أخبار المركز
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)

حلقة «بريكسيت» المفرغة

03 أبريل، 2019


لم تصل أزمة «بريكسيت» إلى نهايتها بعد وإن كشفت كلما طال أمدها عن مزيد من التردي في الأداء السياسي، وهو تردٍ لازم أزمة «بريكسيت» منذ نشأتها بل لعله كان السبب الأصيل فيها، فلم يكن من المفترض أن يدعو كاميرون رئيس الوزراء السابق لاستفتاء في مسألة مصيرية تشهد انقساماً واضحاً في المجتمع ومن دون أن تكون معطيات الخيارات المختلفة بشأنها متاحة للجميع قبل الاستفتاء، وهو الأمر الذي اعترف به البعض مع تأكيدهم أنه لو كانت الحقائق المتاحة لهم الآن قد أُتيحت لهم قبل الاستفتاء لما صوتوا لصالح الخروج، وبعد أن اختار الشعب الخروج بدأت رئيسة الوزراء تريزا ماي تعمل للتوصل إلى اتفاق للخروج «اللين» مع قادة الاتحاد الأوروبي، وبعد التوصل إليه كان واضحاً أنه لم يرض غالبية أعضاء مجلس العموم البريطاني وبالتالي رُفض في أول تصويت، لكن ما لم أفهمه أن تعيد ماي التصويت ثلاث مرات والرابعة في الطريق، والغريب أن نتيجة التصويت في المرات كلها كانت معروفة فكيف لا تعلم هي؟ وألا ترى في هذا الرفض المتكرر تقويضاً لمكانتها؟ والأعجب ما عرضته في المرة الأخيرة وهو إغراء الأعضاء بأنها سوف تستقيل لو وافقوا وكأن المشكلة فيها وليست في الاتفاق.

ولا يقل زعيم المعارضة عن رئيسة الوزراء سوءاً في الأداء، فبدلاً من أن يسعى لإيجاد مخرج يصر بدوره غير مرة على فكرة طرح الثقة بالحكومة وكأنه لا يستطيع التفرقة بين معارضة بعض أعضاء حزب المحافظين لنهج ماي وبين حرصهم على الاحتفاظ بالحكم في أيدى حزبهم، وتنطبق غرابة الأداء أيضاً على أعضاء مجلس العموم الذين يطالبون رئيسة الوزراء بالحصول على شروط أفضل لاتفاق الخروج مع أنهم يعلمون تمام العلم أن الاتفاق الذي يرفضونه قد تم بالتراضي بين مسؤولي الاتحاد ورئيسة وزرائهم وأن المنطق يقضى باستحالة تقديم الاتحاد الأوروبي تنازلات جديدة لبريطانيا لمجرد أن أعضاء السلطة التشريعية يطلبون ذلك، وكأنهم لا يعلمون أن الخروج البريطاني هو السابقة الأولى من نوعها، وأن أي تنازلات تُقَدم للراغبين في الخروج بناءً على ضغوط منهم سوف تؤسس لنموذج يمكن أن يتكرر في حالات أخرى قادمة، وهي مسألة بالغة الأهمية لمستقبل الاتحاد الأوروبي الذي يشهد عدد من دوله تحولات تشير إلى صعود نجم الأحزاب اليمينية المتطرفة التي لا تطيق الاتحاد الأوروبي، ومن ثم فإن الخروج السلس للمملكة المتحدة والاستجابة للمزيد من طلباتها لن يعني سوى المزيد من تشجيع اليمين المتطرف الصاعد على تكرار النموذج البريطاني الأمر الذي يجعل مستقبل الاتحاد برمته على المحك..

وتبقى الحلول الأخرى مثل الدعوة لاستفتاء جديد التي يتبناها البعض ويرفضها البعض الآخر بحجة أن الشعب قد قال كلمته وكأن الشعب يقولها مرة واحدة وإلى الأبد، وكأن بريطانيا لم يسبق لها أن رفضت الانضمام لأوروبا في خمسينيات القرن الماضي ثم تراجعت في الستينيات، وماذا لو كانت الأغلبية قد أصبحت الآن في كفة البقاء؟ غير أن مشكلة الاستفتاء الجديد أنه لن يحل مشكلة انقسام الجماعة السياسية البريطانية، فمن شبه المؤكد أنه سيأتي لصالح البقاء ولكن الانقسام سيبقى على حاله وإن لم يتطلب البقاء ترتيبات من أي نوع، كذلك أشك أن إجراء انتخابات جديدة سيحل المشكلة حتى ولو جاءت حكومة غير محافظة، فالمشكلة تكمن في التداعيات السلبية للخروج التي لا ينوي الاتحاد الأوروبي بحال التقليل منها فإذا ما تم الخروج بدون اتفاق نكون قد وصلنا إلى الطامة الكبرى.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد