أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

تأثير "السوشيال ميديا":

كيف يتفاعل "الإنفلونسـرز" مع الانتخابات الأمريكية 2024؟

29 أغسطس، 2024


يمتلك المؤثرون قوة كبيرة لأنهم يشكلون الرأي العام، ويشعلون النقاشات، وغالباً ما يوجهون كيفية إدراك الناس لقضايا معينة. في مشهد الانتخابات الأمريكية لعام 2024؛ تتضاعف هذه القوة من خلال فن رواية القصص. فعبر الاتصال بالجماهير على مستوى شخصي، وتبسيط القضايا المعقدة، وتمثيل المرشحين كأبطال أو أشرار، يمكن للمؤثرين دفع المشاركة والتأثير في سلوك التصويت.

تصنيفات مُتعددة:

يمكن تقسيم المؤثرين بوسائل التواصل الاجتماعي إلى خمسة تصنيفات رئيسية، وذلك كما يلي:

1. المؤثرون العامون الذين يدعمون مرشحاً معيناً (محتوى غير سياسي): يؤدي معظم هؤلاء المؤثرين دوراً في نشر الرسالة إلى جمهور أوسع وأكثر تنوعاً. غالباً ما تلتقط وسائل الإعلام قصصهم لأنهم مؤثرون ناجحون على وسائل التواصل الاجتماعي. يركز هؤلاء المؤثرون بشكل أساسي على المحتوى غير السياسي ولكنهم استفادوا من منصاتهم لدعم مرشحين معينين. تكمن أهمية المؤثرين غير السياسيين في قدرتهم على تسليط الضوء على الجانب الإنساني للمرشحين؛ مما يجعلهم يظهرون بشكل أكثر ارتباطاً مع الجمهور العام، في هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ما يلي:

‌أ. يشمل هؤلاء المؤثرون لاعبي ألعاب الفيديو، ومقدمي قنوات يوتيوب، والمشاهير، ورجال الأعمال الناجحين. ويستخدمون استراتيجيات مثل: الاستمالة العاطفية والاتصال الشخصي كأهداف رئيسية لهم. يستغل المؤثرون المشاعر مثل: الغضب أو الخوف أو الأمل؛ مما يجعل الدعم السياسي يبدو طبيعياً وليس سياسياً. على سبيل المثال، ظهور ترامب في قناة لوغان بول "IMPAULSIVE" على يوتيوب، التي تضم أكثر من 4 ملايين مشترك؛ كان يهدف إلى جعل ترامب يبدو أقرب إلى جمهور الألفية و"جيل Z". وبالمثل، تعاون آدن روس مع ترامب؛ إذ شمل التعاون "رقصة ترامب"؛ مما جعل ترامب يبدو أكثر قرباً وارتباطاً بالناخبين الشباب. وقد حصلت المقابلة على 2.4 مليون مشاهدة في غضون أسبوعين على يوتيوب و100 مليون مشاهدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفقاً لتغريدة ترامب على منصة إكس.

مثال آخر هو قناة FULL SEND Podcast Clips، ومقدماها المعروفان بـ"Nelk Boys"، التي تضم 517 ألف مشترك. هذه القناة الترفيهية تقوم بمقابلات مع المشاهير وتؤيد ترامب. ومقابلة مقدما القناة مع ترامب في العام الماضي تم تقسيمها إلى مقاطع قصيرة حصلت على أكثر من مليون مشاهدة، مع مقطع يتحدثان فيه عن تجربتهما عندما لعبا الغولف مع ترامب، حصل على 14 مليون مشاهدة.

‌ب. يؤدي المشاهير أيضاً دوراً مهماً كنماذج يحتذى بها في نشر رسائل المرشحين. فميندي كالينغ، التي تدعم كامالا هاريس في انتخابات 2024، هي إحدى هؤلاء المشاهير. كالينغ، التي تمتلك 6.2 مليون متابع على إنستغرام وأكثر من 11 مليون على إكس، هي شخصية معروفة في مجال الترفيه. تدعم كامالا هاريس من خلال التركيز على جذور هاريس الهندية. في عام 2019، أجرت كالينغ مقابلة مع هاريس أثناء تحضير الطعام الهندي. كان الفيديو ناجحاً؛ وحصل على 184 ألف إعجاب على تيك توك لجزء منه فقط، وعلى يوتيوب وصل الفيديو إلى 6.4 مليون مشاهدة؛ ولا يزال يحظى بمشاهدات حتى الآن.

