أخبار المركز
  • شريف هريدي يكتب: (الرد المنضبط: حسابات الهجمات الإيرانية "المباشرة" على إسرائيل)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (عام على حرب السودان.. ترابط المسارين الإنساني والسياسي)
  • د. أحمد أمل يكتب: (إرث فاغنر: هل قاد "التضليل المعلوماتي" النيجر للقطيعة مع واشنطن؟)
  • عادل علي يكتب: (موازنة الصين: دوافع تزايد الانتشار الخارجي للقوة البحرية الهندية)
  • إبراهيم فوزي يكتب: (معاقبة أردوغان: لماذا خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية التركية 2024؟)

العملات الافتراضية:

تدفقات إلكترونية في مرحلة المخاطر اللامحدودة

01 أكتوبر، 2014


** نشر هذا المقال في دورية (اتجاهات الأحداث) الصادرة عن مركز المستقبل، العدد الثاني، سبتمبر 2014.

على الرغم من أن العملات الافتراضية، ومن أهمها “البتكوين” لا تتوفر لها حتى الآن الشروط والمعايير التي استقرت بالنسبة للعملات النقدية التقليدية، ولا يوجد لها إطار قانوني واضح يحكم تعاملاتها، فإن أكثر من 13 مليون فرد حول العالم يستخدمونها في تعاملاتهم.

وتختلف نوعية التعاملات بالعملات الافتراضية، ففيما يستخدمها العديد من الأفراد والشركات في معاملات تجارية مشروعة، فثمة تعاملات أخرى غير مشروعة تتم عبر ما يعرف باسم "الشبكات الداكنة Dark Net، يتم فيها الإتجار بالمخدرات والأسلحة أو تمويل تنظيمات إرهابية.

وقد كشفت الأجهزة الأمنية الأمريكية في أكتوبر 2013 عن شبكة كبيرة للتعامل في المخدرات والأسلحة وغيرها من الممنوعات عبر الإنترنت باستخدام "البتكوين"، وهي شبكة تدخل في إطار الشبكات الداكنة، تعرف باسم "طريق الحرير Silk Road" تقوم باستخدام جزء خفي من الشبكة العنكبوتية، التي لا يمكن التوصل إليها إلا بعد سلسلة معقدة من الإجراءات، حيث يتمكن البائعون والمشترون في هذه الشبكة وغيرها من الحفاظ على سرية هوياتهم، ما يجعل من الصعب على أجهزة الأمن تتبعهم.

في هذا السياق تستهدف هذه الورقة إلقاء الضوء على بعض الأبعاد المرتبطة بالعملات الافتراضية، أبرز أنواعها وخصائصها ومزاياها والمخاطر التي قد تترتب على استخدامها بشكل واسع.

أولاً: أبرز أنواع العملات الافتراضية

يرتبط ظهور وانتشار العملات الافتراضية باتساع التعامل التجاري عبر شبكة الإنترنت (E-Commerce) بشكل عام، والذي يشجع على ظهور وسائط نقدية يسهل تبادلها عبر الحدود، ولا تستلزم إجراءات إدارية معقدة تزيد من تكلفة التعاملات، وتتمثل أبرز أنواع العملات الافتراضية فيما يلي:

1 ـ البتكوين: هو نظام دفع عبر الإنترنت يعتمد على برنامج حاسب آلي مصمم لإيجاد وإدارة عرض من عملة افتراضية تسمى "بتكوين"، وتسيير عمليات الدفع بين مستخدمين يقومون بخصم أو إيداع حساباتهم الرقمية بوحدات "بتكوين" من دون الإفصاح عن هويتهم. وبالتالي فإن "بتكوين" هي عملة افتراضية "رقمية" لا يتم إصدارها من جهة رسمية مثل البنوك المركزية، وتعمل كوسيلة للدفع ومن دون وجود إدارة مركزية، وتعتمد على التحويلات من شخص إلى شخص من دون وسطاء (Peer to Peer Networks). ويمكن شراء أو بيع "البتكوين" بعملات عديدة من قبل أفراد وشركات، إما عن طريق شراء من شخص أو ماكينة صرف آلي (ATM) خاصة بالبتكوين في مقابل مبلغ نقدي.

