أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

الجولة الأولى:

نتائج انتخابات الرئاسة في الأرجنتين.. بين التيار البيروني واليمين المتطرف

31 أكتوبر، 2023


انتهت الأرجنتين من جولة انتخابية رئاسية أولى غير مسبوقة في حدتها وتوترها، يوم الأحد 22 أكتوبر 2023، دون تسمية رئيسها الجديد، لتنتقل إلى جولة الحسم يوم 19 نوفمبر بين مرشح التيار البيروني ووزير الاقتصاد الحالي سيرجيو ماسا بعد حصوله على 36.5% من الأصوات، والمرشح الذي ينتمي لتيار اليمين المتطرف والاقتصادي التحرري خافيير مايلي بعد حصوله على 30% من الأصوات.

كما انتخب الأرجنتينيون أيضاً 24 من أصل 72 عضواً في مجلس الشيوخ، كما تم تجديد 130 مقعداً من أصل 257 في مجلس النواب، فضلاً عن انتخاب حكام مقاطعات بوينس آيرس وإنتري ريوس وكاتاماركا، وكذلك عمدة مدينة بوينس آيرس.

سياق الانتخابات: 

على مدار الشهريْن الماضييْن منذ الانتخابات الرئاسية التمهيدية في أغسطس 2023، والأرجنتين تشهد سباقاً محموماً لاختيار رئيس قصر "كاسا روسادا" الجديد من بين تيارات سياسية ثلاثة: التيار البيروني الحاكم الآن، والذي أعيدت تسميته بـ"الاتحاد من أجل الوطن" ويمثله ماسا، وتيار "معاً من أجل التغيير" وهو تيار يمين الوسط وتمثله وزيرة الأمن السابقة باتريشيا بولريتش، وتيار جديد على الساحة شكّل مفاجأة كبرى وهو تيار اليمين المتطرف الشعبوي والذي يمثله مايلي القادم من خارج الحياة السياسية التقليدية الأرجنتينية، وممثل حزب "لا ليبرتاد أفانزا" (الحرية للأمام). 

ويمكن الوقوف على أبرز السياقات المُصاحبة للجولة الأولى في الانتخابات الأرجنتينية، على النحو التالي:

1. تدهور الأوضاع الاقتصادية: بات التدهور الاقتصادي الذي تمر به الأرجنتين هو المدخل الرئيسي لمعظم المناظرات الانتخابية بل والتراشقات بين المتنافسين. كما أنه بات البوصلة الرئيسية لاختيار الناخب الأرجنتيني في هذه الانتخابات.

وقد بلغ معدل التضخم في الأرجنتين نحو 140%، وفي شهر سبتمبر وحده ارتفعت الأسعار بنسبة 12.7%. وبلغ الحد الأدنى للأجور في الأرجنتين 132 ألف بيزو أو نحو 380 دولاراً بسعر الصرف الرسمي، كما يُصنف 40% من الأرجنتينيين، أي حوالي 18 مليون نسمة تحت خط الفقر. كما انخفض مخزون العملة الصعبة في البنك المركزي الأرجنتيني نظراً لانخفاض صادراتها من المواد الأولية ومنها الزراعية بسبب الجفاف. وعجزت الحكومة البيرونية الحالية عن الالتزام بسداد مدفوعات قرض صندوق النقد الدولي الذي اقترضته حكومة ماكري اليمينية في 2018 والبالغ 44 مليار دولار.

وقد قامت الحكومة الحالية في الأشهر الأخيرة بخفض الدعم وفتح سوق صرف خاصة لعشرات الصادرات بهدف تجميع العملات الأجنبية. لكن أياً من هذه الإجراءات لم تتمكن من منع انخفاض قيمة العملة بنسبة 18% بعد الانتخابات التمهيدية في 13 أغسطس. ومن المتوقع أن تنخفض العملة مرة أخرى بعد الانتخابات الحالية. فمنذ 14 أغسطس، بلغ سعر الصرف الرسمي للدولار 365 بيزو، بينما اقترب سعر الصرف في السوق الموازية (السوداء) من 1000 بيزو لكل دولار.

2. تباين البرامج الانتخابية: قدم خافيير مايلي نفسه من خلال برنامج انتخابي مختلف كثيراً مع التيار البيروني الأكثر شعبية في الأرجنتين على مدار عقود طويلة منذ خمسينيات القرن الماضي. حيث أعلن في مناظراته الانتخابية المُتلفزة تأييده حرية اقتناء الأسلحة للأفراد –وهو القاسم المشترك بين مُمثلي تيارات اليمين المُتطرف في الأمريكتيْن- فضلاً عن مُناهضته للحق في الإجهاض وهو من القوانين التي تأتي على قائمة اهتمام التيارات النسوية والحقوقية بشكل عام. إلى جانب ذلك خفض بل وقف التمويل الحكومي للتعليم والصحة والبحث العلمي وإلغاء البرامج الاجتماعية تدريجياً وتقليص صناديق التقاعد والمعاشات والتوجه نحو سياسات السوق المفتوحة وإجراءات لتعديلات مالية واقتصادية واسعة وجذرية في البلاد يكون من شأنها –من وجهة نظره– تقليل حالة التدهور الاقتصادي والمالي في البلاد، وعلى رأس هذه التعديلات تبني سياسة "دولرة" الاقتصاد الأرجنتيني، رغم كون الدستور الأرجنتيني يحظر استبدال البيزو كعملة رسمية للبلاد بأي عملة أجنبية أخرى.

كما وعد مايلي أيضاً بتقليص عدد الوزارات من 18 إلى 8، ودمج وزارات التنمية الاجتماعية والصحة والتعليم، في وزارة واحدة باسم "رأس المال البشري"، وإلغاء وزارات أخرى مثل وزارة المرأة والنوع الاجتماعي والتنوع.

أما المرشح الرئاسي الذي ينتمي لتيار يسار الوسط سيرجيو ماسا، فتركز برنامجه الانتخابي على الاقتصاد والأمن، وجاء في مقابلاته العلنية، أن من أولوياته إلغاء 100% من الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي، والتي كان يتفاوض بشأنها كوزير اقتصاد في الحكومة الحالية. وعلى الصعيد الأمني، قال ماسا إنه سيتبع نفس سياساته في بلدية تيغري عندما كان رئيساً لها، والتي تتمثل في تنفيذ نظام مراقبة بالفيديو لمنع ورصد الجريمة، بالإضافة إلى استخدام أنظمة الأقمار الاصطناعية وطائرات من دون طيار على الحدود لمكافحة تهريب المخدرات.

3. صعود تيار اليمين المتطرف: لا يمكن فهم نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد 22 أكتوبر 2023، بمنأى عن الانتخابات التمهيدية التي جرت في 13 أغسطس من نفس العام، حيث حدثت المفاجأة عندما حصل اليميني المتطرف خافيير مايلي على أعلى نسبة أصوات بلغت 29.8%، وفي المرتبة الثانية مرشحة تيار يمين الوسط "معاً من أجل التغيير" باتريشيا بولريتش بنسبة أصوات 28%، وثالثاً المرشح البيروني سيرجيو ماسا وزير الاقتصاد الحالي بنسبة أصوات 27.2%. 

وجدير بالذكر أن المفاجأة الحقيقية كانت في الصعود المفاجئ لمايلي رغم كونه على المستوى الشخصي وعلى مستوى خطابه وبرنامجه الرئاسي غير مألوف للمشهد الانتخابي الأرجنتيني على الإطلاق، وهو ما مثّل صدمة للحكومة البيرونية الحالية وكذلك للمعارضة اليمينية على حد سواء. وهي ربما الصدمة التي شجعت عدداً من الأصوات التي كانت قد امتنعت عن المُشاركة في الانتخابات التمهيدية على المشاركة في انتخابات 22 أكتوبر لمُحاولة مُساندة ماسا أمام خيار مايلي الصعب بالنسبة لجمهور كثير من التيار البيروني وبعض من جمهور تيار يمين الوسط.

4. التشكيك في النتائج قبل بدء الانتخابات: يبدو أن التلويح بوجود مُؤامرة لتزوير الانتخابات أصبح أمراً ملازماً لمرشحي اليمين المتطرف، فقد بدأ الأمر مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي جرت في 2020، حيث وصل الأمر إلى اعتداء أنصاره على مبنى الكابيتول في واشنطن تحت ذريعة وجود مُؤامرة لتزوير الانتخابات لإسقاطه. وقد تكرر الأمر في البرازيل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعد فشل اليميني المتطرف جايير بولسونارو أمام مرشح اليسار لولا دا سيلفا، حيث صرح بولسونارو بشكوكه حول نزاهة الانتخابات واعتدى أنصاره على الكونغرس البرازيلي. وفي الأرجنتين أيضاً وقبيل بدء الانتخابات لوّح المرشح اليميني المتطرف مايلي بأن هناك تزويراً متوقعاً في الانتخابات القادمة للحيلولة دون وصوله للرئاسة.