‌ج. مؤثرة أخرى هي ميغان ذا ستاليون، مغنية الراب الأمريكية الإفريقية التي أدت عرضاً لكامالا هاريس في أتلانتا. تحظى بمتابعة أكثر من 15 مليون على تيك توك، و30 مليوناً على إنستغرام، و7 ملايين على إكس؛ وتدعم كامالا هاريس وتدافع عن حركة "حياة السود مهمة".

‌د. من ناحية أخرى، التوأمان هودج، اللذان يدعمان دونالد ترامب، هما مثال آخر. مع أكثر من 2 مليون متابع على تيك توك، يستخدمان الفكاهة والسخرية لمناقشة القضايا السياسية. استراتيجيتهما الرئيسية هي التفاعل الترفيهي؛ إذ يستخدمان الفكاهة كمدخل لمناقشة الموضوعات السياسية الجادة. غالباً ما يطرحان أسئلة مُباشرة لجمهورهما حول الأحداث الجارية؛ مما يخلق مساحة يشعر فيها المتابعون بالراحة في التعبير عن آرائهم.

‌ه. يُعد إيلون ماسك أكبر مُؤثر في هذه الفئة. فماسك، الذي يمتلك 150 مليون متابع على منصة إكس (تويتر سابقاً)، شخصية مُؤثرة للغاية، ومعروف في المقام الأول بعمله في مجال التكنولوجيا والأعمال من خلال شركات مثل: تسلا وسبيس إكس. ومع ذلك، استخدم منصته للتعبير عن آرائه السياسية. يشارك ماسك آراءه السياسية بطريقة غالباً ما تُثير الجدل والنقاش. نهجه مباشر وغالباً ما يكون استفزازياً؛ إذ يستفيد من تأثيره الواسع لتشكيل الخطاب العام حول القضايا السياسية.

2. المؤثرون السياسيون والإخباريون: هؤلاء المؤثرون يشاركون بعمق في النقاش السياسي، ويقدمون التحليل والتعليقات والأخبار. جمهورهم غالباً ما يكون أكثر انخراطاً في السياسة، والمحتوى الذي ينتجونه يركز على تحليل الأحداث والاستراتيجيات السياسية؛ وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:

‌أ. يعمد هذا النوع من المؤثرين إلى تبسيط القضايا المعقدة؛ بحيث يجتذبون أكبر قدر ممكن من الجمهور. فعلى سبيل المثال، فإن ديلان، المعروف بـdylan.page@، هو مراسل إخباري يبسط الأخبار ويقدمها بطريقة جذابة. ديلان مشهور للغاية على تيك توك مع 12 مليون متابع، وشعبيته أكسبته دعوات لحضور اجتماعات "الناتو" كمؤثر. على الرغم من أن ديلان يحاول عدم إظهار تأييده لأي مرشح؛ فإن محتواه غالباً ما ينتقد إدارة بايدن بينما يضخم من شأن ترامب بطريقة إيجابية.

‌ب. كريس هيدجز، الصحفي والمؤلف الذي يمتلك 900 ألف متابع على فيسبوك، يدعم كلاً من جيل ستاين، وكورنيل ويست؛ من خلال تبسيط منصاتهم إلى رسائل واضحة ومعارضة. يصف هيدجز منصة جيل ستاين، التي تركز على العدالة الاجتماعية والبيئية على أنها وقفة ضد الفساد المؤسسي ونظام الحزبيْن؛ مما يجعل من السهل على جمهوره فهم ودعم سياساتها. كما يدعم كورنيل ويست، ويصور ترشيحه كتحدٍّ حقيقي ووحيد لما يصفه بالفساد في النظام السياسي الأمريكي.

