أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

بين بايدن وترامب:

حدود تأثر الشرق الأوسط بالانتخابات الأمريكية 2024

09 مايو، 2024

بين بايدن وترامب:

عقد مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" حلقة نقاشية، استضاف خلالها معالي نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري السابق، بحضور خبراء وباحثي المركز، للحديث عن تطورات الداخل الأمريكي مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية المقبلة المُقررة في 5 نوفمبر 2024، ومدى تأثير هذه الانتخابات في قضايا الشرق الأوسط.

البيئة الانتخابية:

أشار معالي نبيل فهمي إلى عدد من الملامح العامة للبيئة الانتخابية الأمريكية في وضعها الحالي، على النحو التالي: 

1- البحث عن الذات: إذ تحاول واشنطن الإجابة عن أسئلة رئيسية مرتبطة بتعريف نفسها، ودورها في العالم. فمثلاً، هناك سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة يجب أن تتدخل في كل مناطق العالم بما تشمله من نزاعات، وما يترتب على ذلك من منافع وواجبات؛ أم أن تتدخل فقط في مناطق نفوذها ومصالحها، وما يرتبه ذلك من منافع من دون نفس القدر من المسؤوليات والتكاليف. وثمة أيضاً سؤال حول ما إذا كان يجب أن تكون الولايات المتحدة جامعة لكل الأطياف والعرقيات بشكل متساوٍ، أم أن هناك أطيافاً رائدة ولها الحظوة على من هم دونها. 

2- غلبة السياسة الداخلية: اعتادت الولايات المتحدة أن تكون السياسة الخارجية عنصراً مكملاً لنظيرتها الداخلية وليس العكس؛ إذ تشير الخبرات السابقة إلى أن المواطن الأمريكي عادةً ما يكون أقصى ما يهتم به هو نطاق 200 ميل حوله؛ ومن ثم فإن اهتماماته داخلية بالأساس. 

3- موقف المرشحين: لأول مرة تكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد نحو ستة أشهر فقط، ولا نعرف على وجه اليقين من هم المرشحون للانتخابات؛ إذ لا تزال الاحتمالات مفتوحة فيما يتعلق بكلا المرشحين جو بايدن ودونالد ترامب، على الرغم من نيلهما ترشيح الحزبين الديمقراطي والجمهوري على الترتيب، وذلك في ظل المشكلات والتحديات التي تواجه كلاً منهما. 

4- انتخابات عقابية: يغلب على هذه الانتخابات رفض المرشح الآخر بشكل أكبر بكثير من دعم مرشح بعينه؛ أي أن السؤال الحقيقي أصبح من سيخسر الانتخابات الرئاسية الأمريكية وليس من سيربحها، ويتجلى ذلك بشكل أكثر وضوحاً في تقارب نسب الرفض لكلا المرشحين. 

5- مشكلات بايدن: على الرغم من الأداء الجيد للاقتصاد الأمريكي، وتحقيقه معدل نمو حوالي 3% وتوفير الكثير من فرص العمل، فإن الرئيس الحالي بايدن يواجه مشكلات متعددة؛ منها المخاوف المتعلقة بكِبر عمره وحالته الصحية والذهنية؛ إذ تعتقد نسبة كبيرة من الأمريكيين أنه غير قادر على استكمال ولاية رئاسية جديدة. ويفاقم هذه المشكلة، عدم جاذبية نائبة الرئيس، كامالا هاريس، وضعف قبولها الشعبي. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الولايات الأمريكية التي تغلب الأصول العربية على ساكنيها، والتي صوتت سابقاً لصالح بايدن مثل: ميشيغان وبنسلفانيا، قد تحجم عن التصويت للرئيس الحالي بسبب عدم رضاها عن موقفه من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وهو ما يؤثر بالسلب في حظوظه الانتخابية.

6- قوة ترامب: على الجانب الآخر، فإن ترامب وإن كان يمثل بشكل أساسي الطبقة العليا في الولايات المتحدة، فإنه يمتلك عدداً من نقاط القوة، أهمها الظهور بمظهر الرجل القوي، والذي يتماشى مع الثقافة الأمريكية العامة، كما أن قدرته على حشد الغاضبين والحديث بلسانهم ترفع من حظوظه الانتخابية. 

