أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

رؤية كردية:

كيف يرى كرد العراق قضايا المشرق العربي؟

18 أبريل، 2015

رؤية كردية:

استضاف مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، يوم 16 أبريل 2015، الملا: ياسين رؤوف رسول، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، وممثل الاتحاد في القاهرة، ورئيس تحرير مجلة "إشراقات" الكردية، في لقاء عام كان عنوانه: (كيف يرى كرد العراق قضايا المشرق العربي؟)

أشار الملا ياسين في بداية اللقاء إلى أن موضوع إقليم كردستان العراق، وأوضاع الكرد بالمنطقة، يتناولها البعض بشكل مبسط، ويتناولها البعض الآخر باعتبارها مشكلة بسبب ما يجري اليوم من حرب وتدخلات وصفقات، سواء اقتصادية أو سياسية أو عسكرية.

أولاً: القومية الكردية.. نظرة عامة

تطرق المحاضر إلى وجهة النظر الكردية العامة، والتي تقول إن الكرد لا يفضلون أن يطلق عليهم في وسائل الإعلام اسم (الأكراد)، لأن به تصغيراً من الناحية اللغوية للكلمة، فالاسم هو (الكرد)، مشيراً إلى أن الكرد هم إحدى القوميات المسلمة الموجودة في الشرق الأوسط، والتي لم تقم دولتها أبداً، فهناك أربع قوميات هي: العرب والفرس والترك والكرد أقامت منها ثلاث قوميات دول وإمبراطوريات في المنطقة.

وتعيش هذه القومية الكردية المسلمة على أرضها وتتمسك بثقافتها وبدينها وبعاداتها وتقاليدها، وهي قومية عريقة وحية، يعيش شعبها على أرضه، والتي تقع بين دول أربع، شرق كردستان (إيران)، وشمال كردستان (تركيا)، وغرب كردستان (سوريا)، والشمال (العراق)، حيث جرى هذا التقسيم للكرد وفق اتفاقية سايكس بيكو منذ حوالي مائة عام.

ويبلغ تعداد الشعب الكردي ما بين 38 إلى 40 مليون نسمة، يتوزعون على الدول الأربع، إذ يعيش حوالي 20 مليوناً في تركيا، وأكثر من 3 ملايين في سوريا، وحوالي 8 أو 9 ملايين في إيران، ويعيش نحو 5 ملايين نسمة في كردستان العراق. هذا علاوة على أكثر من مليون كردي يعيشون في الشتات في دول مثل روسيا وأرمينيا والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.

ثانياً: الأوضاع السياسية للكرد

أشار الملا ياسين إلى أن الكرد لا يتمتعون في إيران بأية حقوق سياسية أو ثقافية بحكم النظام القائم الموجود ذي الطابع المذهبي، والذي يهمشهم ويضطهدهم مرة بسبب القومية ومرة بسبب المذهب، وثمة معارضة مسلحة كردية تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي من أجل نيل الحقوق، وقام الاتحاد السوفييتي بمساعدة الكرد في عام 1946 في إقامة جمهورية مهاباد، لكن انهارت هذه الجمهورية بعد تأسيسها بعام واحد، وبعدها خمدت الثورة الكردية في إيران طوال حكم شاه إيران محمد رضا، حيث تم تغييب كوارد الكرد في السجون. وبعد ثورة 1979 أفتى الخميني بقتل الكرد، لأنهم ضد الإسلام والثورة الإسلامية، وأصبح الكرد وقادتهم السياسيون مهجرين في الشتات مرة أخرى. واليوم فإن الكرد في إيران هم أصحاب أحزاب ومنظمات ثورية ديمقراطية ويسارية، وهم مسلحون يحاربون النظام الإيراني من الحدود المتاخمة للعراق.

أما في تركيا، فقد تم اضطهاد الأكراد منذ حكم أتاتورك وتشريدهم وحرمانهم من عاداتهم وتقاليدهم، بل إن الدستور التركي حينذاك أطلق عليهم "أتراك الجبل" الذين هم أقل تمدناً، وتم منع اللغة والأسماء الكردية في الأماكن العامة كافة، حتى ظهرت ثورة مسلحة كردية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ودخلت في مواجهات مع الجيش التركي، حتى تم القبض على الزعيم الكردي عبدالله أوجلان في عام 1999، ثم بدأت تركيا في العقد الأخير الانفتاح بشكل أكبر على مشكلة الكرد، وتم السماح بالعديد من الحقوق الخاصة بهم، ولاتزال هذه القضية موضع تفاوض حتى الآن.

