أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

"النخبوية الإلكترونية":

هل يحوز "كلوب هاوس" مكانة تويتر بالتواصل الاجتماعي؟

24 فبراير، 2021


شغل تطبيق Clubhouse الرأي العام بصورة قد تفوق المنتظر من التطبيق في حقيقته، فهو لن يقدم إضافة جديدة حقيقية، ومع ذلك فقد أثار حالة مجتمعية نشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالتطبيق تم تسويقه وتقديمه بطريقة جعلته متميزًا في الطرح عن غيره من تطبيقات التواصل الاجتماعي، من كونه قاصراً على الانضمام من خلال الدعوات الحصرية، ومقصورًا على مستخدمي "الآي فون" فقط. ساهم في ذلك أيضًا دخول بعض كبار المؤثرين من رجال الأعمال، مثل "إيلون ماسك" و"مارك زوكيربرج" على الخط، من خلال إعلانهم المشاركة في غرف الدردشة الخاصة بهذا التطبيق. فما هو "كلوب هاوس"؟ وما هي المميزات التي يقدمها؟ وكيف يمكن أن يُغير من شكل مواقع التواصل الاجتماعي؟ هذا هو ما يسعى هذا التحليل للإجابة عنه.

فكرة قديمة:

لعله من المفاجئ أن فكرة عمل تطبيق "كلوب هاوس" ليست بالجديدة، بل هي قديمة للغاية، وكانت موجودة بالفعل حينما بدأت ثورة التواصل الاجتماعي مع ظهور برامج الماسنجر والشات في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، يمثلها في ذلك التوقيت برنامج "بالتوك" الشهير في ذلك الوقت، الذي كان يقوم على فكرة غرف الدردشة الصوتية والكتابية، قبل أن تتطور ويُضاف إليها الفيديو أيضًا.

و"كلوب هاوس" أحد تطبيقات غرف الدردشة الصوتية، الذي ظهر في أبريل 2020 لمستخدمي هواتف الآي فون فقط، وما زال كذلك حتى هذا الوقت. فعند بداية إطلاقه قبل أقل من عام كان عدد مستخدميه لا يتجاوز بضعة آلاف، معظمهم من عالم التكنولوجيا في السيليكون فالي ومناطق متفرقة حول العالم، وقد استغلوه خلال فترة انتشار فيروس كورونا للتواصل مع بعضهم بعضًا، لكن سرعان ما أصبح عدد مستخدمي التطبيق يقدرون بالملايين، وتجاوزت قيمة الشركة المليار دولار.

بيت النادي:

تأسس تطبيق "كلوب هاوس" أو (بيت النادي) على يد شركتي Rohan Seth وPaul Davison في الولايات المتحدة الأمريكية، برأس مال تم تأمينه لم يتجاوز 100 مليون دولار، وهو تطبيق خاص بمستخدمي هواتف الآي فون فقط، وقائم على مبدأ الدعوات، أي لا بد أن يقوم أحد الأفراد بتوجيه دعوة لغيره حتى يصبح عضوًا في هذا النادي.

تقوم فكرة عمل تطبيق "كلوب هاوس" على مبدأ الغرف المغلقة، يتم تقسيمهم وفق عدة مجالات تشمل كافة الأذواق البشرية، من السياحة للتسوق للسياسة للتكنولوجيا للطقس، وغيرها من المجالات. وكل غرفة تناقش موضوعًا معينًا، مثل: لماذا تجاوز سعر البيتكوين 57 ألف دولار؟، أو مشكلة التغير المناخي وأزمة الطقس السيئ في الولايات المتحدة الأمريكية، أو لماذا انهار مستوى فريق ليفربول إلى هذه الدرجة؟ وما هو مصير محمد صلاح مع الفريق؟. موضوعات مختلفة ومتنوعة يمكن لأي من أعضاء التطبيق عمل غرفة عنها لمناقشتها.

سهولة في الاستخدام وقيود للمشاركة:

يتميز التطبيق بسهولة كبيرة في الاستخدام وبيروقراطية شديدة في المشاركة. فمن ناحية، يمكن لأي مستخدم أن يشارك في غرفة بضغطة زر، وأن يستمع إلى المحادثات ويشارك فيها وينسحب بهدوء شديد من خلال الضغط على Leave Quietly، وأيضًا يمكن استخدام الهاتف في تصفح تطبيقات أخرى في نفس وقت استخدام "الكلوب هاوس"، أو حتى ترك الهاتف جانبًا وكأنك تستمع إلى الراديو، مع خصوصية في أن المحادثات لن يتم تسجيلها، على الأقل داخل التطبيق.