ويقدم نظام "بتكوين" حلاً مبتكراً لمشكلة شائعة في كل نظم الدفع والمعاملات الرقمية، وهو الدفع المزدوج (Double Spending)، فعلى عكس كل من النقود الورقية أو المعدنية التي لا يمكن للمشتري أن يحتفظ بنسخة بعد تحويلها للبائع، وكذلك النقود الافتراضية التي هي في الأصل ملفات رقمية يمكن أن تنسخ ويعاد استخدامها مرة أخرى؛ فإن نظام "بتكوين" يحل هذه المشكلة عبر  وجود ما يسمى "سلسلة الكتل Block Chain"، وهو ما يمكن أن تعتبره بمنزلة (دفتر استاذ خاص)، لأنه عبارة عن قاعدة بيانات رقمية تسجل فيها كل المعاملات المالية التي تتم بالبتكوين، وهذا من أهم خصائص "بتكوين"، لأن هذا الدفتر معلن لكل المستخدمين، فعند القيام بأي معاملة يقومون بالتحقق من صحة التحويل، أي أن المعاملة سليمة وليست مزدوجة، وأن الشخص المشتري الذي يقوم بتحويل كمية معينة من "البتكوين" هو بالفعل يملك تلك الكمية، ويمكن للبائع أن يصر على عدم تحويل السلعة أو الخدمة، إلا بعد ظهور القيمة المدفوعة على الدفتر، مما يعني صحتها ويحمي الطرفين.

وقد تم نشر فكرة هذا النظام في ورقة بحثية من قبل شخص لم يفصح عن هويته، ونشرها تحت اسم مستعار هو "ساتوشى ناكاماتو" في عام 2008. وفي عام 2011 كانت قيمة وحدة "البتكوين" تساوي دولاراً أمريكياً واحداً، لكنها ارتفعت بشدة إلى أن وصلت إلى ألف دولار أمريكي في عام 2013، ثم انخفضت إلى 550 دولاراً في فبراير 2014، هذا وقد بلغ حجم عملة "البتكوين" المتداولة في السوق إلى 7 مليارات "بتكوين"، بمعدل تعامل وصل إلى 40 معاملة في الدقيقة، وبلغ متوسط حجم المعاملة 2000 دولار أمريكي.

2 ـ ليندن دولار (Linden dollars): وهي على النقيض من "البتكوين"، لا يمكن تداولها إلا في العالم الافتراضي، ممثلة في لعبة "الحياة الثانية" (Second Life)، والتي قام مختبر ليندن (Linden Labs) بتطويرها، وتعد أحد أكثر الألعاب الافتراضية شيوعاً، إذ بلغ عدد أعضائها نحو 11 مليون عضو، ووصلت قيمة تداول هذه العملة الافتراضية في عام 2010 إلى 567 مليون دولار أمريكي.

ومن الملاحظ أن بعض الأفراد في هذه اللعبة يستطيعون توليد دخل في العالم الحقيقي (real world) من الأرباح المولدة في اللعبة، أي البيئة الافتراضية؛ وذلك نظراً لأنه يمكن تحويل "ليندن دولار" لأي عملة حقيقية في أي دولة في العالم من خلال استخدام شركة الصرافة (Exchange business)، والقيام بتعاملات اقتصادية خارج العالم الافتراضي.

لكن مشكلة "ليندن دولار" أنها تشكل خطورة كبيرة بسبب حجم المعاملات التي توفر فرصاً أكثر للتهرب القانوني، حيث تتم التجارة بها في نظام تبادل رقمي أو بورصة تسمى (LindeX exchange).

ثانياً: خصائص العملات الافتراضية

لا تخضع العملات الافتراضية لأي إطار قانوني واضح، ولا تصدر عن أي من البنوك المركزية، ولا تخضع بالتالي لسيطرة الدولة بأي شكل، نظراً لنشأتها على الإنترنت واستخدامها من قبل مستخدمي الألعاب الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للقيام ببيع وشراء أشياء افتراضية (Virtual) فيما بينهم.

