أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

سياسات الإضاعة والضياع في لبنان

23 مايو، 2021


تنمُّ أحداث «الأيام الأخيرة» في لبنان عن ارتباك شديد، وإصرار في الوقت نفسه على سلوك سُبُل التصدع والانهيار. فوجئ الجميع، وفي طليعتهم رئيس الجمهورية بسقطة وزير الخارجية السابق «شربل وهبة» في المقابلة على قناة «الحرة». فقد قال منفعلاً ثلاثة أمور، كلها كارثية على تيار العماد عون وعلى لبنان. قال إنّ دول الخليج مسؤولة عن «داعش»، وإنّ إيران و«حزب الله» كانوا وما يزالون يشكّلون الإنقاذ للبنان من التطرف والإرهاب، وإن سلوك تلك الدول علتُهُ أنهم «بدو» غير متحضرين! لقد سارع الجميع، ومنهم رئيس الجمهورية، إلى الإنكار والاستنكار والتبرؤ، وطلبوا من الوزير الاعتزال مع الاعتذار، وسمَّوا وزيرة الدفاع ونائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرةً للخارجية بالوكالة إضافةً إلى مناصبها المتكاثرة. منذ عام 2007، يقول الجنرال الذي صار رئيساً للبلاد عام 2016 بدعمٍ مطلق من «حزب الله»، وتسليم متحمس من الحريري وجعجع، إنّ الحلَّ المثالي لمسيحيي لبنان والمشرق في «تحالف الأقليات» بحماية الحزب وإيران وبشار الأسد. بل إن الهجوم على بداوتنا معروفٌ عن الجنرال الرئيس منذ كان في المنفى بباريس، ويومها كان يعتبر سعد الحريري رمزاً لهذه البداوة في لبنان! ولذلك عندما غادر سعد الحريري بيروت إلى السعودية بعد إسقاط حكومته الأولى في مجلس الوزراء عام 2011 شيّعه العماد عون بلافتة One Way Ticket! لماذا فوجئ الرئيس وتياره إذن ما دامت هذه آراؤهم، بل اعتقاداتهم؟! لقد فوجئوا بهذا الجمع العلني لكل أجزاء الأطروحة ذات العناصر المتشرذمة والمتناثرة في توقيتٍ غير ملائم!

أردتُ أن أذكر سياقات الحدث وخلفياته وسط الضياع، وإلا فإن عمل الرئيس وحاشيته ينصبُّ الآن على أمرين مختلفين تماماً ما أرادوا أن يُضرّ بهما حمق الوزير وهبة، وهما: تبرير إعاقة تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري، واستكشاف مدخل أو مداخل لإرضاء أميركا بايدن عن جبران باسيل. فقبل عشرة أيام نشروا أطروحةً طويلةً عريضةً، يبدو أنّ مستشار الرئيس الوزير السابق سليم جريصاتي هو كاتبها، عن المظالم التي نالت المسيحيين من دستور الطائف. وقد ردّ على ذلك فقهاء دستوريون مسيحيون من وزن أنطوان مسرّة وشكري صادر، فهاتَرَهم جريصاتي وحاول جرَّهُم إلى التشاتم!

في الوقت الذي كان فيه الرئيس يتبرأ من الوزير شربل وهبة، أرسل رسالةً إلى مجلس النواب يطلب منه النظر في معوقات تشكيل الحكومة والتي ينسبها إلى الرئيس المكلف. وقد دعا رئيس مجلس النواب الهيئة العامة للمجلس للانعقاد يوم الجمعة في 21/5 لمناقشة رسالة الرئيس، وجوهرها أنّ الحريري يتجاهل «صلاحيات» الرئيس في تشكيل الحكومة، أو ما هي علاقة التشكيل (مهمة رئيس الحكومة المكلف) بالإصدار (وهي مهمة رئيس الجمهورية بالاشتراك مع الحريري)! المراقبون يخشون اندلاع النزعة الطائفية التي يريد البعض تغذيتها كما يحاول منذ ثلاثين عاماً وأكثر. فهناك راديكاليتان، واحدة مسيحية والأخرى شيعية، ومن يزايد أكثر يحصل في العادة على الأكثرية في طائفته. بيد أنّ الثورة وانفجار المرفأ، ضربا شعبية الجنرال في الأوساط المسيحية رغم شدة الراديكالية. المشكلة للرئيس وصحبه ليس هذا فقط، بل لأنّ الجميع بالخارج قبل الداخل، يريدون أن تتشكل الحكومة على أمل وقف الانهيار، والمضي إلى المجتمع الدولي للمساعدة.

ووسط التقلب بين الإضاعة والضياع، تزداد هموم السواد الأعظم من اللبنانيين، لانهيار الليرة اللبنانية، وانهيار نظام المعيشة كله، وتعذّر الحصول على الغذاء والدواء ووقود السيارات ومازوت المصانع والكهرباء!

*نقلا عن صحيفة الاتحاد