أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

محاولات مستمرة:

أبعاد زيارة قاآني للعراق ولقائه الصدر والإطار التنسيقي

19 يناير، 2022


عقد السيد مقتدي الصدر، زعيم التيار الصدري، اجتماعاً مع كل من هادي العامري، قائد تحالف الفتح، وإسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، في 15 و16 يناير على التوالي، للتباحث حول ترتيبات تشكيل الحكومة العراقية القادمة، والتي تزامنت مع تعرض مقرات الأحزاب السياسية العراقية المتحالفة مع الصدر إلى هجمات في 14 و17 يناير 2022، وهي الهجمات التي يتوقع أن تكون فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران متورطة فيها، وبما يؤشر إلى أن هذه الهجمات جاءت في إطار ممارسة ضغوط على الصدر. 

تصعيد عسكري "إيراني":

شهدت الساحة العراقية عدداً من التطورات التي ترتبط بشكل مباشر بجهود تشكيل الحكومة العراقية القادمة، وهو ما يتضح على النحو التالي:

1- استهداف أحزاب الاتفاق الثلاثي: تعرضت مقرات الأحزاب السنية والكردية المتحالفة مع التيار الصدري لعدد من الهجمات. ففي 14 يناير، تعرض مقر حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، وحركة عزم، بزعامة خميس الخنجر، في بغداد لهجومين منفصلين، فضلاً عن استهداف عدد من مقار الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، بالقنابل اليدوية. 

ويلاحظ أن القاسم المشترك بين الأحزاب الثلاثة هو أنها كانت طرفاً في "الاتفاق الثلاثي"، والذي منح رئاسة الوزراء، للتيار الصدري، ورئاسة البرلمان، لحزب تقدم، بزعامة الحلبوسي، فيما ستذهب رئاسة الجمهورية إلى مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو ما يؤشر إلى أن ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران هي المتورطة في هذه الهجمات، نظراً لأنها بذلك الاتفاق أضعفت موقف حلفاء طهران في المعادلة السياسية العراقية، وهو تطور يحدث لأول مرة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003. 

2- استهداف قواعد عسكرية والمنطقة الخضراء: تعرضت قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين في 15 يناير الجاري إلى هجوم بطائرات مسيرة تمكنت الدفاعات الجوية التابعة للقاعدة من إحباطه، كما سبقها إطلاق ثلاث صواريخ على المنطقة الخضراء حيث تقع السفارة الأمريكية في بغداد، غير أن منظومة "سي رام" المخصصة لحماية السفارة الأمريكية اعترضتها.

3- محاولة تصفية الياسري: تعرض منزل آمر لواء أنصار المرجعية، حميد الياسري، في محافظة المثنى، جنوب العراق، إلى هجوم من قبل مسلحين مجهولين، في 17 يناير 2022، من دون أن يترتب على هذا الهجوم سقوط أي قتلى. 

ويلاحظ أن لواء أنصار المرجعية هو أحد الألوية المنضوية تحت قوات حشد العتبات المقدسة التابعة لمرجعية المرجع الديني الأعلى، على السيستاني، والمناوئة لميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران، كما أن الياسري قد سبق واتهم الموالين لإيران في العراق بـ"الدجل والخيانة العظمى"، وهو ما يرجح أن تكون محاولة الهجوم على منزله هي محاولة لترويعه من جانب الميليشيات المرتبطة بالحشد الشعبي.

تطورات سياسية موازية:  

عُقدت عدة لقاءات سياسية في الآونة الأخيرة بين العامري من جانب، وكل من مقتدى الصدر والبارزاني من جانب آخر، وذلك في مسعى للضغط على الصدر للتراجع عن حكومة الأغلبية الوطنية، وهو ما يمكن توضيحه في التالي:

1- فشل اجتماع الصدر بالعامري: التقى زعيم الكتلة الصدرية، السيد مقتدي الصدر، رئيس تحالف الفتح هادي العامري في مقر الأول في الحنانة في مدينة النجف الأشرف، في 15 يناير، وهو ما تزامن مع إعلان "الإطار التنسيقي"، سعيه مجدداً لفتح باب الحوار مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة. 

وعكس الحوار استمرار التنسيقي في طرح مطالب غير واقعية من الصدر، إذ دار اللقاء حول ثلاث نقاط. وتتمثل النقطة الأولى في هوية الكتلة الأكبر التي ستكلف بتشكيل الحكومة، على الرغم من أنه من الواضح أن هذه النقطة قد تم تجاوزها لصالح الصدر، كما عرض التنسيقي اقتراحاً بديلاً في حالة رفض الصدر لهذه النقطة، وهي أن تكون للصدر أحقية اختيار رئيس الوزراء، في مقابل أحقية التنسيقي في رفض من لا يرونه مناسباً للمرحلة الجديدة. 