لكن المشاركة في التطبيق -من ناحية أخرى- صعبة إلى حد ما. فلا بد أولًا من أن يكون المشترك من مستخدمي الآي فون، ويجب أن يقوم عضو داخل هذا النادي بتوجيه الدعوة له، بعدها ينتظر ساعات قليلة حتى يتم تفعيل الحساب الخاص به في هذا النادي حتى يتمكن من المشاركة، ولكن حتى بعد المشاركة، لا يستطيع المستخدم التحدث بسهولة، مثلما يستطيع كتابة تغريدة عبر تويتر أو بوست عبر الفيسبوك بسهولة، حيث يجب عليه أن يحصل على إذن من مدير الغرفة أولًا، الذي يمتلك صلاحيات إدارة هذه الغرفة، سواء بدعوة متحدثين أو بعمل "بلوك" لهم أو بطردهم من الغرفة.

حالة جديدة:

على الرغم من أن الفكرة قد تبدو غير جديدة؛ إلا أن هذا التطبيق قد أثار حالة غريبة داخل المجتمعات، حيث تجد يوميًا آلاف الغرف التي بها عدد كبير من الأفراد، تتفاوت في الموضوعات التي تناقشها، بين الجد والهزل. فتجد غرفًا تناقش أمورًا سياسية جادة للغاية تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، قد تتطور مستقبلًا وتكون نواة لحركات سياسية تعود إلى الشارع من جديد، وتشكل تهديدًا للدول والحكومات قد تدفعها في وقت من الأوقات لحظر استخدام التطبيق بداخلها.

ومن ناحية أخرى، تجد مجموعات شديدة الهزل، تناقش موضوعات غاية في البساطة وبطريقة كوميدية وساخرة وغير هادفة. والغريب في الأمر أنه قد تجد بعض المجموعات يتجاوز عدد المشتركين فيها المئات منجذبين إلى هذا المحتوى الهزلي، وكأنهم وجدوا في هذه الغرفة متعة تهون عليهم مشاق اليوم وترسم الضحكة على وجوههم. بتعبير آخر استخدمه أحد الأكاديميين الذين دشنوا غرفة على هذا التطبيق بعنوان "هل الصعايدة حساسين للنقد"، فإن التطبيق أصبح بمثابة "قهوة" لتجاذب أطراف الحديث دون رسميات.

اتهامات بالعنصرية:

لأن التطبيق مقصور على مستخدمي هواتف الآي فون، تلك الهواتف المعروف عنها أنها باهظة الثمن، حيث لا يستطيع جميع الأفراد اقتناءها مثل الهواتف التي تعمل بنظام الأندرويد، فقد عمل ذلك على توجيه اتهامات بالعنصرية للتطبيق، وأنه مقصور على فئة معينة من المستخدمين، ولكن قد تكون هناك أسباب أخرى لتضييق الحرية على كافة المستخدمين غير فكرة العنصرية.

فمن المعلوم أن عدد مستخدمي هواتف الأندرويد في العالم يفوق بأضعاف كبيرة عدد مستخدمي الآي فون، ولأن التطبيق ما زال حديثًا، وقائمًا على فكرة المحادثات الصوتية التي تحتاج طاقات حوسبية عالية؛ فقد ترى الشركة أنه من الضروري أن يكون عدد المستخدمين في البداية محدودًا، حتى لا تواجه مشكلات تتعلق بسلامة الخدمة أو بجودة الصوت، أو مشكلات أمنية تهدد الخصوصية وتعرض التطبيق للاختراق، خاصة مع زيادة عدد المستخدمين، ولذلك فإن مستخدمي الآي فون أنفسهم لا يستطيعون استخدام الخدمة إلا بعد توجيه دعوات لهم.

وفي النهاية فإن متعة "البودكاست" التي يوفرها تطبيق "الكلوب هاوس" قد تجعل عددًا كبيرًا من المستخدمين يفضل هذا التطبيق عن غيره، ومع دخول ما تم تسميته "صفوة المجتمع" إلى هذا التطبيق، فضلًا عن توجيه "إيلون ماسك" دعوة للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" للمشاركة في إحدى الغرف لإجراء محادثة، فقد يصبح هذا التطبيق بمثابة "تويتر" الجديد، ومثلما أصبح "التيك توك" منافسًا قويًا لشبكات التواصل الاجتماعي، فقد يصبح "الكلوب هاوس" أيضًا منافسًا جديدًا لهذه التطبيقات.