أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

مسؤولية جماعية:

كيف تتعامل المؤسسات الأمريكية مع تهديدات الانتخابات الرئاسية 2024؟

18 سبتمبر، 2024


تستعد الولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر 2024، لواحدة من أكثر الانتخابات الرئاسية إثارة للجدل، من حيث المنافسة والاستقطاب، مع تقديرات تُنذر بأنها الانتخابات الأصعب من حيث مواجهة التهديدات سواء أكانت الداخلية أم الخارجية، والتي سوف تمتد ما بين حملات التضليل الانتخابي وتصاعد وتيرة العنف وصولاً إلى توقعات بشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية للانتخابات. 

وعلى هذا النحو، تدرك الوكالات الفدرالية الأمريكية أن "أمن الانتخابات" (Election Security) هو الضمان الحقيقي لإتمام العملية الانتخابية، والتي تُشكل حجر الزاوية للديمقراطية الأمريكية؛ ومن ثمّ تبذل تلك الوكالات جهدها لإدارة المخاطر التي تهدد البنية الأساسية للانتخابات، وفيما يلي يمكن التعرف على الوكالات المعنية المنوطة بها مسؤولية الأمن الانتخابي، وأبرز التهديدات الأمنية بمختلف أنواعها، التي تواجه الانتخابات الأمريكية إلى جانب الإجراءات المتبعة في الوقت الراهن لتأمين هذا الاستحقاق الديمقراطي.

مسؤولية جماعية: 

تتحمل الولايات المسؤولية الأساسية عن إدارة الانتخابات الفدرالية، ولكنها تعمل جنباً إلى جنب مع الوكالات الفدرالية وهي: وزارة الأمن الداخلي (DHS)، ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (CISA)، ووزارة العدل (DOJ)، ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، وخدمة التفتيش البريدي للولايات المتحدة (USPIS)، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية (ODNI)، بصفته منسقاً لمجتمع الاستخبارات (IC). وعلى الرغم من أن المسؤوليات قديمة العهد؛ فإن بعضها مستوحى أكثر من التهديدات الأخيرة للتأثير والتضليل والتدخل الأجنبي في الانتخابات. وفيما يلي، أبرز الجهود التي تقوم بها الجهات الفدرالية بالتنسيق مع الولايات لتحقيق الأمن الانتخابي:

1. حماية أمن أنظمة التصويت الانتخابي: إن مسؤولية حماية أمن البنية الأساسية للانتخابات تقع على عاتق وزارة الأمن الداخلي، فهي التي تتولى عبر أجهزتها المختلفة مكافحة التهديدات الأمنية المادية والسيبرانية. وقد صنفت وزارة الأمن الداخلي في يناير 2017 البنية التحتية للانتخابات رسمياً باعتبارها جزءاً من قطاع المرافق الحكومية، مُوضحة أنها تشكل أهمية حيوية لأسلوب الحياة الأمريكي؛ لدرجة أن إعاقتها أو تدميرها من شأنها أن تخلّف تأثيراً مُدمّراً في البلاد، ومعتبرة أن البنية التحتية للانتخابات عبارة عن مجموعة من الأنظمة والشبكات التي تشمل: قواعد بيانات تسجيل الناخبين وأنظمة تكنولوجيا المعلومات المرتبطة بها؛ الأنظمة المستخدمة لإدارة الانتخابات (مثل فرز الأصوات والتدقيق وعرض نتائج الانتخابات)؛ أنظمة التصويت والبنية التحتية المرتبطة بها؛ وأماكن الاقتراع (بما في ذلك أماكن التصويت المبكر). 

وبالتوازي مع ذلك، يتعاون مكتب التحقيقات الفدرالي بشكل وثيق مع "وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية للانتخابات" التابعة لوزارة الأمن الداخلي لمُساعدة مسؤولي الولايات على حماية البنية التحتية للانتخابات من خلال تقديم إحاطات حول التهديدات والمساعدة الفنية لتعزيز سلامة هذه الأنظمة المتعلقة بالانتخابات.