دلالات مُتعددة: 

ثمّة دلالات عديدة تحيط بالانتخابات القادمة في الأرجنتين، ويمكن تسليط الضوء عليها على النحو التالي:

1. الذهاب إلى جولة الإعادة: بعد فرز 98% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية مع نهاية يوم 22 أكتوبر، بتوقيت الأرجنتين، فاز المرشح البيروني (يسار الوسط) سيرجيو ماسا (36.6%) والمرشح اليميني المتطرف خافيير مايلي (30%)، وخسرت مُرشحة يمين الوسط باتريشيا بولريتش حيث تراجعت أصواتها إلى (23.8%). وهو ما يعنى لقاء ماسا ومايلي في جولة الإعادة يوم 19 نوفمبر 2023.

من جانب آخر، فاز البيروني أكسيل كيسيلوف بمقعد رئيس حكومة بيونس آيرس، والتي يعيش فيها 38% من الأرجنتينيين. أما خورخي ماكري مرشح تحالف يمين الوسط "معاً من أجل التغيير" فلم يستطع حسم الفوز بمنصب عمدة العاصمة مدينة بيونس آيرس من الجولة الأولى بفارق ضئيل جداً حيث حصل على 49.61% فقط من الأصوات أي لم يحصل على 50%، ومن ثم سيذهب إلى جولة الإعادة أمام منافسه البيروني لياندرو سانتورو في 19 نوفمبر 2023.

أما على مستوى الانتخابات البرلمانية، فتأتي المفاجأة أن اليمين المتطرف، الذي كان لديه حتى يوم الأحد ثلاثة نواب فقط في مجلس النواب، أصبح له 39 عضواً في المجلس بدءاً من ديسمبر 2023، وسيصبح القوة الثالثة بعد التيار البيروني 107 أعضاء، ويمين الوسط 94 عضواً، وبقية القوى 17 عضواً. ومع الأخذ في الاعتبار أن الأغلبية المطلوبة لتمرير القوانين في المجلس هي 136 صوتاً، فإن ذلك قد يضع عقبات أمام ماسا، في حال وصوله للرئاسة، إذا ما أراد تمرير مشروعات القوانين.

وفي مجلس الشيوخ، وبعد فرز نتائج التصويت أصبح توزيع مقاعد مجلس الشيوخ الـ72 على النحو التالي: 34 للبيرونية، و24 ليمين الوسط، و8 لليمين المتطرف، و6 لقوى الأقلية، ويحتاج النصاب القانوني إلى 37 صوتاً.

2. انخفاض نسبة المشاركة: رغم أن التصويت إلزامي لجميع الأرجنتينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عاماً، فإن 69% فقط من الناخبين صوتوا في الانتخابات التمهيدية في أغسطس 2023، وهي واحدة من أدنى أرقام المشاركة خلال 40 عاماً من الديمقراطية. وهو ما يعنى أن 31% من الناخبين الأرجنتينيين قرروا عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية وهي نسبة تفوق نسبة خافيير مايلي نفسه.

وفي انتخابات الأحد 22 أكتوبر، توجه نحو 25.9 مليون شخص، أي 74% من المُسجلين، إلى صناديق الاقتراع، وهو ما يعني انخفاض المشاركة سبع نقاط مقارنة بالانتخابات الرئاسية السابقة عام 2019.

3. دخول اليمين المتطرف لأول مرة في السباق الرئاسي: منذ التحول الديمقراطي، اعتاد المشهد الانتخابي في الأرجنتين على التنافس بين تيار يسار الوسط المتمثل في البيرونية وتيار يمين الوسط. واعتاد المرشحون للرئاسة المناظرة حول قضايا اقتصادية مثل قوانين وسياسات الحماية الاجتماعية ورفع مستوى معيشة الطبقات الأكثر فقراً، أو القضايا الحقوقية النسوية والجندرية وتغير المناخ. لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية بصورة غير مسبوقة وارتفاع معدلات التضخم وانهيار العملة المحلية (البيزو) حتى وصل الدولار إلى 360 بيزو ومرشح للوصول إلى 500 بيزو عقب الانتخابات، فقد أدى ذلك إلى موجة كبيرة من استياء ملايين الناخبين -والعديد منهم من الشباب- من كافة التيارات السياسية التقليدية اليسارية واليمينية على حد سواء، وهو أمر بات ظاهرة تجتاح دول أمريكا اللاتينية بل وديمقراطيات عديدة في العالم، حيث أصبح التصويت الشعبي بمثابة إعلان رفض للتيارات السياسية التقليدية وأداة للتصويت العقابي واختيار نموذج يميني شعبوي مُتطرف من خارج الدوائر السياسية التقليدية، أملاً في إيجاد حلول غير تقليدية للخروج من الأزمة الحادة. 