وفي سوريا، لا يمتلك الكرد هوية ولا بطاقة تعريفية ولا جنسية سورية، وثمة عشرات الآلاف من الأطفال الكرد محرومون حتى من دخول المدارس لهذه الأسباب، واستمر هذا الأمر طيلة نظام البعث وحتى اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، فقد استطاع الكرد أن يقووا شوكتهم في مناطقهم ويواجهون هجمات الإرهابيين والنظام، ويطالبون بدولة سورية ووحدة ديمقراطية برلمانية حرة لسوريا كلها، وبتوزيع عادل للمناصب بحسب الكثافة السكانية.

ثالثاً: إقليم كردستان جزء من الحل

أكد الملا ياسين أن إقليم كردستان جزء مهم واستراتيجي من العراق، وأن الشعب الكردي في هذا الإقليم شريك حقيقي في بناء دولة العراق الفيدرالية التعددية الديمقراطية، ويعتبر نفسه جزءاً من أركان العراق؛ فإقليم كردستان تابع للعراق سيادياً، لكن له حكومته الإقليمية وبرلمانه المنتخب دورياً بشكل ديمقراطي.

وحول وضع الإقليم الآن، فهو يواجه على طول حدود تبلغ 1050 كم أشرس أنواع أعداء الإنسانية، وهو تنظيم "داعش"، وداخل الإقليم اليوم هناك أكثر من مليوني نازح عراقي من المناطق التي دمرتها هذه القوة الإرهابية، والتي لايزال المقاتلون الكرد يواجهونها بضراوة.

وبالطبع ثمة بعض المشكلات الموجودة بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، تدور حول مخصصات الميزانية وتوقف الواردات المالية والاستثمارات وتوقف الأيدي العاملة إلى أن وصل الأمر إلى عدم وجود الأموال الكافية لسد مستحقات الموظفين في الإقليم منذ ثلاثة أشهر.

ومع ذلك يعتبر كرد العراق أنفسهم شركاء في بناء العراق، وهم جزء أساسي من الحل، وليسول مشكلة، وهم لا يرغبون في تقسيم العراق بين سنة وشيعة وكرد، على الرغم من المشكلات الخاصة بالحدود والسلطة سواء مع السنة أم مع الشيعة.

رابعاً: معوقات قيام دولة كردية

أشار الملا ياسين إلى أن وضع الكرد الآن هو أفضل حالاً مما سبق، على الرغم من كل ما تمر به المنطقة من متغيرات عاصفة، مؤكداً أن ذلك لا يعني وجود الأركان التي تحقق تأسيس هذه الدولة، ومن أبرزها ضرورة جمع الأقسام الكردية الأربعة تحت راية واحدة وعلم واحد وحكومة ائتلافية واحدة، وهو ما لم يحدث ليس بسبب وجود خلافات كردية ـ كردية فقط، ولكن أيضاً لأن الدول الأربع سوف تعارض أي صيغة لذلك، ولو بالقوة.

الأمر الآخر، أن ثمة مصالح للدول الإقليمية والدولية الكبرى في عدم إقامة كيان كردي، ولا توجد قناعة بذلك حتى الآن على الأقل. كما أنه يجب إقناع الدول الأربع بقبول هذه الدولة الجديدة وذلك عبر الحوار أو وفق المتغيرات التي تأتي مستقبلاً، وهو ما يعد أمراً بالغ الصعوبة أيضاً.

وفيما يتعلق بالكرد أنفسهم، ثمة ضرورة لإيجاد أرضية مناسبة للتطور والنمو الاجتماعي والتقدم الثقافي والتعليمي والديني وتعزيز قبول الآخر والديمقراطية الشعبية بين مكونات الشعب الكردي كافة كي يستطيع أن يقنع العالم بإنشاء دولته المستقلة والقابلة للحياة،  وبحيث تكون هذه الدولة إضافة إيجابية للتعايش السلمي في المنطقة، وليست مصدر قلق أو مشاكل لدول لجوار.

ولا يمكن أن يتم ذلك بعيداً عن تأسيس اقتصاد حر للمجتمع الكردي، وذلك عبر الاستفادة من أراضيه الخصبة وما فوقها من الخيرات المائية والزراعية، ووضع وتنفيذ استراتيجية لاستخراج ما في باطن الأرض من النفط والغاز والمعادن الثمينة وتسويقها إلى الأسواق العالمية.

أخيراً، أشار الملا ياسين إلى أن "داعش" سوف يسقط ولو بعد حين، وأن ثمة متغيرات إقليمية كبرى قد تعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط، ولذا فمن مصالح دول المنطقة أن تجعل من الكرد إضافة إيجابية لحل أزمات المنطقة وتحقيق الأمن والتطور للكل، وليس تحويلهم إلى خصم يصعب التعامل معه مستقبلاً.