2. حماية الحق في التصويت: تتحمل وزارة العدل الأمريكية من خلال قسم الحقوق المدنية التابع لها، مسؤولية ضمان الامتثال للأحكام المدنية للقوانين الفدرالية التي تحمي الحق في التصويت، والأحكام الجنائية للقوانين الفدرالية التي تحظر "التدخل التمييزي" في هذا الحق، وتشمل هذه القوانين: قانون حقوق التصويت؛ وقانون مساعدة أمريكا على التصويت وقانون تسجيل الناخبين الوطني؛ وقانون التصويت الغيابي للمواطنين العسكريين والأجانب، وقوانين الحقوق المدنية، وجميعها قوانين تحظر الممارسات الانتخابية التي تفضي إلى ترهيب الناخبين أو التمييز على أساس العرق أو اللون أو اللغة، وبالتوازي مع ذلك تعمل وزارة العدل على مساعدة السلطات القضائية على مستوى الولايات لإنفاذ القوانين الفدرالية التي تحمي حقوق التصويت. 

3. مُعالجة التهديد بالعنف والأذى الجسدي: تعمل وكالات إنفاذ القانون الفدرالية معاً بما في ذلك مكتب التحقيقات الفدرالي ووزاراتيْ الأمن الداخلي والعدل ومكتب خدمة التفتيش البريدي للولايات المتحدة، على الوقاية والحماية والمساءلة، فمن الناحية الوقائية، تعتمد تلك الوكالات على بناء العلاقات وتبادل المعلومات كخطوات حاسمة في منع التهديدات والعنف المرتبط بالانتخابات قبل حدوثها، في حين أن الحماية تتمثل في إجراء التقييمات الأمنية وتيسير الاستجابات السريعة للتعامل مع حالات العنف، فضلاً عن المساعدة في تأمين التفاصيل الأمنية، وأخيراً المساءلة التي تتعلق بالتحقيقات وسرعة التواصل مع المدعين العامين. 

وعلى سبيل المثال، تتولى وزارة العدل الملاحقة القانونية للسلوك الإجرامي الذي يستهدف الناخبين أو العاملين في الانتخابات، كما يُحقق مكتب خدمة التفتيش البريدي في الاتصالات المهددة والمواد المشبوهة المرسلة بالبريد إلى مسؤولي الانتخابات والعاملين فيها.

4. مكافحة التهديدات الأجنبية: يعمل مركز الاستخبارات، بما في ذلك مركز النفوذ الأجنبي الخبيث (FMIC)، بالإضافة إلى وزارة الخارجية (DOS)، ووزارة العدل، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الخزانة على تحديد وكشف وتعطيل نفوذ الجهات الفاعلة الأجنبية و/أو عمليات المعلومات التي تُعد تخريبية أو غير معلنة أو قسرية أو إجرامية ومُصمّمة للتأثير في المواقف أو التصورات أو السلوكيات الشعبية أو السياسية فيما يتعلق بالانتخابات الأمريكية. 

وعلى سبيل المثال، يُخوَّل لوزارة الخزانة الأمريكية اتخاذ إجراءات عقابية ضد الأفراد والكيانات الأجنبية المرتبطة بالحكومات الأجنبية التي تم تحديدها على أنها تدخلت في الانتخابات أو الأشخاص الذين قدموا دعماً مادياً لمثل هذا التدخل، ويتم ذلك بموجب الأمر التنفيذي رقم 13848، وهناك مكتب التحقيقات الفدرالي المسؤول عن التحقيق في عمليات النفوذ الأجنبي، وقد أنشأ الأخير في أواخر عام 2017 فرقة العمل المعنية بالتأثير الأجنبي (FITF) لتحديد ومكافحة عمليات التأثير الأجنبي الخبيثة التي تستهدف الولايات المتحدة.

5. مقاومة الاحتيال الانتخابي وانتهاكات تمويل الحملات الانتخابية: تتولى وزارة العدل، من خلال قسم النزاهة العامة في القسم الجنائي، مسؤولية إنفاذ القوانين الجنائية الفدرالية التي تحظر أشكالاً مختلفة من الاحتيال الانتخابي، مثل: إتلاف بطاقات الاقتراع، وشراء الأصوات، والتصويت المتعدد، وتقديم بطاقات اقتراع أو تسجيلات مزوّرة، وتغيير الأصوات، وسوء التصرف من جانب المسؤولين والموظفين البريديين أو الانتخابيين.

