أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، كتاباً جديداً بعنوان "انتقال الطاقة: سلاسل الإمدادات ومسارات مستقبل الطاقة المتجددة حول العالم"، من تأليف إبراهيم الغيطاني، رئيس برنامج دراسات الطاقة بالمركز.
ويتناول الكتاب قضية رئيسية تشغل اهتمام عالمنا الحالي ألا وهي التحول من الاعتماد على المواد الهيدروكربونية في الاقتصاد العالمي إلى مزيد من الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، وكيفية بناء سلاسل إمداد آمنة ومستقرة ومتنوعة في مجال تقنيات الطاقة النظيفة لضمان الانتشار السريع لاستخدام الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح) في قطاع الكهرباء الدولي. إذ يُعد تأمين وتنويع سلاسل إمداد الطاقة المتجددة إحدى القضايا المُلحة المطروحة على الساحة الدولية في السنوات الأخيرة، والتي اكتسبت أهمية خاصة مؤخراً، نظراً لكونها ركيزة رئيسية في تحقيق الانتقال المنشود نحو الطاقة المتجددة وبلوغ مسار الحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ويؤكد الكتاب حقيقة رئيسية مفادها أنه إذا ما أراد العالم النشر السريع للطاقة المتجددة، فعليه ضخ ما يلزم من استثمارات في قطاع التعدين العالمي لتلبية الطلب المتزايد على المعادن الحرجة، إلى جانب الاستثمار في شبكات نقل وتوزيع الكهرباء وأصول تخزين الطاقة. إذ يتطلب الإسراع في نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مختلف أنحاء العالم توفير احتياجات صناعة الطاقة المتجددة من المعادن والمواد الوسيطة اللازمة لتصنيع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، جنباً إلى جنب مع أهمية تعزيز شبكة نقل الكهرباء وتوزيعها، ورفع قدرات أصول تخزين الطاقة اللازمة لضمان استقرار شبكات الكهرباء المعتمدة على الطاقة النظيفة.
ويتكون الكتاب من خمسة فصول، يستعرض الفصل الأول المسارات التاريخية لانتقال الطاقة في العالم، وسمات عملية انتقال الطاقة في عالمنا المعاصر، ومحفزات وتحديات الانتقال إلى الطاقة المتجددة. كما يستعرض الفصل الخريطة الحالية لانتشار الطاقة المتجددة حول العالم (خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، من جانب القدرات والتقنية والانتشار الجغرافي.
ويتناول الفصل الثاني، الآفاق المستقبلية للانتقال العالمي نحو الطاقة المتجددة، وذلك من خلال تحديد العوامل والمتغيرات الحاكمة لانتشار استخدام الطاقة المتجددة حول العالم. ثم يستعرض الفصل سيناريوهات الطلب على الطاقة المتجددة في المستقبل، وتحليل معضلات انتقال الطاقة حول العالم. وبناءً على ذلك، يطرح الفصل مجموعة من التوصيات لبناء سياسات أكثر فعالية لدعم انتقال الطاقة.
ثم يأتي الفصل الثالث ليسلط الضوء على أهمية بناء سلاسل إمداد آمنة ومتنوعة في مجال تقنيات الطاقة النظيفة لتعزيز النشر السريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من تقنيات الطاقة المتجددة. إذ يتناول الفصل تحديات سلاسل إمداد الطاقة المتجددة، مثل توفير الطلب المتزايد المتوقع على المعادن الأساسية، وتطوير القدرات الصناعية في مجال تقنيات الطاقة النظيفة، وتطوير شبكات النقل الكهربائية، فضلاً عن بناء قدرات تخزينية عالية لمصادر الطاقة المتجددة. ثم يطرح الفصل مجموعة من السياسات والإجراءات الواجب اتباعها لاحتواء هذه التحديات والتغلب عليها. كما يتعرض الفصل لقضية التَرَكُّز الجغرافي لسلاسل إمداد الطاقة المتجددة في آسيا والصين، وما يثيره ذلك من مخاوف لدى القوى الغربية القلقة من احتمالية استغلال بكين ذلك سياسياً.
وأخيراً، يتعرض الفصل الرابع لإحدى القضايا المحورية على صعيد انتقال الطاقة، والتي تحظى باهتمام ملحوظ من قبل صناع القرار والحكومات والمؤسسات حول العالم، ألا وهي كيفية حشد التمويل الكافي لتخصيص الاستثمارات لصناعة الطاقة المتجددة. حيث يتتبع الفصل واقع التمويل والاستثمار في مجال صناعة الطاقة المتجددة على مستوى العالم، ثم ينتقل إلى تحليل الإشكاليات التي تواجه تمويل مشروعات الطاقة المتجددة في البلدان الناشئة والنامية، وبناءً عليه يطرح الفصل مجموعة من السياسات والآليات التي يمكن تبنيها لتحسين وصول مشروعات الطاقة المتجددة للتمويلات بيسر وبتكاليف منخفضة.
وتُعد سلسلة "كتب المستقبل" من أبرز منتجات مركز المستقبل، ويتولى رئاسة تحريرها الباحث في المركز عبداللطيف حجازي، فيما تتولى نيابة رئاسة تحريرها الباحثة آية يحيى، وصدر من خلال هذه السلسلة العديد من الكتب التي تتناول القضايا والموضوعات الاستراتيجية في مختلف المجالات السياسية، والأمنية والعسكرية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والمجتمعية، وغيرها.