أخبار المركز
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)
  • د. أحمد قنديل يكتب: (أزمات "يون سوك يول": منعطف جديد أمام التحالف الاستراتيجي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة)
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)

صدى البلد:

إسرائيل على خطى إيران| «النساء» المعركة الجديدة للحاخامات ووسائل المواصلات «ساحة الحرب».. «بونوت ألترناتيفا» ميليشيات ردع مستوحاة من التاريخ

27 أغسطس، 2023


"التشدد واحد ولو اختلفت الديانة".. ربما يمكن الاستشهاد بالحالة الإيرانية وعدوتها الإسرائيلية؛ لتأكيد صحة تلك المقولة، فنحن هنا أمام نموذجين على النقيض من بعضهما من الناحية الدينية، والمجتمعية، ولكننا نجد أن التشدد والتطرف في كلا الجانبين يتغذيان من ماعون واحد.

وفي أحدث قضايا هذا التشدد، نجد أنه خلال الأشهر الأخيرة كانت أزمة استهداف النساء في الشوارع من قبل الشرطة الإيرانية محل حديث العالم أجمع، خاصة مع وصول الأمر لقتل فتاة بتهمة عدم الالتزام بالزي المحتشم، ولم يمر وقت طويل على سيطرة المتطرفين اليهود على الحكومة؛ حتى ظهرت ذات الأزمة في وسائل المواصلات. 

ولا يستطيع التطرف أن يعش بلا معركة، وما تكاد تهدأ معركة السلطة القضائية داخل إسرائيل؛ حتى تفجرت أزمة التعرض للنساء داخل وسائل المواصلات، وبعد أن أصبح الأمر ظاهرة مقلقلة؛ كان في المقابل هناك رد فعل نسائي، أبسطه كان “تظاهرة”؛ للتعبير عن الغضب مما يحدث، وأخطره كان تشكيل ميليشيا؛ لمواجهة تلك الظاهرة، وهو ما يعكس عمق فقدان الثقة فى السلطة الحاكمة، وأن السلطة أصبحت تمثل منهج حاخامات التطرف اليهودي. 

6 حوادث في أغسطس فقط .. تفشي الظاهرة 

ربما كانت الظاهرة تنموا خلال الأشهر الماضية، إلا أن توهجها كان في أغسطس الحالي، حيث تم الكشف عن 6 حوادث فيه وحده، تعرض خلالها يهود متطرفون لنساء يهوديات، بحجة أن لباسهن غير محتشم، أو أنهن تجرأن على الركوب في مقدمة الحافلات

آخر هذه الحوادث، الأسبوع الماضي، عندما قام سائق إحدى الحافلات في مدينة أسدود، بإجبار فتيات على وضع بطانيات فوق ملابسهن، بدعوى لباسهن غير المحتشم، ونقلهن إلى مؤخرة الباص وراء الركاب الرجال، حيث كانت الفتيات قد صعدن إلى الحافلة التابعة لشركة «نتيف إكسبرس»، على خط سفر طويل من أسدود في الجنوب إلى صفد في الشمال، متجهات للسباحة في بحيرة طبريا، وقد ارتدين السراويل القصيرة؛ فاعتبرهن السائق «عاريات». 

وتروي إحداهن الحادثة بقولها: «صدمنا وأصبنا بالذهول والرعب، لذلك لم نرد على السائق، وبلعنا الإهانة وسكتنا؛ لكننا لم نستجم ولم نسبح لاحقاُ، فقد جلسنا نبكي على الشاطئ»، وفي مرة سابقة، رفض سائق السماح لامرأة في أواخر الثمانينيات من عمرها بركوب الحافلة؛ لأن غالبية الركاب من الرجال، بينما في حادثة أخرى رفض السائق السماح لشابة بالصعود إلى حافلة بدعوى أنها للرجال.

الشركة المعنية أعلنت لاحقا أنها أوقفت السائق عن العمل؛ لأنه تصرف بشكل مخالف للتعليمات، وقالت في بيان، إن سياسة الشركة ضد التعامل مع الركاب بهذا الشكل، وأنها لا تتخذ موقفاً عدائياً مهيناً كهذا من النساء، ولذلك فهي تستنكر تصرف السائق وستستدعيه إلى «جلسة توبيخ»، وربما ستقرر أن تنهي عمله في حال اتضح أنه تعمد إهانة النساء.

وقالت الشركة المشغلة للحافلات، إنها ستجدد التعليمات للسائقين، بأنه من المحظور التفرقة بين الركاب، لصالح طرف ضد آخر على أي خلفية، سواء كانت جنسية أو عرقية أو قومية، أو على أساس اللباس.

مظاهرات نسائية احتجاجًا على التمييز بين الجنسين

ولم تنتظر النساء كثيرا للتعبير عن غضبهن، فقد شاركت نساء في إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي، في مظاهرات احتجاجا على ما قالوا إنه تزايد الفصل بين الجنسين والتمييز علي أساس الجنس، خاصة في وسائل النقل العام، وجاء الاحتجاج بعد تقارير إعلامية تفيد بأن العديد من سائقي الحافلات في الأسابيع الأخيرة أجبروا النساء إما على الجلوس في الخلف أو ببساطة رفضوا اصطحابهن على متن الحافلة، وهتفت المحتجات في الآراضي المحتلة "لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية بدون مساواة" وحمل العديد منهم لافتات كتب عليها "نحن متساوون".

