أخبار المركز
  • مركز المستقبل يصدر دراسة جديدة بعنوان: (كل شيء صنع في الصين: كيف تستطيع الدول النامية توظيف طاقاتها الإنتاجية المعطلة؟)
  • رانيا مكرم تكتب: (تحالفات مناوئة: رسائل توقيت الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران إلى ترامب)
  • صفاء مطعيش تكتب: (آلات وراثية: كيف يمكن للبيولوجيا التركيبية أن تغير عالمنا؟)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (الدور الإنساني للإمارات.. قوة ناعمة عالمية)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (فرصة ترامب لتحديد مستقبل الشرق الأوسط)

التسييس الأخضر:

الأوجه المضللة للبيانات الضخمة في مجال تغير المناخ

21 يناير، 2025


في عصر البيانات الضخمة، أصبحت المعلومات المناخية أداة قوية في صياغة السياسات البيئية وتوجيه القرارات الاقتصادية. ولكن، في ظل هذا التقدم، ظهرت ممارسات تعتمد على التوظيف الانتقائي والمضلل لهذه البيانات لتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية على حساب القضايا البيئية الحقيقية.

يركز هذا المقال على تحليل أمثلة للتوظيف السلبي للبيانات المناخية، مثل استغلالها في الحملات الانتخابية، وتضليل المستهلكين عبر التسويق الأخضر، أو حتى جذب تمويل لمشروعات ذات جدوى بيئية مشكوك فيها.

دعم سياسات بيئية انتقائية:

يمكن استخدام البيانات الضخمة لتحليل تأثيرات التغير المناخي في مناطق محددة؛ مما يتيح للحكومات اتخاذ قرارات تستند إلى الأدلة. لكن في بعض الأحيان، قد يتم انتقاء البيانات أو استخدامها بطريقة تُظهر مناطق معينة بصورة سلبية فقط لدعم سياسات معينة، مثل فرض قيود على التنمية الاقتصادية في تلك المناطق.

في بعض الأحيان، يتم استخدام البيانات الضخمة المتعلقة بتأثير التغير المناخي في إفريقيا (مثل التصحر والجفاف) لتوجيه قرارات اقتصادية قد تُؤثر سلباً في التنمية في بعض المناطق. ففي مناطق مثل شمالي كينيا والنيجر، تُستخدم بيانات الأقمار الاصطناعية لتحديد المناطق الأكثر تعرضاً للجفاف نتيجة للتغير المناخي. 

هذه البيانات تُظهر تدهوراً بيئياً واضحاً، لكن قد يتم استخدامها بطريقة تُبالغ في تصوير الكارثة المناخية ؛ مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات سياسية تؤثر في التنمية الاقتصادية بهذه المناطق؛ ومن ثم، قد تُستخدم هذه البيانات لدعم سياسة تقليص مشروعات الزراعة في المناطق التي تعتمد على الإنتاج الزراعي؛ مما يحد من فرص التنمية ويزيد من الاعتماد على المساعدات الدولية؛ وهو ما قد يخدم مصالح سياسية لدول أو منظمات دولية ترغب بالتأثير في سياسات الدول الإفريقية.

بهذا الشكل، يتم إبراز المخاوف المناخية فقط لدعم سياسات انتقائية، في حين تم التغاضي عن جوانب أخرى قد تُظهر الواقع المناخي بصورة أكثر توازناً.

التسويق الأخضر الكاذب:

تستخدم بعض الشركات البيانات لإجراء تحليلات تسويقية تُظهر كيف أن منتجاتها صديقة للبيئة. فمثلاً، قد تُظهر شركة بيانات تفيد بانخفاض انبعاثات الكربون الناتجة عن استخدام منتجها مقارنة بالمنتجات المنافسة. بينما تكون النية هي تعزيز الصورة العامة للشركة، وقد لا تعكس هذه البيانات التغيير الحقيقي في الممارسات البيئية. 

