أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، كتاباً جديداً بعنوان (الحرب الروسية – الأوكرانية.. عودة الصراعات الكبرى بين القوى الدولية)، أعده مجموعة من المؤلفين، وقام بتحريره أحمد عاطف، رئيس التحرير التنفيذي للموقع الإلكتروني للمركز.
ويأتي صدور هذا الكتاب ضمن سلسلة "كتب المستقبل"، ويعد من أوائل الإصدارات في مراكز الفكر العربية التي تناقش وتحلل الحرب الروسية - الأوكرانية، وذلك بتسليط الضوء على الأبعاد المختلفة لهذه الحرب، من حيث رصد ومتابعة تطوراتها، وتفسير أدوار الأطراف الفاعلة فيها، واستعراض التأثيرات المتنوعة والممتدة لها. إذ أسفرت الحرب عن تداعيات تجاوزت أطرافها الرئيسية، لتشمل مناطق أخرى في العالم، فضلاً عن أنها أثارت جدلاً حول ما إذا كان النظام الدولي يشهد مرحلة انتقالية، في ظل الصراع بين القوة الأمريكية المهيمنة حالياً والساعية لفرض نظام القطب الواحد، والقوى التعديلية الساعية لفرض نظام متعدد الأقطاب. ولا يؤشر مسار الحرب، حتى توقيت صدور الكتاب، إلى تهدئة محتملة تلوح في الأفق، في ظل تصميم أطرافها على مواصلة التصعيد العسكري، مدفوعين في ذلك بأهداف كل منهم من وراء الحرب، ورفض تقديم تنازلات للآخر.
ويتكون الكتاب من خمسة فصول رئيسية، حيث يأتي الفصل الأول بعنوان "كييف روس.. الجذور التاريخية للأزمة الراهنة"، ويسعى فيه عدنان موسى، المعيد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، لشرح جذور الأزمة الأوكرانية من خلال تناول العلاقات التاريخية بين روسيا وأوكرانيا، والأبعاد السياسية والخلافات العرقية والصراعات الدينية ذات الصلة بالأزمة. كما يتطرق الفصل إلى القضية الأوكرانية المعاصرة منذ عام 1991 مع تفكُّك الاتحاد السوفييتي السابق ونشأة أوكرانيا كدولة مستقلة، مروراً باندلاع ما يُسمى بـ "الثورة البرتقالية" في عام 2004، ثم تولي حكومات غير موالية لموسكو، وصولاً إلى ضم روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، وما تبع ذلك من توترات بين روسيا من جهة والغرب وأوكرانيا من جهة أخرى. ويُختتم الفصل بالحديث عن الأهمية الاستراتيجية لأوكرانيا بالنسبة لموسكو.
وفي الفصل الثاني المعنون "اللعبة الكبرى.. الفاعلون الأساسيون في مسار الحرب الأوكرانية"، يتناول حسام إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، أسباب اندلاع الحرب، والمواقف الغربية تجاهها، واستراتيجية روسيا في هذه الحرب وردود فعلها على العقوبات المفروضة عليها، فضلاً عن متابعة وتقييم التطورات الميدانية والمسارات العسكرية في الحرب. ويخلص هذا الفصل إلى أنه لا يمكن التنبؤ حالياً بموعد انتهاء الحرب الأوكرانية، في ظل غياب القدرة على الحسم من جانب أطرافها، ووضع الدول الكبرى سقفاً للتصعيد العسكري تفادياً لاحتمالات المواجهة المباشرة بينها، لتصبح بذلك هذه الحرب أشبه بـ "معركة استنزاف طويلة الأمد".
وتحت عنوان "إعادة تشكل!.. تأثيرات الحرب على توازنات القوى الدولية"، جاء الفصل الثالث الذي أعدته د. رغدة البهي، مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. ويبدأ الفصل بإطار نظري عن نظرية "توازن القوى"، مروراً بتوضيح طبيعة توازن القوى الدولي قبل الحرب الأوكرانية، ثم تداعيات الحرب عليه، وصولاً إلى الحديث عن مستقبل توازن القوى الدولي في ضوء سيناريوهات الحرب الحالية ومحددات أخرى مثل الأزمة بين الصين وتايوان.
وجاء الفصل الرابع بعنوان "صراع جيواقتصادي.. ملامح تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد"، ويتطرق خلاله د. مدحت نافع، مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، إلى اتجاهات الصراع الجيواقتصادي العالمي في ظل الحرب الأوكرانية، وذلك انطلاقاً من التطورات التي شهدها النظام الاقتصادي العالمي خلال السنوات الأخيرة. إذ تكشف هذه التطورات أن ثمة تحولات بطيئة قد تستغرق بضع سنوات أو حتى عقوداً إضافية، لانتقال مركز ثقل الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق. ويرى الكاتب أنه إذا كان الغرب يُعول على استنزاف روسيا، عسكرياً واقتصادياً، في ظل الحرب الأوكرانية، فإن الواقع يكشف كذلك عن تعرض الولايات المتحدة وأوروبا لاستنزاف مماثل من خلال الدعم الاقتصادي والعسكري لكييف.
وأخيراً، يأتي الفصل الخامس المعنون "امتدادات إقليمية.. تداعيات الحرب الأوكرانية على الشرق الأوسط"، حيث يستعرض فيه محمود حسين قاسم، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في القاهرة، تأثيرات الحرب على المنطقة؛ سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً، وكيفية تعامل بعض الدول، لا سيما دول الخليج وتركيا وإيران وإسرائيل، مع هذه الحرب، سواء من حيث الفرص والقيود.
وتعد سلسلة "كتب المستقبل" من أبرز منتجات مركز المستقبل، وصدر من خلال هذه السلسلة العديد من الكتب التي تتناول القضايا والموضوعات الاستراتيجية في مختلف المجالات السياسية، والأمنية والعسكرية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والمجتمعية، وغيرها.