وقد تطورت هذه العملات حتى أصبحت تستخدم في عمليات الدفع عبر الإنترنت أو في عميات شراء وبيع سلع وخدمات من متاجر التجزئة والمطاعم.

ويختلف المحللون حول تقييم العملات الافتراضية وفقاً للمعايير الوظيفية للعملة، وهي أنها وسيط للتبادل ووحدة للحساب ومخزن للقيمة.

• وسيط للتبادل (Medium of Exchange)، تستخدم بتكوين كوسيط للتبادل من خلال تقبلها كآلية للدفع بدلاً عن العملة الطبيعية، ففي عام 2013 وجد 35000 تاجر و1000 يقبلون البيع بهذه العملة، منها شركات طيران وجامعات.

• مخزن للقيمة (Store of Value)، تتميز العملات الافتراضية بتقلبات أسعارها الشديدة، ولذا يشكك العديد من الاقتصاديين مثل "بول كروجمان" في قابلية "بتكوين" مثلاً لأن تكون مخزناً مستقراً للحفاظ على القيمة، كما أن "دافيد ماركوس" رئيس شركة "باي بال" التي تدعم نظام "بتكوين" أقر أن بتكوين لن يتم الاعتراف بها إلا إذا استقرت أسعارها. لكن التغيير في قيمة هذه العملة يرتبط بالنظام اللامركزي لـ "بتكوين"، حيث لا يوجد تدخل للبنك المركزي للسيطرة على معاملاتها أو تثبيت قيمتها عندما يتغير مستوى العرض أو الطلب؛ مما يؤثر على قابلية اعتبار "بتكوين" مخزناً جيداً للقيمة.

• وحدة حساب (Unit of Account)، وبالنسبة لدور "بتكوين" كوحدة حساب، فهي بالفعل وحدة للحساب في دفتر الأستاذ الخاص بها، لكن يقتصر ذلك على من يعملون بنظام بتكوين، ولا يحدث خارجه، حيث لا يمكن لكافة الأفراد الدفع به، فأسعاره ليست مقومة (Denominated)، أي لا يصلح أن يكون وحدة حساب بشكل كامل.

ويمكن القول إن نظام "بتكوين" يعد نقيضاً لأنظمة البنوك المركزية التي تتدخل بسياساتها للتأثير على مستويات العرض والطلب للعملات؛ مما يؤدى أحياناً إلى التضخم وانخفاض القوة الشرائية للعملة. ويشكل الموقف السلبي لهذه البنوك من البتكوين عائقاً كبيراً لانتشاره. فعلى سبيل المثال، قام البنك المركزي الصيني في عام 2013 بحظر التعاملات بعملة "بتكوين"؛ مما خفض من الطلب الكلي عليها وخفض أسعارها في ذلك الأسبوع بنسبة %5. وفي العام اللاحق تم الحظر أيضاً من قبل البنك المركزي الروسي؛ مما خفض الأسعار بـنسبة %10 أخرى.

ثالثاً: أسباب الإقبال على العملات الافتراضية

تتمتع بعض العملات الافتراضية بقبول واسع لدى ملايين الأشخاص في العالم على الرغم من بعض العيوب التي سبقت الإشارة إليها، وعدم توافق الاقتصاديين على توفر المعايير المستقرة لها مثل العملات التقليدية، ومن أبرز أسباب هذا الإقبال ما يلي: ـ

1 ـ الحافظ على السرية: يتضمن نظام "بتكوين" درجة عالية من إخفاء هوية المستخدمين، فعلى دفتر الأستاذ العام والمتاح للكل يتم فحص الكود الخاص بالمعاملة للتأكد من عدم ازدواجيتها، لكن أصحاب معاملات الدفع لا يفصحون عن هويتهم.

2 ـ إمكانية اللجوء إلى البتكوين خلال أوقات الأزمات الاقتصادية: فخلال أوقات الأزمات الاقتصادية، وانهيار قيمة العملة الوطنية أو تراجعها، لا تفقد العملات الافتراضية قيمتها؛ ما يجعلها تمثل بديلاً عن العملة الوطنية. وعلى سبيل المثال، استخدم بعض مواطني الأرجنتين "بتكوين" للحفاظ على مدخراتهم في وجه التضخم كبديل للعملة الرسمية التي تعاني من درجات عالية من التضخم.