إن توظيف البيانات لتسويق المنتجات على أنها "خضراء" رغم أنها قد لا تكون كذلك فعلياً هو ظاهرة منتشرة في بعض الشركات التي تسعى لجذب المستهلكين المهتمين بالاستدامة والبيئة. هذا النوع من التسويق الأخضر الكاذب أو ما يعرف بـ"الغسل الأخضر" (Greenwashing) يتم من خلال توظيف بيانات مُضللة أو مُنتقاة لإعطاء انطباع خاطئ بأن المنتج صديق للبيئة. وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه الممارسات: 

1- شركة كوكاكولا تُسوق منتجاتها على أنها "قابلة لإعادة التدوير": في حملتها لتسويق منتجاتها، صرحت كوكاكولا إن الزجاجات المستخدمة قابلة لإعادة التدوير. ووفقاً لبعض التقارير، كانت كوكاكولا تستخدم بعض البيانات لتسليط الضوء على زيادة نسبة المواد المعاد تدويرها في الزجاجات؛ مما جعلها تبدو وكأنها منتج صديق للبيئة ؛ ومع ذلك، فإن البلاستيك المستخدم في الزجاجات كان غير قابل للتحلل البيولوجي، وكانت معدلات إعادة التدوير منخفضة للغاية في العديد من المناطق. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن إنتاج البلاستيك واستخراج الموارد له تأثير بيئي سلبي كبير .


2- شركة فورد (Ford) - تسويق سيارات "خضراء": في عام  2010، أطلقت فورد حملة تسويقية لسيارتها الهجينة فورد فيوجن، وادعت أنها سيارة صديقة للبيئة؛ لأنها تستخدم محركاً هجيناً يجمع بين الوقود والكهرباء . رغم أن السيارة كانت توفر استهلاكاً أقل للوقود مقارنة بالسيارات التقليدية، فإن بعض التحليلات أظهرت أن فورد استخدمت البيانات بشكل انتقائي لتسويق السيارة على أنها منتج بيئي بالكامل، في حين أن التصنيع واستخراج المواد الخام للبطاريات الهجينة لهما أثر بيئي كبير، بما في ذلك التلوث الناتج عن إنتاج البطاريات. وهذا يتناقض مع الرسائل التسويقية التي قدمتها فورد حول كون السيارة "خضراء" و"مستدامة".

3- شركة نايكي (Nike) - التسويق بالألوان الخضراء: في بعض حملاتها التسويقية؛ مثل "Nikelab"  لبيع الأحذية ، قامت نايكي بتسويق بعض الأحذية على أنها مستدامة باستخدام المواد القابلة لإعادة التدوير أو الأصباغ الطبيعية؛ ومع ذلك، عند التدقيق في البيانات، تبين أن "نايكي" لم تكن قد قامت بتغيير جذري في طرق التصنيع أو المواد المستخدمة، وكانت نسبة المواد المستدامة في الأحذية المحددة منخفضة جداً . بل كانت الحملات تسلط الضوء على بعض التحسينات الصغيرة في المواد وتستخدم الألوان والتصميمات التي تبدو "خضراء" لإعطاء انطباع بأن المنتج صديق للبيئة (كما توضحها الصور أدناه) ، وهو ما يُعد نوعاً من التسويق الأخضر الكاذب.


4- شركة هارلي ديفيدسون – (Harley Davidson) تسويق دراجات نارية "صديقة للبيئة": في عام 2019، أطلقت هارلي ديفيدسون دراجة نارية كهربائية تدعى LiveWire، وروجت لها الحملة التسويقية باعتبارها "دراجة نارية صديقة للبيئة". وعلى الرغم من أن الدراجة نفسها كانت تعمل بالكهرباء؛ فإن الشركة استخدمت بيانات تتعلق بتوفير الطاقة وتقليل الانبعاثات في الحملات الإعلانية، دون التطرق إلى التأثير البيئي الكبير المرتبط بإنتاج البطاريات الكهربائية أو البنية التحتية لشحن الطاقة التي قد تكون غير مستدامة في بعض البلدان. كما تم التقليل من التحديات المرتبطة بتوسيع نطاق السيارات الكهربائية بشكل عام.