‌ج. تمثيل الشخصيات السياسية كأبطال أو أشرار هو أيضاً سمة بارزة بين المؤثرين السياسيين والإخباريين. فـعلي أبو نعمة، الذي يمتلك 225 ألف متابع على إكس، وهو المؤسس المشارك لـ"الانتفاضة الإلكترونية"، يصوّر جيل ستاين كبطلة في الكفاح من أجل حقوق الفلسطينيين والعدالة البيئية، مع تصوير الحزبين الديمقراطي والجمهوري كأشرار يديمون الظلم. وبالمثل، كيلر مايك، الذي يمتلك 2.6 مليون متابع على إنستغرام، يصور كورنيل ويست كبطل للطبقة العاملة، يكافح ضد المصالح المؤسسية والسياسيين الفاسدين الذين خانوا الشعب الأمريكي. هذه الرواية تخلق قصة عاطفية وجذابة يتردد صداها مع المتابعين الذين يرون أن هذه القضايا هي جوهر هويتهم السياسية.

‌د. خلق الشعور بالإلحاح هو استراتيجية أخرى يستخدمها المؤثرون لتحفيز جمهورهم على اتخاذ إجراءات فورية. ماريان ويليامسون، التي تمتلك 335 ألف متابع على إنستغرام، بينما تتناغم شخصياً مع أخلاقيات كورنيل ويست ونزاهته، اختارت حضور المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي لدعم مرشح تعتقد أنه يمكنه هزيمة ترامب بواقعية. على الرغم من أنها تتفق مع قيم ويست؛ فإنها تدرك أنه لا هو ولا أي مرشح مستقل آخر لديه فرصة حقيقية لهزيمة ترامب في الانتخابات، وهذه هي الرسالة التي تنشرها باستمرار.

‌ه. كريستين، المعروف بـYourfavoriteguy، مع 3.2 مليون متابع على تيك توك و135 ألف متابع على إنستغرام، هو مدافع قوي عن فلسطين. حصلت مقاطع الفيديو الخاصة به على أكثر من 111 مليون إعجاب، وهو مشهور جداً بين طلاب المدارس الثانوية. يدعم كورنيل ويست وينصح متابعيه بالتصويت له أو لجيل ستاين. من وجهة نظره، حتى لو لم يفوزا، فإن التصويت لهما قد يدفع الأحزاب الأكبر إلى تبني بعض سياساتهما؛ يطلب دائماً من جمهوره دعم فلسطين ودعمه لمواصلة إنتاج المحتوى حولها.

‌و. تكرار الرسائل الأساسية هو أيضاً أمر حاسم بين المؤثرين السياسيين والإخباريين. بريتاني باكيت كننغهام، التي تمتلك 778 ألف متابع على إنستغرام، غالباً ما تشارك المعلومات والأخبار حول الحزب الديمقراطي، وغالباً ما تنشر اقتباسات عن كامالا هاريس. كما تشارك قصصاً شخصية، مثل اتصال كامالا هاريس بها للاستفسار عن ابنها وعائلتها. تساعد هذه القصص في تصوير كامالا هاريس على أنها قريبة من الناس العاديين من الأمريكيين ذوي البشرة السمراء؛ مما يجعلها تبدو أكثر قرباً ويشجع متابعيها على دعمها.

‌ز. مثال آخر هو حمزة، الفلسطيني الأمريكي الذي يمتلك أكثر من مليون متابع على إنستغرام، وتم حظره مرتين على تيك توك بسبب محتواه الفلسطيني. يدعم حمزة حزب الخضر ويدعو للتصويت لجيل ستاين. حمزة عادة ما يفتح بثاً مباشراً على التيك توك بانتظام للحديث مع مواطنين إسرائيليين حول فلسطين والاستماع إلى آرائهم؛ وهو ما جعله يكتسب شعبية كبيرة.

3. المؤثرون الذين يتفاعلون مع جمهورهم حول الانتخابات: هؤلاء المؤثرون يشاركون بنشاط مع متابعيهم، غالباً من خلال الاستطلاعات وجلسات الأسئلة والأجوبة والأسئلة المباشرة حول نيات التصويت. يستخدم المؤثرون استراتيجيات نفسية لتحديد نطاق النقاش من خلال تقديم خيارات معينة فقط، مثل التركيز على الاختيار الثنائي بين الجمهوريين والديمقراطيين. وهو ما يعده البعض قدراً من التوجيه؛ إذ يدفع جمهورهم إلى تجاهل مرشحين آخرين مثل: مرشحي حزب الخضر أو المرشحين المستقلين، في هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى ما يلي:

‌أ. يبدو التركيز على الحزبين الرئيسيين منطقياً لأنهما يهيمنان على المشهد السياسي، وغالباً ما لا يكون مرشحو الحزب الثالث مدرجين في جميع الولايات. ومع ذلك، فإن الدعوة للاعتراف بمرشحين آخرين يمكن أن يمهد الطريق لأحزاب جديدة لكسب الأرضية والدعم في الانتخابات المستقبلية، بعض الأمثلة تشمل @langstone680، الذي يمتلك 26 ألف متابع على تيك توك، ويجول في الأسواق ليسأل الناس عشوائياً عما إذا كانوا يدعمون ترامب أو كامالا لرئاسة الجمهورية.