أما النقطتان الثانية والثالثة، فتتمثلان في عدم المساس بسلاح الحشد الشعبي، وامتلاك التنسيقي حق الفيتو على أي قرار أمني يخص صلاحيات القائد العام، أي يكون للتنسيقي الكلمة الفصل في أي قرارات أمنية تدخل ضمن صلاحياته. ويلاحظ أن النقطتين الأخيرتين تسعيان إلى تحجيم أي تحرك للصدر لتنفيذ تعهداته بضبط سلاح الميليشيات المنفلتة المرتبطة بإيران. وفي ضوء هذه المطالب المتعنتة، رفض الصدر هذه المطالب، مبدياً تصميمه على إقامة حكومة أغلبية، وإن استوعبت بعض مكونات التنسيقي عدا ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي. 

2- لقاء العامري بالأحزاب الكردية: توجه رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، في 17 يناير، إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، حيث اجتمع خلالها مع كبار مسؤوليها، ومع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني. ويلاحظ أن لقاء العامري بالبارزاني قد يكون مؤشراً على محاولة العامري إقناع الأخير بالضغط على الصدر لقبول انضمام ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إلى تحالف الصدر.

3- تعليق عمل رئاسة البرلمان مؤقتاً: أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في 13 يناير الجاري، قراراً بوقف عمل هيئة رئاسة البرلمان، التي انتخبت في 9 يناير الجاري، وذلك إلى حين حسم الدعويين المقامتين بشأن الجلسة الأولى للبرلمان، والتي أقامها الإطار التنسيقي، وزعمت أن الجلسة شهدت انتخاب هيئة الرئاسة وسط مخالفات دستورية ومخالفات للنظام الداخلي لمجلس النواب العراقي.

ويلاحظ أن قرار المحكمة سوف يكسب إيران وحلفائها في التنسيقي مزيداً من الوقت للضغط على الصدر، غير أنه لا يتوقع أن يساهم قرارها في تغيير المعادلات السياسية الحالية، خاصة مع تأكيد الصدر وحلفاؤه من السنة والأكراد امتلاك الأغلبية السياسية. 

زيارة قاآني النجف وبغداد: 

زار إسماعيل قاآنى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيراني، النجف وبغداد في 16 يناير، وذلك للمرة الثالثة منذ إجراء الانتخابات العراقية، وهدفت هذه الزيارة إلى تحقيق الأهداف التالية:

1- التوسط بين الصدر والتنسيقي: زار قاآني النجف أولاً للقاء الصدر في 16 يناير. وفي حين أكدت بعض المصادر رفض الصدر لقاء قاآني، فإن مصادر أخرى أكدت وقوع الاجتماع، ورفض الصدر التحالف مع المالكي، وهو ما أفشل محاولات قاآني لتوحيد القوى الشيعية. ورداً على موقف الصدر، وقعت سلسلة من الهجمات استهدفت مقار حزبية في العراق للمرة الثانية في 17 يناير.

2- ضبط تحركات الحشد الشعبي: اجتمع قاآني مع العامرى كممثل للإطار التنسيقى، وكذلك قادة بعض فصائل الحشد الشعبي، وتحديداً كتائب حزب الله العراقي وحركة النجباء وعصائب أهل الحق، وهي الميليشيات المتهمة بالتورط في الهجمات الأخيرة ضد القواعد العراقية والوجود الأمريكي في العراق. 

ورافقه في هذه الاجتماعات المدعو محمد كوثراني، القيادي بحزب الله اللبناني. ويعد كوثراني من العناصر المقربة من قاسمي سليماني، رئيس فيلق القدس السابق، ويتمتع بنفوذ كبير داخل تنظيمات الحشد الشعبي، ومن مؤسسي كتائب حزب الله العراقي، كما يعتبر حلقة وصل بين إيران والتنظيمات التابعة لها في كل من سوريا والعراق. 

وحرص قاآني في هذا الاجتماع على تأكيد رفض إيران لحدوث اقتتال شيعي داخلي، وضرورة الاستمرار في الحوار بينهم وبين مقتدى الصدر، وذلك في محاولة منه للضغط على عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي، المتحالفة مع نوري المالكي بضبط التصعيد عسكرياً. 

وتبدي هذه الميليشيات، وإيران من ورائها، قلقاً من إصرار الصدر على تنفيذ مخططاته، التي سبق وأن أعلن عنها بأنه "لا مكان للميليشيات"، في إشارة إلى نيته على تنفيذ أجندته الرامية إلى ضبط السلاح بيد الدولة العراقية.

وفي التقدير، تشير مجمل التطورات على الساحة العراقية إلى أن الجهود الإيرانية وميليشيات الحشد الشعبي تستمر في جهودها الرامية للضغط على الصدر لتشكيل حكومة توافقية، وفي ظل إصرار الصدر على موقفه، فإنه سيكون أمام إيران وميليشياتها خياران، وهما الاحتكام إلى العنف، أو التخلي عن المالكي، والتحاق بعض مكونات التنسيقي بأغلبية الصدر لتشكيل الحكومة، وهو ما يعكس تراجعاً للنفوذ الإيراني على بغداد.