تجدر الإشارة هنا إلى أنه في قائمة الشركات الأكثر مسؤولية في أمريكا (2023America’s Most Responsible Companies 2023) التي أصدرتها مجلة نيوزويك (Newsweek)، احتلت شركة "هارلي ديفيدسون" المرتبة 394 من بين 500 شركة أمريكية تم تصنيفها. ضمت القائمة 17 شركة  تعمل في قطاع السيارات وقطع الغيار، حيث كانت هذه الشركات تُظهر التزاماً بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وهو ما يعكس جهود "هارلي ديفيدسون" في تحسين جوانب الاستدامة في عملياتها. ورغم أن "هارلي ديفيدسون" ظهرت ضمن هذه الشركات؛ فإن ترتيبها في القائمة يعكس حجم التباين والتحديات التي تواجهها في تفعيل استراتيجيات الاستدامة بشكل أوسع مقارنة بالشركات الكبرى في نفس القطاع . 

يُعد توظيف البيانات بشكل انتقائي لتسويق المنتجات كـ"خضراء" أو صديقة للبيئة رغم عدم كونها كذلك بالفعل خداعاً للمستهلكين، وهو نوع من الغسل الأخضر. ففي الأمثلة السابقة، استخدمت الشركات بيانات جزئية أو تحسينات صغيرة في المنتجات لتسويقها على أنها صديقة للبيئة، بينما تجاهلت الآثار البيئية الكبرى المرتبطة بها؛ مما يضلل المستهلكين الذين يسعون لاختيار المنتجات المستدامة.

جذب التمويل:

 تُستخدم البيانات الضخمة لتقديم تقارير مفصلة عن تأثير التغير المناخي؛ مما يجذب الاستثمارات أو التمويل للمشروعات البيئية؛ ومع ذلك، يمكن لبعض الجهات أن تستغل هذا التمويل لدعم مشروعات قد تكون غير فعالة أو لا تتماشى مع الأهداف البيئية المنشودة.

تحليل هذه الظاهرة يكشف عن عدة جوانب. أولاً، هناك استخدام محدود للبيانات البيئية في تقييم المشروعات؛ مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت تلك المشروعات تؤدي فعلاً إلى تحسينات بيئية حقيقية. على سبيل المثال، يمكن لبعض المشروعات أن تروج لأدوات أو تقنيات قد تُعد مستدامة في سياق معين ولكنها تتجاهل التأثيرات البيئية الأوسع في مناطق أخرى. ثانياً، تؤدي الثغرات في الرقابة الحكومية أو نقص الشفافية إلى استغلال التمويل البيئي لصالح مشروعات ذات جدوى بيئية منخفضة. ثالثاً، من الممكن أن تُعزى بعض هذه الظواهر إلى عدم التوازن بين الفوائد الاقتصادية والبيئية في تقييم المشروعات. في بعض الأحيان، تُفَضّل المشروعات التي تُظهر عوائد اقتصادية سريعة رغم أنها قد تضر بالتنوع البيولوجي أو تزيد من التلوث على المدى الطويل.

وعليه، فإنه من الضروري أن تُصحح هذه الممارسات من خلال تعزيز آليات الرقابة، وضمان أن تكون التقييمات البيئية أكثر دقة وشفافية، بحيث تُخصص الأموال بشكل يتوافق مع الأهداف البيئية الحقيقية. وفيما يلي إشارة لمثال على الظاهرة محل النقاش:

مشروعات الطاقة الحيوية (Bioenergy) في الاتحاد الأوروبي: في الاتحاد الأوروبي، كان هناك تمويل كبير مخصص لمشروعات الطاقة الحيوية (مثل استخدام الأخشاب أو المحاصيل الزراعية لتوليد الطاقة) تحت مظلة تحقيق الأهداف البيئية المتعلقة بالحد من انبعاثات الكربون؛ ومع ذلك، في بعض الحالات، تم استغلال هذه الأموال لدعم مشروعات الطاقة الحيوية التي لم تكن فعّالة بيئياً.

على سبيل المثال، محطة Drax للطاقة، التي تقع في شمالي يوركشاير بالمملكة المتحدة، كانت محطّة فحم قد تم تحويلها لتعمل باستخدام الحبيبات الخشبية (الطاقة الحيوية). بحلول عام 2023، أصبحت المحطة مسؤولة عن إنتاج نحو 5% من إجمالي الكهرباء في المملكة المتحدة. وكان يتم تمويل هذا التحول إلى الطاقة الحيوية بموجب الاشتراكات الخضراء التي تقدمها الحكومة البريطانية، حيث يتم اعتبار الكهرباء المنتجة من الحبيبات الخشبية "طاقة متجددة" ويتم تصنيفها على أنها خالية من الانبعاثات .

ومع ذلك، كشفت تحقيقات بي بي سي بانوراما (BBC Panorama) في عام 2024 عن أن محطة Drax   كانت تستورد الحبيبات الخشبية من غابات نادرة في كندا، وبالتحديد من غابات الأنواع القديمة وغابات النمو الأولي (التي لم تتعرض لتدخل بشري كبير). هذه الغابات تُعد من البيئات الطبيعية ذات التنوع البيولوجي العالي، وأي استغلال لها له تأثير بيئي كبير. ورغم أن Drax كانت قد أعلنت سابقاً أنها لا تأخذ خشباً من هذه الغابات، فقد تبين أن الشركة استوردت أكثر من 40 ألف طن من الأخشاب من غابات قديمة في كندا خلال عام 2023. 

تُعد هذه الغابات "غابات غير قابلة للاستبدال" وفقاً للخبراء البيئيين في كندا، وتعرض استخدام الأخشاب من هذه الغابات كمصدر للطاقة الحيوية إلى انتقادات كبيرة؛ لأنه يسهم في إزالة الغابات وزيادة انبعاثات الكربون؛ مما يتعارض مع الهدف المعلن للحد من التغير المناخي. وأكدت المنظمات البيئية أن حرق هذه الحبيبات الخشبية يسهم في انبعاث ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون، رغم الادعاء بأن هذه الانبعاثات يتم تعويضها عن طريق زرع أشجار جديدة.

خدمة أغراض سياسية:

 في الحملات الانتخابية، قد تستخدم الأحزاب السياسية البيانات لتسليط الضوء على تأثير التغير المناخي في مناطق معينة؛ بهدف تعزيز موقفها. مثلاً، يمكنها استخدام بيانات تُظهر ارتفاع درجات الحرارة في منطقة ما لتبرير سياسات معينة، حتى لو كانت الحقيقة أكثر تعقيداً.

التحليل البياني لأغراض سياسية مناخية هو استخدام البيانات والإحصاءات المتعلقة بالمناخ بشكل انتقائي أو مضلل لخدمة أهداف سياسية أو اقتصادية معينة. في بعض الأحيان، يتم التلاعب بالبيانات أو توجيهها لتدعيم سياسات معينة أو التأثير في الرأي العام بطريقة تدعم مواقف أو مصالح سياسية. وفيما يلي بعض الممارسات التي توضح ذلك:

1- استغلال البيانات المناخية في الحملات الانتخابية (الانتخابات الأمريكية 2020): في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، كان التغير المناخي إحدى القضايا الرئيسية في الحملات الانتخابية. واستخدم كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري البيانات المناخية بشكل انتقائي لتوجيه الرسائل السياسية 

استخدم بعض السياسيين في الحملة الانتخابية أرقاماً واختيارات من البيانات المناخية لدعم مواقفهم. على سبيل المثال، دعم بعض السياسيين "الإنكار المناخي" من خلال تقديم بيانات عن فترات معينة من انخفاض درجات الحرارة؛ بهدف التشكيك في فكرة الاحتباس الحراري العالمي، بينما كان آخرون يستخدمون التوقعات المتطرفة لظواهر الطقس مثل الأعاصير لتسليط الضوء على أهمية التصدي للتغير المناخي .

كان الهدف من هذه التحليلات الانتقائية هو التأثير في الرأي العام بشكل يتناسب مع الأجندات السياسية لكل حزب. حيث سعى الحزب الديمقراطي إلى زيادة الدعم للتشريعات البيئية، في حين كان الحزب الجمهوري يتبنى مواقف أكثر تحفظاً في التعامل مع القيود البيئية.