‌ب. يمكن لهذه الفيديوهات أن تؤثر في التصورات العامة للجمهور، خاصة عندما يحاول المؤثر إظهار أن عدد كبير من الأفراد يؤيدون دعم المرشح الذي يفضله؛ مما يجعل الناس يشعرون وكأن الجميع يدعمون هذا المرشح. مثال آخر، دون ليمون، الذي يمتلك 230 ألف مشترك على يوتيوب و1.5 مليون متابع على إكس، صور مقاطع فيديو عديدة يسأل فيها الناس عن ترامب أو كامالا؛ إذ أيد معظم الناس في فيديوهاته ترامب. 

4. المؤثرون المُتخصصون في قضايا مُحددة: هؤلاء المؤثرون يركزون على قضايا اجتماعية أو سياسية معينة ويستخدمون منصاتهم للدعوة إليها، وغالباً ما يؤثرون في المشهد السياسي الأوسع. بعض هؤلاء المؤثرين لديهم أكثر من مليون متابع، بينما يمتلك البعض الآخر عدداً أقل، ولكن مقاطع الفيديو الخاصة بهم يمكن أن تصل وتجاوز 200 ألف مشاهدة. تكمن أهمية هؤلاء المؤثرين في قدرتهم على جذب الانتباه وإثارة النقاشات المثيرة للجدل، وإلحاحهم على إقناع الجمهور بوجهة نظرهم بكافة الطرق. وغالباً ما ينجح البعض في إقناع الجمهور. ويُعد هؤلاء مؤثرون للغاية بسبب القضايا التي يناقشونها؛ وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:

‌أ. يستخدم هؤلاء المؤثرون استراتيجيات مختلفة، أهمها اختيار قضايا محددة، والتركيز عليها عبر تبسيطها للجمهور، فمثلاً مؤثرون مثل سيمون ساندرز، التي تمتلك 350 ألف متابع على إكس، تقوم بتبسيط سياسات كامالا هاريس إلى رواية عن الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة؛ هذا يجعل حملتها أكثر سهولة وارتباطاً بالجمهور العام. من ناحية أخرى، بن شابيرو، الذي يمتلك 4.9 مليون متابع على إكس، يُحول القضايا السياسية المعقدة إلى حجج مباشرة تفضل مواقف ترامب، كما يعرضها بطريقة تتناغم مع القيم والمخاوف المحافظة. هذه التقنية في التبسيط حاسمة في بيئة إعلامية سريعة؛ إذ تكون مدة الاهتمام قصيرة، وتحتاج الرسائل إلى أن تكون واضحة ومؤثرة.

‌ب. استراتيجية أخرى هي الاتصال الشخصي. على سبيل المثال، أماندا سيلز، التي تمتلك 2 مليون متابع على إنستغرام، تناقش بشكل متكرر تجاربها كامرأة من ذوي البشرة السمراء وكيف يتناغم مسار كامالا هاريس معها. على الرغم من أصول هاريس الهندية؛ فإن سيلز تتصل بجمهورها من خلال عدسة الهوية العرقية المشتركة؛ إذ تصور هاريس كشخصية مُلهمة وقابلة للارتباط بالنساء عموماً والأقليات منهم على وجه الخصوص. وبالمثل، كانديس أوينز التي تمتلك 3.2 مليون متابع على إكس (تويتر سابقاً)، غالباً ما تشارك كيف أثرت سياسات ترامب بشكل إيجابي في مجتمعها؛ خاصة من حيث النمو الاقتصادي وإزالة القيود؛ مما يجعل ذلك قضية شخصية وعاملاً أساسياً لإعادة انتخابه. بينما أندرو تيت، الذي يمتلك أكثر من 9 ملايين مُتابع على إكس، يعتقد أن ترامب أصبح أكثر ارتباطاً بـ"الدولة العميقة"؛ لأنه أصبح أكثر ليونة في بعض القضايا مقارنة بعام 2016. ومع ذلك، يستمر تيت في دعم ترامب.

