أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

لو عادت المفاوضات

28 يناير، 2020


عاد الحديث وعادت الحياة إلى الشأن الفلسطيني، مؤشر جيد بعد إغفاءة طويلة. ردود الفعل على ما يسمى مجازاً «صفقة القرن» يعبر عن المألوف، الإسرائيليون يقولون إن الخطة خطوة عظيمة وإنْ لم تصلنا التفاصيل. الفلسطينيون يكررون موقفهم القديم، نرفض الخطة مع أننا لا نعرف ما هي، وقد لا تكون سوى محاولة لإنقاذ بنيامين نتنياهو من مخاطر السجن المهدد به!

لقد مر دهر على مشاريع السلام، فالعالم لا يتوقف عن الدوران، أنظمة انهارت، ورؤساء رحلوا، القذافي وصدام، تبدلت أجيال وأفكار وحدود، السودان فقد نصفه، سوريا مدمرة. القيمة الاستراتيجية البترولية للمنطقة تتراجع ويفقد نصف قيمته وقوته. أخشى أن الجيل القديم من القياديين لا يعون خطورة التبدلات الهائلة على كل الأصعدة. والدليل أن التعاطي مع صراع فلسطين لم يتغير. الإسرائيليون يفضلون إغلاق ملف القضية. وإذا اضطروا للتفاوض يراهنون على موقف الجانب الفلسطيني الرافض، وارتهان بعض الفصائل قرارها لأنظمة لها مصالح مختلفة مثل إيران وسوريا.

ومهما قيل من نقد، بعضه محق، فإن اتفاقات السلام المحدودة السابقة خدمت جزئياً المصلحة الفلسطينية. «أوسلو» أعطى الفلسطينيين شرعية دولية وكياناً إدارياً على الأرض، بعد أن كانت منظمة منفية في الحمامات، في تونس. ومكن الاتفاق من عودة أكثر من 150 ألف فلسطيني إلى بلدهم. وأفضل حليف لإسرائيل هو إيران، من خلال فصائل فلسطينية تابعة لها أفشلت كل محاولات التفاوض في الماضي بالتفجير والتشكيك ونشر الفوضى والطعن في شرعية الرئيس الراحل ياسر عرفات. وبوفاته توقفت المحاولات.

ودائماً الخاسر الوحيد من تخريب مشاريع السلام هم الفلسطينيون، لا الإيرانيون ولا الإسرائيليون. فكل صباح تشرق فيه الشمس تتمدد إسرائيل وتتقلص الأراضي الفلسطينية.

والحجة في رفض التفاوض هي انحياز الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإسرائيل، والحقيقة أن كل من سبقه من الرؤساء الأميركيين كانوا في صف إسرائيل، ومع هذا تعاملت السلطة الفلسطينية معهم آنذاك. ولو راجعنا قرارات ترمب الماضية مع إسرائيل فإنها كانت تعترف بالأمر الواقع على الأرض بهدف كسب الناخبين في بلاده، لكنها تبقى بلا شرعية. فنقل السفارة للقدس لا يعني في القانون الدولي أن القدس لإسرائيل إلا الجانب الغربي منها. ورغم إعلان الجولان إسرائيلية، فإنها تبقى في خرائط الأمم المتحدة أرضاً سورية محتلة. إنما الأخطر مما يفعله ترمب هو الانكفاء الفلسطيني، لأنهم يجلسون في انتظار معجزة من السماء. الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ربما الوحيد الذي يستطيع خوض معركة المفاوضات الجديدة. فهو أقدم القيادات التاريخية، وأكثرها عقلانية، وربما لولاه لدبت الفوضى في داخل السلطة منذ رحيل أبو عمار قبل 16 عاماً. فهل القبول بدعوة ترمب يعني أن المطلوب من السلطة الفلسطينية التوقيع على شيك أبيض؟ بالتأكيد لا. المتوقع الجلوس والحوار وإبداء حسن النية، ولن يفرض أحد حلاً لا يريده الفلسطينيون. هكذا يفعل الإسرائيليون مع أنهم أقل رغبة في التفاوض على الوضع القائم، لأنه يمنحهم الأرض والحكم. هم يتعاملون بإيجابية مع ترمب، الذي قد يعاد انتخابه رئيساً، ويملك سلطة هائلة، التي قد يسخرونها لصالحهم، أو على الأقل يقللون من أضرارها عليهم.

*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط