أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

ولاء "داعشي":

لماذا يتجه إرهابيو آسيا الوسطى للشرق الأوسط؟

09 أغسطس، 2015


إعداد: وفاء ريحان


 تزايد عدد الأفراد القادمين من آسيا الوسطى والمنضمين إلى الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط خلال الأعوام القليلة الماضية. وقد ساعد على ذلك صعود تنظيمات إرهابية مثل "داعش"، تعمل على جذب هؤلاء "الجهاديين"، مُستغلةً معاناتهم من تدهور الأوضاع في بلادهم.

وبالنظر إلى استمرار الصراعات في إقليم الشرق الأوسط بشكل عام، وسوريا تحديداً, فمن المتوقع أن يتزايد عدد هؤلاء المجاهدين من منطقة آسيا الوسطى التي تضم كلا من: أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وطاجكستان وقرغيزستان، والذين يأتي معظمهم من العرق الأوزبكي، كما تعد عودة هؤلاء الجهاديين إلى بلدانهم الأصلية وهم مُحملون بالأفكار المتطرفة واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه دول آسيا الوسطى.

في هذا الصدد, نشر "المركز الدولي للعنف السياسي وأبحاث الإرهاب" التابع لمدرسة "راجاراتنام للدراسات الدولية" بجامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة، دراسة أعدهاNodirbek Soliev  المحلل البارز بالمركز, وذلك تحت عنوان: "تقييم التطرف في آسيا الوسطى"، حيث سعى الكاتب إلى الإجابة على عدة تساؤلات من قبيل: كيف تحولت الجماعات الإرهابية في أفغانستان مثل "الحركة الإسلامية الأوزبكية" و"اتحاد الجهاد الإسلامي" إلى جماعات موالية لتنظيم "داعش", وكيف أن ظهور "داعش" كان بمثابة مُحفز لمزيد من الأفراد في آسيا الوسطى للانضمام إلى القتال في الشرق الأوسط.

كما تناولت الدراسة الجماعات الإرهابية الجديدة التي أنشأها مجاهدو آسيا الوسطى مثل "كتيبة الإمام البخاري" و"كتيبة التوحيد والجهاد"، ودورها في دعم تنظيم "القاعدة" و"جبهة النصرة" في سوريا, ثم تنتهي الدراسة بالإشارة إلى استمرار دور أفغانستان كمسرح تقليدي للمتطرفين, والتحذير من المخاطر التي تواجهها حكومات في حالة عودة هؤلاء المتطرفين.

التهديدات الجهادية في أفغانستان

يرى الباحث أن قيام "الحركة الإسلامية الأوزبكية"، وهي مجموعة إرهابية عابرة للحدود كانت على صلة بتنظيم "القاعدة" على مدى ثلاثة عشر عاماً مضت، بإعلان الولاء لتنظيم "داعش" يعد خطوة استراتيجية من الحركة لإعادة ترتيب أوضاعها من أجل جذب أفراد جدد من أفغانستان وآسيا الوسطى, والحصول على تمويل خارجي من مؤيديها والمتعاطفين معها لتوسيع عملياتها، خصوصاً بعد قيام الجيش الباكستاني بعمليات ضدها أدت إلى خسائر كبيرة اضطرت العديد من أفرادها إلى ترك ملاذاتها في باكستان والانتقال إلى أفغانستان أو قيام آخرين بترك الحركة والتوجه إلى سوريا والعراق.

ويذكر الباحث أن "الحركة الإسلامية الأوزبكية" توسعت في أنشطة الدعاية والتجنيد منذ أواخر عام 2014 إلى منتصف عام 2015, بين الأفراد من الأوزبك وغير الأوزبك في أنحاء أفغانستان، وأنتجت لهذا الغرض عدداً من أشرطة الفيديو باللغة الأوزبكية وغير الأوزبكية، حيث يعد نشر أشرطة فيديو باللغات غير الأوزبكية تطوراً مهماً في نهج الحركة التي عمدت في الوقت ذاته إلى شن عمليات مسلحة عديدة ضد قوات الأمن في شمال أفغانستان.

ويشير الباحث إلى توتر العلاقات بين "الحركة الإسلامية الأوزبكية" و"حركة طالبان", حيث انتقدت الأولى موقف طالبان من المشاركة في محادثات السلام مع حكومتي الولايات المتحدة وأفغانستان، ومن المتوقع في حالة نجاح هذه المحادثات استمرار التوتر في العلاقات بين الحركة و"طالبان". كما يؤكد الباحث أن العلاقات بينهما لا تعتمد فقط على نتائج هذه المحادثات، ولكن أيضاً على المسار المستقبلي للعلاقات بين طالبان و"داعش".