3 ـ انخفاض تكلفة المعاملات نتيجة غياب الوسطاء: إذ تعد "بتكوين" أول وسيلة للتجارة الإلكترونية تقترب تكلفة المعاملات فيها من الصفر، فلا توجد حاجة للاعتماد على البنوك لتسهيل المعاملات المالية، وهو الأمر الذي يقدره المستهلك والبائع. وبينما يقوم الفرد أو الشركة باستخدام بطاقات الائتمان بتحمل تكلفة ما بين %2 إلى %3 من قيمة المعاملة، فإن استخدام "بتكوين" أقل تكلفة للتجار والمشترين؛ لأنها توفر خسارة نصف هامش الربح للتاجر أو الشركة أو المشتري، أي ما يدفعه في تكلفة المعاملة. ولذلك فإن نظام "بتكوين" أفضل من بطاقات الائتمان فيما يتعلق بتشجيع زيادة حجم المعاملات والتجارة الإلكترونية بسبب غياب الوسطاء، واستفادة المشترين من خلال عدم تحمل أعباء تكلفة المعاملة التجارية.

وعلى مستوى النمو الاقتصادي، يلاحظ أن نظام "بتكوين" يشجع، ليس فقط التجارة الإلكترونية، ولكن أيضاً يشجع على توليد أنواع جديدة من التجارة لم توجد من قبل. فقد نشأت العديد من الشركات التي توفر فرصاً لتبادل عملة "بتكوين" بعملات مالية والعكس، وكذلك تأسست شركات لتبادل "بتكوين" بسلع وخدمات أو تحويلها من شخص لآخر.

رابعاً: مخاطر العملات الافتراضية

تعتبر العملات الافتراضية في طور النشأة حتى الآن، ومعلوم أن استقرار العملات وتوافق الناس عليها يأخذان بعض الوقت، كما حدث لدى الانتقال من نظام المقايضة قديماً إلى أشكال بسيطة من العملة، وكما حدث لدى ظهور العملات الورقية على حساب المعدنية، ولهذا لايزال التعامل بالعملات الافتراضية يحمل الكثير من المخاطر المتعددة، يمكن إيجازها في التالي:

1 ـ غياب الأطر التنظيمية للعملات الافتراضية: إذ تغيب الأطر التنظيمية الضابطة لهذه العملات من قبل المؤسسات الحكومية، ويعجز المنظمون عن رصد وتتبع ورقابة مستخدمي هذه العملات، لأن الاقتصادات والعملات الافتراضية تقع في نطاق لا توجد فيه حدود بين الدول، وهو ما يجعل المنظمين يواجهون مشكلة عند تحديد الاختصاص القضائي في حالة وقوع جرائم إلكترونية من جهة، فضلاً عن عدم تسجيل المعاملات المالية بالعملات الافتراضية من جهة ثانية؛ وهو ما يعطي المستخدمين القدرة على شراء السلع والخدمات من دون أي تدخل من الحكومة، ويتيح لهم إخفاء الهوية والبيانات الشخصية؛ مما يزيد من المخاطر الأمنية.

2 ـ عدم استقرار وضعها كعملة: على الرغم من وصول العرض الكمي للبتكوين المتداول إلى 13 مليون عضو في بداية 2014، فإن وضعها كعملة لايزال محل نقاش، ولم يتم الاعتراف بها رسمياً كعملة إلى الآن، فهناك بعض الدول التي اعترفت بها، في حين تنكرها بعض الدول. فقد قضت محكمة في ولاية تكساس الأمريكية في الأمر وفصلت بأن "بتكوين" هي عملة، فيما صرح بنك الصين الشعبي بأنها ليست عملة، واعتبرتها الحكومة الفنلندية سلعة، وقالت محكمة ألمانية إنها مجرد وحدة حساب.