2- الحكومة البرازيلية (إدارة بولسونارو) واستخدام البيانات المناخية: في ظل إدارة جايير بولسونارو في البرازيل، تم استخدام البيانات المتعلقة بإزالة غابات الأمازون لتقليل الاهتمام الدولي بالمشكلات البيئية. ففي أكثر من مناسبة، تم التهرب من حقيقة تزايد معدلات إزالة الغابات في الأمازون واستخدام البيانات لإظهار صورة أقل سوداوية. 

وعليه، تم تقليل أو تجاهل التقارير البيانية التي تشير إلى الزيادة الكبيرة في إزالة الغابات في السنوات الأخيرة (الشكل 4). وفي بعض الأحيان، تم تقديم تقارير تُظهر أن الوضع البيئي في الأمازون كان يتحسن، بينما في الحقيقة كانت أرقام إزالة الغابات قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة .

وكان الغرض السياسي من استخدام هذه البيانات هو تهدئة الانتقادات الدولية، خاصة من الدول الأوروبية والمنظمات البيئية، التي كانت تطالب الحكومة البرازيلية باتخاذ إجراءات حازمة لحماية الأمازون. في الوقت نفسه، كانت الحكومة تسعى لدعم المصالح الاقتصادية المحلية مثل الزراعة والتعدين التي تتسبب في إزالة الغابات .


تستمر استخدامات البيانات المناخية لأغراض سياسية بالتأثير في السياسات العامة حول التغير المناخي. ويتم استغلال البيانات بطريقة انتقائية أو مضللة لتدعيم أجندات سياسية معينة؛ مما يجعل من الصعب أحياناً التصدي بفعالية للتحديات البيئية العالمية. هذه الأمثلة توضح كيف يمكن أن تكون البيانات المناخية أداة قوية بالتأثير في السياسات والمواقف الدولية، لكن أيضاً قد تتعرض للتلاعب لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية ضيقة.

تظهر هذه المحاور كيف يمكن أن يتم استخدام البيانات الضخمة كأداة لتحقيق أهداف قد تكون متناقضة مع الأهداف البيئية أو الاجتماعية؛ مما يؤدي إلى تهميش القضايا الحقيقية التي تحتاج إلى معالجة فعالة.

ختاماً، يمكن القول إن البيانات الضخمة أصبحت أداة أساسية لفهم التغير المناخي والتنبؤ بتأثيراته المستقبلية. ومع تقدم التقنيات التحليلية والإحصائية، بات من الممكن جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات البيئية التي تساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة في مختلف المستويات. إلا أنه يجب أن نكون على وعي تام بأن التحليل البياني للمناخ يمكن أن يتعرض للتلاعب من أجل تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية؛ ما قد يؤدي إلى نتائج مغلوطة أو غير دقيقة.

ومن أجل ضمان استفادة مثلى من البيانات الضخمة في معالجة قضايا التغير المناخي، يتعين اتباع مجموعة من التوصيات؛ من بينها:

- تعزيز الشفافية في جمع البيانات: يجب أن تتم عملية جمع البيانات المناخية وتحليلها وفقاً لمعايير شفافة وواضحة. وينبغي أن تكون المصادر والطرق المستخدمة في جمع البيانات مهنية ومعتمدة من قبل الهيئات العلمية العالمية لضمان دقتها.

- استثمار التكنولوجيا المتقدمة: ينبغي استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتطوير نظم تحليلية أكثر تقدماً يمكنها التعامل مع البيانات البيئية بشكل أكثر دقة وفعالية. هذه التقنيات يمكن أن تساعد على تحسين النماذج المناخية وتسريع التنبؤات المستقبلية؛ مما يسهم في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات المناخية.

- تعزيز التعليم والتوعية العامة: يتطلب الأمر من جميع المعنيين، سواء أكانوا صانعي قرار، أم باحثين، أم أفراداً، التفاعل مع البيانات المناخية بشكل أكثر وعياً. فمن خلال التعليم والتوعية العامة حول كيفية تفسير البيانات البيئية؛ يمكن تقليل مخاطر التحليل المضلل ورفع مستوى الفهم العام للمشكلات البيئية.