تجدر الإشارة إلى أن تنظيم "داعش" امتنع حتى الآن عن التعليق عن الولاء المُعلن له من قِبل "الحركة الإسلامية الأوزبكية", بالإضافة إلى قيام بعض العناصر من حركة "طالبان أفغانستان" و"طالبان باكستان" بإعلانهم تقديم الدعم والولاء لـ"داعش" منذ عام 2014, وتأسيسهم في أوائل عام 2015 ولاية محلية في أفغانستان وباكستان تُسمى "خراسان شورى", والتي بدأت بالفعل في أنشطة الدعاية نيابة عن "داعش" في أجزاء مختلفة من البلدين.

أما عن "اتحاد الجهاد الإسلامي", فهي مجموعة إرهابية أخرى لاتزال تنشط في أفغانستان, حيث تأسست بعد انفصالها عن "الحركة الإسلامية الأوزبكية" في عام 2002, ولديها علاقات مع "طالبان أفغانستان" وتنظيم "القاعدة".

ويوضح الباحث أن هذه الجماعة تشارك حالياً - بالإضافة إلى "القاعدة" و"حزب تركمستان الإسلامي" - في هجوم "طالبان" ضد الحكومة الأفغانية, فيما هو معروف باسم "عملية العزم"، والتي تمتد في جميع أنحاء أفغانستان.

"داعش" وتحول مجاهدي آسيا الوسطى إلى سوريا والعراق

يرى الكاتب أن ظهور "داعش" والاضطرابات المستمرة في سوريا، ألهم الجهاديين في آسيا الوسطى للدخول إلى هذه الساحة, على الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط ليست المسرح التقليدي لعملياتهم.

وترتب على ذلك أن بعض المتطرفين من آسيا الوسطى أصبحوا يتولون حالياً مناصب قيادية في المعركة ضد نظام "بشار الأسد"؛ فهم يقاتلون إما مع "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" أو مع "داعش", كما أن عدداً منهم أنشأ وحدات قتالية مستقلة أطلقوا عليها الكتيبة أو الجماعة, فمثلاً توجد الجماعة الكازاخستانية والجماعة الطاجيكية اللتان تقاتلان الآن مع "داعش", هذا إلى جانب عدد من الشخصيات الكازاخستانية والطاجيكية التي تقاتل في صفوف "داعش".

من ناحية أخرى, أنشأ العرق الأوزبكي كتيبتي "الإمام البخاري" و"التوحيد والجهاد", وهما تعملان جانباً إلى جنب مع "جبهة النصرة". والجدير بالذكر أن "جبهة النصرة" ومعظم حلفائها، بما فيها الكتيبتين السابق ذكرهما، هي الآن جزء من "جيش الفتح", وهو ائتلاف جديد من الجهاديين في سوريا يُقاتل ضد "بشار الأسد" منذ مارس 2015, بالإضافة إلى بعض الوحدات التي اُنشئت من قِبل قُدامى المتشددين من التنظيمات التابعة لـ"القاعدة" و"طالبان"، والتي تحارب حالياً في المنطقة.

دور كتيبتي "الإمام البخاري" و"التوحيد والجهاد" في سوريا

يسلط الباحث الضوء على "كتيبة الإمام البخاري" التي أسسها المقاتلون الأوزبك كوحدة جهادية مستقلة في سوريا أواخر عام 2013, والتي تعتبر الأبرز بين وحدات آسيا الوسطى المقاتلة في سوريا والعراق.

وقد ظهر فيديو على موقع الكتيبة في أكتوبر 2014 ادعى فيه قائد الكتيبة "صلاح الدين الحاج يوسف" أن جماعته تعمل تحت قيادة حركة "طالبان"، وأنها فرع للحركة في سوريا. ويذكر الباحث أن هذا الولاء المُعلن من "كتيبة الإمام البخاري" لـ"طالبان"، يبدو أكثر رمزية في طبيعته, فهو بمثابة خطوة استراتيجية لدعم شرعية "صلاح الدين" كقائد للمجموعة حتى يستطيع توحيد الأفراد والخلايا المتفرقة من آسيا الوسطى، والتي تعمل في سوريا تحت لوائه.