‌ج. أما ميكو بيليد، الذي يمتلك 40 ألف متابع على إنستغرام؛ فإنه يخلق شعوراً بالإلحاح حول منصة جيل ستاين من خلال تسليط الضوء على الحاجة الفورية للعمل البيئي والعدالة الاجتماعية. فمن خلال تأكيد طبيعة هذه القضايا المُلحّة، يحفّز بيليد متابعيه لدعم مرشح غير ملوث بالمصالح المؤسسية. هذا الشعور بالإلحاح ضروري في دفع العمل والمشاركة، خاصة في القضايا التي قد يتم التغاضي عنها في النقاش السياسي الأوسع.

‌د. رفض رسائل المعارضين هو استراتيجية أخرى يستخدمها المؤثرون مثل كينزي جاكوبسن، المعروفة بـ (@youkenziene) على تيك توك، التي تؤدي دوراً في رفض آراء الناس بشأن عدم التصويت في الانتخابات. تعارض ترامب وتبرر دعمها لكامالا هاريس من خلال الدفاع عن النساء وحقوقهن في الإجهاض. تمتلك كينزي 423 ألف متابع، ولكن مقطع الفيديو الخاص بها الذي يناقش أهمية التصويت ضد ترامب حصل على أكثر من 190 ألف إعجاب.

‌ه. غالباً ما يصوّر المؤثرون الشخصيات السياسية كأبطال أو أشرار؛ مما يخلق رواية قوية تحفز المشاركة العاطفية والولاء للمرشحين. فمثلاً شارلمان ذا غود، الذي يمتلك 4.6 مليون متابع على إنستغرام، يصور كامالا هاريس كبطلة تقف ضد العنصرية النظامية، مع تصوير أولئك الذين يعارضون سياساتها التقدمية كأشرار يسعون للحفاظ على الوضع الراهن. بينما تكر كارلسون، الذي يمتلك 8.6 مليون متابع على إكس، يصور ترامب بشكل مشابه كبطل يقاتل ضد مؤسسة فاسدة، مع تصوير الديمقراطيين والشخصيات اليسارية على أنهم أشرار يسعون لتقويض أجندته. هذه الاستراتيجية لا تعزز فقط رواية المؤثر ولكنها أيضاً تخلق تقسيماً واضحاً يسهل على المتابعين فهمه والتجمع حوله. وتخلق عاطفة من الخوف على المرشح والخوف على الدولة في حال تمكن المرشح المقابل من الفوز في الانتخابات.

فمثلاً إيزوبل (@dumbbirchtree)، التي تمتلك 319 ألف متابع على تيك توك، تنشر بانتظام محتوى سياسياً ضد الحزب الديمقراطي؛ إذ تصور جو بايدن وكامالا هاريس كأشرار يدعمون الإبادة الجماعية. بينما المؤثرون الأصغر، مثل جوردان المعروف بـ (@jirdanthegrey) الذي يمتلك 436 ألف متابع، يتخذون موقفاً ضد ترامب بسبب مشروع 2025، الذي ينتقدونه بشدة.

‌و. تكرار الرسائل الأساسية أو الدعاية هو استراتيجية قديمة تساعد على تعزيز رواية المُؤثر؛ مما يضمن أن جمهوره يستوعب القصة التي يرويها ويتعرض لها أكثر من مرة. جوي ريد، التي تمتلك 2.1 مليون متابع على إكس، تكرر باستمرار موضوعات العدالة الاجتماعية لأفارقة الولايات المتحدة والمساواة في دعمها لهاريس؛ مما يجعل هذه الروايات جزءاً مركزياً من وجودها الإعلامي. بينما دان بونغينو، الذي يمتلك 3.5 مليون متابع على إكس، يعزز باستمرار رواية ترامب باعتباره البطل الذي يقاتل ضد نظام مزور، مستخدماً التكرار لتعزيز هذه الرسالة بين متابعيه. هذه التقنية في التكرار تضمن أن رسالة المؤثر تبقى في أذهان جمهوره، خاصة في اللحظات الحرجة مثل الانتخابات.