تهديدات مُتعددة الأبعاد: 

يمكن الإشارة إلى أبرز التهديدات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة على النحو التالي:

1. التهديدات الداخلية: ثمة تهديدات تنبع من الداخل الأمريكي، وتُنذر بوجود مخاطر حقيقية تحيط بالسباق الانتخابي الأمريكي، ويمكن تناولها على النحو التالي: 

أ. هجمات إرهابية مُنفردة: حذّر وزير الأمن الداخلي الأمريكي أليخاندرو مايوركاس، في 14 سبتمبر 2024 من أن أحد التهديدات الرئيسية التي تواجه الولايات المتحدة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية هو ما يُسمى بـ"المجرمين المنفردين" (lone offenders) الذين يهدفون إلى تعطيل التصويت وغيره من الأهداف العامة. وتابع مايوركاس قائلاً: "إن هؤلاء المجرمين المحليين" لا يحتاجون بالضرورة إلى طائرة مخطوفة "لارتكاب عمل إرهابي"، ولكن بدلاً من ذلك يهاجمون المدارس والجامعات ودور العبادة ومحلات البقالة والمستشفيات وأماكن الاقتراع وموظفي الانتخابات وضباط إنفاذ القانون بأسلحة بسيطة، ويندفعون إلى العنف على أساس أيديولوجيات الكراهية، أو المشاعر المناهضة للحكومة، أو نظريات المؤامرة، أو المظالم الشخصية. وتجدر الإشارة إلى أن محاولتيْ اغتيال ترامب في يوليو وسبتمبر 2024 كانتا مثالين على تلك الهجمات الإرهابية المنفردة.

ب. الخطاب التحريضي المُتطرف: تُشير التقديرات إلى أن عناصر من أقصى اليسار في الولايات المتحدة تُصَّعد من التهديدات المُسلحة، فقد ظهرت بعض الدعوات اليسارية التي تدعو إلى العنف، وكان أبرزها دعوة "اللعنة على الرابع" (Fuck the Fourth) على موقع أناركي، والتي دعت أن يكون يوم الرابع من يوليو موعداً لاستهداف موانئ سياتل وأوكلاند ولوس أنجلوس وبوسطن ونيويورك ونيوجيرسي وبالتيمور. 

ولا يقتصر العنف الانتخابي على اليسار فحسب، وإنما يمتد إلى اليمين المتطرف، فعلى سبيل المثال، قال ستيو بيترز، وهو أحد الشخصيات الإعلامية التي تتبع اليمين المتطرف مؤخراً: "إن نظامنا القضائي قد تم تسليحه ضد الشعب الأمريكي، لم يتبق لنا خيار سوى أخذ الأمور بأيدينا".

ج. تهديدات باغتيال مرشحين ومسؤولين: تُشير إحدى الدراسات الصادرة من جامعة نبراسكا-أوماها الأمريكية إلى أن مسألة التهديدات بالاغتيال ضد المرشحين في الحملات الانتخابية وغيرهم من المسؤولين العموميين أصبحت أكثر تواتراً من ذي قبل؛ إذ شهدت السنوات العشر الماضية اعتقال أكثر من 500 فرد بتهمة تهديد المسؤولين العموميين، وقد تعرضت حياة نائب الرئيس مايك بنس، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، ومرشح الحزب الجمهوري لمنصب حاكم نيويورك لي زيلدين للتهديد، ولعل محاولتيْ اغتيال ترامب كانتا الدليل الأبرز على تصاعد وتيرة العنف السياسي في البلاد.

2. التهديدات الخارجية: يُقدر مجتمع الاستخبارات الأمريكي أن الانتخابات الأمريكية بمثابة "فرصة" لكيانات الاستخبارات الأجنبية لتقويض الثقة في المؤسسات الأمريكية إلى جانب العملية الديمقراطية؛ إذ تسعى تلك الكيانات إلى زرع الانقسامات في المجتمع الأمريكي، وزرع الشكوك في برامج المرشحين وتوجهاتهم السياسية، والعمل على توجيه الناخبين بما يحقق مصالح أنظمة تلك الدول المُعادية.