ويرى الكاتب أنه بصرف النظر عن صحة ادعاء الكتيبة حول تمثيل "طالبان" في سوريا, فإن دورها يتمثل حالياً في المشاركة في "جيش الفتح "وعمليات "جبهة النصرة" ضد قوات النظام السوري في محافظتي إدلب وحلب بشمال البلاد, وتنشر دعايتها بشكل رئيسي من خلال موقع إلكتروني باللغة الأوزبكية، وعبر جناحها الإعلامي "استوديو الفتح" الذي أنتج عدداً من أشرطة الفيديو لاستعراض القوى العسكرية للكتيبة ولجذب أعضاء جدد.

وتتطرق الدراسة إلى الحديث عن "كتيبة التوحيد والجهاد", موضحةً أنها الجماعة الجهادية الأخرى الموالية لتنظيم "القاعدة" من آسيا الوسطى، وقد أُنشئت في ديسمبر 2014، وتضم أعضاءً من الأصل الأوزبكي. وتأتي معظم المعلومات عن هذه الكتيبة من أشرطة الفيديو التي يُنتجها الجناح الإعلامي لها، ويُسمى "عشاق الجنة". ويعكس تحليل أشرطة الفيديو أن هذه الكتيبة تُقاتل جنباً إلى جنب مع "جبهة النصرة" و"كتيبة الإمام البخاري", وتشارك أيضاً في العمليات العسكرية لـ"جيش الفتح". وللكتيبة أيضاً علاقات مع "اتحاد الجهاد الإسلامي", وهو ما يوضحه موقع الكتيبة الصادر باللغة الأوزبكية، والذي يحصل على أخباره ومقالاته من الموقع الرسمي لـ"اتحاد الجهاد الإسلامي".

انعكاسات صعود مجاهدي آسيا الوسطى على بلدانهم

يذكر الباحث أن تغيراً ملموساً في طبيعة التهديد الإرهابي لدول آسيا الوسطى قد حدث مع صعود "داعش", ومن ثم فإن الديناميات الأمنية المستقبلية في هذه المنطقة تتحدد من خلال عاملين أساسيين: الأول مدى فعالية رد فعل المجتمع الدولي ضد "داعش", والثاني يتعلق بالتطورات الجارية في أفغانستان.

ويشدد الباحث على أنه مع استمرار الصراعات في سوريا وزيادة عدد المتطوعين من آسيا الوسطى للاشتراك في الحرب الأهلية هناك, فهذا من شأنه أن يزيد من خطر الهجمات الإرهابية من المتطرفين العائدين لبلادهم في آسيا الوسطى، خاصة وأن هناك عدة محاولات قد تمت بالفعل في هذا الصدد.

كما أن التهديد بتوسع الشبكة الحالية لمجاهدي آسيا الوسطى في الشرق الأوسط والمسرح الأفغاني الباكستاني هو أمر مرجح, ما يفرض تحديات أمنية هائلة على كل من وسط وجنوب آسيا في المديين القريب والبعيد.

ويذكر الكاتب أن أفغانستان لاتزال جغرافياً هي الساحة التقليدية للمتطرفين, حيث يوفر سحب القوات الغربية منها مناخاً مناسباً لعودة الكيانات المسلحة المحلية والإقليمية, بما في ذلك الجماعات من وسط آسيا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن احتمال قيامهم بإحداث الفوضى في بلدانهم كما تفعل "داعش" في الشرق الأوسط لايزال احتمالاً ضعيفاً, لذا سينصب تركيزهم على الاستمرار في تلقين أفكارهم وتجنيد الأفراد لقضيتهم، وهو ما يشكل تحدياً للحكومات في آسيا الوسطى.


* عرض مُوجز لدراسة بعنوان: "تقييم التطرف في آسيا الوسطى"، والصادرة في يوليو 2015 عن "المركز الدولي للعنف السياسي وأبحاث الإرهاب" التابع لمدرسة "راجاراتنام للدراسات الدولية" بجامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة.

المصدر:

Nodirbek Soliev, Militancy in Central Asia: An Assessment, The Counter Terrorist Trends and Analysis "CTTA", Volume 7, Issue 6 (Singapore: International Centre for Political Violence and Terrorism Research, The S. Rajaratnam School of International Studies "RSIS", Nanyang Technological University, July 2015) pp 36 - 46.