وقد كان العديد من اليهود المتشددين في بني براك يتابعون المتظاهرين أثناء مرورهم، حيث يشكل اليهود المتشددون أكثر من 10% من سكان الأراضي المحتلة، ومسألة الفصل بين الجنسين ليست جديدة في إسرائيل حيث يلاحظ الكثيرون ممارسات دينية تقيد الاختلاط بين الجنسين، ولكن ناشطين يقولون إن التمييز ضد المرأة لم يتزايد إلا في السنوات الأخيرة مع زيادة حجم مشاركة المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية.

"بونوت ألترناتيفا" .. ميليشيا نسائية لصدّ المتطرفين

ورغم خروج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واستنكاره لتلك الحوادث، وذلك حين قال في بيان رسمي، إنه “لا يجوز لأحد في إسرائيل أن يقرر- بالنيابة- كيف يظهر، وماذا يرتدي الآخرون، ونحن دولة حريات حضارية متقدمة”، إلا أنه يبدوا أن كلامه لم يكن محل ثقة داخل المجتمع الإسرائيلي مع وجود المتطرفين معه في الحكومة، وكان دلالة ذلك، قيام مجموعة من مجموعة من النساء بتشكيل ميليشيا لصد تلك الظاهرة، وقد ​أعلنت حركة «بونوت ألترناتيفا» (نساء يبنين بديلاً)، في تل أبيب، عن تشكيل ميليشيا نسائية تتصدى لمحاولات المتدينين اليهود المتطرفين فرض «اللباس المحتشم» على النساء والفتيات في حافلات النقل الشعبية.

وذكرت الحركة، أنها ترفض كافة أشكال بيانات الاستنكار، وقالت في بيان، إن «ما جرى في هذه الشركة ليس مجرد خطأ ارتكبه سائق متخلف؛ بل هي سياسة جديدة تتغلغل في المجتمع الإسرائيلي تحت حكم نتنياهو المظلم وحلفائه الظلاميين».

وشددت الحركة على أن الحكومة تدير سياسة تمييز صارخة ضد النساء، ففي الحكومة نفسها 6 وزيرات فقط من مجموع 34 وزيراً، ومن بين 34 مدير عام وزارة، توجد امرأتان فقط (كان عددهن 9 في الحكومة السابقة)؛ لافتة إلى وجود سياسة لدحر النساء جانباً، تتغلغل في المجتمع كله؛ خصوصاً بوجود أحزاب دينية متزمتة في قيادة الدولة، لذلك، فإن ما يجري في الحافلات هو انعكاس لما يدور في السياسة العامة، علماً بأن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن نسبة النساء بين ركاب حافلات السفر الشعبي تتجاوز 61 في المائة من مجموع الركاب.

حدث فارق في تاريخ إسرائيل

واعتبر سعيد عكاشة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، إعلان تأسيس حركة “بونوت ألترناتيفا”، لميليشيا النسائية التي تتصدى لمحاولات المتدينين اليهود المتطرفين فرض “الزي المحتشم” على النساء والفتيات في وسائل النقل العامة، حدثا فارقا في تاريخ إسرائيل.

وفسر الخبير ذاته، ضمن مقال نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، بعنوان “حدود تهديد اليسار الإسرائيلي بتشكيل ميليشيا لحماية النساء”، غياب التعليق الشعبي أو الإعلامي على إعلان تأسيس ميليشيا “بونوت ألترناتيفا” بكون الأغلبية تتعامل معه على أنه مجرد تصريحات غاضبة تحت تأثير فشل المظاهرات المناهضة لنتنياهو في إيقاف خطة الإصلاح القضائي.

ويكمل عكاشة،: "مع الأخذ في الاعتبار أن تعبير “ميليشيا” في عمومه يشير إلى حركة مسلحة تنتهج العنف كأسلوب لتحقيق أهدافها، وتكسر، في أغلب نماذجها، مبدأ “احتكار الدولة للعنف”، بأن تنشط في مواجهة الدولة ذاتها؛ فإن الأمر في سياق الثقافة اليهودية، والإسرائيلية من بعدها، يبدو مختلفا، فاليهود لهم تاريخ ممتد منذ أواخر القرن التاسع عشر في تشكيل ميليشيات مسلحة لمواجهة حوادث الاعتداء على الطائفة في بعض الدول الأوروبية، كما ظهرت ميليشيات في إسرائيل مثل “الهاجاناه” (تحولت لاحقا بعد قيام الدولة إلى جيش الدفاع الإسرائيلي)، ومنظمة “الأرجون” التي كان يقودها مناحم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، ومنظمة “شتيرن” التي كان يقودها يتسحاق شامير، رئيس الوزراء الأسبق". 

*لينك المقال في صدى البلد*