5. المؤثرون الذين يدعون لعدم التصويت: هؤلاء المؤثرون يعبرون عن شكوكهم حول العملية الانتخابية، وغالباً ما يدعون لعدم المشاركة في التصويت؛ إذ يركزون على خيبة الأمل السياسية. فمؤثرون مثل توتسيونا (@wesickandtired) مع 248 ألف مُتابع، وأوجيتوس فيردي (@ojitos_verde_) مع 40 ألف متابع على تيك توك يسجلون مقاطع فيديو يقولون فيها إنهم لن يصوتوا لأي شخص لأنهم يعتقدون أن المرشحين لا يفعلون أي شيء مفيد لجيلهم، ولأنهم لا يحبون كلاً من كامالا هاريس ودونالد ترامب؛ يتبنى هؤلاء عدداً من الاستراتيجيات منها ما يلي:

‌أ. تحدي الوضع الراهن: وذلك من خلال التشكيك في صحة وفعالية العملية الانتخابية؛ إذ يرفض معظم هؤلاء المؤثرين التصويت للشر الأقل؛ إذ يشعرون بالالتزام الأخلاقي بعدم التصويت لكامالا بسبب الإبادة الجماعية في غزة أو لترامب لأنه مُجرم مُدان. كما أنهم لا يريدون إهدار أصواتهم على جيل ستاين؛ لأنها ليست على سجلات الاقتراع في جميع الولايات، ولأن لها تاريخاً مثيراً للجدل في دعم بشار الأسد في سوريا. يميلون إلى كورنيل ويست إلا إنهم يشكون في قدرته على العمل بفعالية لمدة أربع سنوات بسبب عمره، ويعتقدون أنه من غير المرجح أن يفوز. يجادل آخرون بأن أياً من الحزبين لا يركز على الاحتياجات الحقيقية للشعب الأمريكي فيما يتعلق بالأسر والتأمين الصحي والإسكان.

‌ب. المحتوى الاستفزازي: غالباً ما يستخدم هؤلاء المؤثرون الخطاب النقدي والمحتوى الاستفزازي لتشجيع متابعيهم على التفكير النقدي حول ما إذا كان التصويت هو أفضل طريقة لإحداث التغيير. هدفهم غالباً هو دفع جمهورهم لعدم التصويت. يُعد معظم هؤلاء المؤثرين مؤثرين صغاراً لديهم أقل من 10 آلاف متابع، مثل: (@marquismcgibra) مع ما يقرب من 5 آلاف متابع و(@treasuretrapgoddess) مع 4 آلاف متابع على تيك توك.

‌ج. التأكيد المستمر لمحدودية النظام السياسي الحالي وأهمية النشاط الشعبي: يشجع هؤلاء المؤثرون متابعيهم على التفكير النقدي في فعالية التصويت كأداة للتغيير. يساعد هذا التكرار على تعزيز رسالتهم رغم قلة متابعيهم؛ إلا أن الصدى الذي يحدث نتيجة تداول آرائهم له مردود على الساحة الانتخابية، ويضمن أن يبقى جمهورهم منخرطاً في أشكال بديلة من النشاط السياسي. 

وفي التقدير، يمكن القول إن المؤثرين أصبحوا فاعلين أقوياء في تشكيل الخطاب السياسي وسلوك الناخبين. فقدرتهم على الاتصال بالجماهير، وتبسيط القضايا المعقدة، وخلق روايات مقنعة من خلال رواية القصص لها تأثير كبير في المشهد السياسي.

واتصالاً بالمشهد الانتخابي الأمريكي، يبدو أن المؤثرين الذين يدعمون ترامب يركزون على استراتيجيات مباشرة ورسائل واضحة، في حين يواجه المؤيدون لكامالا هاريس تحديات، بما في ذلك الدفاع عنها في سياق قضايا مُعقّدة مثل: الصراع في غزة وحركة "عدم التصويت". من ناحية أخرى، فإن بعض المؤثرين الذين كانوا يدعمون الديمقراطيين سابقاً، والذين صوتوا سابقاً لبايدن، يتجهون الآن لدعم ستاين أو ويست باعتبارهم يتوافقون بشكل أقرب مع بوصلتهم الأخلاقية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تقليل الأصوات لصالح الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة.