أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

مصالح ثابتة:

مستقبل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط

22 أكتوبر، 2014

مصالح ثابتة:

نظم مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة محاضرة عامة يوم 19 أكتوبر 2014، ألقتها السفيرة الأمريكية السابقة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، مارسيل وهبة. وكان موضوع المحاضرة هو "مستقبل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط".

وقد استعرضت سعادة السفيرة عدداً من النقاط التي اعتبرتها مفتاحية للتعامل مع السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، من أبرزها:

أولاً: ترى "وهبة" أن الولايات المتحدة احتفظت بالتزام طويل الأمد لضمان الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، وأكدت أن ذلك مصلحة أمريكية ثابتة، لم ولن تتغير بتغير الإدارات الأمريكية، ولكن لكل إدارة مبادراتها الخاصة، أو استجابتها التكتيكية للتطورات الدولية، مع ثبات المصلحة القومية لكافة هذه الإدارات، متمثلة في ضمان "الأمن والاستقرار"، ومكافحة أعمال العنف والإرهاب في المنطقة.

ثانياً: أكدت السفيرة "وهبة" أن السياسة الأمريكية الداخلية تتسم حالياً بوجود انقسامات فيما يتعلق بالتوجهات الخارجية، وهو ما ترك تأثيرات سلبية على السياسة الخارجية الأمريكية، والتي كانت تحظى في السابق بدعم من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وأشارت إلى أن الأوضاع الداخلية وتوجهاتها، خصوصاً الرأي العام الأمريكي، تؤثر في كيفية تنفيذ السياسة الخارجية، وليس في كيفية صناعتها أو صياغتها (وهما أمران مختلفان، أي ثمة فوارق كبرى بين صنع السياسات وتنفيذها).

وأضافت "وهبة" أن الولايات المتحدة على أعتاب التجديد النصفي لمجلس الشيوخ الأمريكي، وهو ما يطرح السؤال: هل يمكن أن يهيمن الحزب الجمهوري على المجلس، وبذلك يكون الرئيس ديمقراطياً والمجلس جمهورياً، فهذا سوف يعيق العديد من القرارات التي يرغب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في إصدارها، ومنها بالقطع قرارات السياسية الخارجية، الأمر الذي يعقد الوضع ولا يساعد الإدارة الأمريكية في تنفيذ أجندتها.

ثالثاً: تناولت السفيرة قضية التدخل الأمريكي العسكري في المنطقة، ورأت أن الانخراط العسكري في المنطقة منذ حرب الخليج الأولى ترك رد فعل قوياً، وشكوكاً دائمة حيال التحركات الأمريكية وأهدافها في الشرق الأوسط، حيث أدت أحداث 11 سبتمبر 2001، بالإضافة إلى الحرب في العراق وأفغانستان، إلى تنامي نظرة شعوب المنطقة إلى الولايات المتحدة باعتبارها دولة معادية للمسلمين والعرب.

رابعاً: عرجت السفيرة "مارسيل وهبة" على موضوع "الثورات العربية"، معربة عن شكها في أن نطلق عليها مسمى "الربيع العربي"، فهي تسمية غير ملائمة الآن بعد التطورات التي خلفتها هذه الأحداث سلباً على دول المنطقة.

وأشارت إلى أن الثورات العربية، في مصر وتونس، والاضطرابات في سوريا وليبيا، حدثت في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة إنهاكاً بسبب حروبها السابقة في العراق وأفغانستان، فضلاً عن رفض الرأي العام الأمريكي لأي تدخل أمريكي جديد في المنطقة؛ ومن ثم فإن النظر إلى هذه الأحداث من خلال التوقيت الذي تحدث فيه، وموقف الرأي العام الأمريكي من مجمل فكرة التدخل العسكري الأمريكي الخارجي، أمر شديد الأهمية.

خامساً: أكدت السفيرة "وهبة" أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد قطع وعوداً بأن إدارته ستعمل على إنهاء التدخل الأمريكي العسكري في العراق وأفغانستان، وأن يبني شرعيته على إنهاء هذه الحروب، وليس بدء عملية تدخل جديدة في أوضاع المنطقة؛ ولذلك فإن القرارات التي سيتخذها الرئيس الأمريكي سوف تكون حذرة - حتى وإن اعتبرها البعض بطيئة - في التعامل مع الأزمات الجديدة، ولذا قد يتشكك البعض في الالتزام الأمريكي تجاه أمن واستقرار منطقة الخليج الجيواستراتيجية، وهذا تشكك غير صحيح.