3 ـ استخدام العملات الافتراضية من جانب الجماعات الإرهابية والإجرامية: تستخدم بعض الجماعات الإرهابية العملات الافتراضية لتجنب كل الأنظمة المعروفة لمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، خاصة أنه يمكن من خلال العملات الافتراضية القيام بتحويلات مالية من دون الإفصاح عن هوية المتعاملين في ظل غياب هيئة مركزية تقوم بالمراقبة.

وقد أثبت تقرير صادر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي في عام 2013 أن "بتكوين هي الأداة المفضلة للمجرمين والجماعات غير الرسمية لاستخدامها في سرقة العملات الافتراضية وكذلك المضاربة وتكوين عملات افتراضية أخرى وهمية لا توجد لها قيمة أو أصل حقيقي"، وأقر بأنه "كلما زاد استخدام وتداول بتكوين سوف يزيد سوء استخدامها بسبب القابلية للقيام بمعاملة من دون ترك أي أثر"، لاسيما أن هناك شركات قامت بإنشاء سوق سوداء لتداول "بتكوين" مثل سيلك رود التي تم إغلاقها من قبل الحكومة الأمريكية.

وتجدر الإشارة إلى أن الشبكات الإجرامية تسعى لإيجاد طرق لإخفاء مصدر وهدف التمويل غير الشرعي للأنشطة الإجرامية، ومن المسلم به أن غسيل الأموال في الاقتصاد الواقعي يصعب اكتشافه، وهو الأمر الذي يعني أن اكتشافه في الفضاء الافتراضي أمر أشد تعقيداً بالطبع. وعلى سبيل المثال، فإن المستخدمين في لعبة "الحياة الثانية" قد يقومون بإنشاء حساب بأسماء وهمية أو حتى سرقة هوية شخص آخر، والقيام بأنشطة غير شرعية في الفضاء الإلكتروني، ويقومون بعد ذلك بتحويلها إلى عملة واقعية، ثم تحويلها إلى حساب بنكي.

وينطبق الأمر نفسه على بتكوين، إذ يمكن أن يقوم تاجر مخدرات مثلاً ببيع المخدرات إلى عميل بنحو 2,500 بتكوين من خلال الإنترنت، ثم يقوم هذا التاجر بأخذ هذه الأموال واستخدامها في لعبة مثل البوكر على الإنترنت، ثم يقوم بسحب الأموال من "البتكوين" وتحويلها من خلال الكازينو إلى الدولار، ثم تحويلها إلى حساب بنكي تابع لهذا الشخص.

كما يمكن للإرهابيين استخدام لعبة مثل "الحياة الثانية" والأرباح التي حققوها في اللعبة لتمويل أنشطة إرهابية، فمن الممكن أن يقوم أحد المتعاطفين مع منظمة إرهابية بشراء ليندن دولار، ويتصل بعضو الجماعة الإرهابية من خلال اللعبة، لشراء منتجات افتراضية منه، ثم يقوم هذا العضو بأخذ هذه الأموال وتحويلها لأموال واقعية لشراء المنتجات اللازمة للقيام بعملية إرهابية، كما قد تتم المعاملة نفسها باستخدام البتكوين، وفي كلتا الحالتين، فإن تعقب هذه المعاملات المالية أمر صعب.

4 ـ تذبذب قيمة العملات الافتراضية: بينما ارتفعت أسعار "بتكوين" بشكل ملحوظ في وقت محدود، مما أدى إلى جذب عدد كبير من الاستثمارات، فهناك بالمقابل خطر الانخفاض المفاجئ لسعرها إذا ما تم مثلاً إنشاء عملة افتراضية أكثر قبولاً من بتكوين، وهو ما قد يؤثر على استقرار حجم وقيمة الاستثمارات.

5 ـ احتمال التعرض للاحتيال الافتراضي: فمن الممكن أن يقوم أشخاص بإغراء المستهلكين لشراء منتجات أو خدمات وهمية، وبعد قيام المستهلك بالدفع باستخدام العملات الافتراضية، لا يحصل على المنتج أو الخدمة التي قام بشرائها. وعلاوة على ذلك يوجد نوع آخر من المخاطر، لأن استخدام "بتكوين" في شراء سلع وخدمات لا يحميه قانون خاص مثلاً للاسترداد في حالة خصم مبلغ غير صحيح أو سرقة حساب، كما يحدث عند استخدام بطاقة الائتمان والتحويلات البنكية.

وقد أوضحت الهيئة المصرفية الأوروبية لمخاطر استخدام العملات المالية الافتراضية أن ثمة مخاطر عالية بسبب الهيكل غير المراقب للعملات الافتراضية من قبل هيئات مختصة. وأشارت إلى أنه ضمن المخاطر المرصودة التعرض لخسارة الأموال من خلال استخدام منصات التداول، فعند شراء بتكوين من خلال تلك المنصات التي لا تخضع لأي قواعد منظمة، فلا ضمان للحفاظ على أموال المستهلك بسبب:

• احتمالية فشل المنصة أو قرصنتها أو إفلاسها.

• عدم ضمان أو حماية الإيداعات من العملة الافتراضية كالبنوك، فأي خسارة في الإيداعات لا ترد.

وقد أشارت دراسة أعدها الباحثان تايلر ممور من جامعة "ساوثرن ميثودسيت"، ونيكولاس كريستسن من جامعة "كارنيجي ميلون"، أن %45 من المبادلات الافتراضية تفشل، مما يترتب عليه خسارة البتكوين الخاصة بالعميل.

وتبدو محصلة ما سبق أن العملات الافتراضية شأنها شأن العالم الافتراضي، تحتاج من الفرد العادي إلى بحث ودراية وخبرة تكنولوجية ومعلوماتية ومالية كذلك، وهو شرط لا يتوفر إلا في مئات الملايين من الأشخاص حول العالم. وبالنسبة للحكومات والدول التي تتحكم في الضوابط الاقتصادية والتجارية يتم تقييد استخدام هذه التعاملات المالية الافتراضية تجنباً لانفكاك قبضة الدولة مالياً، بل وكما أوضح العرض السابق، فإن ثمة العديد من الاقتصاديين والمؤسسات الأوروبية المصرفية الكبرى تشكك في "بتكوين"، العملة الافتراضية الأكثر رواجاً حتى الآن، لما تحمله من مخاطر عالية، ولما تفتقده من معايير وشروط انطباق تعريف العملة عليها.

ونهاية، يمكن التأكيد على صحة مقولة "جوشوا ديفيس" خبير التكنولوجيا والكاتب في مجلة Wired المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بأنه "ليس من الواضح إذا ما كانت البتكوين عملة شرعية أم لا، ولكن المؤكد أنه ليست هناك مؤسسة تسيطر عليها، وليس هناك شخص يمكن اعتقاله في حالة ارتكاب جرائم".

المراجع:

Alstyne, Marshall Van. 2014. Economic and Business Dimensions: Why Bitcoin Has Value. Communications of the ACM, Vol. 57, No. 5, May 2014, pp. 30-32

Andolfatto, David. 2014. Bitcoin and Beyond: The Possibilities and Pitfalls of Virtual Currencies. Federal Reserve Bank of St. Louis, March 31, 2014, accessible at: http://www.stlouisfed.org/dialogue-with-the-fed/assets/Bitcoin-3-31-14.pdf

Richard B. Levin, Aaron A. O’Brien, and Stephanie A. Osterman.2014. Dread Pirate Roberts, Byzantine Generals, and Federal Regulation of Bitcoin. Journal of Taxation and Regulation of Financial Institutions, Vol. 27, No. 04, March / April 2014, pp. 5 – 20

 Zarate, Juan C. Conflict by Other Means: The Coming Financial Wars. Parameters, Vol. 43, no. 4, Winter 2013 / 2014, pp. 87 – 97.

_______, Warning to Consumers on Virtual Currencies. European Banking Authority, European Banking Authority, 12 December 2013, accessible at: http://goo.gl/ykBuxr

_______, EBA Opinion on Virtual Currencies, European Banking Authority, July 4, 2014, accessible at:  Michele L. Brisson, IDENTIFYING AND MONITORING OF VIRTUAL CURRENCY USERS IN BANKING INSTITUTIONS, (Master of Science in Economic Crime Management: Faculty of Utica College, December 2013).w