أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)
  • إيمان الشعراوي تكتب: (الفجوة الرقمية: حدود استفادة إفريقيا من قمة فرنسا للذكاء الاصطناعي 2025)
  • حسين معلوم يكتب: (تفاؤل حذر: هل تشكل الانتخابات المحلية فرصة لحلحلة المسار الليبي؟)
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)

مُعضلات أفريقيا:

الانتقال المتعثر.. الإرهاب.. التدخل الخارجي

23 ديسمبر، 2021

image

ثمة نقاشات مهمة حول تحديات الحوكمة المُلحة التي تواجهها الدول الأفريقية في فترة ما بعد الاستعمار، مثل تفشي الرشوة والفساد، والافتقار إلى الحكم الديمقراطي، وانعدام الأمن، وانعدام العدالة والمساواة أمام القانون، والأمية؛ باعتبارها بعض العوائق التي تعترض التنمية المستدامة في أفريقيا. كما تواجه القارة السمراء تحديات أمنية مركبة ومتعددة منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، فقد شهد العقدان الماضيان ظهور تهديدات غير متكافئة ومختلطة مثل القرصنة في خليج غينيا وقبالة سواحل البحر الأحمر، ونزاعات المياه، ونمو الإرهاب، وانتشار الأوبئة مثل الإيبولا وكورونا.

ولا شك أن التنافس على النفوذ في القارة الأفريقية واقع جيوسياسي لا يمكن إنكاره، حيث يثير تركيز الولايات المتحدة الأمريكية على مواجهة الصين وروسيا في أفريقيا مخاوفاً بشأن إحياء أجواء الحرب الباردة. وفي حين أن الصين هي حالياً المنافس العالمي الرئيسي للولايات المتحدة، فإن بكين ليست هي الوجود الأجنبي الوحيد في أفريقيا؛ ففي الوقت الذي لا تتمتع فيه روسيا بالنفوذ الاقتصادي نفسه في القارة السمراء مثل الصين، ولكن مع الشركات العسكرية الخاصة وزيادة الوجود العسكري، فإن موسكو لديها القدرة على التأثير سلباً على الأمن القومي الأمريكي. كما يثير الوجود التركي المتزايد في أفريقيا مخاوف أمنية أيضاً. 

وفي هذا السياق، أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، ضمن سلسلة "كتب المستقبل"، كتاباً جديداً بعنوان "مُعضلات أفريقيا: الانتقال المتعثر.. الإرهاب.. التدخل الخارجي"، من تأليف الدكتور حمدي عبدالرحمن حسن، أستاذ العلوم السياسية بجامعتي زايد والقاهرة، ونائب رئيس لجنة دراسات الأمن والصراع والتحول الديمقراطي بالجمعية الدولية للعلوم السياسية. 

ويضم الكتاب 4 فصول، حيث يناقش الفصل الأول قضايا السياسة والحكم في الدول الأفريقية بالتركيز على حالات السودان ومالي وتشاد وغينيا. ومن الملحوظ هنا أن هشاشة نظام الحكم وضعف الدولة من خلال هيمنة "متلازمة الرجل القوي" دفعت إلى إعادة إحياء الظاهرة الانقلابية في بعض دول أفريقيا. فيما يقدم الفصل الثاني تحليلاً لبعض قضايا الأمن وأنماط الصراعات الأفريقية، سواء داخل الدول أو بينها، مثل حرب التيجراي في إثيوبيا والأزمة الصومالية، بالإضافة إلى أزمة سد النهضة، وكذلك اتجاهات أمننة جائحة "كوفيد-19". ويوضح هذا الفصل تداعيات هذه الصراعات على منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، كما هي الحال في كل من القرن الأفريقي وغرب أفريقيا. 

أما الفصل الثالث، فيتناول طبيعة الجماعات الإرهابية، وكيف تفكر، وعوامل تمددها. ويجادل هذا الفصل بأن المقتربات الأمنية والعسكرية التي تم تبنيها لمحاربة الإرهاب على مدى نحو عقدين من الزمان لم تفلح في اجتثاث جذور التطرف والإرهاب من المجتمعات الأفريقية، وهو ما يدعو إلى التفكير في تبني نهج جديد. ويستعرض الفصل الرابع دور القوى الصاعدة في النظام الدولي وسعيها إلى اكتساب القوة والنفوذ في أفريقيا، وذلك في سياق موجة التدافع على النفط والموارد الطبيعية الأفريقية.

وفي النهاية، يشكل هذا الكتاب إضافة مهمة إلى الأدبيات المتزايدة حول قضايا الحكم والأمن والتدخل الدولي في أفريقيا؛ إذ يضم مجموعة واسعة من الموضوعات، من الإرهاب والجريمة، إلى دور الفاعلين الإقليميين والدوليين في القارة السمراء، والانقلابات العسكرية، والصراعات البينية والداخلية، وانتهاءً بإشكاليات إضفاء الطابع الأمني على القضايا الصحية مثل جائحة "كوفيد-19" باعتبارها تهديداً وجودياً.