وأشارت "وهبة" إلى أنه يوجد إجماع في مراكز صنع القرار الأمريكي بأن الحرب على العراق 2003 كانت بمنزلة خطأ استراتيجي للسياسة الخارجية الأمريكية، إذ يعني عدد الأمريكيين الذين اشتركوا في عدة جولات من التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة أن كل المجتمع الأمريكي شعر بتأثيراتها بصورة مباشرة، كما أن عدد الجرحى نتيجة لطبيعة الحربين كانت كبيرة للغاية، وشعر بتأثيرها العديد من المدن في الولايات المتحدة؛ وهو ما أدى - وفقاً لوهبة - إلى وجود كراهية لدى الرأي العام الأمريكي للتورط مرة أخرى في صراعات خارجية، وبالتالي اتسم رد الفعل الأمريكي تجاه التطورات في سوريا بالحذر الشديد.

وبعد أن أنهت السفيرة محاضرتها، تم فتح باب النقاش للحضور. فرداً على سؤال حول الموقف الأمريكي من الثورات العربية خاصة فيما يتعلق بسوريا، وهل هو موقف صحيح، أجابت وهبة بأن هناك من يرى أن الإدارة الأمريكية كان عليها التدخل في سوريا كما تدخلت في العراق في وقت سابق، مؤكدة أن التدخل وقت حرب تحرير الكويت كان سهلاً، وأن التدخل بعد 11 سبتمبر كان أصعب وأخطر ويرقى إلى درجة "الخطأ". أما بالنسبة لسوريا، فيختلف الوضع تماماً، إذ يجب التساؤل لماذا لم تقدم الدول العربية أو أي دولة منفردة خطة يمكن بها تغيير الأوضاع في سوريا؟ نعم الإدارة الأمريكية رأت أن الأسد شخص ليس بالجيد وأن عليه الرحيل، لكن ليس على الولايات المتحدة أن تتدخل في هذا الأمر، كما أن الأوضاع في سوريا شديدة الالتباس، ولو أرادت الإدارة الأمريكية تسليح المعارضة السورية على سبيل المثال، فأي فصيل يمكن أن تسلح؟ وما الضامن ألا تذهب الأسلحة إلى "اليد الخطأ"؟

ورداً على سؤال حول السياسات الأمريكية في العراق، استعادت "وهبة" مقولة شهيرة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق، كولن باول، تقول: "إذا كسرت آنية الفخار فعليك امتلاكها لا إصلاحها"، مشيرة إلى أن هذا هو وضع العراق، مؤكدة أن الإدارة الأمريكية لديها أخطاؤها في العراق، وأنه لا يمكن إنكار أن التدخل الأمريكي في العراق بعد 11 سبتمبر ترك آثاراً سلبية شديدة فيما تشهده العراق من تفكك وظهور "داعش". ورأت "وهبة" أن العراق يحتاج حلاً سياسياً وليس عسكرياً.

وحول العلاقات الأمريكية – الإيرانية، أشارت "وهبة" إلى أن إيران دولة فاعلة بالمنطقة، ولاتزال مفاوضات (5+1) مع إيران سارية، ونأمل في التوصل إلى اتفاق حول ملف إيران النووي، وإن كانت الأمور لا تنبئ باقتراب التوصل لحل حقيقي، لكن في حالة التوصل للاتفاق، فإنه سيكون إيجاد آليات تسمح بدمج إيران في المجتمع العالمي.

ورداً على سؤال حول العلاقات الأمريكية مع مصر من مبارك إلى السيسي، أشارت "وهبة" إلى أن مصر دولة مهمة، وأنه مع بدء ثورة 25 يناير 2011، وجدت الإدارة الأمريكية أن الأحداث تجري بسرعة، وبعد أن اعتادت الولايات المتحدة على وجود حسني مبارك في الحكم لسنوات طويلة، بدأت الأوضاع في التغير سريعاً، وقد تكون السياسة الأمريكية قد أخطأت في نواح عدة منها كيفية التعامل مع الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وأشارت السفيرة إلى أن حكم مبارك لم يدع فرصة ومجالاً لتنظيمات مدنية مثل الأحزاب، مما مكن تنظيم الإخوان المسلمين من إيجاد شبكة قوية من الأنصار والوجود على الأرض، تمكنه من الفوز في الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد 25 يناير، وما يجب العمل عليه اليوم هو تفعيل المجتمع المدني في مصر، خصوصاً بعد أن فتحت أحداث ما بعد الثورات الباب أمام "التيارات الإسلامية" لتكون فاعلاً قوياً على الساحة السياسية.