وثمّة ملامح تُظهر تفرد التهديدات الخارجية التي تواجه الانتخابات الأمريكية لعام 2024، ومن أبرزها: 

أ. أدوات تجسس تقليدية وغير تقليدية: تستخدم الجهات الفاعلة الأجنبية أدوات تجسس تقليدية ومُباشرة وأخرى غير تقليدية وغير مباشرة للتدخل في الانتخابات الأمريكية، فعلى الجانب التقليدي المُباشر، ثمّة أنماط من التأثير تتلخص في: العمليات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية للانتخابات؛ العمليات السيبرانية التي تستهدف الأحزاب السياسية والحملات والمسؤولين العموميين؛ عمليات التأثير السرية لتوجيه الرأي العام بما في ذلك السياسيين والجمهور رغبةً في زرع الانقسام. وإذا كانت تلك العمليات يقوم بها ضباط استخبارات محترفين أو للحصول على المعلومات أو الوصول إلى البنية التحتية الحيوية؛ فإن الأنماط غير المباشرة للتأثير لا يقوم بها ضباط محترفون تابعون للجهات الأجنبية، بل ترتبط دائماً إما بالكيانات ذات الدوافع الأيديولوجية والمجرمين الإلكترونيين الأجانب، أو تحدث بشكل غير مباشر من قبل العاملين في الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجودة في الولايات المتحدة، والمشروعات المشتركة، فهؤلاء يمكن أن يوفروا للعدو إمكانية الوصول إلى الأنظمة والشبكات والمعلومات الرئيسية عن الانتخابات. 

ب. التزييف العميق: مع استمرار التقدم التكنولوجي وتطور أدوات الذكاء الاصطناعي، تستخدم الجهات الفاعلة الأجنبية ما يُعرف بـ"التزييف العميق" (Deep Fakes)، وذلك لإنشاء صور ومقاطع فيديو صوت كاذبة، ولكنها قد تبدو مقنعة؛ مما يؤدي إلى انتشار التضليل الانتخابي، بل وتآكل ثقة الجمهور إما في المرشحين أو المنظومة الانتخابية الأمريكية.

ج. تهديدات خارجية ثلاثية الأبعاد: تتفق أغلب التقارير الأمريكية على أن التهديدات الخارجية تأتي من ثلاث دول على وجه الخصوص هي: روسيا والصين وإيران؛ إذ تسعى تلك الدول من خلال "التأثير الخبيث" إلى تقويض ثقة الأمريكيين في الانتخابات والإضرار بالديمقراطية الأمريكية، وفي هذا الصدد، تشير تقديرات أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى ما يلي: 

• روسيا: أفادت وزارة العدل الأمريكية في تقرير لها مطلع سبتمبر الجاري أن روسيا دفعت ما يقرب من 10 ملايين دولار لتوظيف مُؤثرين أمريكيين - بعضهم لديهم ملايين المتابعين - لتضخيم الانقسامات في الولايات المتحدة خلال وقت الانتخابات، وفي السياق ذاته، قامت وزارة العدل الأمريكية بمصادرة عشرات المواقع الإلكترونية التي يُزعم أن الحكومة الروسية تستخدمها لنشر معلومات مُضلّلة في محاولة للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وغايتها النهائية هي التأثير في الناخبين، وذلك لفوز المرشح الأمريكي الذي يكبح الدعم العالمي لأوكرانيا ويعزز المصالح المؤيدة لروسيا.

• الصين: تعتمد بكين حملة تسمى "التمويه بالرسائل غير المرغوب فيها" (Spamouflage) عبر استخدام حسابات مُزيّفة أو مُخترقة تنتحل صفة مواطنين أمريكيين لنشر المشاعر المُعادية للغرب قبل الانتخابات. ومنذ فبراير الماضي، أصدر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية تقييماً استخبارياً حذّر فيه من رغبة بكين في توسيع نفوذها العالمي؛ لدعم أهداف الحزب الشيوعي الصيني في وقت الانتخابات الأمريكية، مع تقديرات تُفيد تلك الحسابات الوهمية، ومعظمها حسابات مؤيدة للرئيس ترامب، تقوم بالترويج لنظريات المؤامرة، وتأجيج الانقسامات المحلية ومهاجمة الرئيس بايدن والديمقراطيين قبل الانتخابات؛ الأمر الذي دفع شركة ميتا إلى إزالة آلاف الحسابات المزيفة على فيسبوك التي تعمل في الصين.

