أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، كتيباً جديداً بعنوان "دور التكنولوجيا في خفض الكربون بقطاع الطاقة العالمي"، قام بتحريره إبراهيم الغيطاني، رئيس برنامج دراسات الطاقة في المركز. ويهدف إلى تسليط الضوء على التقنيات المختلفة الرامية لتسريع خفض الكربون من مصادر الوقود الأحفوري، ودور الابتكار والبحث العلمي في نضج بعض من التقنيات الناشئة كالهيدروجين الأخضر.
ويأتي صدور الكتيب في إطار سلسلة من الإصدارات والمطبوعات التي يخطط مركز المستقبل لإصدارها خلال الفترة المقبلة تحت شعار "الطريق إلى كوب 28"، وذلك قبل انعقاد مؤتمر تغيُّر المناخ "كوب 28" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023.
وينقسم هذا الكتيب إلى 6 فصول رئيسية، وفي صدارته تناقش د. ماهيناز الباز، الباحثة المتخصصة في شؤون الطاقة، دور الوقود الأحفوري (خاصة النفط والغاز الطبيعي) في نظام الطاقة العالمي حتى الآن، وسيناريوهات الطلب العالمي للنفط والغاز الطبيعي بحلول عام 2050. وترى أن النفط والغاز الطبيعي سيحافظان على دورهما التقليدي في مزيج الطاقة العالمي بالرغم من بعض الآراء التي ترى أن العالم بصدد التخلص نهائياً من الوقود الأحفوري قريباً.
وفي الفصل الثاني تحت عنوان "تعقيدات مختلفة: المحددات الجيوسياسية والاقتصادية لانتقال نظام الطاقة العالمي"، يتطرق د. سيريل ويدرسهوفن، مؤسس شركة (فيروسي) (Verocy) لاستشارات المحددات السياسية والاقتصادية، إلى انتقال العالم نحو استخدام الطاقة النظيفة في المستقبل. ويرى أن ثمة تغييرات جوهرية تؤثر في أسواق الطاقة العالمية لا تتعلق فقط باستراتيجيات انتقال الطاقة، أو تغير المناخ أو حتى الضغوط المرتبطة بمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحكومية، وإنما أيضاً بتحولات موازين القوى العالمية بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022 وتداعياتها المختلفة حتى الآن.
فيما تناقش أ. لوري هايتيان، مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من خلال الفصل الثالث، دور سياسات احتجاز الكربون وتخزينه في رسم سياسات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط. وترى أن دول منطقة الخليج، وهي أكبر منتجي النفط والغاز الطبيعي في العالم، أبدت التزامها الصارم بانتقال الطاقة وتحقيق أهداف اتفاقية باريس المناخية. إذ أعلنت دول الخليج، وعلى رأسها دولة الإمارات، عن خطط لتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، وهي في سبيل ذلك خصصت استثمارات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى دعم ممارسات الاقتصاد الدائري خاصة في عمليات إنتاج النفط والغاز الطبيعي، بما سيساعد في خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة الخليجي.
وفي الفصل الرابع المعنون "محددات النجاح: الهيدروجين الأخضر كمصدر واعد في نظام الطاقة العالمي"، يتناول د. محمد الخياط، رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، تقنية الهيدروجين الأخضر ودورها في مزيج الطاقة العالمي مستقبلاً. ويرى أن العالم المتقدم حرص منذ تأسيس وكالة الطاقة الدولية في سبعينيات القرن الماضي على وضع برامج وطنية لتطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة، حيث أثمرت عن دفع تقنيات طاقة الرياح والخلايا الشمسية. ويؤكد أن الطاقة المتجددة تتحول إلى محفز للاستثمار في وقود المستقبل، الهيدروجين الأخضر، سواءً اُستخدم بذاته، كناقل للطاقة، أو كعنصر وسيط لإنتاج الأمونيا أو الميثانول أو منتجات أخرى، مما سيغير الخريطة العالمية للطاقة بنهاية المطاف.
وفي الفصل الخامس، تكشف الباحثة هدير خالد، المتخصصة في شؤون الاقتصاد الدولي، عن دور الابتكار والبحث العلمي في دفع الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وتشدد على أهمية دور الحكومات في دعم الابتكار في قطاع الطاقة، وإطلاق المشاريع التجريبية الخاصة بتقنيات الطاقة الناشئة. وترى أن الحكومات تُعد المصدر الرئيسي لإتاحة التمويلات للتقنيات الجديدة كالطاقة الشمسية الفضائية.
ويختتم الكتيب بالفصل السادس المعنون "النظام الإيكولوجي: السياسات الحكومية لدعم الشركات الناشئة بمجال الطاقة النظيفة"، حيث يتناول فيه إبراهيم الغيطاني، رئيس برنامج دراسات الطاقة في مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، دور الشركات الناشئة في تعزيز نظام الابتكار العالمي للطاقة. ويرى أن الشركات الناشئة تتمتع بالسرعة والمرونة والديناميكية العالية في الأداء إلى جانب الاستعداد العالي للابتكار، مما يتولد عنه منتجات وخدمات مبتكرة لا تسهم فحسب في تحسين أداء شركات الطاقة العالمية، وإنما تحقيق اختراقات علمية في تقنيات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المناخ.