أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ضغوط داخلية:

أسباب تصعيد الشارع اللبناني ضد قوى "8 آذار"

03 يونيو، 2020


تزايدت وتيرة الاحتجاجات الداخلية اللبنانية التي استهدفت الاعتراض على الأوضاع المعيشية بالإضافة إلى رفض ممارسات قوى "8 آذار". ففي 29 مايو الفائت، اندلعت مواجهات بين القوى الأمنية ومجموعة من المحتجين عند توجههم إلى مقر الرئاسة الثانية (منزل رئيس مجلس النواب نبيه بري) في عين التينة، مما أسفر عن وقوع خسائر مادية وإصابة عدد من الأشخاص.

وفي اليوم التالي، نظم عشرات اللبنانيين وقفة احتجاجية مناهضة لحزب الله أمام قصر العدل (مجمع المحاكم الرئيسي) بالعاصمة بيروت، للمطالبة بنزع سلاح الحزب، وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الشرعية المتمثلة في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، إضافة إلى المطالبة بتطبيق القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن (1559-1680-1701) التي تشدد على نزع سلاح الحزب، كما رفع المشاركون لافتات تضمنت عبارة "أرض وشعب وقانون" وذلك رداً على شعار حزب الله "جيش وشعب ومقاومة".

وفي اليوم الأخير من الشهر، نفذ عدد من المعتصمين وقفات احتجاجية أمام قصر بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية)، منددين بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة التي تمر بها لبنان، بالتوازي مع محاولة عدد من المحتجين الدخول الى "ساحة النجمة" في وسط بيروت (التي يوجد بها مقر مجلس النواب)، غير أن شرطة المجلس قامت بمنعهم، مما أفضى إلى حدوث مناوشات بين الجانبين.

وقد ردت قوى "8 آذار" على ذلك بتنظيم احتجاجات مضادة أمام قصر العدل رفضاً للوقفة الاحتجاجية المطالبة بنزع سلاح الحزب، وللتأكيد على أن "سلاح الحزب هو سلاح المقاومة".

دوافع مختلفة:

تتمثل أهم الأسباب التي دفعت المعارضين لقوى "8 آذار" إلى النزول للشارع مجدداً في التالي:

1- تصاعد تأثيرات الأزمة الاقتصادية: تواجه لبنان ظروفاً اقتصادية ومعيشية خانقة خاصة بعد انتشار فيروس "كوفيد-19" المعروف بـ"كورونا"، كما اندلعت في الفترة الماضية العديد من الأزمات داخل مجلس الوزراء بين حلفاء البيت الواحد "قوى 8 آذار"، وصولاً إلى التهديد بالاستقالة وتجميد عمل الحكومة (خاصة من حركة أمل وتيار المردة)، إضافة إلى التضارب في التوجهات والمصالح الفئوية بين أعضاء قوى "8 آذار"، مما أفضى إلى عرقلة أو تأخير تنفيذ العديد من المشاريع التي تصب في مصلحة المواطن، ومنها مشاريع الكهرباء التي تستنزف أكثر من 40% من مصاريف الموازنة، فضلاً عن الصراع الدائر حالياً لاستهداف القطاع المصرفي. 

2- تفعيل دور المعارضة: كان لافتاً في الفترة الماضية اتجاه قوى المعارضة، خاصة الرئيسية منها (تيار المستقبل- حزب القوات اللبنانية- الحزب التقدمي الاشتراكي- حزب الكتائب اللبنانية) إلى التصعيد، وهو ما كان له دور في إلقاء مزيد من الضوء على سلاح حزب الله، علماً بأن هذه هى المرة الأولى التي تُنظم فيها وقفة احتجاجية في لبنان لتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بنزع سلاح الحزب منذ عام 2005، وبالتالي لا يُستبعد أن تكون تحركات الشارع مدفوعة من جانب بعض تلك الأحزاب، أو حتى الكتل والأحزاب المستقلة التي تشكلت حديثاً مثل "التجمع من أجل السيادة"، أو حزب "سبعة". 

3- انعكاسات الضغوط الدولية على حزب الله: بدأ الشارع يتحسب من التداعيات التي يمكن أن تفرضها الضغوط الدولية التي يتعرض لها حزب الله، خاصة وأنها ستزيد الخناق على الدولة، وتعرضها لمزيد من الأزمات، وذلك على عدة مستويات تتمثل في:

• إحجام المانحين الدوليين عن دعم لبنان، خاصة فيما يتعلق بعدم دعم وزارة الصحة التي يترأسها وزير من حزب الله في ظل جائحة "كورونا"، أو وضع صندوق النقد الدولي شروطاً عديدة لإقراض لبنان، منها شروط سياسية تقضي بتقليص نفوذ حزب الله داخلياً وعدم استفادته من أموال القرض، وهو الأمر الذي قد يُواجه برفض من جانب الأخير، بما سيؤخر أو حتى يجمد حصول لبنان على قرض الصندوق أو مقررات مؤتمر "سيدر"، بشكل سينعكس سلباً على الاقتصاد.

• تعرض لبنان لعزلة دولية، وذلك في ظل تنامي أعداد الدول التي تصنف حزب الله كمنظمة إرهابية، وكان آخرها ألمانيا، مما يقلص من العلاقات السياسية والدبلوماسية بين تلك الدول ولبنان على اعتبار أن الحزب يشارك في الحكومة، وما يتبعه ذلك من تداعيات اقتصادية، إضافة إلى اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية لفرض عقوبات على داعمي الحزب في الداخل من غير الطائفة الشيعية.

4- رفض تغيير صيغة الطائف: ظهرت مؤخراً عدة مبادرات من جانب بعض القيادات الروحية الشيعية، بإيعاز من حزب الله، للتنديد باتفاق الطائف والنظام السياسي المحايد إقليمياً، وهو ما عكسه إعلان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بمناسبة عيد الفطر، الذي هاجم فيه اتفاق الطائف على اعتبار أنه "ناتج عن حكم استعماري"، و"يضعف الدولة"، مطالباً بما أسماه "دولة مواطن"، بالتوازي مع هجومه على الدستور. ويُشار في هذا الصدد إلى أن خطاب بعض القيادات القريبة من حزب الله ركز على ربط لبنان بالمحور الإقليمي الذي تقوده إيران، وهو ما أثار حفيظة المواطنين المعارضين لذلك. 

ختاماً، تواجه الحكومة اللبنانية تحديات داخلية وخارجية عديدة فرضت عليها تبني سياسات أثارت استياء الرأى العام، مما دفع المعارضة المناوئة لقوى "8 آذار" إلى النزول للشارع من أجل الضغط على حزب الله وحلفاءه، بهدف تقليص اندفاعهم للهيمنة على المشهد السياسي الداخلي، الأمر الذي يفتح المجال أمام مزيد من المعارضة الشعبية بغطاء سياسي لعرقلة تحركات الحزب وتقليص نفوذه.