قضايا المنطقة: 

فيما يتعلق بالموقف الأمريكي المُحتمل من قضايا وملفات الشرق الأوسط بعد الانتخابات المقبلة، فقد فرّق فهمي هنا بين أربعة اتجاهات رئيسية، هي: موقف بايدن، وموقف ترامب، وموقف الحزب الديمقراطي، وموقف الحزب الجمهوري، مشيراً إلى وجود اختلافات في درجة هذه المواقف وليس متنها بين المرشحين المُحتملين وحزبيهما.

وأوضح فهمي أن ترامب يبدو أقل رغبة في التداخل مع أزمات المنطقة مقارنةً بالرئيس بايدن، كما أن الأخير سوف يتأثر بشكل كبير بالمخاوف الأمريكية الخاصة بالانتشار والنفوذ الروسي سواء في إفريقيا أم الشرق الأوسط. واعتبر أن فكر ترامب ما زال يحكمه مفهوم "الصفقات"، وبالتالي قد يتجه بشكل كبير لمن هو قادر على إبرام صفقات معه، مع السعي إلى تقليص التكلفة الأمريكية الخاصة بدورها في الإقليم. 

واستعرض فهمي التأثير المُحتمل للانتخابات الأمريكية المقبلة في عدد من القضايا الإقليمية، ومنها ما يلي: 

1- عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي: يُفضل بايدن عملية سلام "تقليدية" دون اشتراط الوصول إلى نتيجة معينة؛ أي أنه يهتم بالعملية ذاتها وليس نتائجها، إلا أنه سيرحب بأي نتائج قد تصل إليها الأطراف الإقليمية في هذا الشأن. في حين يبدو ترامب أكثر اهتماماً بالوصول إلى نتائج دون إيلاء اهتمام حقيقي بعملية السلام ذاتها، وهو ما يجعل الأمر صعباً، إذ لا توجد نتائج دون عملية سلام. وفيما يتعلق بالعلاقات مع السلطة الفلسطينية، فإن بايدن يبدو أكثر تفاهماً من ترامب. 

2- أمن البحر الأحمر: يحظى هذا الأمر باهتمام أمريكي متزايد، وضعاً في الاعتبار مسألة حرية الملاحة في البحر الأحمر. ومن المُتوقع أن يتزايد هذا الاهتمام في حال فوز بايدن بالرئاسة، بينما يمكن أن يتم فرض هذا الاهتمام على ترامب من قِبل المؤسسات الأمريكية في حال عودته إلى البيت الأبيض. 

3- إيران: قد لا يمكن حل المشكلات بين واشنطن وطهران في عام الانتخابات، وفي المُجمل لا يوجد أُفق لمصالحة أمريكية إيرانية في المدى القصير. ومن المُرجح أن يكون ترامب أقل رغبة في اللجوء لأي عمل عسكري تجاه إيران. 

4- سوريا: هذا الملف غير موجود في أولويات كل من بايدن وترامب، ومن المُرجح ألا تتحرك الولايات المتحدة وتتخذ قرارات كبرى فيما يتعلق بموقفها تجاه سوريا إلا بتنسيق كامل مع إسرائيل. 

5- العراق: لا ترغب الولايات المتحدة في الانسحاب بشكل كامل من العراق، بيد أنها قد تضطر إلى إعادة تشكيل وجودها هناك تحت ضغوط مختلفة. 

6- ليبيا: على الرغم من عدم تمتع ليبيا باهتمام كبير سواء من بايدن أم ترامب، فإن زيادة الوجود الروسي في هذا البلد، قد تدفع بايدن لأن يكون أكثر اهتماماً من ترامب بتطورات الساحة الليبية. غير أن ذلك لا يعني بالضرورة تدخلاً أمريكياً كبيراً هناك. 

في الختام، أكد فهمي سيولة الحالة الأمريكية، لافتاً إلى أن موقف واشنطن وسياساتها تجاه الشرق الأوسط ما يزال قيْد التغير.