هذا تحديداً ما قدمه خافيير مايلي في برنامجه الانتخابي، فكان أشبه بصرخة اعتراض على كل ما هو مألوف حتى وصل الأمر لتصريحات مُبطنة عن تأييده لحقبة الانقلاب العسكري الدموي (1976-1983)، وهي حقبة بات رفضها وإدانتها مُسلمة أرجنتينية لم يكن متوقعاً الاقتراب منها بعد 40 عاماً من التحول الديمقراطي واستقرار مبدأ الديمقراطية ونبذ العنف ضد المعارضة بل ومحاكمة المسؤولين عن هذا الانقلاب والحكم الديكتاتوري.

4. احتمال انتشار تأثير الدمينو في القارة: تنتقل دول أمريكا اللاتينية من الحالة التقليدية لمنافسة أحزاب اليمين واليسار إلى حالة الصراع بين أحزاب اليسار وتيارات اليمين الشعبوي المُتطرف المتصاعد، وهي بوادر تُنذر بخطر يُشبه فترة الصراع اليميني اليساري في دول القارة خلال سبعينيات القرن الماضي أثناء فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تلك الحقبة التي كلفت دول المنطقة الكثير وانتهت بتحول ديمقراطي طويل وشاق. لذلك من المُمكن أن يُسهم اقتراب أحد المرشحين المحسوبين على اليمين المتطرف الشعبوي، في وجود صدى في بقية دول المنطقة وخاصة لدى الحكومات أو الأحزاب اليسارية.

فعلى سبيل المثال، تشعر حكومة لولا دا سيلفا اليسارية في البرازيل بالخوف من فوز خافيير مايلي لأنه وعد بحل "ميركوسور" وقطع العلاقات الثنائية مع البرازيل. فبالنسبة للرئيس لولا، من الأهمية بمكان أن تتمكن البيرونية من الفوز بالرئاسة حتى يظل شريكه التجاري الرئيسي في المنطقة خاضعاً لحكم حليف، وليس ليميني مُتطرف ينظر إلى حزب العمال البرازيلي ورئيسه باعتباره عدواً. ولهذا السبب، أرسل لولا العديد من الخبراء الذين عملوا على حملته الانتخابية إلى الأرجنتين قبل أسابيع لتعزيز حملة سيرجيو ماسا.

في المُقابل، وفي أثناء انعقاد الانتخابات جاء السياسي البرازيلي إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو، لبوينس آيرس لدعم ترشيح خافيير مايلي، ووفقاً لتصريحات بولسونارو الابن، فإن فوز مايلي سيكون بمثابة دفعة لليمين المتطرف في جميع أنحاء المنطقة.

وفي التقدير، يمكن القول إن الأمر اللافت في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية التي تجري الآن، أن موجة الغضب ضد التيار البيروني -الذي حكم الدولة على مدار سنوات طويلة بعد التحول الديمقراطي مع فترات انقطاع قصيرة آخرها كان فترة رئاسة يمين الوسط ماكري (2015-2019) - وصلت إلى درجة غير مسبوقة نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية. لكن دخول خافيير مايلي سباق الانتخابات بقدر ما كان صادماً على المستوييْن المحلي والإقليمي، خاصة بعد حصوله على 7 ملايين صوت في الانتخابات التمهيدية بقدر ما كان سبباً في إنقاذ مرشح التيار البيروني سيرجيو ماسا لأن مايلي بقوته أدى إلى تفتيت أصوات المعارضة بينه وبين مرشحة يمين الوسط بولريتش –صاحبة التوقعات الأوفر في الفوز على البيرونية– وهو ما جعل جولة الإعادة بين ماسا ومايلي بعد نجاح الأول بفارق 7 نقاط على الثاني، ومن ثم ترجيح فوز ماسا في جولة الإعادة، في حال اعتبار أصوات يمين الوسط أقرب في الذهاب إلى ماسا من الذهاب إلى اليميني المتطرف مايلي. 

لكن تبقى الأزمة الاقتصادية تُنذر بوضع التيار البيروني كله على المحك، لأنه مع وصول ماسا إلى الرئاسة في حال فوزه في الجولة الثانية، فسيكون مسؤولاً أمام ناخبيه عن انتشال البلاد من مصير مالي واقتصادي مأزوم، كما سيكون أمام معارضة قوية تتجهز لاستغلال فشله –ربما في فرصته الأخيرة– أمام الشعب الأرجنتيني الذي طالما وثّق وأيّد البيرونية منذ الخمسينيات، وهنا سيكون أكثر استعداداً لتصعيد رئيس يميني مُتطرف مثل خافيير مايلي بما سيكون له من أثر بالغ على العلاقات الإقليمية اللاتينية، وعلى مسار طويل من التحول الديمقراطي والعدالة الاجتماعية في الأرجنتين.