مراسليها لتغطية «الحدث». لماذا إذن اختفت القمة العربية كحدث إعلامي؟

رغم تخميني للإجابة، فقد فضلت العودة إلى أوراقي ووثائقي ليكون التحليل بعيداً عن الأهواء قدر الإمكان ومرتكزاً على بيانات موثقة. للتذكرة كان أول مؤتمر للقمة العربية في مايو 1946 في مدينة أنشاص القريبة من القاهرة، والتي كان الملك فاروق، حاكم مصر في ذلك الوقت، مولعاً بها. وهو المؤتمر التأسيسي للجامعة بعد الاتفاق مبدئياً على إنشائها قبل ذلك بحوالي العام، أي قبل إنشاء الأمم المتحدة نفسها. حضرت ذلك الاجتماع الدول السبع المؤسسة للجامعة، وهي: مصر، السعودية، العراق، الأردن، لبنان، سوريا، اليمن، ثم كانت القمة الثانية في بيروت (نوفمبر 1956) بدعوة من الرئيس اللبناني كميل شمعون، رداً على العدوان الثلاثي ضد مصر، حيث أجمعت الدول التسع المشارِكة على مناصرة مصر، ووجهت تحذيراً للدول المعتدية (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) من الانضمام لمصر عسكرياً إذا لم تمتثل دول العدوان لقرارات الأمم المتحدة بالانسحاب. وجاءت القمة الثالثة بعد 8 سنوات، أي في عام 1964 الذي شهد مؤتمرين للقمة: أحدهما في يناير بمقر الجامعة في القاهرة، والثاني في سبتمبر بالإسكندرية. كانت هناك حالة طوارئ، حيث شرعت إسرائيل في تحويل مياه نهر الأردن في وقت سادت فيه الحرب الباردة العربية. أهم قرارين إجماعيين في ذلك العام: تشكيل لجنة لإنهاء الخلافات العربية، وقيادة عسكرية موحدة لردع إسرائيل. لكن لم تكن لأي من القرارين أية فاعلية خارج الورق.

ومع ذلك فقد استمرت القمم في دورة عادية وغير عادية حسب الأزمات.

وعقب توقيع مصر منفردةً اتفاق سلام مع إسرائيل سنة 1978 وتعليق عضويتها، تم نقل مقر الجامعة إلى تونس، ثم انتظمت مؤتمرات القمة سنوياً بعد قمة القاهرة الطارئة في أكتوبر 2000، والتي سُميت قمة الأقصى بعد دخول شارون الحرم القدسي. ومنذ ذلك الوقت عقد 17 مؤتمر قمة، سبقه 24 مؤتمر قمة منذ تأسيس الجامعة العربية، أي ما مجموعه 41 مؤتمر قمة، ليكون مؤتمر عمان القادم القمة رقم 42.. فما الحصيلة؟

باستثناء معظم القرارات التي تتم الموافقة عليها بالإجماع ثم لا يتم تنفيذها، ارتبطت معظم هذه المؤتمرات بأزمات. مثلاً انسحب وفد ليبيا في اليوم الثاني من قمة الأقصى عام 2000، ولم تكمل القمة الخامسة في الرباط سنة 1969 أعمالها ولم يصدر عنها بيان ختامي، ولم يستمر مؤتمر فاس لسنة 1981 إلا 5 ساعات بسبب رفض سوريا مسبقاً خطة الملك فهد لحل أزمة الشرق الأوسط، وتقرر إرجاء المؤتمر إلى سبتمبر 1982، أما القمة الـ28 التي كان مفترضاً تنظيمها يومي 29 و30 مارس 2004 فألغيت قبل انعقادها بيوم.

هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن إدراجها، لكن الصورة واضحة، فبالإضافة إلى الموضوعات السياسية التي تفكك العمل العربي، ورغم الإصرار على شعارات تحرير فلسطين والأمن القومي العربي، هناك مشكلة تنظيمية فيما يتعلق بأجندة العمل العربي وأساليب تحديدها ووسائل تنفيذها.

وإذا لم يتحقق النجاح مسبقاً في تلك الناحية التي تبدو إجرائية وشكلية، فإن مؤتمر القمة القادم سيلحق بسابقيه من مؤتمرات قمم عربية، ويصبح مجرد رقم القمة 42.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد