أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

السيناريوهات الثلاثة:

خريطة التحالفات وتوقعات التصويت في انتخابات الكنيست الـ 25

31 أكتوبر، 2022


في الأول من نوفمبر 2022، تنطلق انتخابات جديدة للكنيست الإسرائيلي، هي الخامسة في فترة أقل من أربع سنوات. وعلى الرغم مما يعنيه هذا من عدم استقرار الوضع السياسي في البلاد، فإن ثمة مخاوف في إسرائيل من أن تفرز هذه الانتخابات مُجدداً وضع "الجمود" Deadlock، بحيث يفشل كلا المعسكرين الرئيسيين في تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يعني الذهاب إلى انتخابات سادسة قد تُعقَد خلال عام 2023.

القوائم المُتنافِسة:

وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، يملك 6.788 مليون ناخب حق التصويت في انتخابات الكنيست الحالية، وذلك بزيادة قدرها 3.2% عن الأعداد في انتخابات مارس 2021، وهي زيادة مصدرها نمو عدد السكان بشكل طبيعي، بجانب تدفق موجات الهجرة إلى إسرائيل، سواء بسبب جائحة كورونا للاستفادة من الخدمات الصحية هناك، أو للهروب من الحرب في أوكرانيا. ومن بين هؤلاء الناخبين، يوجد نحو 1.1 مليون عربي، بنسبة 16% من إجمالي من لهم حق الانتخاب، بينما يُمثل عرب الداخل نسبة 18.1% من إجمالي عدد سكان إسرائيل.

رسمياً، سوف يشارك في الانتخابات الحالية 40 قائمة انتخابية، وهو متوسط عدد القوائم المشاركة في الانتخابات الخمس الأخيرة. ووفقاً لأغلب استطلاعات الرأي المنشورة خلال الفترة الماضية، من المتوقع أن تنجح 11 قائمة انتخابية فقط في دخول الكنيست، عبر تخطي العتبة الانتخابية البالغة 3.25% من الأصوات (بما يُعادل 4 مقاعد داخل الكنيست)، وبينما هناك قائمتان تحومان حول نسبة الحسم، لا تملك باقي القوائم أي فرصة لدخول الكنيست. وغالباً ما يتقدم أصحاب هؤلاء القوائم إلى الانتخابات لاستغلال المميزات الممنوحة للمُرشحين، بما في ذلك المساحات المُخصصة لهم في البث الإذاعي والتلفزيوني الرسمي، للترويج لأنفسهم ولبرامجهم السياسية، لربما يملكون فرصة ترشح جدية في المستقبل.

ويمكن رصد القوائم الـ 11 التي لديها الحظوظ الأكبر في دخول الكنيست القادم، على النحو التالي:

1. حزب الليكود - بنيامين نتنياهو.

2. حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) – يائير لابيد.

3. تحالف "الصهيونية الدينية" - بتسلئيل سموتريتش.

4. تحالف "الوحدة الوطنية" – بيني غانتس.

5. حزب "شاس" - أرييه درعي.

6. حزب "يهدوت هتوراة" - موشيه غافني.

7. حزب "إسرائيل بيتنا" - أفيغدور ليبرمان.

8. حزب "العمل" - ميراف ميخائيلي.

9. حزب "ميرتس" - زهافا غالون.

10. تحالف "الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير" – أيمن عودة وأحمد الطيبي.

11. "القائمة العربية الموحدة" (راعم) – منصور عباس.

أمّا القائمتان اللتان تحومان حول نسبة الحسم، فهما حزب "البيت اليهودي" بقيادة أييليت شاكيد، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة.

التحالفات الانتخابية: 

يرى العديد من المراقبين أن نتنياهو يُقامر بكل ما يملك في هذه الانتخابات، بهدف العودة مرة أخرى إلى رئاسة الوزراء، لإنقاذ سمعته السياسية، والهروب من قضايا الفساد التي تُلاحقه، وهو ما جعله يتجه لتشكيل تحالف ذي توجه يميني متطرف. ويدور الجدل هنا تحديداً حول شخصين، هما بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، من تحالف "الصهيونية الدينية"، الذي يشكل، بجانب حزب "الليكود" والأحزاب الحريدية (شاس ويهدوت هتوراة)، الكتلة الانتخابية لنتنياهو. ويبدو أن نتنياهو لا يملك خيارات أخرى للانتصار سوى عن طريق هذا التحالف.

أمّا يائير لابيد، رئيس الوزراء الحالي، فتتشكّل كتلته بالأساس، بجانب حزبه "يش عتيد"، من أحزاب (الوحدة الوطنية، وإسرائيل بيتنا، والعمل، وميرتس)، بجانب "القائمة العربية الموحدة" بقيادة منصور عباس. بينما تدفع قائمة "عودة والطيبي" أنها لن تُشارك في أي حكومة إسرائيلية قادمة.

استطلاعات الرأي:

تم رصد نتائج أحدث استطلاعات الرأي الإسرائيلية التي أُجريت حول انتخابات الكنيست، وفرص كل كتلة في تشكيل الحكومة القادمة، على النحو التالي: 


 وبناءً على هذا الجدول، يمكن رصد الملاحظات الآتية:

1- من بين آخر سبعة استطلاعات رأي تم رصدها، حصلت كتلة نتنياهو في أربعة منها على 60 مقعداً، في مقابل 56 مقعداً لكتلة لابيد. وفي استطلاع واحد حصلت كتلة نتنياهو على 59 مقعداً مقابل 57 لكتلة لابيد. ولم ينجح نتنياهو في تجاوز حاجز الـ 60 مقعداً (المؤهل لتشكيل الحكومة) سوى في استطلاعين فقط.

2- على الرغم من أن نتائج هذه الاستطلاعات تُرجِّح أن إسرائيل تتجه إلى وضع "الجمود" من جديد، وأن كلا الكتلتين الرئيسيتين ربما تفشلا في تشكيل الحكومة، فإن أداء كتلة نتنياهو قد تطور خلال الأسابيع الأخيرة، وبعدما كان يحوم حول 59 مقعداً، صار أقرب إلى 60 مقعداً، وهو ما قد يمنحه أملاً في تشكيل الحكومة الجديدة، حتى ولو بأغلبية هشة للغاية.

3- تطور أداء كتلة نتنياهو لم يكن بسبب نصيب "الليكود"، والذي تراجعت مقاعده مع مرور الأسابيع، فبعدما كان يحوم على 35 مقعداً، تقلّص نصيبه إلى ما يقارب الـ 31 مقعداً في المتوسط. وهو ما يعود إلى استراتيجية نتنياهو، الذي ركّز على تجنب أي إهدار لأصوات اليمين، وعمل على توحيد أحزاب كتلته، بحيث إن ما يتسرّب من أصوات "الليكود" يذهب إلى تحالف "الصهيونية الدينية" بقيادة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.


4- في المقابل تراجعت حظوظ كتلة لابيد نسبياً، مع العلم أنه لم يصل أبداً خلال الشهور الماضية في أي استطلاع إلى المقعد الـ 61 المؤهل لتشكيل الحكومة. وقد اعتمد لابيد على تعظيم نصيب حزبه، والذي زاد من 21 إلى 24 مقعداً حالياً، ولكن يبدو أن هذه الزيادة كانت على حساب كتلته، وليس خصماً من كتلة اليمين.


5- اتسم أداء الأحزاب الحريدية (شاس، ويهدوت هتوراة) بالثبات خلال الأشهر الماضية، حيث من المرجح أن تحصد 15 مقعداً. وبالنظر إلى أن استطلاعات الرأي غالباً ما كانت تخصم مقعداً واحداً من الأحزاب الحريدية خلال الانتخابات السابقة، فقد يحصد الحزبان خلال هذه الانتخابات 16 مقعداً، وهو أمر قد يمنح المزيد من القوة لكتلة نتنياهو، ويرفع حظوظه في تشكيل الحكومة، خاصةً في ضوء بعض التوقعات بارتفاع نسبة المشاركة في صفوف الحريديم.

6- أمّا حزب "البيت اليهودي"، والذي تُجمِع الاستطلاعات أنه لن يكون قادراً على تخطي العتبة الانتخابية ودخول الكنيست، فقد تطور أداؤه بشكل مُلفت في الأسابيع الأخيرة، وإذا ما نجح في الحصول على 4 مقاعد خلال الانتخابات ودخل الكنيست، فربما يُحدث انقلاباً في مسار الأحداث. فبعد الخلافات الأخيرة بين رئيسة الحزب، أييليت شاكيد، ونتنياهو، ودعوة الأخير لجمهور اليمين لعدم التصويت لحزبها، فقد تتجه شاكيد في حال دخولها الكنيست إلى كتلة لابيد، كما فعل سلفها، نفتالي بينيت، من قبل، وهو ما قد يُمكّن لابيد من تشكيل الحكومة.

7- في ظل التوقع بتراجع نسبة التصويت بين العرب، تُجمِع استطلاعات الرأي الأخيرة على أن نصيب الأحزاب العربية لن يتخطى الـ 8 مقاعد، منها 4 للقائمة العربية الموحدة، و4 لتحالف عودة والطيبي، في مقابل عدم قدرة حزب التجمع الوطني على تخطي العتبة الانتخابية ودخول الكنيست.

اتجاهات رئيسية:

هناك ثلاثة اتجاهات رئيسية ستُشكِّل ملامح المشهد الانتخابي الحالي في إسرائيل، وهي كالآتي:


1- تراجع معدلات التصويت بين العرب وارتفاعها بين اليهود المتدينين: غالباً ما تتركز الأنظار في كل انتخابات إسرائيلية على نسبة المشاركة بين العرب، بعدما أثبتت خلال السنوات السابقة قدرتها على منح أفضلية للأحزاب العربية، غالباً ما تُزعِج كتلة اليمين. وتُشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن نسبة التصويت المتوقعة بين العرب في إسرائيل تتراوح بين 39% و43%، بينما نسبة التصويت داخل المجتمع اليهودي ستتراوح بين 71% و72%، من بين المقيدين في سجلات الناخبين.

ولا يمكن التكهن بدقة بنسبة التصويت بين العرب. ففي انتخابات مارس 2021، كانت النسبة المتوقعة تتراوح بين 58% و64%، ولكن جاءت النسبة الفعلية أقل بكثير، فبلغت 44% فقط، مما قلّل من عدد المقاعد الممنوحة للعرب. وهو الأمر المتوقع في الانتخابات الحالية، والذي يمنح كتلة نتنياهو المزيد من الفرص لتشكيل الحكومة القادمة.

أمّا على المستوى المجتمع اليهودي، فمن المتوقع أن يلعب المتدينون دوراً أكبر في هذه الانتخابات، وهم عادةً ما يكونون أصحاب نسبة مشاركة مرتفعة مقارنة بأتباع التيارات العلمانية، حيث تصل نسبة التصويت لدى الحريديم إلى ما بين 90% و92%، وتبلغ بين أتباع التيار الديني الصهيوني 88%، وهو الأمر الفارق حالياً في منح الأفضلية النسبية لمعسكر اليمين بقيادة نتنياهو.

2- تصدر الوضع الاقتصادي اهتمام الناخبين الإسرائيليين: بحسب استطلاع للرأي أجراه "معهد ديمقراطية إسرائيل" في جامعة تل ابيب، ونُشرت نتائجه في أغسطس 2022، فإن العامل الرئيسي الذي سيؤثر على الناخبين عند التصويت في انتخابات الكنيست هو برنامج الحزب في القضايا الاقتصادية. إذ قال 44% من الإسرائيليين إن برنامج الحزب بشأن غلاء المعيشة سيحدد اتجاه تصويتهم، و24% ذكروا أن تصويتهم سيكون وفق هوية رئيس الحزب.

وهو الأمر ذاته الذي أكّده مسح أجراه معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS)، في سبتمبر 2022، حيث أشار 48% من الناخبين إلى أن الوضع الاقتصادي وتكاليف المعيشة تتصدر قائمة اهتماماتهم، بينما رأى 19% أن قضايا الأمن القومي هي الأهم.

واستناداً إلى دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، بلغت نسبة البطالة في إسرائيل 3.9% في سبتمبر 2022، هبوطاً من 4.1% في أغسطس الماضي. كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.2% في سبتمبر الماضي مقارنةً بأغسطس. ومنذ بداية العام الحالي، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 4.3%.

ويبدو الأمر أكثر تعقيداً عند التطرق لتكلفة تنظيم انتخابات الكنيست للمرة الخامسة في أقل من أربع سنوات، حيث ستبلغ ميزانية هذه الانتخابات نحو 151 مليون دولار، بجانب 13 مليون دولار هي ميزانية لجنة الانتخابات المركزية، ناهيك عن أن يوم الانتخابات يتم اعتباره عطلة مدفوعة في إسرائيل، بما يُكلِّف الخزينة الإسرائيلية نحو 435 مليون دولار. وكل هذه المبالغ تمثل ضغوطاً على مؤسسات الحكم في إسرائيل، خاصةً إذا ما اضطرت إلى اللجوء إلى انتخابات سادسة، في حال فشل أحد المرشحين في تشكيل الحكومة.

3- صعود غير مُعتاد للأحزاب اليمينية القومية: يعتبر البعض أن صعود إيتمار بن غفير هو أحد الأحداث الرئيسية للانتخابات الحالية. وبعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أن كتلته الانتخابية (الصهيونية الدينية) سوف تحتل المركز الثالث في سباق الكنيست، بعدد مقاعد قد يصل إلى 14 في المتوسط، فيبدو أن بن غفير وحليفه بتسلئيل سموتريتش سوف يصعدان بالأحزاب اليمينية القومية في إسرائيل إلى مستوى تمثيل غير مسبوق تاريخياً.

وقد نجح بن غفير في تحويل دعايته إلى موجة شعبوية، تناقلتها وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها بين مؤيد ومعارض، وحوّلتها إلى أحد محاور هذه الجولة الانتخابية. وغالباً ما يُروّج بن غفير لآرائه المتطرفة، التي يصفها معسكر اليسار بالعنصرية، وهو تلميذ اليميني المتطرف، مائير كهانا، وقد مُنع لهذا السبب من الخدمة في الجيش.

وقد حذر العديد من السياسيين الأمريكيين، بمن فيهم السيناتور روبرت مينينديز والنائب براد شيرمان، وكلاهما من داعمي إسرائيل، نتنياهو من تشكيل حكومة تضم بن غفير. في حين حذر العديد من كبار القادة اليهود في الولايات المتحدة من أنه سيكون من الصعب الدفاع عن المواقف الإسرائيلية أمام الإدارة الأمريكية إذا كان بن غفير وزيراً في الحكومة القادمة. ويخشى الكثيرون أن يؤدي صعود بن غفير إلى إلحاق ضرر دبلوماسي بإسرائيل، خاصةً أن تصريحاته وأفعاله كوزير قد تؤجج التوترات في منطقة مشتعلة بالفعل.

سيناريوهات الحكومة:

في أعقاب انتهاء التصويت، ورسم الخريطة النهائية لأعضاء الكنيست، تبدأ مرحلة تشكيل الحكومة، حيث يُقدِّم كل حزب توصية إلى الرئيس الحالي، إسحاق هرتسوغ، بشأن زعيم الحزب الذي يجب أن يحصل على الفرصة الأولى لتشكيل الحكومة كرئيس للوزراء. وإذا نجح هذا القائد في تأمين 61 صوتاً داخل الكنيست، من خلال وعود تتعلق بتوزيع المقاعد الوزارية وتخصيص ميزانية خاصة لبعض الجهات والمشروعات، سيتمكّن من تشكيل الحكومة.

ولكن إذا فشل، سيمنح الرئيس الإسرائيلي فرصة لصاحب المركز الثاني في ترشيحات الأحزاب، وإذا فشل، يتم حل الكنيست، ويعود الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع مرة ثانية، في أوائل عام 2023. وفيما يلي سيناريوهات تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، وفق نتائج استطلاعات الرأي المُعلنة حتى الآن:


1- السيناريو الأول (عودة نتنياهو): هو احتمال قائم بشدة، وتعززه نتائج بعض استطلاعات الرأي، خاصةً إذا نجح الحريديم واليهود المتدينون في جذب المزيد من أصوات مناصريهم. ولكن من المؤكد أنه إذا نجح نتنياهو في تشكيل الحكومة، فسيكون بأغلبية متواضعة للغاية، ستبلغ على أقصى تقدير 62 مقعداً.

وعلى الرغم من أن حكومة نتنياهو – المفترضة في هذا السيناريو- ستكون مُرتكزة على عدد قليل من الأحزاب (4 أحزاب فقط)، فإنها ستكون مُحمّلة بالأزمات والشكوك، من جهة، بسبب الأغلبية الهشة المُستندة إليها، ومن جهة أخرى لأنها ترتكز في نصف عدد مقاعدها على أحزاب يمينية متشددة، تملك سقفاً عالياً (صفرياً) من المطالب السياسية والاجتماعية، التي قد لا تتوافق مع سياسة "الليكود" العلمانية، ولن يرضى عنها المجتمع بكل تأكيد.

2- السيناريو الثاني (استمرار لابيد): منذ حل الكنيست، ووفقاً لاستطلاعات الرأي، لا يملك يائير لابيد أي فرصة لتشكيل الحكومة، وأقصى ما يحاول الوصول إليه هو حرمان نتنياهو من حصد الأغلبية، حتى يتجه إلى انتخابات جديدة. وخلال فترة ما قبل هذه الانتخابات، ستستمر حكومة لابيد لتسيير الأعمال، وبالتالي ربما يمكنها تغيير بعض ديناميات الوضع الحالي لقلب دفة الرأي العام لصالحها.

ومع ذلك، ثمة احتمالية لحدوث ما يشبه "المعجزة"، التي تمنح لابيد كرسي رئاسة الوزراء مُجدداً، ويرتبط ذلك بأربعة عوامل، ربما لم تتمكن استطلاعات الرأي من رصدها، وهي كالتالي:

أ- نجاح لابيد في جذب الجمهور اليساري المعارض لنتنياهو، والذي كان يمتنع عن التصويت خلال الجولات السابقة، وهو ما قد يُحدث انقلاباً في نتائج الانتخابات.

ب- أن تتعدى نسبة التصويت بين العرب الاحتمالات المتواضعة القائمة، وهو ما يعزز من فرص ومقاعد الأحزاب العربية، ربما على حساب معسكر نتنياهو، بما يمنح "القائمة العربية الموحدة" وكتلة لابيد، مقاعد إضافية كافية لتشكيل الحكومة.

ج- أن يتم إقناع قائمة "عودة والطيبي" بالانضمام إلى حكومة لابيد.

د- أن ينجح حزب "البيت اليهودي" بقيادة شاكيد في تخطي العتبة الانتخابية، ليُقرر معاقبة نتنياهو، وينضم إلى حكومة لابيد.

وفي كل الأحوال، إذا نجح لابيد في تشكيل الحكومة وفق المعطيات السابقة، فلن تكون مختلفة عن الحكومة الحالية، وسيواجه مرة أخرى صعوبة في إيجاد أرضية مشتركة بين أعضائها، من العرب والأحزاب اليهودية العلمانية والمتشددة.

3- السيناريو الثالث (الجمود وإجراء انتخابات جديدة): ربما يكون هو الاحتمال الأقرب حتى الآن، فلا ينجح نتنياهو ولا لابيد في تشكيل الحكومة القادمة، مما يعني حل الكنيست الجديد، واستمرار حكومة لابيد في تسيير الأعمال، لحين إجراء انتخابات جديدة في مطلع عام 2023. وهذا أمر لن يكون مُرهِقاً فقط للنظام السياسي الإسرائيلي، ولكنه سيُلقي بظلاله على الرأي العام، ويزرع الشك مُجدداً في ثقة الإسرائيليين في نظامهم الانتخابي، كما أنه سيضيف المزيد من الأعباء الاقتصادية إلى كاهل الموازنة العامة، ومستوى الأسعار والاقتصاد الإسرائيلي ككل.