• إيران: برزت طهران كفاعل رئيس في عالم التضليل الانتخابي الأمريكي، فبحسب التقارير الأمريكية فإنها قامت باختراق أفراد مرتبطين بحملة ترامب، وحاولت شنّ هجمات مُماثلة على حملتيْ بايدن وهاريس. وتفيد التقديرات بأن إيران حالياً تتبع نفس النهج الذي أعدته روسيا في عام 2016 لاستهداف السباق الانتخابي الأمريكي. وعلى الرغم من أن جهود إيران تهدف إلى تقويض حملة الرئيس السابق دونالد ترامب خشيةً من وصوله إلى البيت الأبيض؛ فإنه من الملاحظ أن المجموعات الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني استهدفت أيضاً حملات الرئيس بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس؛ مما يُشير إلى أن طهران لديها هدف أكبر يتمثل في بث الفتنة الداخلية وتشويه سمعة النظام الديمقراطي الأمريكي على نطاق أوسع في نظر العالم.

إجراءات وقائية:  

يمكن ملاحظة إجراءين يعكسان اهتمام المؤسسات الأمريكية بضمان تعزيز الأمن الانتخابي والحيلولة دون تفاقم العنف الانتخابي سواء في مرحلة ما قبل الانتخابات أم حتى يوم إعلان النتيجة: 

1. دعم وزارة الدفاع الأمريكية: أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، في 29 أغسطس 2024، أنها وافقت على طلب من وزارة الأمن الداخلي لتقديم المساعدة لجهاز الخدمة السرية للمرشحين الرئاسيين ونائب الرئيس خلال الحملات الانتخابية لعام 2024 وحتى يوم التنصيب عام 2025. وبحسب البنتاغون وافق وزير الدفاع على الطلب ووجه قائد القيادة الشمالية الأمريكية بالتخطيط وتوفير وتنفيذ الدعم المتزايد لجهاز الخدمة السرية الأمريكي في مواقع مختلفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة خلال الحملات الانتخابية لعام 2024، بما في ذلك توفير الخدمات اللوجستية والنقل وتسهيل الاتصالات.

2. التصديق على تعزيزات أمنية إضافية في 6 يناير 2025: أعلنت وزارة الأمن الداخلي أن 6 يناير 2025 سيكون حدثاً خاصاً يتطلب تدابير أمنية إضافية عندما يجتمع الكونغرس للتصديق على الفائز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024. وعلى هامش هذا الإعلان، قال وزير الأمن الداخلي الأمريكي إن هذا اليوم سيدرج تحت مُسمى "حدث أمني خاص وطني"؛ ويعني ذلك أنه سيتم توجيه موارد فدرالية وحكومية ومحلية كبيرة نحو الكابيتول بعد بضعة أشهر من الآن لزيادة الحماية الأمنية، وسيتم وضع خطة أمنية شاملة ومشددة لضمان سلامة وأمن هذا الحدث والمشاركين فيه، والحيلولة دون تكرار هجوم الكابيتول هيل في 6 يناير 2021.

وفي التقدير، يمكن القول إن التهديدات الداخلية والخارجية إلى جانب طبيعتها العابرة للحدود فرضت على مجتمع الأمن الأمريكي بكل أجهزته بلورة ما يسمى بـــــ"الأمن الانتخابي"؛ فإذا كانت الانتخابات عملية سياسية بحتة في المقام الأول، فإن التحديات التي أصبحت تلحق بها، جعلت وكالات إنفاذ القانون في حاجة إلى "أمننة الانتخابات" لحماية الأمن القومي الأمريكي من ناحية، وحماية التقاليد الديمقراطية الأمريكية من ناحية أخرى؛ إذ إن رفض نتائج الانتخابات من شأنه أن يقوّض المجتمع المدني ويزيد من استقطاب الأمة، في حين أن مجرد التهديد بالعنف في مراكز الاقتراع من شأنه أن يثني الناخبين عن رفع أصواتهم؛ مما يؤدي إلى تزوير إرادة الأمريكيين، علاوة على أن فشل العملية الانتخابية الأمريكية أو على أقل تقدير عدم نزاهتها سيعطي أملاً للحكام المستبدين في أماكن أخرى بالعالم لترتيب مخططات للطعن في انتخاباتهم أو تقويضها.